المحو والاثبات

آحمد صبحي منصور في الإثنين ٠٦ - أغسطس - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً

نص السؤال
: في كتابكم "لا ناسخ و لامنسوخ في القرآن الكريم" لماذا لم تناقشوا الآية 39 من سورة الرعد، التي تتحدث صراحة عن 'المحو'، و تقرن كلمة 'آية' بعبارة 'أم الكتاب'. أي أن آية هنا لا يعني معجزة. فما هي قراءتكم لهذه الآية؟ ما معنى أم الكتاب في هذا السياق؟هل هو نفس 'الحكم العربي'الذي تتحدّث عنه الآية 37؟ هل تأويل هذه الآية هو مصدر الإعتقاد في ألواح المحو و الإثبات عند الصوفية كما ذكرتموها في كتاب " العقائد الدينية في مصر المملوكية بين الإسلام والتصوف "؟ أودّ أن أشير إلى أنّي- كجميع العقلاء – لا أومن ببدعة النسخ في القرآن.
آحمد صبحي منصور
يقول جل وعلا : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِّن قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ . يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَاء وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ ) ( الرعد 38 ، 39 )
الاية الأولى هنا تتحدث عن الآيات التى جاء بها الأنبياء السابقون لمحمد عليهم جميعا السلام ، وتوضح أن كل نبى يتزوج و ينجب مثل بقية البشر ، وأنه لا يستطيع الاتيان بآية بامكاناته الذاتية ، ولكن الاتيان بآية متعلق بارادة الله تعالى وحده ؛ فى موعدها ومكانها وطبيعتها.
وتشير الآية التالية الى (أم الكتاب ) وهو المصدر الأصلى عند الله تعالى التى نبعت منه كل الكتب السماوية ، ومنه يمحو الله جل وعلا و يثبت كل رسالة سماوية لكل نبى ، أى يأتى الأصل الثابت وهو ما يخص أنه لا اله إلا الله جل وعلا و كل ما يخص الايمان بالله تعالى وكتبه ورسله و اليوم الآخر. وبالاضافة الى هذا الجزء الثابت الذى ينزل به الوحى لكل نبى أو رسول بلغة قومه تأتى تفصيلات محلية لكل نبى مرتبطة بعصره وقومه وظروفهم تخاطبهم وتدعوهم وتعلق على ما يفعلون و تخاطبهم بمستوى عقلياتهم.
وهنا متعلق المحو والاثبات لكل رسالة سماوية تنبع من ام الكتاب.
والقرآن الكريم لأنه خاتم الرسالات السماوية ولأنه الكتاب الذى سيستمر محفوظا بقدرة الخالق العزيز الجبار الى قيام الساعة ـ فان منزلته عظيمة فى أم الكتاب . يقول تعالى عن القرآن الكريم (حم وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ ) ( الزخرف 1 ـ ) أى إن منزلة القرآن الكريم فى المصدر الأصلى لكل الكتب السماوية منزلة علية حكيمة. وفى نفس المعنى يقول تعالى عن مكانة القرآن الكريم فى (أم الكتاب ) أو ( اللوح المحفوظ ) : (بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَّجِيدٌ فِي لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ ) ( االبروج 21 ـ 22)
وفى إشارة قريبة من المعنى عن (آية ) القرآن واختلافها عن الايات السابقة يقول تعالى (وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَّكَانَ آيَةٍ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُواْ إِنَّمَا أَنتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ ) ( النحل 101 ـ )
أما موضوع المحو والاثبات عند الصوفية فله شأن آخر مختلف فى معنى المصطلح وفى تعلقه بالعلم اللدنى ـ المزعوم ـ لدى أولياء الصوفية . وكما قرأت فى كتابنا ـ فانهم جعلوا اللوح المحفوظ مرتعا لأكاذيبهم وخرافاتهم وألاعيبهم .

اجمالي القراءات 19520