نزيف مصر... آلام الأطقم الطبية من الاعتداءات والهجرة

اضيف الخبر في يوم الأحد ٠٤ - ديسمبر - ٢٠٢٢ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: العربى الجديد


نزيف مصر... آلام الأطقم الطبية من الاعتداءات والهجرة

فجرت واقعة الاعتداء على ممرضات وعاملات في مستشفى قويسنا المركزي بمحافظة المنوفية في مصر أخيراً غضب الأطقم الطبية من تراكم حوادث الاعتداءات على المنشآت والأطقم الطبية، بلا مواجهة أي رادع من الأجهزة الأمنية للدولة.
وأسفر اعتداء مستشفى قويسنا المركزي، بحسب نقيبة الممرضين، كوثر محمود، عن إصابة 5 ممرضات وإجهاض أخرى حامل، وجرح ثلاثة.
وبدأت الحادثة، حسب تصريحات كوثر، عندما طالب الكادر الطبي في مستشفى قويسنا المركزي، بأن تدخل المريضة قسم الطوارئ، وتخضع لتصوير إشعاعي حتى الانتهاء من العملية القيصرية، وذلك بعدما اشتكت من نزيف بسيط أثناء قيام طبيب النساء بعملية ولادة قيصرية بالمستشفى، فاعتدى أشخاص من عائلتها على الأطقم الطبية، علماً أن العقوبة الحالية المفروضة على المعتدين على المنشآت والأطقم الطبية غير رادعة، وتقضي بالحبس ستّة أشهر كحدّ أقصى، علماً انها قد تصل إلى السجن لمدّة 10 سنوات في دول عربية مثل السعودية والإمارات.
ومع كل واقعة تعد على الأطقم الطبية أثناء تأديتهم مهماتهم ورسالتهم، وكذلك على المنشآت الطبية، تجدد النقابة العامة لأطباء مصر مطالباتها الملحة بالعمل لـ "وقف النزيف وأن يحصل ذلك بسرعة عبر إصدار مشروع قانون المسؤولية الطبية الذي يمثل ضرورة ملحة لانتظام تقديم الخدمات الصحية، وضبط آليات التعامل بين مقدمي الخدمات ومتلقيها في حال حدوث ضرر طبي، وتشديد عقوبات الاعتداء على الأطقم والمنشآت الطبية". ذاكرة الألم النفسي والتهور
ووصفت نقابة الأطباء في مصر الاعتداء على ممرضات وعاملات في مستشفى قويسنا المركزي، بأنه "جريمة في ساحات المستشفيات تضاف إلى ذاكرة الوسط الطبي، وتمثل نقطة سوداء في حقبة قاتمة من تاريخ الطب في مصر، شملت اعتداءات مستشفى المطرية التعليمي في يناير/ كانون الأول 2016، ومعهد القلب في مارس/ آذار 2019، ومستشفى البنك الأهلي في سبتمبر/ أيلول 2022". وأبدت استياءها من تصنيف البعض هذه الاعتداءات بأنها "عادية ومقبولة شملت السب والقذف وصفع الوجه أو ضرب أجزاء في الجسم، وكسر زجاج وتحطيم أجهزة، فيما ربطها آخرون ببطء تدخل المؤسسات الصحية، ورفض أقسام الشرطة استقبال بلاغات ضد إدارات المنشآت".
وأكدت نقابة الأطباء في بيان رسمي أصدرته أن أحداث مستشفى قويسنا المركزي تندرج في دفاتر حفظ أقسام الشرطة أو النيابات تحت خانة التصالح، لكن تبقى ذاكرة الألم النفسي لدى أفراد الفريق الطبي، وذاكرة السماح بتصرف المعتدين بتهور إلى حد ارتكاب جرائم بوعي أو لاوعي رواد المستشفيات".
وشددت النقابة على أن "الأحداث الجسيمة التي تحصل هي تراكمات لعدة أمور تبدو بسيطة"، ونسأل متى ستواجه الجهات المعنية بجدية الاعتداءات على المنشآت الصحية والعاملين فيها".
وكانت النقابة العامة لأطباء مصر قدمت قبل نحو عام إلى الحكومة والبرلمان مشروع قانون "المسؤولية الطبية" الذي تضمن بنوداً خاصة بالاعتداءات على المنشآت والأطقم الطبية، لكن السلطات تجاهلته على حساب مشروع قانون جديد قدمه برلمانيون، ورفضته نقابة الأطباء في شكل رسمي".
وتصرّ نقابة الأطباء على تطبيق نسختها من مشروع قانون "المسؤولية الطبية" الذي قدمته سابقاً، ويحدد خصوصاً عقوبات الاعتداء على الأطقم الطبية، تمهيداً لجعلها تحل بدلاً من تلك المطبقة حالياً التي يجزم محللون بأنها "لا تردع الاعتداءات على الأطباء".
وتقتصر حالياً عقوبة الإهانة بالإشارة أو باللفظ أو التهديد في القانون الحالي على الحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر أو دفع غرامة لا تتجاوز مائتي جنيه (8 دولارات)، بينما تشمل عقوبة الاعتداء على الأطباء بلا ضرب على الحبس مدة لا تزيد عن ستة أشهر أو دفع غرامة لا تتجاوز مائتي جنيه. كذلك تقتصر عقوبة الاعتداء بالضرب على الأطباء على الحبس مدة لا تزيد عن سنتين أو دفع غرامة لا تتجاوز مائتي جنيه أيضاً. وإذا حصل الضرب أو الجرح باستعمال أسلحة أو عصا أو آلات أو أدوات أخرى، أو أفضى إلى جرح خطر، يعاقب مرتكبه بالسجن مدة لا تزيد عن خمس سنوات. وإذا تسبب الجرح بعاهة دائمة تحدد العقوبة بالسجن مدة لا تزيد عن عشر سنوات، أما إذا بلغ حد ارتكاب جريمة فتكون العقوبة السجن مع الأشغال الشاقة المؤقتة.
