حقوق المرأة

آحمد صبحي منصور في الأحد ٢٢ - أبريل - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً

نص السؤال
الدكتور احمد صبحى منصور سلام عليك كنت قد ارسلت سؤالا عن وضع المراه فى الاسلام واختلافه عن المفهوم الغربى للمراه ولم اتلق اجابه كان الله فى عونك واشغالك وهو الامر الذي دفعنى لاعاده السؤال للمره الثالثه الرجل فى نطاق الاسره فى الاصل قيم على المراه بشروط الرجل يرث ضعف المراه عند تساوي مراكزهم فى الميراث المراه ملزمه بطاعه زوجها الرجل الرجل يملك حق الوعظ والهجر والضرب على المراه فى حين انها لاتملكه الرجل له درجه على المراه فى التفضيل الرجل له حق الطلاق منفردا والمراه لها حق الطلاق مقيدا بدعوي او وفقا لشروط عقد الزاوج اي ان الرجل يملك الحق من منبعه بينما تملكه المراه بشروط كل هذا يناقض مفهوم المساواه بين الرجل والمراه فى الفكر الغربى فهل المفهوم الاسلامى للمساواه بين الرجل والمراه يختلف حقا مع المفهوم الغربى ولكم جزيل الشكر
آحمد صبحي منصور
سيأتى التفصيل فى كتاب ( تشريعات المرأة ) ذى الأجزاء الثلاثة. وقد جاءت بعض الاجابة فى مقال ( الطلاق ) المشار اليه ، وهو منشور على الموقع.
وحتى لا أكثر من الاحالة الى ما تم نشره و ما سيأتى نشره بعون الله جل وعلا فاننى انقل بعض المكتوب مما يجيب عن بعض التساؤلات :
المساواة أساس حقوق المرأة فى المواثيق الدولية :

1- القراءة السريعة لحقوق المرأة فى المواثيق الدولية يظهر منها الاصرار فى صياغتها وسياقها على مساواتها بالرجل فى الأحوال الشخصية و الحقوق المدنية و السياسية والاقتصادية ، واعتبار اى خروج على هذه المساواة تمييزا ضد المرأة و ظلم لها .
2- وهذه المساواة ناتج طبيعي للثقافة الغربية فى العصر الحديث ، فالمساواة أبرز شعارات الثورة الفرنسية، وهى المنبع الأصلى لحقوق الانسان فى الحضارة الغربية الحديثة. كما ان تلك الحضارة تعتبر الفرد هو أساس المجتمع ،ومن الضرورى اذا ان يتساوى الأفراد ذكورا واناثا.
3- وأوروبا العصور الوسطي كانت مثل الشرق والمسلمين – حتى الآن- فى اعتبار أن الأسرة –وليس الفرد- هى أساس المجتمع ، ولا يتسع المجال هنا للحديث عن دور البرجوازية و الثورة الصناعية فى اعلاء قيمة الفرد على إهمال قيمة الأسرة ، ولكن نكتفى إلى بالإشارة إلى أثر هذه النظرة الغربية فى التفكك الأسرى هناك وفى التركيز على قيمة المساواة المجردة حتى لو أدت المساواة إلى الظلم .
4- وصحيح أيضا أن التركيز على الأسرة وأهمال الفرد يؤدى إلى الإستبداد والثقافة الأبوية الذكورية والتى كانت ولا تزال مسيطرة فى المجتمعات الشرقية خصوصا بعد تدعيمها بنصوص دينية مزيفة ولكن فى كل الأحوال فالقيمة العليا ليست المساواة فى حد ذاتها وليست الأسرة أو الفرد وإنما العدل أو القسط .
5- هب أن معك 1000 جنيها وأردت أن توزعها بالمساواة المطلقة على فصل يتكون من 50 تلميذا بحيث يأخذ كل تلميذ عشرين جنيها . هل هذا عدل ؟!! من الطبيعى أن منهم الغنى والفقير المعدم وليس من العدل أن ينفق التلميذ الغنى العشرين جنيها فى سفه لأنها لا تساوى شيئا فى نظره بينما يحتاج زميله الفقير الجائج لأضعاف هذا المبلغ ليشترى ما يقيم أوده أو يستر عورته ...أذن لابد أن ترتبط المساواة بالعدل ... وهذا أساس تشريع القرآن الكريم فى حقوق المرأة ورؤية المواثيق الدولية

