تنصت الجن والشياطين

آحمد صبحي منصور في الجمعة ٠٧ - أبريل - ٢٠٢٣ ١٢:٠٠ صباحاً

نص السؤال
جاء فى القرآن الكريم أن الجن والشياطين كانوا يتسمعون على ما يجرى فى السماوات . هل هناك فرق بين تسمع الشياطين وتسمع الجن ؟
آحمد صبحي منصور

أولا :

إبليس كان ضمن ملائكة الملأ الأعلى ، ولما عصى ربه جل وعلا مستكبرا السجود لآدم طرده ربه من الملأ الأعلى وجعله فى مستوى الجن . قال جل وعلا :

1 ـ (  مَا كَانَ لِي مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلإٍ الأَعْلَى إِذْ يَخْتَصِمُونَ (69) إِنْ يُوحَى إِلَيَّ إِلاَّ أَنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (70) إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ (71) فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (72) فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (73) إِلاَّ إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنْ الْكَافِرِينَ (74) قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَاسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنْ الْعَالِينَ (75) قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (76) قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ (77)    ) ص ). المستفاد إنه كان من الملأ الأعلى ، وجاءه الأمر بالسجود مثل بقية ملائكة الملأ الأعلى فرفض ، فانطرد ، وهبط الى مستوى الجن ، وأصبح إسمه الشيطان .

2 ـ (  وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ كَانَ مِنْ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً (50) الكهف ). ( كان من الجن ) بمعنى أصبح من الجن . ( كان ) تأتى بمعنى أصبح فى مثل قوله جل وعلا :

2 / 1 : ( أَيَّاماً مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ)(184)   البقرة ) هذا فى تشريع الصيام .

2 / 2: ( وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ  ) (196 ) البقرة ). هذا فى تشريع الحج .

ثانيا :

فى كتابنا عن ( البرزخ ) قلنا

1 ـ إن أرضنا المادية وما حولها من كواكب ونجوم ومجرات تغلفها وتتداخل فيها على الترتيب ستة برازخ ، فهى مع برازخها سبعة عوالم أو سبعة مستويات ، ويغلف الأرض وبرازخها أو يتداخل فيها على الترتيب سبع برازخ أعلى على الترتيب ، هى السماوات السبع . أى هناك 14 مستوى أو 14 من العوالم , أقلها شأنا وأضعفها فى أرضنا المادية وما حولها من الموصوف بأنه  (مابين السماوت والأرض ). قال جل وعلا : ( وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِوَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا )  (17) ( 18 ) المائدة )  . وأمر الله جل وعلا يتنزل بين هذه العوالم ال 14 . قال جل وعلا : (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنْ الأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً (12) الطلاق  ).

2 ـ فى برازخ الأرض الستة التى تغلف وتتداخل فى أرضنا المادية تعيش الشياطين والجن فقط ، والي الأرض المادية تتنزل من العوالم العليا أو برازخ السماوات السبع  أنواع من الملائكة ، مثل الروح جبريل ليلة القدر ومن معه. ثم هناك ملائكة تسجيل الأعمال لكل فرد من البشر وملائكة الموت .

ثالثا .

نأتى الى تسمُّع الجن والشياطين وهم سكان برازخ الأرض السّتة . ونلاحظ :

1 ـ عن الجن : جاءت آية وحيدة فى سورة الجن تحكى قولهم : ( ( وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً (8) وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعْ الآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَاباً رَصَداً (9) وَأَنَّا لا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً (10) . . الجن  ). يعنى كانوا يقتربون من حافة ما يعلوهم ( السماء ) أو السماء الدنيا الأولى فوقهم ، فيتسمعون للموجات الإهتزازية القادمة من الملائكة . هذا توقف وقت نزول القرآن الكريم ، من جبريل الى خاتم النبيين ، فكان من حفظ الله جل وعلا للوحى القرآنى أن منع الجن من التنصّت عليه وقت تنزله . ثم بعدها جىء ببعضهم فاستمع من النبى محمد للقرآن الكريم فآمنوا ، قال جل وعلا :

1 / 1 : ( قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنْ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً (1) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَداً (2)   الجن )

1 / 2 :  (  وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَراً مِنْ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ (29) قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَاباً أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ (30) يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِي اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (31) وَمَنْ لا يُجِبْ دَاعِي اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَولِيَاءُ أُوْلَئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (32) الأحقاف )

2 ـ عن الشيطان إبليس وذريته يختلف الأمر ، فمستحيل أن يؤمنوا ، لأن وظيفتهم إغواء البشر ، والى آخر جيل من بنى آدم . لذا فالحظر عليهم اشد ، يشملهم جميعا ثم فى كل زمان . قال جل وعلا :

2 / 1 : (وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجاً وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ (16) وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ (17) إِلاَّ مَنْ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ (18) الحجر  ). بطرد إبليس من الملأ الأعلى وهبوطه الى برازخ الأرض أصبح مستحيلا عليه وعلى ذريته الاقتراب من السماء الدنيا ليسترق السمع . إذا إقترب لاحقته  الشُّهُب بالصواعق الحارقة .

2 / 2 : ( وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ (210) وَمَا يَنْبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ (211) إِنَّهُمْ عَنْ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ (212) الشعراء  ) . هذا عن نزول القرآن الكريم الذى نزل به الروح الأمين جبريل . الشياطين عن السمع معزولون . يعنى تماما . والتعبير هنا بالجملة الاسمية التى تفيد الثبوت مع التأكيد  ب ( إن ) و ( لام التأكيد ): ( إِنَّهُمْ عَنْ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ  )

2 / 3 : ( إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ (6) وَحِفْظاً مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ (7) لا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلإٍ الأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ (8) دُحُوراً وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ (9) إِلاَّ مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ (10) الصافات  ). السماء الأولى من السموات السبع تزينها الكواكب أى ما بين السماوات والأرض المادية من أجرام سماوية ( نجوم ومجرات ). وهى كلها محفوظة من أى شيطان مارد ، إذا حاولوا التنصّت على الموجات القادمة من ملائكة الملأ الأعلى حيث الروج جبريل لاحقتهم الشُّهّب المحرقة بعذاب نازل واصب ، وإذا خطف أحدهم موجة لحقه شهاب ثاقب ، يخترقه ويثقبه .

أخيرا

1 ـ هذا غيب أخبر به رب العزة جل وعلا .

2 ـ العلم الحديث يقترب الآن من الطرق على أبواب البرزخ الأول الذى يغلف عالمنا المادى ،  وحاليا يتكلمون عن العوالم الموازية .

اجمالي القراءات 1583