الغش التجارى

آحمد صبحي منصور في الإثنين ١٤ - ديسمبر - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً

نص السؤال
قل لنا بصراحة عن هذا الغش الذى ساد مصر ويشارك فيه الجميع من التجار الى المنتجين ومن المواطنين الى الحكومة .. وصل الغش من الطعام الى الدواء ومن الأسمنت والحديد الى رغيف العيش و زيت التوين و الفراخ بل حتى البودرة و الحشيش و المخدرات .. حتى الهواء الذى نتنفسه و الماء الذى نشربه اصبح ملوثا مغشوشا ..
آحمد صبحي منصور
في الماضي كان الغش محدداً ومحدوداً وبدائياً ..
ثم جاء عصرنا ــ عصر التعقيد المركب ــ فتعقدت طرق الغش وصارت أكثر خطورة وأكثر انتشارا , وواكب ذاك انتشار الفساد وضياع القيم لتصبح قيمة المال هي الأعلى وليصبح الحصول على المال بأي وسيلة هو معيار النجاح ، وفي هذا المناخ لم يعد عيباً أن تخدع الناس فتبيع لهم السلع المغشوشة والمميتة لتحصل على الملايين .
إن الذي يقتل نفساً جزاؤه القتل قصاصاً .. فما بالنا بالذي يقتل الآلاف من الأبرياء في كل يوم؟ إن جريمة الغش إذا وصلت إلى ارتكاب القتل فهي جريمة قتل مع سبق الإصرار والترصد وهكذا ينبغي أن ننظر إلى قضية الغش الذي يتسبب في الموت بأي طريقة.
إلا أننا ــ في الحقيقة ــ أمام جريمة معقدة ، فالقاتل ليس شخصاً واحداً فالمناخ الردئ جعل عناصر عديدة تتعاون على الإثم والعدوان ، فالذي ينتج أنبوبة بوتاجاز غير مطابقة للمواصفات ومستعدة للانفجار في وجه من يشتريها بماله. ذلك المنتج الغشاش القاتل ليس الجاني الوحيد ، بل يشترك معه الذي سكت عنه والذي سهل له أن يوزع إنتاجه على التجار ، والذين سكتوا عن عرض تلك البضاعة المميتة في الأسواق.. وهكذا فإن قفص الاتهام يتسع ليضم إلى جانب المنتج الأفاق الغشاش صفاً من الموظفين المرتشين ، أي أن جريمة الغش القاتل لابد أن تصاحبها جريمة الرشوة.. والجريمتان معاً أهم أضلاع الفساد .
ــ والمشكلة هنا في تحقيق العدالة ، أو كيف تحدد الأشخاص المسئولين عن ارتكاب الجريمة ؟ ليس فقط في الموظفين المفسدين ولكن حتى في تحديد الشخص المسئول عن الإنتاج فالعادة أن يكون أولئك المجرمون غاية في المكر والدهاء واستغلال القانون وثغراته ..
ـــ إنها قضية حياة أو موت تستحق نتنبه لها ونوجه لها الأنظار . اننا نؤكد أنها قضية مناخ فاسد أصلاً ينتج هذا الصنف من البشر وأن العلاج الناجح هو في نشر الوعي والقيم الصالحة والهدي الإسلامي الصحيح .. ولقد جربنا هذا فى مصر فاتضح أننا نواجه النظام نفسه لأنه منبع الغش و الفساد . وعلمنا بالتجربة أن الاستبداد يبدأ الغش والتزوير بمزاعم عن العدل والحرية ، ونزاهة الانتخابات ، ويستحوذ على السّلطة ثم لا يلبث أن يستحوذ على الثروة .
وبعض النظم المستبدة تسرق وتنهب وتترك هامشا للناس كى تتنفس وتعيش . وبعضها يعميه حب المال فيحمله على التفنن فى السرقة و النهب ، وتصل الى الحد السفل من الوضاعة بحيث تحترف الغش التجارى فى الانتاج و فى الاستيراد وفى التصدير . هنا يكون المستبد عصابة من المجرمين ويكون الضحايا عشرات الملايين .
يا حسرة على مصر..!!

اجمالي القراءات 11904