مشكلتان فى التوبة

آحمد صبحي منصور في الثلاثاء ١٢ - يوليو - ٢٠٢٢ ١٢:٠٠ صباحاً

نص السؤال
أكل حق أخوه الأصغر فى الميراث لصالح أولاده . وكبر أولاده فعاملوه أسوأ معاملة وهو مريض . وهذا جعله يفكر فى التوبة ، فماذا يفعل ؟
آحمد صبحي منصور

هنا مشكلتان :  الاستطاعة والتوقيت .

أولا : الاستطاعة : هل يستطيع إعادة حق أخيه وتعويضه عن استغلال حقه طيلة المدة التى إغتصب فيها هذا الحق ؟ . تقدير الاستطاعة يرجع اليه ، كما يعلمه الله جل وعلا الذى يعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور .

ثانيا : التوقيت : هو مريض وفى الشيخوخة . قد يبرأ ، وقد يموت سريعا . الوقت مهم جدا ، ففيه يمكن إرجاع الحقوق لأصحابها ، وتصحيح العلاقة بالله جل وعلا بالايمان به جل وعلا وحده إلاها ، وبالقرآن الكريم وحده حديثا ، وعمل الصالحات بكثرة حتى تدرأ السيئات وتغطى عليها . هذا يستلزم وقتا . لذا فإن التوبة المبكرة هى الأفضل كما جاء فى قوله جل وعلا : ( إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا )(  17) ( النساء ). وعكس ذلك توبة العاصى والكافر عند الاحتضار . قال جل وعلا : ( وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلاَ الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُوْلَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا )  ( 18 )  النساء ). العاصى الذى يتوب فى منتصف العمر توبة نصوحا من الممكن أن يقبل الله جل وعلا توبته . الأربعون هو منتصف العمر ، والفاصل بين ربيع العمر وخريف العمر . قال جل وعلا : ( وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ) ( 15 ) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجَاوَزُ عَن سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ ( 16 ) الأحقاف ).

صاحبنا بطل هذه الفتوى الذى يتوب فى الشيخوخة توبة نصوحا:  أمره الى الله جل وعلا العليم الخبير بحاله ، هل يقبل توبته أو لا . قال جل وعلا : ( وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ( 106 )التوبة ).  

مهما كان فعليه إرجاع حق أخيه مهما كلفه الأمر ، وعليه الاستغراق فى العبادة ما تبقى له من عُمر . فلعل الله جل وعلا يقبل توبته فى الدنيا ، ويغفر له يوم الدين .

هذا درس لنا جميعا ، حتى لا يأتى وقت الاحتضار وينطبق علينا قوله جل وعلا : ( حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ ( 99 ) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلاَّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ( 100 ) المؤمنون )

على المؤمنين فى حياتهم الدنيا أن يتعظوا بقوله جل وعلا لهم : (  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ( 9 ) وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ ( 10 ) وَلَن يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ( 11 )  المنافقون )

اجمالي القراءات 1659