جند فرعون

آحمد صبحي منصور في الإثنين ١٦ - يناير - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً

نص السؤال
عملت فى الشرطة المصرية ، فى مباحث أمن الدولة . شاهدت الظلم وشاركت فيه ، ثم لم استطع الاستمرار وعوقبت على تهاونى فى التلفيق والتعذيب بنقلى لى الجوازات . ضميرى يؤرقنى عندما أتذكر كيف كنت ( صامولة ) فى آلة الظلم فى مصر ..خرجت على المعاش قبل خلع مبارك ، وفضح بعض ما كنا نعرف من فساده وظلمه . بدأت أقرأ القرآن وأؤدى الصلاة بقلب تائب ، ولكن جرائمى تلاحقنى فى صلاتى و يقظتى ونومى . قرأت لك عن كتاب الاعمال وعن استحالة الهروب من الله فبكيت . أنا الآن فوق الخمسين ، وأسأل : هل هناك أمل فى قبول توبتى ؟ وما هو مصير زملائى الذين شاركوا فى الظلم وماتوا شبابا دون توبة ؟
آحمد صبحي منصور

دولة الاستبداد  أو دولة فرعون  لها أعمدة  هم بالتعبير القرآنى ( جند فرعون ) أو ( آل فرعون ) أو ( قوم فرعون ) . ونعرف أن فرعون وجنده وقومه وآله عوقبوا معه بالغرق  بعد أن استنفذوا كل فرص التوبة  فلم يتوبوا ، بل ابتلاهم الله جل وعلا بالمصائب فكانوا يفزعون الى موسى يعدونه بالتوبة لو كشف الله تعلى عنهم البلاء ، وبعد كشف البلاء يعودون للظلم . وتكرر هذا فارتكبوا آخر جريمة وهى مطاردة موسى وقومه فانتهوا الى الغرق . ينطبق هذا على كل فرعون وجند ه . هم  شركاء معه فى نفس الجرائم  ، ولولاهم لما طغى وظلم وفسد وأفسد  : جريمة التعذيب يشارك فيها فرعون حين سنّ التعذيب وسمح به. ويشارك فيها الضابط الذى يأمر بالتعذيب ، والشرطى الذى يقوم بالتعذيب . الشرطى المأمور بالتعذيب قد يحتج بأنه ( عبد مأمور ) أى مجبور على طاعة الأمر .. ولكن من أجبره  أصلا على الدخول فى البوليس  وأكل  عيشه من عمل محرم ؟. قد لا ينطبق هذا على جندى الأمن المركزى المجنّد  إلزاميا ، ولكن يجب عليه الفرار من التجنيد الالزامى فى دولة تقوم على الظلم وتستخدمه ليظلم وليكون مظلوما فى نفس الوقت .

المفلح  من جند فرعون هو من يهرب مبكرا ، ويتوب مبكرا بحيث يكون مخلصا فى توبته ، وبحيث يجد وقتا للعمل الصالح الذى يكفّر به عن سواد ظلمه . التوبة تستلزم رد الحقوق للمظاليم و استرضاءهم  فردا فردا أو استرضاء ذويهم فى حالة من مات مظلوما ، والتكثير من العمل الصالح والاستغفار و تصحيح الايمان بالله جل وعلا وحده الاها لا تقديس إلاّ له جل وعلا ، أى بلا تقديس لبشر ، سواء كان هذا البشر محمدا عليه السلام أو غيره .  مثلا .. من عاش يظلم الناس عشرين عاما يحتاج الى مثلها فى تعويض ما سلف . أو التركيز فى التوبة  والعمل الصالح فيما تبقى له من عمر لو كان فى الخمسين ولا يضمن  طول العمر ليقوم بمسئولية التوبة . وفى كل الأحوال  .. فمشقة التوبة لا تعادل معاناة المظاليم ، ولا تعادل  الخلود فى النار .. فكيف بدخول الجنة ؟

اجمالي القراءات 13239