الحلاوة

آحمد صبحي منصور في الخميس ١٦ - فبراير - ٢٠٢٣ ١٢:٠٠ صباحاً

نص السؤال
شكرا لك لأنى من كتاباتك تعرفت على طريقة البحث فى القرآن وفى التراث ، وأهم ما تعلمته هو موضوع المصطلحات ، وان للقرآن مصطلحاته الخاصة ونعرفها من خلال السياق ، ولا يمكن ان نفهم القرآن بمصطلحات التراث أو بالقواميس ، وتعرفت على اختلاف المصطلحات التراثية . لفت نظرى إختلاف المصطلحات فى العامية المصرية ، وأنا استاذ فى الجامعة ، من أصول ريفية من محافظة الشرقية يعنى إحنا بلديات ، وولدت فى القاهرة . أتذكر انى فى شبابى ذهبت لقرية أبى وأمى ، وفى سؤالهم عن والدتى قال أحد أقاربها : ( هل أمك حلوة ؟ ) وعجبت وخجلت ، فضحك ابنه وقال ( حلوة ) يعنى كويسة وصحتها حلوة . أنا أعرف معنى الحلاوة ، سواء فى جمال البشر أو فى حلاوة الطعام والحلويات ، لكن لم أكن اعرف ان لها معنى آخر الذى قاله قريبى فى البلد . سؤالى : هل فى القرآن كلمة ( حلو ) فى وصف البشر أو المخلوقات ؟ وهل هناك فى القرآن كلمات متشابهة للحلاوة ؟
آحمد صبحي منصور

شكرا جزيلا لك ، فما ذكرته يعطى أملا فى الاصلاح الذى نسعى اليه إبتغاء مرضاة الله جل وعلا ، وأقول :

أولا :

لم يأت فى القرآن الكريم وصف ( حلو ) أو ( حلاوة ) لأى شىء . الذى جاء هو الفعل ( يحلُّ ) و ( حُلّوا ) عن أهل الجنة ولبسهم ( الحُلىّ ) من الأساور الذهبية والفضية . قال جل وعلا :

1 ـ ( يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ ) ( 33 ) فاطر ).

2 ـ ( يحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ ( 23 ) الحج) .

3 ـ ( أُوْلَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ ) ( 31 ) الكهف ).

4 ـ ( ( وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا ) ( 21) الانسان ).

ثانيا :

فى كلامنا نصف الانسان بالجمال . فى القرآن الكريم نقرأ عن الجمال :

1  :  يأتى وصفا صريحا لاستعمال الأنعام . قال جل وعلا : (  وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (5) وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ (6) النحل ).

  2 : يأتى التعبير عنه ضمنيا دون التصريح به ، كما فى حالة يوسف الذى أبهر جماله النسوة المترفات فى مصر . قال جل وعلا : ( فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَراً إِنْ هَذَا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ (31)  يوسف )

3 ـ يأتى ( الجميل ) وصفا للأعمال وليس الأشخاص . مثل :

3 / 1 : الصبر الجميل : جاء هذا فى قول يعقوب عليه السلام لأولاده :

3 / 1 / 1 : ( فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ (18) يوسف  ) ( فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (83) يوسف   ).

3 / 1 / 2 : وفى قوله جل وعلا للنبى محمد عليه السلام : ( فَاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً (5) المعارج   )   

3 / 2 :  وصفا للهجرالجميل المصحوب بالصبر : ( وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً (10)  المزمل ).

3 / 3 : وصفا للصفح : (  وَإِنَّ السَّاعَةَ لآتِيَةٌ فَاصْفَحْ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ (85) الحجر  ).

3 / 4 : وصفا للسراح أو الفراق للمطلقة :

3 / 4 / 1 :  التى إنتهت عدتها : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً (28)  الاحزاب ).

3 / 4 / 2 : المطلقة قبل الدخول بها وليس عليها عدّة : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمْ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً (49) الاحزاب ) .

3 / 4 / 3 : التسريح باحسان يعنى بالمعروف ، أى المتفق عليه عُرفا بأنه إحسان . قال جل وعلا :

3 / 4 / 3 / 1 :( الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ )  (229) البقرة )

3 / 4 / 3 / 2 : ( وَإِذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ ) (231) البقرة ).

ثالثا : ( الحُسن )

1 ـ جاء صريحا عن جمال الوجه فى قوله جل وعلا للنبى محمد عليه السلام  : ( لا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاء مِن بَعْدُ وَلا أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ ) 52 ) الاحزاب ) .

2 ـ وجاء فى أنه جل وعلا خلق الانسان وصوّره فى أحسن تقويم . قال جل وعلا :

2 / 1 : ( وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ ) (َ 64) غافر ).

   2 / 2 : (  وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ ) 3 ) التغابن )

2 / 3 : ( لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ) 4 ) التين ).

3 ـ عدا ذلك يأتى وصف الاحسان للأعمال وغيرها ، وتكرر هذا فى القرآن الكريم كثيرا جدا ، بمشتقات متنوعة من الاحسان والمحسنين والحُسن والحسنة والأحسن والحسنى . منه قوله جل وعلا : ( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (90)   النحل )، (  وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً ( 83 ) البقرة  )،   ( وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ  ) (36) النساء  )( هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلاَّ الإِحْسَانُ (60) الرحمن ) .

أخيرا

من أسف أننا نركّز على الجمال الحسّى ، وهو زائل ؛ مجرد زينة ، وننسى الجمال والحُسن المعنوى ، وهو الباقى ، وبه تكون النجاة من جهنم . قال جل وعلا : ( الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً (46)   الكهف )

( وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ مَرَدّاً (76)  مريم )

( نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيّاً وَرَحْمَةُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (32)   الزخرف )

( قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (58) يونس ) 

اجمالي القراءات 1271