الكفر السلوكى

آحمد صبحي منصور في الثلاثاء ١٩ - يوليو - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً

نص السؤال
اية رقم ٢٢١ المشرك والمشركة هنا كفر العقيدة ام الظالم مع الشكر الجزيل
آحمد صبحي منصور

 

مصطلح الشرك والكفر فى أى سياق قرآنى يخص التعامل البشرى ، فالشرك أو الكفر هنا يعنى الاعتداء ، والمشركون الكفرة هم طبقا لسلوكهم العدوانى  الباغى ضد المؤمنين المسالمين ، يشمل هذا نحريم الزواج منهم ، كقوله جل وعلا ( وَلاَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلاَ تُنكِحُواْ الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُواْ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُوْلَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُوَ إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ,)( البقرة 221 ) و (  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُم مَّا أَنفَقُوا وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَن تَنكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ   )( الممتحنة 10  )، كما يشمل التعامل معهم فى ضوء اعتدائهم على المؤمنين فى تحريم موالاتهم : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُم مِّنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَن تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاء مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنتُمْ وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِ  ) ( الممتحنة  1 ـ ) (  لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ) ( المجادلة 22 ) والدعاء لله جل وعلا بالانتصار عليهم فى حال اعتدائهم على المؤمنين ( أَنتَ مَوْلانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ  ) ( البقرة  286). وبعض الآيات يأتى فى سياقها الداخلى بعض مظاهر الاعتداء على المؤمنين مثل طرده المؤمنين من ديارهم ونقض العهد والميثاق وهذا ما يتردد فى الآيات الأولى من سورة التوبة ، ومثلها قوله جل وعلا (هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَن يَبْلُغَ مَحِلَّهُ   ) ( الفتح 25 ). وفى كل هذه االسياقات القرآنية توجد أوامر ونواهى فيما يخص التعامل مع أولئك المعتدين ، وأساس التعامل هو التعرف عليهم من خلال سلوكهم العدوانى الهجومى الاجرامى .
أما مصطلح الكفر والشرك العقيدى فهو يخص الله جل وعلا وحده ، ولا يأتى فى هذا السياق أدنى إشارة للمؤمنين فى التعامل معهم ، والعادة أن تأتى الأحكام هنا من لدن الله جل وعلا ، كقوله جل وعلا عن البشر ( وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ) (وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ ) ( يوسف  103 ، 106)، وفيها يكون الحكم لله جل وعلا وحده فى التعامل معهم (أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ   ) ( الزمر 3 ).
ان القاعدة القرآنية تؤكد أن الأغلبية المطلقة من البشر كافرة عقيديا ، وأنه لو أطاعهم النبى نفسه لأضلوه عن سبيل الله ، أى إن الأغلبية ضالة مضلّة (وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ  ) ( الانعام 116  )، فهل يعنى هذا تحريم الزواج من الأغلبية العظمى من البشر؟ بالطبع لا . التحريم يتعلق بالكفر و الشرك السلوكى فقط . أما الاختلافات العقيدية بين البشر فليست محلا  للعداء بدليل أن الله جل وعلا يوجب معاملة المخالف فى العقيدة بالقسط والعدل طالما لم يعتد علينا ولم يخرجنا من ديارنا (لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ   ) ( الممتحنة  8 : 9). وطالما نتعامل معه بالقسط فيجوز الزواج منه وتزويجه لأن الاسلام هو فى التعامل البشرى هو السلام ، وأى انسان مسالم فهو مسلم حسب سلوكه بغض النظر عن دينه ومذهبه وعقيدته . وبالعكس فأى معتد أثيم يستخدم دين الله فى القتل و الظلم فهو كافر ، وعليه فإن ابن لادن ومن تبعه كافر مشرك حسب سلوكه لا يجوز الزواج منهم أو تزويجهم .

 

اجمالي القراءات 13983