الاكراه على البغاء

الجمعة ٠٣ - نوفمبر - ٢٠٢٣ ١٢:٠٠ صباحاً


نص السؤال:
بودي ان اسمع رايك بتدبر الايه 33 من سوره النور . وكيف تلاعب اهل اللغه والمعاجم بتغيير دلالات الالفاظ وجعلوا معنى ودلاله البغاء هو المتاجره بالجسد جنسيا لاجل المال ولك جزيل الشكر.
آحمد صبحي منصور :

أولا :

منهجنا فى التدبر القرآنى هو بتحديد مصطلحات القرآن الكريم من داخل القرآن الكريم من خلال سياق الايات الخاصة بالموضوع : محليا ماقبلها وما بعدها ، وموضوعيا فى القرآن الكريم كله. وهذا طبعا بدون رأى مسبق يُراد إثباته أو نفيه ، بل هو طلب الهداية والمعرفة القرآنية .  
ونؤكد على أننا نقول رأيا يحتمل الصواب والخطأ ويحتاج للتصحيح ، وأننا لا زلنا على ساحل المعرفة القرآنية ، ونفخر بأننا أول من تدبر القرآن بالقرآن طبقا لما جاء فى الآية السابعة من سورة آل عمران ، بعد قرون من علماء السوء المشار اليهم فى نفس الآية.

 وفى الاجابة على سؤال الأخ الكريم نقول :

1 ـ السياق المحلى للآية الكريمة أى ما قبلها وما بعدها جاء فى قوله جل وعلا : ( وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (32) وَلْيَسْتَعْفِفْ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِهُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ (33) وَلَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ آيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ وَمَثَلاً مِنْ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (34) النور ) . ونفهم منه الآتى :

1 / 1 : الآية 32 : فى الترغيب للرجال فى الزواج من الأرامل والمطلقات ( الأيامى ) ، والترغيب فى الزواج والتزوج من الصالحين الفقراء من الرقيق . أى أن تتزوج الحُرّة من شخص مملوك ، وأن يتزوج الحُرّ من مملوكة . وهذا طبقا للتعامل مع ملك اليمين . والتفصيل فى كتابنا عن ( ملك اليمين ).  وفيه وعد الاهى من رب العزة جل وعلا أن يوسّع الرزق لمن يقوم بذلك .

1 / 2 : الآية 33 :

1 / 2 / 1 :أمر بالعفة لمن لا يجد مالا ليتزوج ، وان ينتظر الى أن يغنيه الله جل وعلا من فضله .

1 / 2 / 2 : عن الرقيق ذكورا وإناثا الذين يريدون شراء حريتهم بعقد مكتوب فيجب تلبية طلبهم إن كانوا صالحين فيهم خير ، أى يكتسبون المال بالحلال ، ويجب أن تساعدوهم ماليا ، من المال الذى أنعم الله جل وعلا عليكم به ، وهو ــ فى الأصل ــ مال الله جل وعلا .

1 / 2 / 3 : ثم النهى القاطع عن إكراه وإجبار المملوكة على البغاء ، وهى التى تريد العفة . والذى يُكرهها على هذا فهى مغفور لها . وهذا يسرى على أى إمرأة تتعرض للإكراه والاغتصاب .

1 / 3 : الآية 34 : عن البيان القرآنى .

2 ـ السياق الموضوعى :

قال جل وعلا :

(   حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمْ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنْ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمْ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمْ اللاَّتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمْ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً (23) وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ النِّسَاءِ إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً (24) وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمْ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنْ الْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (25) يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (26)  النساء )

نفهم منه الآتى :

2 / 1 : الآية 24 :

2 / 1 / 1 :  فى بدايتها تذكر ضمن المحرمات فى الزواج : ( وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ النِّسَاءِ إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ) أى تحريم الزواج من المتزوجة إلا فى حالة واحدة إذا إنقطعت الرابطة الزوجية بوقوعها رقيقة وتكون ملك يمين . ليس فى الاسلام إسترقاق ، فلا منبع للإسترقاق فى الاسلام . ولكن قد يؤتى بالرقيق الى الدولة الاسلامية ، وتكون له فرصة فى الحرية بالعتق وغيره ، وفى التعامل الانسانى ، وفى الزواج . يسرى هذا على من كانت متزوجة وانقطع زواجها بوقوعها فى الرق .

2 / 1 / 2 : ما عدا المحرمات يجوز الزواج الشرعى .

2 / 2 : الآية 25 :

2 / 2 / 1 : الذى لا يجد المال ليتزوج حُرّة يكون صداقها فوق طاقته له أن يتزوج إمرأة مملوكة بموافقة مالكها ، وهو ولىّ أمرها . وعليه أن يعطيها هى صداقها بالمتعارف عليه أنه عدل . ويكون زواجا شرعيا لمن يخشى الوقوع فى العنت أى الزنا. ومن يصبر فهو خير له .

2 / 2 / 2 : إذا وقعت المملوكة المتزوجة فى الزنا فعليها عقوبة 50 جلدة ، أى نصف عقوبة الحرة . وهذا دليل ينفى أكذوبة الرجم .

