عادل حموده يكتب : أيامنا «السودة» التى جعلت مصر المحروسة دولة منحوسة

اضيف الخبر في يوم الإثنين ٢٦ - نوفمبر - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً.


 

بالدستور: الرئيس والبرلمان يتنازلان عن سيناء لدولة حماس الإسلامية!
 
■ التنظيم الدولى للإخوان أباح مصر لرئيس الحكومة التركية لتكون من جديد ولاية عثمانية
 
■ أبو الفتوح ذهب إلى غزة بالأدوية والأطعمة والقوافل الطبية ولم يفكر فى شهداء منفلوط حسب الإيمان المصرى بـ «ما يحتاجه البيت يحرم على الجامع».. وما يحتاجه الوطن يحرم على غيره
 

مصر من دولة محروسة الى دولة منحوسة

لو كنت من محمد مرسى لجمعت أدويتى.. وحملت حقائبى.. ولبست معطفى.. وناديت عائلتى.. وضربت الباب بأغلظ الأيمان أننى لن أعود.
 
انقلبت مصر فى أيام حكمه السوداء من دولة محروسة إلى دولة منحوسة.. ومن أمة هادئة إلى أمة غاضبة.. ومن حدود آمنة إلى حدود ضائعة.. ومن حكومة بوليسية قاهرة إلى حكومة فاشية فاشلة.
 
نفد مخزون الصبر فى صدر الشعب.. نافست طوابير الحصول عليه طوابير الخبز والبوتاجاز والتحرش بالنساء.. وتفرغنا كالديكة لخلافاتنا السياسية والشخصية والدينية، ليصبح حوارنا اليومى بالأسنان والأظافر.. بالسنج والجنازير.. بالكلمات والفضائيات.
 
لم يستطع محمد مرسى أن يضىء شمعة فى ليل الجاهلية السائدة.. وإنما أطفا ما كان مضاء.. خوفا من نور الحقيقة.. الوضاح.. الفضاح.
 
إن الناس هى التى تعطى للحاكم القوة والعنفوان.. وتحميه بصدرها.. وتعطيه المناعة كى يبقى ويستمر.. والناس أيضا تملك من الشجاعة والحساسية ما يجعلها تفرّق بسهولة بين موسى وفرعون.. بين المؤمن والمنافق.. بين الواقع والوهم.
 
الناس بصراحة متناهية لم يعد يطيقون من فى الحكم.. ولم يعد يصدقونهم.. ولم يعد يتوقعون منهم خيرا.. فكل ما سمعوه.. وما انتظروه.. وما توقعوه تبخر.. صار نسيا منسيا.
 

رئيس لكل الفلسطينيين الإسلاميين لا لكل المصريين!

أجلس أمام ورقة الكتابة.. كما يجلس تلميذ أمام لجنة امتحان.. أخاف من مسئولية الكلمة.. دون أن أفقد شجاعتى فى التعبير عنها.. أخاف أن يصيبنى الغرور.. وأعيش فى دور الفتى الأول.. فالكاتب الذى لا يعرف حجمه عليه أن ينسحب من المسرح قبل أن يطفئوا عليه الأنوار.. ويلقوه بالطماطم والبيض الفاسد.
 
معرفة حجم ما ينطق به إنسان فضيلة يجب أن يتمتع بها رئيس الدولة قبل غيره.. فكلماته قرارات.. وتصريحاته سياسات.. وحسابه لنفسه يجب أن يسبق حساب الشعب فى الدنيا والملكين فى الآخرة.. وإلا عليه أن يغلق الكاميرات والميكروفونات.. ويكف عن الكلام إذا ما شعر بأن الناس لم تعد تسمعه.. ولم تعد تصدقه.
 
وعدنا الرئيس بالكشف عن قتلة جنودنا فى رفح خلال ساعات.. لكن.. يبدو أنه لن ينفذ ما وعد به ولو بعد سنوات.
 