إلى ذلك، تشمل عقوبة احتجاز طبيب في القانون المصري الأشغال الشاقة المؤبدة إذا استخدم الجاني القوة أو العنف أو التهديد أو الإرهاب، والإعدام إذا نجم عن الفعل موت شخص. أما عقوبة تخريب مباني مؤسسات صحية أو أملاك عامة أو مخصصة لمصالح حكومية أو للمرافق العامة أو الجمعيات المصنّفة قانوناً ذات نفع عام، فهي السجن مدة لا تزيد عن خمس سنوات، والأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة إذا ارتكبت الجريمة في زمن اضطراب أو فتنة أو بقصد إحداث الرعب بين الناس أو إشاعة الفوضى، وصولاً إلى الإعدام إذا نجم عن الجريمة موت شخص كان موجوداً في تلك الأماكنأرقام غير مبشرة
وفي ظل تأخير سن عقوبات رادعة للاعتداء على المنشآت والأطقم الطبية، تزداد هجرة الأطباء إلى الدول الخليجية والأوروبية خاصة بعد انتشار وباء فيروس كورونا، وصولاً إلى حد معاناة مصر من نقص حاد في عدد الأطباء، والذي يزداد في بعض التخصصات مثل التخدير، والعناية المكثفة، والطوارئ، وطب الأسرة.
وتعتبر نقابة الأطباء أنّ "جذب الأطباء للعمل في القطاع الحكومي لن يأتي بزيادة أعداد المقبولين في كليات الطب من دون إصلاح حقيقي وملموس لمنظومة الصحة، وتحسين أحوال الأطباء المادية والمهنية والاجتماعية"، وتؤكد أنّ "إعلان تكليف أعضاء المهن الطبية المختلفة حسب الحاجة قبلها بسنوات كافية، كان الغرض منه أن يتسنى للطالب المقبل على دراسة أحد المجالات الطبية وضع ذلك في الاعتبار".
وتنتقد الزيادة في عدد عاملي وزارة الصحة من بعض الفئات الطبية، مثل الصيادلة وأطباء الأسنان، في مقابل وجود عجز في فئات أخرى مثل الأطباء البشريين والتمريض.
ويُقدَّر عدد الأطباء المصريين الذين هاجروا نهائياً إلى الولايات المتحدة وكندا وأستراليا بما بين 15 ألف طبيب و20 ألفاً، حيث يحصل الطبيب على أجر يقدّر بـ 40 دولاراً في الساعة، وصولاَ إلى 80 دولاراً في أيام الأعياد والعطل. أما راتب الطبيب المصري في بداية تعيينه فيبلغ 2500 جنيه مصري (نحو 155 دولاراً)، يرتفع عند الحصول على درجة الماجستير إلى 4 آلاف جنيه (نحو 250 دولاراً)، ويصير بعد حصوله على شهادة الدكتوراه نحو 5 آلاف جنيه (نحو 315 دولاراً).
وفي إبريل/ نيسان الماضي، أصدرت نقابة الأطباء المصريين، تقريراً رصدت فيه الكم الهائل من استقالات الأطباء من القطاع الحكومي خلال السنوات الثلاث الماضية، والذي بلغ 11536 طبيباً منذ مطلع 2019 حتى 20 مارس/ آذار 2022.
وأكدت النقابة أن عدد الأطباء حتى آخر عام 2018 قدّر بـ 212835، وبلغ عدد من عملوا وقتها في وزارة الصحة والمستشفيات الجامعية الحكومية والخاصة وجامعة الأزهر والمستشفيات الشرطية بنحو 82 ألفاً فقط، بنسبة 38 في المائة من القوة الأساسية المرخص لها مزاولة مهنة الطب. وأشارت إلى أنه طبقاً لهذا العدد يكون معدل الأطباء في مصر 8.6 أطباء لكل 10 آلاف مواطن، بينما يبلغ المعدل العالمي 23 طبيباً لكل 10 آلاف مواطن.وطبقاً لسجلات النقابة، بلغ عدد الأطباء المسجلين بالنقابة والمرخص لهم بمزوالة المهنة حتى 20 مارس/ آذار الماضي 228862، بعد 3 سنوات من دراسة الاحتياجات التي أصدرتها وزارة التعليم العالي، بزيادة قدرها 16027 طبيبًا استقال منهم 11536 طبيباً وطبيبة، ليكون عدد الأطباء العاملين في القطاع الحكومي 93536 تقريباً، وتكون نسبة الأطباء في القطاع الحكومي مقارنة بعدد الأطباء المرخص لهم بمزاولة المهنة تحت سن المعاش 40.8 في المائة بزيادة 2.8 في المائة فقط عن أول عام 2019.
وتزداد نسبة الأطباء إلى المواطنين إلى 9.2 أطباء لكل 10 آلاف مواطن بدلاً من 8.6 مطلع عام 2019، إلا أنها تظل بعيدة عن المعدل العالمي المقدر بـ23 طبيبا لكل 10 آلاف مواطن.
اجمالي القراءات 753
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق