يدنين الجلباب

آحمد صبحي منصور في الجمعة ٠٧ - سبتمبر - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً

نص السؤال
يقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا. الأحزاب 59. فما معنى "يدنين عليهن"؟ ماذا تفيد كلمة " عليهن" ؟ ألا يكون غطاء عليهن من الرأس إلى الجيوب؟ هل لتعرف بذلك التميز عن باقي النساء فلا تؤذى؟ أم أن هناك تفسير آخر لمعنى " يدنين عليهن من جلابيبهن" ؟
آحمد صبحي منصور
فى البداية فإنه مع توجيه الخطاب مباشرة للنبى محمد عليه السلام فى عصره لتطبقه نساؤه وبناته و المؤمنات فان الأمر ينسحب على كل مؤمنة ـ فى كل زمان ومكان ـ بالتطبيق وعلى كل مؤمن بالارشاد و التوجيه.
ثانيا : الفعل ( دنا ) أصل كلمة ( يدنين ) يعنى هنا ( قرب من اعلى الى أسفل ) ومنه قوله تعالى ( ثم دنا فتدلى ) ، والمعنى واضح فى أن المؤمنة تقوم بتغطية ساقيها بالجلباب الذى تلبسه ، أى تطيله وتجعله يستر الساقين.
وكلمة ( عليهن ) لا تفيد ( كل ) جسد المرأة من الرأس للقدمين ـ فلو كان ذلك هو المراد ما قال تعالى (ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ ) فتغطية كل المرأة بهذا الشكل سيجعلها مجهولة وغير معروفة بالمرة . مفهوم (يُعْرَفْنَ ) له مستويان : المعرفة السطحية الشكلية بملامح الوجه ، والمعرفة الأخلاقية ـ وهى المقصودة أساسا هنا ـ اى معرفة انها عفيفة طاهرة محتشمة ، لا تشجع الماجنين على التعرض لها بطريقة لبسها وثيابها .
والذى افهمه ـ وأرجو ألا أكون مخطئا ـ أن بعضهن فى عصر النبى محمد عليه السلام وفى المدينة كن يحترفن الفجور العلنى والسرى ، وقد انعكس هذا على سلوكيات بعض النساء وفى طريقة الزى و (المودة ) فظهرت (مودات ) خليعة من شأنها أن تشجع بقية النساء على محاكاتها ، فجاء التحذير الالهى ليجعل المرأة المؤمنة محتشمة فى زيها ولتتميز بهذه الحشمة عن غيرها. وبينما تسعد المرأة الفاجرة المتبرجة بملاحقة الماجنين وتعرضهم لها فان المرأة المؤمنة يؤذيها ذلك لو حدث وخرجت فى زى غير لائق فتشجع الماجنون على التعرض لها . وحتى لا تتعرض لهذا الأذى عليها بالاحتشام. وهذا أمر مفهوم حتى فى عصرنا حيث يدل زى المرأة على شخصيتها و سلوكها ـ فى أغلب الأحوال .
قد يسارع البعض بالهجوم علينا متصورا أننا نهاجم عصر النبى و عصر الصحابة ، وأننا نتهمه بوجود نساء ماجنات فيه ، ولن نرد بالأحاديث الكثيرة التى استشهد بها خليل عبد الكريم فى كتابه عن المدينة و الانحلال الخلقى فيها ـ من وجهة نظره ـ فى عصر النبوة ..
ولكننا نستشهد بقوله تعالى (الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُواْ اللّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ) ( وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) (التوبة 67 ، 71 )
اى كان هناك منافقون ومنافقات يعملون بقوة فى إغواء المسلمين والمسلمات ، وفى المقابل كان هناك مؤمنون ومؤمنات يعملون بقوة فى الاصلاح و الأمر بالمعروف و النهى عن المنكر ، وكانت دولة الاسلام الحقيقية تتمتع بحرية وتمنحها لهؤلاء وهؤلاء ، ولا تصادر الحريات الخاصة إلا فى حالة ارتكاب الجرائم المنصوص على العقوبة على ارتكابها.
ونسستشهد ايضا بقوله جل وعلا (وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاء إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِّتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَن يُكْرِههُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِن بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) (النور 33 )
أى كان منهم فى عصر النبوة من يقوم باكراه الجوارى على ممارسة البغاء ، ولذا نزل النهى . والنهى لا ينزل فى فراغ أو لكى يتحدث عن شىء غير موجود.
اجمالي القراءات 38385