صدقنا غضبه على ما حدث فى غزة.. شعرنا بأنه صادر من القلب.. لكننا.. لم نصدق حزنه على ما حدث فى منفلوط.. وصل إلينا باهتا.. من طرف اللسان.. ولم نتعجب.. فالحب من عند الله.. والتفسير من عند التنظيم الدولى للإخوان الذى يجبر كل أعضاء الجماعة على السمع والطاعة.. وتنفيذ التعليمات.. والوفاء بالالتزامات.. ولو كانت وضع حماس فى جدول أعمال الرئاسة قبل أسيوط.. وهو ما جعلنا نشعر بأن المسئول الأول فى البلاد أصبح رئيسا لكل الفلسطينيين الإسلاميين.. لا رئيسا لكل المصريين المنهكين.
 
وأغلب الظن أن التنظيم الدولى للإخوان فرض على الحكومة المصرية أن تفرط فى سيادتها.. وتترك رئيس الوزراء التركى رجب طيب أردوغان يتصرف فى جامعة القاهرة وكأنها جامعة أنقرة.. فهو ورجاله وسفارته تولوا تنظيم الخطاب الذى ألقاه فى قاعتها الكبرى مقلدا الرئيس الأمريكى باراك أوباما.. الأمن تركى.. سماعات الترجمة مسئولية تركية.. المنصة تركية.. حتى الخطاب الذى بثه التلفزيون المصرى كان باللغة التركية دون ترجمة عربية.. فمصر أصبحت على ما يبدو ولاية عثمانية.
 
التنظيم الدولى للإخوان على ما هو ظاهر جمع فى ساعات قليلة نحو 12 مليون جنيه أدوية وأطعمة عاجلة.. سافر بها عبد المنعم أبو الفتوح إلى غزة.. وحشد معه فى القوافل الطبية خبرات وتخصصات علاجية رفيعة المستوى لم يفكر فى أن يحتجز بعضها ويستدير به ناحية الصعيد ليشفى حروق وجروح وكسور أطفاله.. ضحايا قطار منفلوط.
 
إن فلسطين بالنسبة لنا ليست قضية عربية ولكنها قضية فلسطينية.. قضية وجود قبل أن تكون قضية حدود.. ولكن.. بالانحياز الأعمى لحماس فى غزة على حساب شعبنا الفقير.. المظلوم.. المقهور.. الباحث عن نصف رغيف عيش.. ونصف رغيف حرية.. أخشى أن نكره أهلنا فى القطاع والضفة.. فلو كان ما يحتاجه البيت يحرم على الجامع فإن ما يحتاجه الوطن يحرم على غيره.
 

إعلان الدولة الفلسطينية فى سيناء نص فى الدستور

فى أفلام المخدرات تضلل العصابة البوليس بتحديد مكان ما لتسليم البضاعة.. وهى جاهزة للعملية فى مكان آخر.
 
وفى أفلام الجواسيس يفتعل جهاز المخابرات معركة صاخبة.. تثير الانتباه.. وتلفت الأنظار.. ولكن.. بعيدا عن الهدف الحقيقى المطلوب تصفيته.
 
هذه الخبرات السينمائية الساذجة استفادت منها الجماعة المسيطرة على مصر وهى تعد الدستور.. فقد أطلقت قنابل دخان كثيفة على مواد مثيرة.. كى تبعد الاهتمام عن جريمة كبرى تهدد أمن مصر القومى.. وتعيد ترسيم حدودها.
 
لقد منحت المسودة الأخيرة للدستور رئيس الجمهورية صلاحيات إضافية لم يمنحها دستور من قبل.. فهو الذى »يسمى رئيس الوزراء ويكلفه بتشكيل الحكومة.. وهو يضع السياسة العامة للدولة ويشرف على تنفيذها.. وهو القائد الأعلى للقوات المسلحة.. ويعين الموظفين المدنيين والعسكريين ويعزلهم.. ويعين سفراء الدولة ويعتمد سفراء الدول الأخرى.. ويعلن حالة الطوارئ.. وله الحق فى العفو عن العقوبة.. ويدعو الناخبين للاستفتاء فى المسائل المهمة.. وما يصدره من تعليمات شفهية يؤخذ بها.. بجانب أنه يمثل الدولة فى علاقاتها الخارجية.. ويبرم المعاهدات.. ويصدق عليها.. لكن.. لا تكون لها قوة القانون إلا بأغلبية أعضاء مجلسى النواب والشيوخ.. وتجب موافقة المجلسين على معاهدات الصلح والتحالف والتجارة والملاحة.. وجميع المعاهدات التى تتعلق بحقوق السيادة».
 
