السحر

آحمد صبحي منصور في السبت ٠٣ - مارس - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً

نص السؤال
هل تري ان السحر حقيقة؟ وهل يمكن ايذاء شخص عن طريق السحر؟ و ما معني قول الله تعالي \"و ما هم بضارين به من أحد الا بإذن الله\"؟
آحمد صبحي منصور
الســـــــــــــحر


إذا مرت أمامك فتاة حسناء وصفتها بأنها ساحرة الجمال ،وتحدثت عن سحر عينيها وسحر ثغرها،ولو وضعت ذلك الوجه الساحر تحت الميكروسكوب وفحصته لذهب عنه كل فنون السحر، ولوجدته مجرد جلد وعظم وأنسجة وإفرازات مختلفة، ولأصبح الأمر صدمة يعرفها كل من غرق في الحب ثم تزوج من أحب.!!
ومن المثل السابق نتعرف على معنى السحر، إنه خيال يتصوره الشخص نابعاً من أحاسيسه الداخلية وذلك التصورلا علاقة له بالأصل ، فالغريزة الجنسية عند الرجل تجعله يتخيل الفتاة الجميلة ملاكاً ساحراً، وذلك الاستعداد الداخلي فينا هو الذي يخلق عندنا الاعتقاد في السحر ويجعلنا نصدقه ونرى ما يريد الساحر لنا أن نراه.. وتلك حقيقة السحر، إنه خيال وتصورات وتوهمات لا علاقة لها بالأصل الواقعي.
والقرآن الكريم الذي نزل في القرن السابع الميلادي سبق الفكر الإنساني في تقرير حقيقة السحر، ولو كان القرآن كلام بشر لخضع مؤلفه البشري لاعتقادات العصور الوسطى في أن السحر حقيقة وأن الساحر يستطيع فعلاً أن يحول الحصان إلى ضفدعة وأن يحول الضفدعة إلى حوت. لقد كان السحر في مصر القديمة من أسرار الحكمة والكهنوت والعلم الإلهي، ومن مصر القديمة حمل اليهود نفس الفكرة إلى العالم، وتبعهم اليونان وغيرهم ، وحتى الآن فإن الساحر الأفريقي هو رجل الكهنوت وصاحب العلم اللدني .
وعرف المسلمون هذه الخزعبلات فى العصور التي سيطر فيها التصوف وأولياؤه حيث اقترن الاعتقاد في الأولياء الصوفية بالاعتقاد في كراماتهم ومعجزاتهم وخوارقهم المزعومة.. والصحوة السلفية الراهنة تقترب من فتح الباب للاعتقاد في الأعمال السحرية وأساطير الاتصال بالجان، ومن هنا فلابد من الاعتصام بكتاب الله العزيز الذي نزل بالحق في ظلام العصور الوسطى، ثم ما لبث ظلام العصور الوسطى أن بدأ يتسلل الى عقول أكثرية المسلمين .
في قصة موسى عليه السلام تعرض القرآن لموضوع السحر عند المصريين القدماء. كانت معجزة موسى تحدياً للسحر الفرعوني، وعقد فرعون مباراة بين موسى والسحرة، وجاء السحرة بكل ما لديهم من حيل وسطوة على نفوس المشاهدين، وبذلك تحكموا في المشاهدين وجعلوهم يرون الحبال ثعابين تتحرك على الأرض، يقول تعالى عنهم"( فلما ألقوا سحروا أعين الناس واسترهبوهم وجاءوا بسحر عظيم) : 70/16 "إذن فهم لم يقدموا سحراً حقيقياً تتحول به الحبال إلى ثعابين حقيقية وإنما اثروا على المجال البصري للمشاهدين وسحروا اعينهم وأوقعوهم تحت الرهبة ،وذلك هو سحرهم العظيم. وموسى عليه السلام نشأ في مصر وتأثر بها،وظهر ذلك في موقفه في تلك المباراة إذ كاد أن يقتنع أن الحبال التي ألقاها السحرة تحولت إلى ثعابين حقيقية، يقول تعالى يوضح حالة موسى ونفسيته (فإذا حبالهم وعصيهم يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى، فأوجس في نفسه خيفة موسى قلنا لا تخف إنك أنت الأعلى والق ما في يمينك تلقف ما صنعوا إنما صنعوا كيد ساحر): 20/66 " تخيل موسى أن الحبال حيات تسعى فخاف لولا أن الله تعالى أوحى إليه أن الذي صنعوه مجرد حيل ومكائد.. وتلك هى حقيقة السحر، سيطرة على المجال البصري للمشاهدين بطريقة الإيحاء، ولا يقع في ذلك الإيحاء إلا من كان لديه الاستعداد للتأثر بالسحرة.
وسحرة فرعون كانوا يعرفون أن التي ألقوها هى مجرد حبال وعصي، وكانوا أبرع الناس في السحر والحيل، ولكنهم فوجئوا بعصى موسى تتحول إلى ثعبان حقيقي من دم ولحم يلتهم حبالهم وعصيهم، وحينئذ آمنوا بأن موسى ليس ساحراً وإنما هو نبي الله حقاً فآمنوا وتمسكوا بالإيمان حتى الموت. والله تعالى يقول عن الساحر، (ولا يفلح الساحر حيث أتى )20/ 69 ". وذلك الساحر الخاسر يسير في طر
اجمالي القراءات 34720