تسبيح الجمادات

آحمد صبحي منصور في الأربعاء ٠٣ - يونيو - ٢٠١٥ ١٢:٠٠ صباحاً

نص السؤال
مامعنى تسبيح الجمادات وكل شىء فى اقول الله سبحانه وتعالى : ( تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً (44) الاسراء )
آحمد صبحي منصور

أولا : نحن لا نفقه تسبيحهم كما قال جل وعلا (وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ  ).

ثانيا : ( تفقهون ) تعنى المعرفة الدقيقة ، نفهم هذا من قوله جل وعلا عن خروج فرقة استطلاع تتعرف على الطريق وتتبيّنه: (   وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ (122)) التوبة )  ( الدين يعنى فى الآية الطريق المادى ) . نحن لا نفقه تسبيح السماوات والأرض وما فيهن . نحن أيضا لا نفقه لغة التواصل بين الكائنات الحية فى البر والبحر والفضاء ، ولو فقهناها لعرفنا تلك اللغات ، سواء بالصوت أو باللون أو بالحركة أو بالضوء او الاشارات . اى ان عدم فقهنا للشىء لا يعنى عدم وجوده . هو موجود برغم أننا لا نراه أو لا نعرفه أو لا ندركه . العلم الآن يعرف أن قدراتنا فى السمع وفى البصر وفى الاحساس محدودة ، وهناك أشياء حولنا لا نراها لأنها قريبة جدا أو بعيدة جدا أو سريعة حدا أو بطيئة جدا أو صغيرة دقيقة جدا . وهذا فى العالم المادى الممكن رؤيته ـ ونرى بعضه بالميكروسكوبات الحديثة والتليسكوبات الهائلة . فماذا عن عوالم البرزخ التى لا نستطيع رؤيتا أصلا .

ثالثا :نحن لا نفقه تسبيح تلك الكائنات اى لا نعرفها معرفة حقيقية ، ولكن يمكن بالتدبر القرآنى أن نعرف ( شيئا ) عن نوعية هذا التسبيح ، وربما يكون بمعنى طاعة رب العزة .التسبيح يكون هنا مرادفا للسجود ، نفهم هذا من قوله جل وعلا : ( وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَظِلالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ (15) الرعد   ) وبمعى الخضوع والتسليم لرب العالمين : (وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِوَالأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ (83) آل عمران )  (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ (11) فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظاً ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (12) فصلت  ) .

قوله جل وعلا فى الآيات الكريمة السابقة ( طوعا أو كرها  ) يعنى تقسيم المخلوقات الى قسمين من حيث الطاعة : قسم مخلوق على الطاعة مجبور عليها بلا إختيار : مثل الاليكترون الذى يطوف حول النواة فى الذرة ، ومثل القمر الذى يدور حول الأرض ،والكواكب التى تدور حول الشمس ، ونجم الشمس الذى يدور حول مركز المجرة ..الخ . هنا طاعة بالاكراه بلا إختيار . وهى طاعة ممكن ان نعتبرها تسبيحا وسجودا وتسليما .

ثم هناك قسم من المخلوقات يتمتع بإختيار الحرية وسيكون مسئولا يوم القيامة عن إختياره ، وهو البشر والملائكة والجن والشياطين . كل منها إختار ويختار ، وكل منها مسئول عن إختياره يوم الدين . والذى يختار طوعا الطاعة والسجود لرب العزة والتسليم له يفوز يوم الدين .

الانسان فيه النوعان معا : جسد الانسان بأجهزته التى يحيا بها ( الجهاز الهضمى والدورى والتناسلى و ووو ) تعمل بأمر الله جل وعلا بالاكراه وتتوقف بأمره . القلب لا ينتظر من صاحبه إذنا بالنبض ، أوأن يأخذ أجازة للراحة . أما ( نفس ) الانسان التى تسوق هذا الجسد فهى التى تختار الطاعة أو المعصية ، وتقود الجسد فى هذا الاتجاه أو غيره . 

اجمالي القراءات 12447