المساواة والعدل معا أساس تشريعات المرأة فى القرآن :

1- مهما يقال عن المساولة فى الغرب فإنه لن يصل فى إعجازه وروعته إلى النص القرأنى حين يعبر عن هذه المساواة فكلمة " زوج " فى القرآن الكريم تفيد كلا من الرجل والمرأة دليلا على المساواة الكاملة بينهما ، فالرجل زوج والمرأة زوج أيضا ، بل أن كلمة زوجة لم ترد فى القرآن الكريم مطلقا وتسطيع من خلال السياق القرآنى تحدد المراد بكلمة زوج هل هو الرجل كما فى قوله تعالى " فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره : البقرة 23 " ، أو هو المرأة كما فى قوله تعالى " وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج وآتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا : النساء 20 " " ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا : الروم 21 " – وكلمة الوالدين تطلق على الأب والأم معا ، فالمرأة والد والرجل والد والوصية بالأحسان إليهما معا وعلى قدم المساواة " وبالوالدين إحسانا : النساء 36 ، الإسراء 23 " وكذلك كلمة الأب تأتى للأب والأم معا ويتساويان فى الميراث .... " ولأبوية لكل واحد منهما السدس ..... النساء 11 " .، وكلمة " يا أيها الذين آمنوا ... يخاطب الله تعالى بها المجتمع من الرجال والنساء كقوله تعالى " يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم : اليقرة 183 " هذا إذا لم يأت فى السياق ما يؤكد خصوصية الرجال مثل قوله تعالى " يا أيها الذين أمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها : النساء 19 " وحين يريد الله تعالى أن يتحدث عن الزوجة بوصف أخر غير الزوج ( الذى يفيد تمام المساواة فإنه يستخدم وصفا بالغ الدلالة على العلاقة الزوجية وهو الصحبة أو " الصاحبة " ، وكاذلك يقول تعالى عن ذاته العلية " ما اتخذ صاحبة ولا ولدا ...... الجن 3 . " يوم يفر المرأ من أخيه وأمه وأبيه ، وصاحبته وبنيه ..... عبس 36 "
2- ولكن مع هذا التأكيد على المساواة بين الرجل والمرأة إلا أن القرآن الكريم يربطها بالعدل فيما يخص الحقوق بين الرجل والمرأة حتى لا تتحول المساواة إلى ظلم . فالظروف الطبيعية التى لا فكاك منها تؤهل الرجل للعمل الشاق ومشاق الحياة وتجبر المرأة على الحمل والرضاعة مما يجعلها تحتاج إلى رعاية الرجل ، ونفس الظروف هى التى تجعل الرجولة فى الأنفاق على المرأة ودفع صداقها وحمايتها فى كنفه هى التى تجعل الأنوثة تستمع بذلك وتريد أن يسعى الرجل إليها خاطبا وبذلك تتكون أسرة صحية قوية ليكون المجتمع صحيا قويا ... ومن هذه الطبيعة البشرية والحرص على رعاية الأسرة جاءت تشريعات القرآن الكريم توازن بين المساواة والعدل ونعطى عدة أمثلة :-
فالرجل هو الذى يدفع الصداق ، والقرآن يؤكد على وجوب دفع الصداق للمرأة مقدما ومؤخرا ، وضمن حقوق أخرى مثل الأنفاق والرعاية ، ثم إذا طلقها كان لها حق المتعة وطالما هو الذى يدفع ويكدح فإن من حقه القوامة على زوجته ومن هنا ارتبطت القوامة بالإنفاق .
والمعنى المقابل أنه إذا كانت الزوجة هى التى تنفق على زوجها فإنه ليس للزوج قوامة عليها وفى ذلك تمام العدل والمساواة معا .
والرجل هو الذى يملك الطلاق وهو الذى يدفع تبعاته من مؤخر ونفقة ومتعة ... ولكن تملك المرأة نفس الحق إذا أرادت أن تفتدى نفسها بأن تدفع لها مقابلا لما دفعه من صداق ( البقرة 229 ) وقد يكون هذا المقابل تنازلا عن حقوقها الآنية أو غير ذلك طبقا لما هو متفق عليه وهنا أيضا موازنه بين حق هذا وحق هذه .
- والرجل هو المؤهل لأن يخطب المرأة ، والمرأة بطبيعتها تخجل من أن تسعى للرجل تطلب منها أن يتزوجها ومن هنا كان اشتراط الولى لكى يتكلم عن المرأة فيما قد تخجل من الحديث عنه ولكى يؤكد على حقوقها ولكن ضمن عرف أو معروف يتم به إشهار الزواج وحتى لا يكون علاقة سرية وحتى لا يتعارض ذلك مع المساواة فإن القرآن يحذر من عضد المرآة ( البقرة 232- النساء 19 ) والعضل هو منع المرأة من الزواج بمن تحب والمعنى المراد هنا أن الولى يتحدث عن المرأة وتعبيرا عن رأيها فيما تخجل من التصريح به ، فإن كان كلامه مخالفا لما تريد هى فلا عبرة لكلامه لأنه " عضل " والقرآن اعتبر العضل للمرأة بمثابة اعتبارها سلعة تورث ( النساء 19 ).
- وفى كل الأحوال فالزواج عقد يسرى عليه ما يسرى على سائر العقود ، فإذا اشترطت المرأة أن تكون العصمة بيدها ووافق الزوج كان حتما الوفاء بالعقود مصداقا لقوله تعالى " يا أيها الذين أمنوا أوفوا بالعقود : المائدة 1 " ولأن القرآن يجيز فى عقد الزواج كل ما يتراضى عليه الطرفان بعد دفع الرجل للصداق : ولا جناح عليكم فيما تراضيتم من بعد الفريضة : النساء 24 " ولأن الولد الذكر هو المطالب بتوفير الصداق والمسكن للزوجة المرتقبة ، بينما أخته سيأتى لها ولد ذكر أخر بالمهر والمسكن فمن هنا يكون من الظلم مساواة الأولاد جميعا فى الميراث ( لاحظ هنا أن اللفظ القرآنى " أولادكم " ينطبق بالتساوى على الذكور والإناث ) ولكن المساوة المطلقة هنا لابد لها أن ترتبط بالعدل لذا قال تعالى " يوصيكم الله فى أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين : النساء ) ، ولكن هذه التفرقة التى يستلزمها العدل لا تسرى على الأب والأم فى الميراث فإذا مات الأبن فإن الأب والأم متساويان فى الميراث. كلا منهما يأخذ السدس فى الميراث أو الثلث حسب الأحوال : يقول تعالى فى نفس الأية " النساء 11 "
وتشريع الميراث يقوم على أنصبة محددة بالنصف والربع والثمن والسدس والقرآن يصفها بأنها حدود الله ويهدد من يتعداها بالعذاب الخالد فى جهنم ، ولكن هذه الحدود المحددة بالنصف والربع والثمن ...الخ قد تكون ظلما إذا طبقت بحذفيرها ، فقد يكون المتوفى أبا أنفق على أحد أبنائه حتى تعلم وثرى بينما الأبن الأكبر ظل يعمل مع أبيه يساعده فى الأنفاق على هذا المتعلم ومن الظلم أن يتساوى هذا بذاك ، ومن هنا يشترط القرآن ألا يتم توزيع الميراث إلا بعد قضاء الديون وتنفيذ الوصية ، ويوجب الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقا على المتقين حتى يربط العدل بالمساواة ( البقرة 180 ، النساء 14، 11 ).


تفصيلات أخرى فى تشريعات المرأة فى القرآن الكريم
( التركيز هنا على التشريعات التى أسىء فهمها )
فى الأحوال الشخصية :-
1- القوامة
يفهمها السلفيون على أنه التسلط ، وهذا يخالف المفهوم القرآنى لمادة " قام على " التى تعنى الرعاية والمحافظة ، منها " إقامة الصلاة " ومنها " القيوم " وهو اسم لله تعالى يعنى القائم على كل شىء يرعاه ويحافظ عليه ، والقوامة فى التشريع القرآنى تعنى الرعاية والمسئولية والمحافظة على الزوجة ، وذلك يفيد تحمله مسئوليتها ، وهذا يعنى أيضا فضله عليها ، يقول تعالى ( النساء 34 ) ويفهم التراثيون العطف بالواو فى القرآن كله أنه للمغايرة ، وقد درسنا فى الأزهر ذلك ، وكان بقال لنا أن قولك " جاء محمد وعمر " يعنى أن محمدا غير عمر وإذن فالعطف بالواو يفيد المغايرة وإذن فالعطف فى القرآن كله يفيد أن المعطوف هو غير المعطوف عليه وفى الأيه السابقة عن القوامة فإن لها أحدهما مبنى على الأخر وهما تفضيل الله تعالى للرجال على النساء وإنفاق الرجل على المرأة ، هذه ما يقولون فى معنى القوامه . وهذ القاعدة اللغوية فاسدة . فالعطف لا يفيد المغايرة بل يفيد الإشتراك فى الشىء الواحد وإنما يفيد الشرح والتوضيح والمزيد من التفسير وعلى سبيل المثال فإن الحكمة هى الكتاب فى قوله تعالى ( البقرة 231 ) ولو كانت شيئا أخر غير الكتاب لقال تعالى " يعظكم بهما " وعلى هذا الأساس نفهم قوله تعالى " الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم " فالتفضيل هنا معناه الأنفاق على المرأة والذى يستحق به القوامة عليها وعلى رعايتها ونفهم أيضا قوله تعالى " البقرة 228 " وهذه الأية الكريمة تتحدث عن المطلقة فى عدتها والتى يحرم حملها ، ويجعل رغبة الرجل فى إعادتها لعصمته هى الأولى بالرعاية طالما يريد الرجل إصلاحا وهذا معنى أن له عليها درجة ، والمراد أن التفضيل هنا له دواعيه الظرفية ومسئوليته العارضة التى يؤكدها العدل والحرص على قيام الأسرة ، وليس تفضيل الرجل على المرأة عموما أو مطلقا .
أما المفهوم السلفى فإنه يخرج عن السياق اللغوى والتشريعى للقرآن الكريم ، بل ويتهم القرآن بأنه يناقض بعضه بعضا ، فكيف يحرص القرآن الكريم على المساواة الكاملة بين الرجل والمرأة ثم ينفى هذه المساواة ؟؟!.