و«حقوق السيادة».. هى حقوق الدولة على مواردها.. وأرضها.. وحدودها.. وهو ما يعنى أنه فى ظل رئيس إخوانى وأغلبية من حزبه وجماعته فى المجلسين يجوز التنازل عن أرض فى سيناء لفلسطين حماس.. أو تبادل أراض بين مصر وإسرائيل فى سيناء.. حسب الخطة المعروفة والمشهورة التى تقترح تنازل إسرائيل عن أراض فى النقب مقابل أراض تحصل عليها فى سيناء.. تقيم فيها الدولة الفلسطينية المفتوحة على غزة.. على أن تأخذ مقابلا لها فى الضفة الغربية.
 
هذه المادة هى أخطر مواد الدستور.. وتجب إزالتها من كل المسودات.. ليكون النص البديل الواضح: ألا تفرط الدولة فى سيادتها.. مهما كانت اتجاهات الأغلبية فى السلطتين التنفيذية والتشريعية.
 
المادة المشئومة (المادة 148 من مسودة 11 نوفمبر الجارى) وضعت فى غفلة من السلفيين والليبراليين والجهاديين الذين انشغلوا بسن زواج الفتاة وختانها.. وهى مادة يجب وضع خطوط حمراء تحتها فى ظل ما يحدث فى سيناء.
 
لقد ورطت حماس مصر بإطلاق صواريخ من سيناء على إسرائيل.. ولم تشأ إسرائيل أن تدخل فى مواجهة مع مصر.. فردت بالغارات على غزة.. وحسب ما قاله خالد مشعل فإن ما فعلته منظمته كان اختبارا لمصر.. اختبار كاد يؤدى إلى كارثة.. فقد كان أمام إسرائيل خياران غير اغتيال قيادات حماس فى غزة :
 
الأول : أن تدخل سيناء بدعوى تأمين حدودها بنفسها لتجلس بعد ذلك مع مصر للتفاوض لتعديل اتفاقية السلام لصالحها.. لا لصالح مصر.
 
الثانى: أن تجتاح غزة بريا.. وتضغط على سكانها.. فيندفعون إلى سيناء.. كما حدث من قبل.. فتبرر السلطة الإخوانية الحاكمة وجودهم هناك باعتبارات إنسانية.. وإسلامية.. وتسمح لهم بالإقامة فى خيام لبعض الوقت.. ثم لكل الوقت.. ومع حقوق التجنس التى منحت وتمنح لهم.. ومع تكالبهم على شراء الأراضى.. وحق الرئيس والبرلمان فى التنازل عن حقوق السيادة فى سنياء وتعديل الحدود يكون المخطط قد اكتمل.
 

ممنوع على الوطنيين أن يستقيلوا أو يهربوا أو يستسلموا

إن هذه المرحلة المرضية من تاريخنا لا يمكن أن تستمر.. لأنها مريبة.. وشاذة.
 
لابد للضمير المصرى أن يصحو.. ويتحرك.. ولابد للإنسان المصرى أن يجد نفسه.. ويستوعب ما حوله.. بعد هذا الضياع المزمن.
 
ولو كنا فى هذه المرحلة المالحة مصابين بالإحباط والقنوط فإننا لم نصل إلى مرحلة اليأس.. فشباب الثورة الذى استرد عافيته فى ذكرى مجزرة محمد محمود قادر على تفجير الماء من أعماق الصخر.. ويخترع النجوم فى عز الظلام.. ويزرع الورد الأبيض فى الأرض الخراب.
 
إن الغضب يجب أن يبقى واقفا على قدميه.. يجب أن يستمر فى الرفض والمقاومة والدفاع عن سيادة الأمة.. فالغضب إذا سقط.. سقط معه جهاز المناعة فى جسد الأمة المصرية.
 
ممنوع على المصريين الفاهمين المدركين الواعين أن يستقيلوا.. أو يهربوا.. أو يستسلموا.. أو يسقطوا فى اللون الأسود.. لون المؤامرة.. لأن كلماتهم ومواقفهم ومواجهاتهم الرائدة ستقرر مصير هذا الوطن.
اجمالي القراءات 1373
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق