الصـدقــة

في الخميس ٢٦ - سبتمبر - ٢٠١٣ ١٢:٠٠ صباحاً

 

من جمال اللغة العربية أن معنى الكلمة كامن فى بنائها اللغوي فالصديق من الصدق والصاحب من الصحبة ، ونزل القرآن الكريم باللغة العربية فزادها جمالا واستحدث مصطلحات دينية جرت على نفس القاعدة فالزكاة ـ أي إعطاء المال ـ من التزكية والسمو والتطهير ، وكذلك الصدقة من الصدق في إعطاء المال لله تعالى .. ولذلك فإن الصدقة التي تخلو من تلك المشاعر السامية لا عبرة بها ، يقول تعالى " قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى " .

" يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى .. البقرة 263 "

وقد يقوم المتصدق بإظهار صدقته ـ ليس للرياء ـ ولكن لكى يشجع آخرين على العطاء لنفس الفقير ، أو لغرض آخر من الأغراض السامية ، وهنا لا بأس من أظهار الصدقة ، كما أيضا يجوز إخفاؤها حرصا على مشاعر المحتاج  . ومدار الأمر في النية ومراعاة الظروف ، يقول تعالى " إن تبدوا الصدقات فنعما هي ، وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم : البقرة 271 " فالمهم في الصدقة هو صدق المشاعر السامية عند إخراج المال وتلك عظمة التشريع الالهى فى القرآن الكريم وعظمة اللغة العربية التى نزل بها .

والصدقة ليست مجرد إخراج المال للمحتاج .. إنها فى القرآن أعم وأشمل .. فالمهر يقول عنه القرآن " وأتوا النساء صدقاتهن نحلة ، فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوا هنيئا مريئا : النساء 4 " فهي صدقات أو صدقة أو من الصدق فى التعامل بين الزوجين ، لذا يجوز أن تتنازل المرأة عن جزء من " صداقها " لرجلها يأكلانه معا هنيئا مريئا ..

وهناك صدقة فى البيع والشراء تنبع من السماح وصدق التعامل ، وقد قال أخوة يوسف له " فأوف لنا الكيل وتصدق علينا إن الله يجزى المتصدقين : يوسف 88

 ومن الممكن  للإنسان أن يعفو عمّن ظلمه ويتصدق عليه بالتنازل عن حقه ، يقول تعالى " .. والجروح قصاص فمن تصدق به فهو كفارة له : المائدة 45 .." وفى حالة الدية يمكن التصدق بالتنازل عنها "  ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا : النساء 92 .

هذا بالإضافة إلى أنه ينبغي لصاحب المال أو الدين أن يتنازل عنه إذا كان المدين معسرا لا يستطيع السداد يقول تعالى " وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة وإن تصدقوا خير لكم إن كنتم تعلمون : البقرة 280 ".

إن الصدق فى التعامل مع الله من أسس التقوى ، والتقوى هي الهدف الأسمى لكل العبادات من صلاة وصيام وزكاة وصدقات .. ومن هنا ينبع الإعجاز اللغوي فى التشريع القرآني .