2 / 3 : الآية 26 عن بيان القرآن الكريم ، مثل الآية 34 من سورة النور .

3 ـ فى السياق العام أيضا عن عدم عقوبة المملوكة المُجبرة على البغاء :

3 / 1 : سقوط العقوبة عن الذى يقع عليه إكراه حتى لوقال كفرا . قال جل وعلا : (  مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنْ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (106)  النحل )،.

3 / 2 : من يضطر لاظهار موالاة العدو . قال جل وعلا : ( لا يَتَّخِذْ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنْ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلاَّ أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمْ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ (28) آل عمران) .

3 / 3 : المضطر لأكل من المحرم من الطعام . قال جل وعلا : (  إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنْ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (173) البقرة) .

3 / 4 : يقع الإثم عند التعمُّد فقط . قال جل وعلا :( وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً (5) الأحزاب ).

3 / 5 : كما إنّ من مقاصد الشريعة الاسلامية فى القرآن التخفيف ورفع الحرج والتيسير.

أخيرا

تعرضنا بالتفصيل لمصطلح ( البغى ) فى القاموس القرآنى ، وهو منشور هنا . 



مقالات متعلقة بالفتوى :
اجمالي القراءات 1505
التعليقات (2)
1   تعليق بواسطة   يوسف بن علي     في   الجمعة ٠٣ - نوفمبر - ٢٠٢٣ ١٢:٠٠ صباحاً
[94816]

الصواب و الخطأ


سلام الله عليك دكتور.



وفقك الله جل و علا في مسيرتك و في تدبرك و أبحاثك.



دائما ما تقوم بالتأكيد بأن رأيك في ما تقول و تكتب يحتمل الصواب و الخطأ و قد يحتاج للتصحيح إن تبين لك ذلك لاحقا .



و هنا أتساءل إن كانت لك في الماضي طوال مسيرتك مسائل أو فتاوى أو أفكار تراجعت عنها أو قمت بتعديل رأيك فيها بعد أن إتضح بأن رأيك فيها جانب الصواب ! 



فإن كان هذا موجودا فهل تفضلت و أخبرتنا ببعض منها.



تحياتنا الخالصة.



2   تعليق بواسطة   آحمد صبحي منصور     في   الجمعة ٠٣ - نوفمبر - ٢٠٢٣ ١٢:٠٠ صباحاً
[94817]

شكرا استاذ يوسف بن على ، وأقول :


هناك كتب بأكملها لم أنشرها لأنها كانت تعبر عنى وقتها ، مع إن منها ما تعرضت بسببها للفصل من جامعة الأزهر . وهناك كتب نشرتها بعد أن قمت بتعديلها ، ومنها كتاب عن ( عن البحث فى مصادر التاريخ الدينى ) منشور معظمه بعد التعديل مع التنبيه عليه ، وكتاب ( السيد البدوى بين الحقيقة والخرافة ) . وإقرأ لنا بحث ( حرب الردة ).

أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-07-05
مقالات منشورة : 4987
اجمالي القراءات : 53,559,619
تعليقات له : 5,331
تعليقات عليه : 14,632
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : United State

مشروع نشر مؤلفات احمد صبحي منصور

محاضرات صوتية

قاعة البحث القراني

باب دراسات تاريخية

باب القاموس القرآنى

باب علوم القرآن

باب تصحيح كتب

باب مقالات بالفارسي


Ibn Khaldun Center: - Which role plays the Ibn Khaldun Center in Cairo in the work of the Ahl al-Qur’a n? ...

مرحبا بك : أنا سجين سياسي سابق في إحدى الدول العرب ية ,...

مسألة ميراث: مات قريب لي؛ أقارب ه هم أخت شقيقة ،أخ غير...

أول المسلمين : إبراه يم عليه السلا م ومن آمن به كانوا...

عن المطففين: قال سبحان ه وتعال ى عن المطف فين : ( وَيْل ٌ ...

تعليق على الفيسبوك: نقل أحدهم على صفحتى فى الفيس قولا نسبه الى...

لا نبتغى الجاهلين: أنت تقول أن ألفاظ القرآ ن تتنوع وتختل ف حسب...

الشهادة فى الطلاق: عزيزي الدكت ور أحمد، قرأت عن رؤيتك م بشأن...

العدة وتقدم العلم : هل اختبا ر الحمل (الاش ة) يغني عن العدة اي...

عن الزكاة المالية: لدى صديق من اهل القرآ ن يريد ان يبيع سيارت ه ...

الملائكة والقراءات : السؤ ال : ( وَاتّ َبَعُ وا مَا تَتْل ُو ...

الصلاة فى سيبيريا: لو كنت اعيش فى منطقة قرب القطب الشما لى ،(...

الزهد والتصوف: اريد الفرق بين الزهد و التصو ف ...

سبحان الله العظيم .!: عندما يتعجب الإنس ان من أي شيء هل يقول ( سبحان...

علمه تعالى للغيب: سبق و شرحت مشكور ا معنى الغيب في القرا ن ...

more