الشهيد والحتميات

الثلاثاء ١٣ - فبراير - ٢٠٢٤ ١٢:٠٠ صباحاً


نص السؤال:
تأثرت جدا بمقال ( القاموس القرآنى : فمن أظلم ، ومن أظلم )، وخصوصا هذه الفقرة : ( ( وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أُوْلَئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الأَشْهَادُ هَؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ (18) الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجاً وَهُمْ بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ (19) أُوْلَئِكَ لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ فِي الأَرْضِ وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ يُضَاعَفُ لَهُمْ الْعَذَابُ مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَمَا كَانُوا يُبْصِرُونَ (20) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (21) لا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الآخِرَةِ هُمْ الأَخْسَرُونَ (22) هود ) . عند عرضهم أمام الله جل وعلا يشهد عليهم الأشهاد . اللهم إجعلنا من الأشهاد على قومنا . ). أنت تدعو أن يجعلك الله من الأشهاد على هذا العصر . هل هناك أمنية لك أكبر من هذا ؟ وما الذى يجعل منى وأنا قرآنى أن أكون من الأشهاد يوم القيامة ؟ وهل هناك فرق بين الشهيد المقتول فى سبيل الله والشهيد على قومه ؟ وهل ممكن أن يجتمع هذا فى شخص واحد ؟ وهل يتعارض هذا مع القدر المكتوب ؟ أرجو التوضيح .
آحمد صبحي منصور :

1 ـ كتبنا كثيرا أن معنى الأشهاد والشهيد والشهداء تعنى فقط الذين سيشهدون شهادة خصومة على أقوامهم يوم لقاء الرحمن جل وعلا، وسيؤتى بهم مع الأنبياء ، قال جل وعلا :

( وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِوَمَنْ فِي الأَرْضِ إِلاَّ مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ (68) وَأَشْرَقَتْ الأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (69) وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ (70)الزمر ). يؤتى أولا بالنبيين والشهود ، ثم حساب كل نفس فرديا .

2 ـ أفهم أن قوله جل وعلا : ( فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِوَمَنْ فِي الأَرْضِ إِلاَّ مَنْ شَاءَ اللَّهُ  ) مقصود به المقتولون فى سبيل الله جل وعلا . إذ يعيشون أحياء فى البرزخ ، لا يموتون . وعند نفخة البعث لا يُصعقون . أدعو الله جل وعلا أن يجعلنى من الأشهاد على عصرى ، وأن يجعلنى من المقتولين فى سبيله جل وعلا .

3 ـ هذه الحياة إختبار وإختيار . أنت لا تستطيع الهروب من القضاء والقدر الالهى ، أو الحتميات ( الميلاد والرزق والمصائب والموت/ القتل ). لا تستطيع أن تغير لون بشرتك أو طول قامتك ، ولكن الذى تستطيعه هو فى مجال حريتك فى الطاعة أو المعصية ، الكفر/ الشرك أو الايمان بالله جل وعلا وحده وبالقرآن الكريم وحده حديثا  . هنا الحرية والاختيار ، وهنا أيضا الإختبار . أنت الذى تقرّر أن تدخل النار بعصيانك وكفرك وظلمك ، وأنت أيضا الذى تقرر أن تكون من أهل الجنة . كل هذا بإختيارك . والله جل وعلا وعد الكافرين بالجحيم كما وعد الذين آمنوا وعملوا الصالحات بالجنة، والله جل وعلا لا يخلف الوعد ولا يخلف الميعاد . تدبر قوله جل وعلا :

4 / 1 : (وَمَنْ أَصْدَقُ مِنْ اللَّهِ حَدِيثاً (87)  النساء ) .

 4 / 2 : ( إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنْ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمْ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنْ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمْ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (111)  التوبة ) .

4 / 3 : ( وَمَنْ يَتَّخِذْ الشَّيْطَانَ وَلِيّاً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَاناً مُبِيناً (119) يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمْ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُوراً (120) أُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَلا يَجِدُونَ عَنْهَا مَحِيصاً (121) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَار خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً وَعْدَ اللَّهِ حَقّاً وَمَنْ أَصْدَقُ مِنْ اللَّهِ قِيلاً (122)  النساء )

5 ـ وعليه فالذى يرشّحك لأن تكون من الأشهاد على قومك عند الله جل وعلا هو جهادك المسجّل فى كتاب أعمالك . والأعظم أن ينتهى جهادك هذا بقتلك فى سبيله جل وعلا ، فتكون  كما قال جل وعلا :

5 / 1 :( وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لا تَشْعُرُونَ (154)البقرة ).

5 / 2 :  (  وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169) فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (170) يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنْ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ (171) آل عمران ).

6 ـ  لا مهرب ولا مفرّ من الموت . وفرق هائل بين موت يأتى بعد آلام المرض وبين القتل السريع . وفرق هائل بين القتل العادى والقتل فى سبيل الله جل وعلا . الأسوا هو القتل فى سبيل المال والدنيا والشيطان .



مقالات متعلقة بالفتوى :
اجمالي القراءات 418
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-07-05
مقالات منشورة : 4985
اجمالي القراءات : 53,495,746
تعليقات له : 5,329
تعليقات عليه : 14,629
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : United State

مشروع نشر مؤلفات احمد صبحي منصور

محاضرات صوتية

قاعة البحث القراني

باب دراسات تاريخية

باب القاموس القرآنى

باب علوم القرآن

باب تصحيح كتب

باب مقالات بالفارسي


يرجو لقاء ربه: ماذا يعنى أن أرجو لقاء الله أو ان لا أرجو لقاء...

إضافة من عبدالله: عن عمر والشي طان فى لحظات قرآني ة : يقال...

عقوبة القاتل المتعمد: سلام علی ;کم یا دکتر احمد صبحي منصور انا...

مسألة ميراث: امرأة ماتت وليس لها ولد وليس لها زوج وعنده ا ...

إن الغيب إلا لله .!: ان الله يتحدث في كتابه الكري م بصيغة الماض ي ...

خاتم المرسلين أيضا: ارى من خلال الآيا ت التال ية ان الله ممكن...

حالة الاضطرار: لنفتر ض اننى اعمل فى مكتب للزوا ج المدن ى فى...

وساوس الشيطان: اذا كنت مؤمنا بالله جل وعلا وحده والقر آن ...

صحابة الفتوحات: أستاذ أحمد السلا م عليكم ورحمة الله أحب أولا...

إرحمونا .!!: بالنس به للتور اه والان جيل ايضا نحن...

سؤالان : السؤا ل الأول : تكرر ت كلمة ( رهق )...

لا تناقض هنا: هناك تناقض بين الآية 154 من سورة البقر ة في...

نقد لبحث النسخ .ز: بسم الله الرحم ن الرحي م سيا دة الدكت ور/ ...

حزب / أحزاب: الأحز اب جزء أساس فى ثقافت نا السيا سية ...

حماس ..تانى ؟!!: سلام عليكم ورحمة الله الدكت ور احمد منصور...

more