الصحابة

آحمد صبحي منصور في الإثنين ٠٦ - ديسمبر - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً

نص السؤال
لماذا تهاجم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ وكيف تفعل ذلك وتدعى انك قرآنى ، وتعرف الآيات التى تتكلم عن الصحابة ؟ وهل لا تؤمن بعدالة الصحابة وأن من سبّهم وتطاول عليهم يخرج عن حظيرة الايمان ؟
آحمد صبحي منصور

 

   بعض خصومنا يتهموننا بالهجوم علي صحابة النبي عليه الصلاة والسلام ، ويعتبرون الصحابة عدولا أي معصومين من الخطأ وبالتالي فإن الهجوم عليهم زندقة وكفرا .

    ونحن لا نتهجم علي الصحابة ولا نعتبرهم معصومين ، أي لانقع في تقديس البشر كما لا نتطاول علي أحد ممن صحب النبي عليه الصلاة والسلام ، ونتخذ من القرآن الكريم الأساس الديني لنظرتنا للصحابة ، كما نأخذ من كتب التراث نفسها الأساس العلمي التاريخي لتاريخ الصحابة ، ولا نتكلم بدون دليل وبرهان .

    ومن القرآن الكريم نتعرف علي معني الصحابة والصاحب فهو الذي يصحبك في الزمان والمكان ، فالصحابة من الصحبة كما أن الصديق والصداقة من الصدق ، وعليه فلا يشترط في الصاحب أو الصحابة إلا كونه رأي النبي أما درجته في الإيمان فذلك شيء آخر ، والقرآن يقول عن قوم موسي " فلما تراءي الجمعان قال أصحاب موسي إنا لمدركون : الشعراء 61 " أي كانوا أصحابا لموسي ومع ذلك فعندما جاوز بهم البحر طلبوا منه أن يجعل لهم إلها غير الله ثم عبدوا العجل..

والله تعالى يقول لمشركي مكة عن النبي عليه الصلاة والسلام "ما بصاحبكم من جنة : سبأ 46" أي جعل النبي صاحبا لهم ،ويقول لهم "ما ضل صاحبكم وما غوي :النجم 2 " فالصحبة هنا موجودة مع اختلاف العقيدة ، ويقول تعالى "عن النبي ورفيقه في الغار" إذ يقول لصاحبه لا  تحزن إن الله معنا: التوبة 40 " فهنا صحبة ولكن مع وحدة العقيدة ..

وعليه فالصحبة دليل على الوجود في المكان والزمان نفسيهما وليست دليلا على الإيمان . !!

ولذلك كان الصحابة حول النبي درجات . والله وحده هو الذي يعلم سريرة كل إنسان وحقيقة عمله ،والله تعالى ذكر درجات الصحابة دون أن يحدد أحدا بالاسم،وكان منهم السابقون والرجال الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه ،وكان منهم من خلط عملا صالحا وآخر سيئا،وكان منهم المنافقون وضعاف الإيمان .. وفى القرآن مئات الآيات عن المنافقين وكفرهم وتآمرهم ، وأولئك من الصحابة وفقا لمدلول الصحبة الذي اعترف به علماء التراث أنفسهم.

إلا إن بعضهم ادعي أن النبي كان يعرف كل المنافقين ،وينسى أن الله تعالى قال للنبي" وممن حولكم من الأعراب منافقون ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم :التوبة 101 " .

وبعضهم  يستشهد على مقولته بعصمة الصحابة وعدالتهم بقوله تعالى "محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا .." ويتناسى أن يكمل الآية إلى آخرها حيث يقول تعالى "وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما " فقال "منهم" أي أن بعضهم وعدهم الله بالمغفرة والأجر العظيم ،أما الباقون فمنهم منافقون في الدرك الأسفل من النار ، والله تعالى يقول لهم يهددهم ويخبرنا بأنواعهم "لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلا ، ملعونين أينما ثقفوا : الأحزاب 60 " إذن هناك منافقون وهناك ضعاف الإيمان وهناك مروجون للإشاعات وقت الحرب .. وقد استحق الجميع لعنة الله تعالي

إن القران لم يتحدث عن أشخاص بالاسم و إنما تحدث عن صفات مثل "والسابقون الأولون من المهاجرين و الأنصار "و مثل" من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه " ومثل "إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار" ونحن نؤمن بكل حرف جاء في الكتاب العزيز ونعتقد أن مقولة عصمة الصحابة أو "تعديلهم " أو وصفهم بالعدالة جميعا مما يخالف القرآن وحديثه عن المنافقين في مئات الآيات .

   وإذا كان القرآن قد تحدث عن صفات فإن التاريخ تحدث عن أسماء محددة ،جعل منهم المبشرين بالجنة وكبار المنفقين والمتآمرين ، وكما تحدث أيضا عن دور الصحابة في الغزوات وفي الفتوحات وعن الفتنة الكبرى والحروب الأهلية التي تزعمها بعض الصحابة في مواقع الجمل وصفين والنهروان ..

   وإذا كان ما يقوله القرآن يعتبر الدين اليقيني الذي ينبغي الإيمان به فإن ما يذكره التاريخ هو حقائق تاريخية قابلة للشك وليست أبدا من عناصر الإيمان ..أي أنها قضية علمية وليست قضية دينية .

وهذا ما ينبغي أن يكون ، إلا أن بعض المسلمين خلط بين الدين الحق في القرآن وبين التدين المكتوب في التراث فجعل أشخاص الصحابة من عناصر الإيمان ، فتطرف بعضهم مثل الشيعة في تقديس علي وذريته وتكفير الآخرين ، وتطرف آخرون فأفتوا بأن الصحابة كلهم آلهة لا تخطئ أبدا وأنهم كالنجوم من اهتدى بهم ـ حتى في الفتنة الكبرى ـ فقد اقتدى بالصراط المستقيم ..

  و من حقنا أن نؤمن بما جاء في القرآن الكريم عن أصحاب النبي ومن حقنا أن نناقش تاريخهم لنتعظ ونتأكد أنهم بشر وليسوا آلهة ..

   ومن حق أرباب الموالد أن يعتقدوا بما يشاءون .. وسنجتمع أمام الله تعالى يوم القيامة ليحكم بيننا فيما نحن فيه مختلفون .. !! 

اجمالي القراءات 17669