الغش فى مصر

آحمد صبحي منصور في الجمعة ١٣ - يناير - ٢٠٢٣ ١٢:٠٠ صباحاً

نص السؤال
ما رأيك فى الغش المنتشر فى مصر الآن ؟ ومتى تصل مصر الى درجة محترمة فى مؤشر الشفافية ؟ وهل يصل الغشّ الى درجة القتل وتغييب العقل ؟ ومن المسئول ؟ وكيف يمكن التخلص من دوامة الغش ؟
آحمد صبحي منصور

أقول : 

1 ــ  في الماضي كان الغش محدداً ومحدوداً وبدائياً ..

2 ـ  ثم سيطر الجراد الأصفر على مصر من عام 1952 بأحطّ جريمة غش فى التاريخ المصرى ؛ زعم عبد الناصر الحرية ورفع شعار ( ارفع رأسك يا أخى فقد مضى عهد الاستعباد ) وشعارات كثيرة جوفاء تدخل تحت عنوان الغش للجماهير ، فانخدعت ، ومن إعترض أو حدثته نفسه بالاعتراض تعرض للسجن والتعذيب والقتل . وأضاع سيناء مرتين ، وانهزم مرتين . وبعد الغشّاش الأكبر عبد الناصر جاء غشّاش أخر هو السادات الذى رفع شعار الايمان والرئيس المؤمن ، ثم جاء مبارك فتحول الغش الى اسلوب حياة ، فى التعليم وفى التجارة وفى مجالات الصحة ، ووصل الغش الآن الى أحط درجاته ؛ يدخل المريض لاجراء عملية فيقوم الغشاشون بإستئصال كليته لبيعها ، وأصبحت مصر الآن أكبر مركز لبيع الأعضاء وتحت سيطرة الجيش . والفرعون الحالى أدمن الكذب والغش فى خطبه وتصريحاته ، وأدمن الناس السخرية منها . يعرفون انه غشاش ولا يستطيعون سوى السخرية نوعا مصريا أصيلا من الاحتجاج .

3 ـ أى فى عصرنا الردىء إستفحلت و تعقدت طرق الغش وصارت أكثر خطورة وأكثر انتشارا ، وواكب ذاك انتشار الفساد وضياع القيم لتصبح قيمة المال هي الأعلى وليصبح الحصول على المال بأي وسيلة هو معيار النجاح ، وفي هذا المناخ لم يعد عيباً أن تخدع الناس فتبيع لهم الغذاء والدواء سلعا مغشوشة ومميتة لتحصل على الملايين .

4 ـ إن الذي يقتل نفساً جزاؤه القتل قصاصاً . فما بالنا بالذي يقتل الآلاف من الأبرياء في كل يوم؟ إن جريمة الغش إذا وصلت إلى ارتكاب القتل فهي جريمة قتل مع سبق الإصرار والترصد وهكذا ينبغي أن ننظر إلى قضية الغش الذي يتسبب في الموت بأي طريقة.

5 ـ    إلا أننا ــ في الحقيقة ــ أمام جريمة غشّ معقدة ، فالقاتل ليس مجرد الفرعون الغشاش ، بل أصبح ثقافة عامة ، يشارك فيها رجال الدين الذين يبيعون دينا مغشوشا ، ورجال الاعلام الذين يبيعون للناس أوهاما وأكاذيب . لم يعد الغشاش مجرد شخص ينتج أنبوبة بوتاجاز غير مطابقة للمواصفات ومستعدة للانفجار في وجه من يشتريها بماله ، أو ينتج تحت السلّم دواءا مغشوشا ، بل أصبح تخصصا متعدد الجهات ، وتحت سيطرة أجهزة حكومية ، منها ما يرفع شعار العدالة ( النائب العام والقُضاة ) وهو مدمن للظلم ، ومنها ما يرفع حماية الوطن وهو بيبيع الوطن أنقاضا ، ومجالس نيابية مهمتها غش الناس والرقص على أنغام المستبد ، ومنها ما يجب أن يكون فى حماية المواطن ويقوم بتعذيب المواطن . مصر الآن فى أحطّ درجات الغش والفساد . ومؤشرها فى الشفافية فى الحضيض .

6 ـ لا يمكن التخلص من سيطرة الغش فى مصر إلا بالتخلص من النظام العسكرى الحاكم ( الجراد الأصفر ) الذى هبط بمصر الى الحضيض فى كل شىء . ولا يمكن التخلص من الاستبداد العسكرى ( الجراد الأصفر ) بمجرد رجوع الجيش الى ثكناته ، فسيظل الغش فى النفوس ، وسيأتى حاكم مدنى غشّاش مثل الذى حدث فى تونس .

7 ـ لا بد من (اصلاح دينى )  بإلغاء مؤسسات الغش الدينى الحكومية : الأزهر ، و (إصلاح تشريعى دستورى وقانونى ) يؤسس لدولة مدنية تقوم على المواطنة المتساوية للجميع ، والحرية الدينية والفكرية والقولية لكل فرد ، وكرامة الانسان وحقوقه السياسية والاجتماعية ، ونظام محاسبة معلن وواضح لكل مسئول ، وتقليص دور الحكومة فى التدخل فى كل شىء ، ويفتح المجال للمنظمات الأهلية وغير الحكومية لملء الفراغ ، ويؤسس لحكم محلى حقيقى فى محافظات مصر ، و( إصلاح تعليمى ) فى المناهج وطرق التدريس ، و( إصلاح إعلامى ) ينهى سيطرة الدولة على الاعلام .

8 ـ بدون ذلك سيظل الغشُّ فى مصر ( المحروسة بالحرامية المجرمين الغشّاشين ) اسلوب حياة للحاكم والمحكوم . 

اجمالي القراءات 1230