2- ضرب المرأة

ويتصل بالقوامة قضية ضرب المرأة التى جاءت فى نفس الأية .
وهنا يحدث الخلط بين الأمر التشريعى والقاعدة التشريعية والمقصد التشريعى . قالمقصد التشريعى هو رعاية الأسرة ، ومعظم التشريعات القرآنية انصبت على الأحوال الشخصية بهدف رعاية الأسرة وذلك من خلال عدة قواعد تشريعية كلا منها يخص التعامل بين الزوجين وقاعدته الشرعية " النساء 19 " ومن هذه القاعدة التشريعية تنبع الأوامر التشريعية فى إصلاح الشقاق داخل الأسرة وفى تقوية العلاقات الزوجية ، ومن تلك الأوامر التشريعية ضرب الزوجة الناشز " النساء34" أى أن هذا الأمر التشريعى بالضرب يخضع فى البداية لقاعدة تشريعية هى أمر الزوج بالمعاشرة بالمعروف حتى لو كره زوجته أى أننا أمام زوجة يعاملها زوجها بالمعروف وهى لا تأبى إلا نشوزا ويأتى الأمر التشريعى بعلاج هذا النشوز بوسائل منه الوعظ ، فإن لم ينفع يكون العلاج بالهجر فى المضاجع فإن لم ينفع الهجر فى المضاجع فالضرب ، وكل ذلك بغرض الإصلاح لتعيش فى سلام مع زوجها يعاشرها بالمعروف وهذه الزوجة الناشز من حقها أن تستريح من زوجها وتطلب أن تفتدى نفسها منه طبقا لتشريع القرآن ( البقرة 229 ) ولكنها لا تفعل ذلك ، فهو الذى ينفق عليها ويقوم على رعايتها ويعاملها بالمعروف ولكنها تتنكر عليه فلا علاج لها إلا بما جاء فى القرآن . هذه فى البداية ، أما فى النهاية فإن تشريع الضرب جاء بتحفظ شديد ، وهى إن كانت طائعة فإن الزوج إذا بغى عليها يكون الله تعالى خصما له ( فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا . إن الله كان عليا كبيرا ) ، هذا مع أن ضرب الزوجة عادة سيئة بسبب وبدون سبب حتى فى الغرب وهناك جمعيات لمكافحة ذلك .

اجمالي القراءات 33175