الاعتكاف

آحمد صبحي منصور في الجمعة ١٩ - أغسطس - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً

نص السؤال
ياتي ذكر الاعتكاف قرات لك عن الاعتكاف قبل الرسول ولكن ما معناه الان وما يحرم في فترة الاعتكاف واين يمكن الاعتكاف ؟
آحمد صبحي منصور


 أولا : فى الديانات الأرضية كان ولا يزال موجودا فريضة الاعتكاف ، فعلها قوم ابراهيم حين كانوا يعكفون على عبادة الأصنام : (  إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ ؟ ) ( الأنبياء 52 ) وقد ردوا على سؤاله لهم ( قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ   ) ( الشعراء 71  ) . وفعلها بنو اسرائيل فى غياب موسى حين عكفوا على عبادة العجل الذهبى الذى صنعه لهم السامرى ليشابه عجل أبيس المقدس لدى المصريين ، وحين نصحهم هارون (  قَالُوا لَن نَّبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى ) وجاء هارون فعاقب السامرى وكان مما قاله له :(وَانظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَّنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا ) ( طه 91 ، 97 ). والمسلمون من الصوفية والشيعة يعكفون على قبور الأولياء والأئمة تقديسا وعبادة وتبركا ـ ولا يرون فى ذلك بأسا ..!!

 ثانيا : الاعتكاف للتعبد من ملة ابراهيم ، وهو جائز فى المسجد الحرام وفى أى مسجد ، بل فى أى بيت . وللرجال والنساء على سواء ، إلا إنه لا يجوز للزوجين المباشرة الجنسية وهما معتكفان فى المسجد ، ومن الطبيعى أن يكثر الاعتكاف زمنيا فى شهر رمضان ومكانيا فى البيت الحرام ، ويقول تعالى عن صدّ المشركين لروّاد البيت الحرام (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاء الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ   ) ( الحج 25 ) أى أنهم قسمان : عاكفون وقادومون اليه عبر الصحراء. وقد جاءت الاشارة الى العاكفين فى سياق الحديث عن إعادة ابراهيم وابنه اسماعيل لبناء الكعبة :  (وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْناً وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ ) (البقرة 125 )، وفى سياق الحديث عن رمضان (وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا   ) ( البقرة 187 ).

 ومفهوم أن قيام الليل يعنى الاعتكاف ، وهذا ما إعتاده خاتم النبيين عليه السلام هو وجماعة من الذين آمنوا معه ، وجاء الحديث عنه فى سورة المزمل (إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِن ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِّنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَن لَّن تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَن سَيَكُونُ مِنكُم مَّرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا وَمَا تُقَدِّمُوا لأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ  ). وهذا يعنى أن الاعتكاف يشمل قراءة القرآن والصلاة كما يشما التفكر فى ملكوت السماوات والارض كما جاء فى صفات أولى الألباب (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ رَبَّنَا إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأَبْرَارِ رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلاَ تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ الْمِيعَادَ  ) ( آل عمران 191 ـ  )

 
اجمالي القراءات 11627