المسلمون والشركات

آحمد صبحي منصور في الجمعة ١١ - مايو - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً

نص السؤال
فى عصر الشركات المتعددة الجنسيات هل يمكن للمسلمين أن يكون لهم موضع ؟ وهل يمكن تأطير فكراسلامى قرآنى يواكب هذا الحلم ؟
آحمد صبحي منصور
الشركة – في المنظور الإسلامي – مباحة في كل شيء إلا في العقيدة الدينية ، فالألوهية لله تعالى وحده والربوبية له وحده جل وعلا ، لا " يشاركه " أحد من خلقه .. ولا " شريك " له .. ومن يعتقد غير هذا فهو " مشرك "
وإذا تركنا العقيدة في مكانها العالي وهبطنا على التعاملات البشرية وجدنا الحاجة ماسة إلى الشركة والاشتراك ، اجتماعيا في الزواج ، والمصاهرة والجيرة والقرابة وغيرها ، واقتصاديا في الأنواع المختلفة من الشركات والتعاون الاقتصادي بين الأفراد وبين الجماعات وبين الطوائف وأصحاب المهن وصولا إلى الدول والمنظمات الاقتصادية العالمية والشركات متعددة الأجناس التي تتأهب للسيطرة على العالم .
إن ملف الشركات الاقتصادية متخم في ذاكرة التاريخ وفي أنين الشعوب ، ولا يعدله في تضخمه وخطورته إلا ما يخبئه لنا المستقبل في ظل النظام العالمي الجديد وتداعياته الاقتصادية .. ومخاوفنا نحن المسلمين من الآثار المترتبة على ذلك .
إن احتلال الهند – جوهرة التاج البريطاني – بدأ بشركة تجارية .. وبالشركات التجارية أخضعوا الصين – العملاق النائم – وأذلوها في حروب الأفيون ، واحتلوا اندونيسيا وسيطروا على جنوب شرقي آسيا واكتشفوا استراليا ونيوزيلندا والأمريكتين والعالم الجديد .. وأبادوا شعوبا ودمروا حضارات قديمة وهزموا حضارات كانت في أوانها حديثة .
إن الأمر يحتاج إلى وقفة متأنية .. فالعادة أن الغرب يخطط للمستقبل ولا يضعنا إلا في خانة الطرف القابل للاستغلال والاستعباد والاحتكار .. والوقفة المتأنية تبدأ بالاتفاق على منهج تشريعي إسلامي اقتصادي يواكب العصر وشركاته العالمية الاحتكارية .
والوقفة المتأنية تنتهي باعتماد خطة سياسية اقتصادية للحفاظ على مواردنا وتطويرها وتنميتها وقيام شركات وطنية بيننا تعمل لمصلحة البلاد والعباد والأحفاد .. حتى لا يستنزلوا علينا اللعنات فيما يأتي من الزمان .
وبعد الوقفة المتأنية يأتي التنفيذ الكامل لمشروع الحاضر والمستقبل مشروع استقلالنا الاقتصادي ولحاقنا بعصر العلم والمعلومات والاكتفاء الاقتصادي والعزة السياسية وليس عزيزا علينا أن نحلم بعصر عربي إسلامي جديد يقف على قدم المساواة مع النظام العالمي الجديد وشركاته متعددة الجنسيات ومتعددة الأخطار والمهالك .
وفي النهاية – فإنه ليس مستبعدا أن نحث بني قومنا على وان يتجاوزوا محنة التخلف والتقهقر ليلحقوا بركب العصر الحديث عصر المعلومات والتكتلات الاقتصادية التي كان اسمها قديما " الشركات " .
ليس مستبعدا علينا أن ننهض .. فقد نهضنا من قبل وتعلم منا العالم .. ثم إن لدينا كتابا سماويا لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، ومن التزم به واحتكم إليه وسار على هديه ومنهاجه كان " خير أمة أخرجت للناس " . أي أن المنهج واضح .. والنجاة به أكيدة والاتجاه إليه والتمسك به ضرورة .. والأمل في ذلك قائم ، لأن الخروج من أزمتنا الراهنة أمر لازم .
ويبدأ موقع اهل القرآن مشروعه للنشر ، وسيكون ضمن منشوراته بحث عن ( النظرية الاقتصادية فى القرآن الكريم ) و ربما تليه بحوث أخرى عن المعاملات الاقتصادية من وجهة نظر اسلامية. وسبق نشر مقال ( معركة الربا ) الذى يثبت أن التعامل مع البنوك حلال للمضطر وغير المضطر ، وسنوالى الرد على ما يرد الينا من فتاوى اقتصادية ، علاوة على ان مشروع البحث ـ وهو التالى فى مشروعات الموقع ـ قد يتناول عرض بعض الموضوعات الاقتصادية للبحث المشترك و الجماعى .

اجمالي القراءات 10695