عن نوعى الخصومة

آحمد صبحي منصور في الثلاثاء ٢٣ - مايو - ٢٠٢٣ ١٢:٠٠ صباحاً

نص السؤال
كان لى شريك فى التجارة أثق فيه لأننا نعرف بعضنا من الطفولة . واستمرت صداقتنا على الحلوة والمرة سنوات ، ثم إكتشفت خيانته بعد أن تعرضت تجارتنا لخسارة كبيرة . بالبحث والتدقيق عرفت وتأكدت أنه السبب ، وانه إختلس من أموال الشركة ، واستغل ثقتى فيه . لا استطيع مع الأسف أن آخذ حقى منه بالمحاكم . لجأت الى مجلس عرفى برئاسة شيخ محترم عقد لنا جلسة . وتكلم هو فاتهمنى أنا بالاختلاس والتزييف . طلب منه الشيخ الإثبات فرفض واستمر فى تهجمه على . وأنا ساكت . الشيخ سألنى رأيي فقلت حسبى الله ونعم الوكيل ، وربنا ينتقم من الظالم فينا . هذه العبارة جعلته يشيط فى الغضب والشتم حتى شتم الاستاذ الشيخ الذى يحكم بيننا واتهمه بأنه معى ضده . وتركنا وانصرف . أخذ الشيخ يوعظنى بالصبر وبالفرج . وبعدها بشهر تقريبا حدثت للشخص ده حادثة عربية . كان راكب عربية نقل فانقلبت ، واتحرقت بضاعته فيها ، وأنقذوه وخرج منها متكسر ومفلس . طلب منى أسامحه ووسّط الشيخ . أنا رفضت إلا بعد لما يسلمنى حقى . الشيخ قال لى انه بقى مفلس وتقريبا مشلول . صممت على حقى قبل كل شىء ، ولو يكتب به وصولات أمانة . وأنا بأفكر فى موقفى قلت لنفسى : هل أنا على حق فى ان أرفض مسامحته ؟ أنا من أهل القرآن ، وباتعلم منك ومن الموقع . وبحثت عن إجابة لأسئلتى ولم أجد أرجوك اكتب لى إجابة وافية ، هل يجب أن اكون من الذين قال عنهم الله سبحانه وتعالى ( فاصفح الصفح الجميل ) ولكن فى الحقيقة لا أستطيع الصفح عنه بدون ارجاع حقى . وهل عدم صفحى عنه يكون ذنب فى حقى ؟
آحمد صبحي منصور

أولا :

فى الخصومات يجب التفريق بين الخصومات الدينية والخصومات الشخصية :

 فى الخصومات الدينية :

1 ـ وهى خصومة ( فى الله جل وعلا ) . مثلا :  نحن نؤمن بالله جل وعلا وحده لا شريك له ، ونكفر بتأليه البشر والحجر ، وخصومنا لا يؤمنون بالله جل وعلا إلا وهم مشركون ، لا بد من أن يؤمنوا بآلهة معه . أى  ليست خصومة شخصية حول مال أو جاه أو ميراث أو نسب بل خصومة حول الله جل وعلا  .  

2 ـ هناك مساواة فى هذه الخصومة الدينية . خصومة متساوية فى هذه الدنيا ،  بمعنى أن كل خصم يحكم بكفر الآخر ، ويراه مستحقا للجحيم . ثم هناك مساواة بينهم يوم الحساب ، حيث سيحكم رب العزة جل وعلا بين الخصمين دون إنحياز لواحد منهما . نفهم هذا من قوله جل وعلا لخاتم النبيين عنه وعن خصومه :

2 / 1 :( إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ (30) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ (31) الزمر )

2 / 2 : (  وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ (44) الزخرف ).

3 ـ المتمسك بالحق القرآنى والمؤمن بالقرآن الكريم وحده حديثا عليه أن يصفح عن خصومه فى الدين لأنه يعلم ما ينتظرهم من خلود فى النار ، وأنه لن تغنى عنهم اساطير الشفاعة شيئا . هنا نفهم قوله جل وعلا :

3 / 1 : ( وَإِنَّ السَّاعَةَ لآتِيَةٌ فَاصْفَحْ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ (85)   الحجر )

3 / 2 : (  وَقِيلِهِ يَا رَبِّ إِنَّ هَؤُلاءِ قَوْمٌ لا يُؤْمِنُونَ (88) فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (89)

  الزخرف )

3 / 3 : ( قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ لِيَجْزِيَ قَوْماً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (14) مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ (15)   الجاثية )

3 / 4 : (  وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنْ الْمُسْلِمِينَ (33) وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (35)  فصلت )

فى الخصومات الشخصية

ليس فيها التساوى . فيها ظالم ومظلوم .

1 ـ للمظلوم الحق فى أن يرفع صوته يجهر بالسوء من القول يشتم الظالم ، وله الحق ان يدعو عليه ، وله الحق أن يعفو عنه والله جل وعلا يسمعه ، وهو جل وعلا الأعلم به . قال جل وعلا : (  لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنْ الْقَوْلِ إِلاَّ مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعاً عَلِيماً (148) إِنْ تُبْدُوا خَيْراً أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوّاً قَدِيراً (149)  النساء )

2 ـ للمظلوم أن يرد السيئة بمثلها قصاصا ، وهذا هو العدل . وله أيضا أن يعفو ويصفح ، وهذا هو الاحسان ، وهو أعلى درجة من العدل . لنتدبر قول الله جل وعلا : ( وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (40) وَلَمَنْ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ (41) إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (42) وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ (43) الشورى )

أخيرا :  

لك أن تعفو ترجو الأجر من الرحمن جل وعلا ، أو ألّا تعفو ، ولا حرج ولا مؤاخذة عليك . 

اجمالي القراءات 952