ولا تركنوا الى

آحمد صبحي منصور في الأربعاء ٠٧ - ديسمبر - ٢٠٢٢ ١٢:٠٠ صباحاً

نص السؤال
ما معنى ( وولا تركنوا الى الذين ظلموا فتمسكم النار ) هل مجرد الركون اليهم والثقة بهم تؤدى الى النار ؟ فهل يتفق هذا مع الآية التى تأمر بالبر والقسط مع الكافرين الذين لم يقاتلوننا ولم يخرجوننا من ديارنا ؟
آحمد صبحي منصور

1 ـ ( تركنوا الى ) ( ركن الى ) ليس معناها الثقة والاطمئنان والميل الى شىء . بل معناها الموالاة والتحالف والاستقواء . قال لوط عليه السلام لقومه حين إقتحموا عليه بيته : ( لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ (80) هود )يعنى الاستقواء وقت الضعف بظهير قوى ( ركن شديد )

2 ـ بهذا نفهم قوله جل وعلا :

2 / 1 : ( فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (112) وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمْ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لا تُنصَرُونَ (113) هود ) . هنا أمر بالاستقامة ونهر عن الطغيان ، ونهى عن الاستقواء بالطغاء الظالمين ، ولو ركنوا اليهم فسيكونون معهم فى الجحيم . ونلاحظ أنه خطاب مباشر للنبى والمؤمنين معه ، وللمؤمنين بعدهم .

2 / 2 : لا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (8) إِنَّمَا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ (9) الممتحنة ). هنا أمر بالبر والقسط مع من لا يعتدى على المؤمنين ولم يخرجهم من ديارهم ، ونهى عن موالاة والتحالف والركون الى الكافرين الطُّغاة الذين أخرجوا المؤمنين من ديارهم . وفى بداية سورة الممتحنة قال جل وعلا : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنْ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَاداً فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ (1) ).

2 / 3 : وقال جل وعلا عن المنافقين الموالين للكافرين المعتدين : ( بَشِّرْ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً (138) الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمْ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً (139) النساء ).

3 ـ الكفر فى مجال الايمان والعبادات والتعامل مع الله جل وعلا مرجعه الى الله جل وعلا ، وهنا الأغلبية العظمى من البشر ضالون مُضلون ، ولو أطاعهم النبى نفسه لأضلُّوه . وليس هنا تطبيق الشريعة الاسلامية . تطبيقها على الكفر السلوكى بالاعتداء والاضطهاد والاكراه فى الدين وإخراج المخالفين من ديارهم وأموالهم . والتشريع يكون بتحريم موالاتهم والاستقواء بهم والركون اليهم ، ومواجهة عدوانهم بالدفاع . أما الذى يلتزم السلام فهو مسلم سلوكيا يجب البر به والقسط اليه ، ثم مرجعنا الى الله جل وعلا يحكم بيننا فيما نحن فيه مختلفون . قال جل وعلا ( قُلْ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَوَاتِوَالأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (46)  الزمر )

اجمالي القراءات 1240