الساعة

في الأحد ٢٩ - مارس - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً


الساعة

1 ـ كلمة الساعة تأتى فى القرآن بمعنى القيامة ، أو بمعنى مدة زمنية ؛ يوم او بعض يوم .وقد جائت بالمعنيين معا فى قوله تعالى (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ ) (الروم 55) اى يوم تقوم القيامة أو الساعة يستيقظ المجرمون من البرزخ ويقسمون انهم ماتوا من ساعة فقط.
وهذا ينفى عذاب القبر المزعوم لأن المجرم المستحق للعذاب يقضى فترة البرزخ بلا إحساس بأى ألم إلى أن يستيقظ فجأة عند البعث فيفاجأ بأنه حى فيظن أنه استيقظ من نوم استمر يوما أو بعض يوم ـ أو مجرد ساعة ، ويعتقد ذلك فعلا فيقسم أنه لم ينم سوى ساعة أو من الزمن ، ويرد عليهم أهل الايمان يصححون لهم الموقف بأنهم مكثوا فى البرزخ بلا إحساس من وقت موتهم الى قيام الساعة و البعث ، ولكنهم كانوا موتى أو نومى ـ لا فرق ـ لا يعلمون (وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَكِنَّكُمْ كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ) ( الروم 56 ).ولو كان هناك عذاب له فى القبر أو البرزخ لأحس بوقع كل دقيقة ، ولمرت عليه أيام العذاب بطيئة ثقيلة. ولكن هناك عذاب استثنائى فى البرزخ لفرعون وقومه ( غافر 45 : 46 )(نوح 25 ، هود 39) وقد فصلنا ذلك فى بحث ( عذاب القبر و الثعبان الأقرع ) وهو منشور على الانترنت وفى موقعنا.
وفى نفس معنى الساعة وعن نفس الموقف يقول تعالى يؤكد أن النبى محمدا عليه السلام ليس له أن يتكلم فى الغيب و موعد الساعة : (يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا فِيمَ أَنتَ مِن ذِكْرَاهَا إِلَى رَبِّكَ مُنتَهَاهَا إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرُ مَن يَخْشَاهَا)( النازعات 42 : 45 ) ثم يصف جل وعلا موقف المشركين عن البعث فيقول (كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا ) ( النازعات 46 ) أى كأنهم لبثوا ساعة من الزمن ، فالساعة هنا تعنى يوما أو بعض يوم ، ونحو ذلك قوله تعالى (وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَن لَّمْ يَلْبَثُواْ إِلاَّ سَاعَةً مِّنَ النَّهَارِ يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ ) (يونس 45 )
الا ان المهم هنا ان كلمة الساعة جاءت فى قوله تعالى :(وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ )بالمعنيين بمعنى يوم القيامة وبمعنى يوم او بعض يوم .
2 ـ والساعة بمعنى القيامة لها علم لا يعرفه الا الله تعالى الذى يعرف وحده علاماتها واشراطها وموعدها واحداثها ،والله تعالى اخبر فى القرآن الكريم ببعض ذلك .
وخارج القرآن فإن اى حديث عنها يعتبر خرافة واكاذيب لأن الله تعالى وحده هو صاحب الحق فى الحديث عن الساعة، ولأن القرآن وحده هو الذى يتحدث بالحق عن الساعة ،ولأن النبى عليه السلام لم يكن يعلم الغيب وليس له ان يتحدث فيه .
وقد حفلت الآيات الكريمة بكثير من التأكيدات على ان الله وحده جل وعلا هو الذى يعلم علم الساعة ،منها (وَتَبَارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَعِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ) (الزخرف 85) فالله وحده جل وعلا هو وحده الذى يملك الكون المرئى وغير المرئى ،وهو الذى يعلم متى وكيف سيدمر هذا الكون لتقوم الساعة ويرجع البشر للقاء الله يوم الحساب.
ومنها قوله تعالى فى اواخر سورة لقمان (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لّا يَجْزِي وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِ شَيْئًا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ ) وبعد هذا التحذير من الاعتقاد فى الشفاعات واساطيرها قال تعالى (إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ )فالله تعالى وحده هو الذى يملك علم الساعة أما البشر فلا يملك احدهم الغيب الذى يتحرق شوقا لمعرفته ،مثل الرزق ومكان الموت .
ومنها قوله تعالى (إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ )(فصلت47) اى اليه وحده علم الساعة ولا يعلمهاغيره.
وسئل النبى عليه السلام عن موعد قيام الساعة فلم يتكلم ،وكان بإمكانه ان يقرأ الايات السابقة ولكن لم يكن مسموحا له ان يتحدث فى الغيبيات حتى ولو كان بقراءة القرآن ، لذلك انتظر النبى حتى جاءت الاجابة من الله تعالى (يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا فِيمَ أَنتَ مِن ذِكْرَاهَا إِلَى رَبِّكَ مُنتَهَاهَا إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرُ مَن يَخْشَاهَا كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلاَّ عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا )( النازعات 42) وتلاحظ الاستفهام الاستنكارى للنبى (فِيمَ أَنتَ مِن ذِكْرَاهَا) ثم التأكيد على أن علمها لله تعالى وحده ، وان وظيفة النبى هى الانذار بقدوم الساعة .
ثم سئل النبى عليه السلام نفس السؤال ،ولم يتكلم ايضا وانتظر الى ان جاء القرآن بنفس الاجابة (يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاَّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلاَ ضَرًّا إِلاَّ مَا شَاء اللَّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ) (الاعراف 187-188) ونلاحظ هنا ان التأكيد على ان علمها عند الله تعالى وليس للنبى محمد ان يتكلم فيها ،ثم تؤكد الاية التالية على ان النبى محمدا لا يملك لنفسه فضلا عن غيره ضرا ولا نفعا ولو كان يعلم الغيب لاستكثر من الغيب وما مسه السوء.
وانتقل النبى للمدينة وسئل نفس السؤال وكالعادة انتظر الى ان نزل قوله تعالى (يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ اللَّهِ )(الاحزاب 63).
ومع كل التأكيدات القرآنية التى استشهدنا بها فأن اعداء القرآن ما لبثوا بعد نزول القرآن ان نسبوا للنبى عليه السلام احاديث كاذبه فى علامات الساعة وما يحدث فيها، واساطير كثيرة عن العشرة المبشرين بالجنة والشفاعات والحوض ..الخ . المؤمن إما أن يصدق تلك الاكاذيب ويكون كافرابالقرآن وعدوا لله تعالى ورسوله ، واما ان يكذب بتلك الاساطير تمسكا بالكتاب العزيز وايمانا بالله تعالى ورسوله .
ولا يمكن ان يؤمن الانسان بالحق والباطل معا.