آحمد صبحي منصور
في
الخميس ٢٩ - أغسطس - ٢٠١٩ ١٢:٠٠ صباحاً
نص السؤال
آحمد صبحي منصور
1 ـ فى الاسلام دولة ديمقراطية مباشرة تحفظ حقوق مواطنيها ، ومنها الحق المطلق فى الحرية الدينية إيمانا وكفرا ، ومسئولية كل فرد عن إختياره الدينى يوم الدين أمام رب العالمين . الشرط أن يكون الفرد مسالما ، لأن الاسلام السلوكى وهو السلام ــ هو الذي يجمع المواطنين فى هذه الدولة. ظلم المواطنين حرام . والاستبداد أشد أنواع الظلم . ويكفى تفصيل القرآن فى نموذج فرعون مثالا كل مستبد يصل به إستبداده ليس فقط الى ظلم الناس بل الى ظلم رب الناس بزعم الالوهية . وكل مستبد يزعم صراحة أو ضمنا أنه إله ، لا يُسأل عما يفعل ، ويطاب من الناس الطاعة والخنوع ، بل يحرمهم من حريتهم فى الكفر به ، مع إن الله جل وعلا منح للناس حرية الايمان والكفر به ، تأسيسا على مسئوليتهم أمامه جل وعلا يوم الحساب .
2 ـ الاستبداد ظلم ، ولا يمكن أن يجتمع الظلم مع العدل ، بالتالى لا يجتمع ( الاستبداد ) مع (العدل ) وقد حاول احمد بن طولون أن يكون مستبدا عادلا فما نجح . والتفاصيل فى بحث منشور لنا هنا عن البوليس السرى لأحمد بن طولون .
3 ـ هناك من ورث حكما عائليا مستبدا فحاول الإصلاح ، فهزمته ثقافة عصره لأنها مؤسسة على الاستبداد. حدث هذا مع عمر بن عبد العزيز والخليفة العباسى ( المهتدى بالله ) الذى حاول تقليد عمر بن عبد العزيز . وكلاهما لقى حتفه .
4 ـ هذا يدخل بنا على أهمية المنطقة الرمادية بين الاستبداد والديمقراطية ، وهى ما نسميه بالتحول الديمقراطى . هذا التحول يحتاج عشرات السنين أو بضعة أجيال تتأسس فيها ثقافة الديمقراطية بديلا عن ثقافة الاستبداد ، ويقوم على تأسيسها مؤسسات حكومية وأهلية مع تعليم صالح وإعلام منفتح وحرية فكرية ترتكز على تشريعات تحمى حرية الرأى والفكر والإبداع والدين . بهذا تنتشر ـ بتؤدة وتمهّل ــ ثقافة الديمقراطية وحقوق الانسان والتعددية وقبول الآخر المختلف فى الدين والمذهب والفكر ، وتتأسس ( المواطنة ) للجميع بالمساواة المطلقة وما يعنى هذا من مساءلة ولى الأمر .
5 ـ بدون ثقافة الديمقراطية لا تنجح الممارسة الديمقراطية . القفز من نظام مستبد الى نظام ديمقراطى مصطنع زائف يجعل أتباع المستبد الزائل قائمين فى الحكم ، وهم رعاع صمدوا فى دولة المستبد ، وهذا المستبد قام فى حكمه بإستئصال القوى الحية وتجريف المجتمع من المثقفين والمفكرين وعناصر الاصلاح فلم يبق فى الساحة سوى ( أهل الثقة ) وهم رعاع يجيدون الرقص فى المواكب ، ولا ميزة لهم سوى الخضوع والخنوع . بعضهم يتولى الحكم بعد زوال سيدهم المستبد ، ولا ننتظر منهم سوى الفساد لأنهم لا يجيدون سوى الفساد .
6 ـ هم يتمتعون بثقافة الاستبداد السائدة ولا يحاولون تغييرها حرصا على مصالحهم وفسادهم ، لذا يتفقون ويختلفون فى نهب موارد الشعب ، وتفشل ديمقراطيتهم الديكورية المصنوعة .
7 ـ يساعدهم جهل الشعب ، إذ عاش هذا الشعب خاضعا لثقافة الاستبداد والاستعباد ، وقد إنقسم على نفسه الى كانتونات سياسية ومذهبية ودينية ، كل منها بزعامة قائد مستبد ، أى يتحول المجتمع من قائد مستبد أوحد الى مجموعات متناحرة من القادة والزعماء المتناحرين ، يتفقون ويختلفون حول السلطة والثورة ، وقد يقوم إنقلاب عسكرى يعيد المستبد الأوحد أو تقوم حرب أهلية أو تتقسم الدولة أو تغيب فى فوضى . حديث ويحدث هذا فى الصومال بعد زياد برى ، وفى السودان واليمن والعراق وباكستان وليبيا وسوريا .. ومنتظر أن يحدث فى مصر والسعودية والجزائر ..
8 ـ أنفق الغرب قرونا فى التحول الدمقراطى من الماجنا كارتا الى سقوط النازية والفاشية والشيوعية . وقع الغرب خلالها فى معارك محلية وإقليمية وعالمية .
9 ـ يحتاج المحمديون الى بضعة عقود ( ربما نصف قرن ) من المذابح والفتن والقلاقل والحروب حتى تنضج فيه ثقافة الديمقراطية بوجود حاكم يؤسس لها بتشريعات وإصلاحات .