المتسول والنصاب

آحمد صبحي منصور في الإثنين ١٢ - ديسمبر - ٢٠٢٢ ١٢:٠٠ صباحاً

نص السؤال
فى كتابك عن تشريعات المرأة قرأت لك عن السائل والمتسول ، وهذا ذكرنى بتجربة مهمة . أولا أنا أعيش فى ولاية تكساس من اكثر من ثلاثين سنة ورجل أعمال ،واستاذ جامعى سابق متخصص فى آداب اللغة العربية ، والتقيت بك من سنوات فى مؤتمر فى تكساس عن ( المجتمع القرآنى ) ، وتحدثت فيه عن منظمتك أهل القرآن ، وانصدم الحاضرون من الأمريكيين البيض و السود والعرب من الذى قلته . وربما تتذكر انى تناقشت معك حوالى عشر دقائق ضمن آخرين . ليس هذا موضوعنا هنا ، أنا أقوله لتهتم برسالتى عن السائل والمتسول وتجربتى مع اهلى فى مصر . تعودت أن أبعث لأهلى فى الصعيد تحويلات ماليه صدقة ، وكلفت ابن عمى بقبض التحويلات وتوزيعها على الأقارب الفقراء فى البلد وان يرسل لى كشف حساب ، وأحيانا كنت أتبرع لموضوعات خاصة بالبلد ، وأبعثها على ابن عمى . ومن حوالى سنتين قررت أن أعود وأستقر فى بلدى وسط أهلى لأن أولادى استقلوا بأنفسهم وكل واحد منهم عايش فى ولاية ، وتقريبا قاطعونى وانشغلوا بعمل الفلوس كأى أمريكى . ثم ماتت أمهم وبقيت وحيد . ارسلت لابن عمى بقرارى هذا فقال ان بيت العيلة الذى ساعيش فيه محتاج تجديد واصلاحات بمبلغ كذا . وارسلت له المبلغ . وسافرت لمصر بعد غربة 30 سنة . وكانت معى حقائب كثيرة ، وساعدنى واحد من الشيالين العاملين فى المطار ، وهذا معتاد فى المطارت فى أمريكا وأوربا وهم لا يتقاضون اجرا من المسافر . ولكنى فوجئت بهذا العامل يشكو لى الفقر وان عند اربع بنات فى الجامعة ولا يقدر على نفقاتهم وان امهم مريضة . اعطيته خمسين دولار . بعدها قال إن هذا المبلغ للبنات وأمهم فماذا عنه هو فأعطيته عشرة دولارات ، فقال لى أنه يرجو أن يكون هذا بسماح نية فأكدت له أن نفسى مسامحة له فيما أعطيته له . ووصلت بحقائبى الى الصالة ، ووقفت الى جانبها أنتظر ابن عمى وأقاربى حيث من المفترض أن يأتوا لاستقبالى فى المطارواصطحابى فى سيارة الى البلد . انتظرت نصف ساعة بلا فائدة . اتصلت به على السيلفون فلم يرد . هذا وكل عشر دقائق تقريبا يأتى الشيال إياه مع مسافر ويأخذ منه دولارات . ناديت عليه ليساعدنى فى العثور على تاكسى ، نظر الى بلا اهتمام ولم يرد . أخدت تاكسى وذهبت الى فندق فى القاهرة ، وعاودت الاتصال بابن عمى ولم يرد . سافرت الى البلد ، وذهبت رأسا الى بيتنا القديم فوجدته آيل للسقوط ولا ينفع السكن فيه . جاء العمدة ورحّب بى واستضافنى عنده ، وكان معرفة وصديق من أيام الثانوى . وعرفت منه ان ابن عمى ترك البلد وعاش فى القاهرة ، وكان يعيش على الأموال التى أرسلها له ، ولم يساعد أى أحد فى البلد . طلبت من العمدة عنوانه فنصحنى بالرجوع الى أمريكا لأن مصر لا تصلح لى ، وان الناس تغيرت أخلاقها والناس الذين كنت أعرفهم معظمهم مات والباقون مثل ابن عمى . وحكى له حاجات غريبة ومخجلة أصبحت معتادة فى البلد ، حتى ان العمدة نفسه فكّر يسيب مصر . عملت بنصيحة العمدة الطيب ، ورجعت لبلدى أمريكا . سؤالى لك هل لى ثواب على ما دفعته لابن عمى ؟ وهل أخطأت فى إعطاء الشيال دولارات ؟ وواضح انه نصاب محترف . وهناك من كان يستحق أكثر منه وماذا افعل مع اولادى الذين هجرونى ؟
آحمد صبحي منصور

1 ـ طالما كنت تبتغى وجه الله جل وعلا فإنه جل وعلا لن يحرمك أجرك .

2 ـ وكما قال لك العمدة : بلدك هى أمريكا . وقد فعلت صوابا بعودتك لبلدك ، وأرجو أن تعاود الاتصالات بأبنائك الذين ( تأمركوا ) . لقد إستثمرت فيهم عمرك ، فلا تضيع هذا الاستثمار . مهما بلغوا فى المناصب فهم فى حاجة اليك ، وحتى لو لم يعترفوا بذلك.   

اجمالي القراءات 1316