آحمد صبحي منصور
في
السبت ٠٨ - أبريل - ٢٠٢٣ ١٢:٠٠ صباحاً
نص السؤال
آحمد صبحي منصور
أولا :
1 ـ الخلود فى الجنة والخلود فى النار أبدى ، أى لا خروج من الجنة ولا خروج من النار . فى القرآن الكريم توازن دقيق بين الجنة والنار ، ولكنك تركز على عقاب النار وتنسى نعيم الجنة ، وهما حسب عمل الانسان وإيمانه . وهذا ليس بالعدل المطلق بل يزيد عليه أن الحسنة بعشر أمثالها والسيئة بمثلها . أما الأهل والأقارب فكل فرد بعمله ، ورهين بعمله . والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم باحسان تكون معهم ذريتهم فى الجنة ، قال جل وعلا : ( وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ (21) الطور )
2 ـ وتقول : ( بما أن القرآن يقول إن رحمة الله تغطي كل شيء ). هذا خطأ. يقول جل وعلا : ( قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ (156) الأعراف ). أى إن رحمة الله جل وعلا هى لمن يستحقها ، وهم الذين أحسنوا الايمان وأحسنوا العمل. قال جل وعلا : ( إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنْ الْمُحْسِنِينَ (56) الأعراف ).
ثانيا :
هناك حقائق يغفل عنها أكثرية البشر ، وبهذه الغفلة سيكون مصيرهم الى خلود فى جهنم :
1 : قال جل وعلا : ( وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِوَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ) (7) هود ) . أى إن الله جل وعلا خلق السماوات والأرض لكى يختبرنا فى هذه الحياة الدنيا القصيرة . تخيل الأرض والكواكب والنجوم والمجرات والسماوات السبع كلها مخلوقة لأجل إختبارنا ، ومخلوقة لأجل محدد مسمى ، وينتهى الأمر بقيام الساعة وتدمير كل هذا الكون ، ويأتى اليوم الآخر حيث يقوم الناس لرب العالمين فى سماوات بديلة وأرض بديلة ويبرزن للقاء الرحمن جل وعلا القائل : ( يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (48) ابراهيم ) .
2 : هذا الاختبار مبنى على حرية المشيئة البشرية فى أن تؤمن وتطيع أو أن تكفر وتعصى ، ويوم الحساب ستكون جهنم جزاء من شاء أن يععصى ويكفر وتكون الجنة جزاء من شاء أن يؤمن وأن يطيع ، فحرية المشيئة تتبعها المسئولية . قال جل وعلا : ( وَقُلْ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقاً (29) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً (30) أُوْلَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ الأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَاباً خُضْراً مِنْ سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً (31) الكهف ).
3 : وعليه فإن الفرد هو الذى يقرر مصيره يوم القيامة بنفسه . إذا شاء أن يكون متقيا وفعل ذلك مؤمنا طائعا أدخله الله جل وعلا الجنة لأنه جل وعلا وعد بذلك ، وإذا شاء أن يكفر ويعصى أدخله الله جل وعلا جهنم لأنه جل وعلا وعد بذلك ، والله جل وعلا لا يخلف الوعد ولا يخلف الميعاد ، قال جل وعلا : ( وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ ) (47) الأنبياء ) ( لا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ ) (6) الروم ) ( إِنَّ اللَّهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ (31) الرعد ) ( وَعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ (20) الزمر ).
4 ـ وتأكيدا لذلك وتحقيقا له فكل مجموعة من البشر عاشت معا سيكونون جاثمين أمام كتاب أعمالهم ، وعلى أساسه يكون الجزاء ، إن جنة أو نارا . قال جل وعلا : ( وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (28) هَذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (29) فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ (30) وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا أَفَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاسْتَكْبَرْتُمْ وَكُنتُمْ قَوْماً مُجْرِمِينَ (31) الجاثية ) .
5 ـ وبالتالى فالله جل وعلا لا يظلم أحدا من أهل النار ، هم الذين دخلوها بعملهم . يقول جل : ( إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ (74) لا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ (75) وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا هُمْ الظَّالِمِينَ (76) الزخرف ).
6 ـ بل إن سيئاتهم هى التى ستتحول نارا يكتوون بها عذابا . أمثلة لذلك قوله جل وعلا :
6 / 1 : ( إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً (10) النساء )
6 / 2 : ( وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) (180)آل عمران )
6 / 3 : ( اللَّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (34) يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ (35) التوبة ) .
7 : وسيقال لأهل النار إنهم دخلوها بعملهم :
7 / 1 :( ثُمَّ قِيلَ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلاَّ بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ (52) يونس )
7 / 2 : ( وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (90) النمل )
7 / 3 : ( إِنْ كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ (53) فَالْيَوْمَ لا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَلا تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (54) يس )
7/ 4 :ـ ( إِنَّكُمْ لَذَائِقُو الْعَذَابِ الأَلِيمِ (38) وَمَا تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (39) الصافات )
7 / 5 : ( يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعّاً (13) هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ (14) أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ أَنْتُمْ لا تُبْصِرُونَ (15) اصْلَوْهَا فَاصْبِرُوا أَوْ لا تَصْبِرُوا سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (16) الطور )
7 / 6 : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (7) التحريم )
8 ـ هناك تسهيلات كبرى لدخول الجنة ، منها :
8 / 1 : لا مؤاخذة على الخطا ولكن على تعمد الخطأ . قال جل وعلا : ( وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً (5) الاحزاب ).
8 / 2 : لا مؤاخذة على :
8 / 2 / 1 : المضطر: ( وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ ) (119) الانعام )
8 / 2 / 2 : الذى يقع عليه إكراه وإجبار : ( مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنْ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (106) النحل )
8 / 3 : التكليف حسب وسع الانسان : ( لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا )(286)البقرة )
8 / 4 : لا حرج ولا مشقّة فى الدين ( وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ) (78) الحج ) ( يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفاً (28) النساء ) ( يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمْ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ ) (185) البقرة )
8 / 5 : الغفران لمن تاب وصحّح إيمانه وعمل صالحا ( وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى (82) طه ) .
9 ـ نزلت الرسالات الاهية لهداية الناس وإنذارهم وإيقاظ الفطرة السليمة فى قلوبهم . خاتمها هو القرآن الكريم . قال عنه جل وعلا : ( إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ (69) لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيّاً وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ (70) يس )
أخيرا
ليس الله جل وعلا محتاجا لتعذيب أحد ، فطالما شاء الفرد الايمان والشكر فالله جل وعلا غنىُّ عن عذابه شاكر له . قال جل وعلا : ( مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِراً عَلِيماً (147) النساء ).