الصبر المصرى الملعون

آحمد صبحي منصور في الخميس ١٨ - مايو - ٢٠٢٣ ١٢:٠٠ صباحاً

نص السؤال
ما رأيك فى صبر المصريين على ظلم العسكر ؟ هل هذا صبر إسلامى ؟
آحمد صبحي منصور

 1 ـ الصبر الاسلامى هو الصبر الايجابى . لذا هو يصاحب المؤمن فى كل أحواله . يصبر عند المحن ، ويصبر فى النعم . يصبر حين يقع عليه الاضطهاد بالهجرة إذا إستطاع ، وإذا إستطاع ولم يهاجر ومات راضيا بالظلم والاضطهاد فهو كافر لأنه ( ظالم لنفسه ). قال جل وعلا : ( إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمْ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيراً (97) إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً (98) فَأُوْلَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوّاً غَفُوراً (99) النساء ) . وإذا كانت لهم دولة ( إسلامية ) فهى مُسالمة لا تعتدى على غيرها ، وتكون مستعدة حربيا لتحمى حدودها وتُرهب من يفكر فى الاعتداء عليها . قال جل وعلا : ( وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمْ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ (60) الانفال ) وفى هذا كله يتحلى المؤمنون بالتقوى والصبر ، والآيات كثيرة ، يكفى منها قوله جل وعلا للمؤمنين فى خطاب مباشر لهم : (  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (200) آل عمران ). ( ربطوا ) من المرابطة حراسة للحدود .

2 ـ أبرز ملامح الصبر الاسلامى الإيجابى هى مقاومة الظلم وإستبداله بالقسط .

ذلك إن إقامة القسط هى هدف لكل الرسالات الالهية ولارسال كل الرسل . قال جل وعلا : ( لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمْ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ (25)   الحديد ). كى يقوم الناس جميعا بالقسط رجالا ونساءا فلا بد من وعى عام يسود بينهم يجعلهم يدا واحدة فى المطالبة بالقسط فى مواجهة المستبد ، ومعنى أن  (يقوموا ) أى أن يعملوا معا فى تصميم على تحقيق العدل والقسط مهما كلفهم الأمر من تضحيات . ولهذا فإنه إذا لم يتحقق القسط بالرسالة الالهية ( القرآن الكريم ) فالبديل هو السلاح أو الحديد . والله جل وعلا هو الذى أنزل القرآن الكريم وهو الذى أنزل الحديد . وهو جل وعلا يعلم من ينصره دفاعا عن القرآن الكريم ، ودفاعا عن القسط .

3 ـ  إذا إمتلأ الناس بالوعى بالجهاد فى سبيل القسط أى فى سبيل الله جل وعلا فإن إرادة التغيير تجتاحهم ، تغير ما بأنفسهم من خضوع وخنوع ورضى بالظلم ، أى تغير ما بأنفسهم من صبر سلبى الى صبر إيجابى اسلامى . وعندها يتحقق قوله جل وعلا : ( إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ (11) الرعد ).

4 ـ ركن المصريون ( أغلبهم ) الى الذين ظلموا من أكابر المجرمين من الحكام ورجال الدين فى الأزهر والكنيسة ، ونسوا قوله جل وعلا : ( وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمْ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لا تُنصَرُونَ (113)  هود ) .

5 ـ  بدلا من الصبر الايجابى الفاعل تمسك المصريون بالصبر السلبى الذى تعبّر عنه أغانيهم العاطفية التى تريد من الآخرين إحضار الحبيب لهم ، وتشكو فى لوعة وصبر على فراقه . وتعبر عن هذا الصبر الملعون أمثالهم الشعبية مثل : ( إصبر على الجار السوء لغاية ما يمشى أو تيجى له داهية تاخده ) ( الصبر حرق الدكان ) . وإذا تعرض أحد لمحرقة الظلم لا يتحرك من أجله أحد ، وإذا رفع أحد الشجعان صوته بالاصلاح تركوه وحده بل وربما ناصبوه العداء .

5 ـ الفرعون العسكرى هو أسعد الناس بالصبر المصرى . 

اجمالي القراءات 1074