الحريروالذهب والفضة

آحمد صبحي منصور في الإثنين ٢٦ - فبراير - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً

نص السؤال
ما حكم لبس الرجل للذهب والحرير
آحمد صبحي منصور

مباح للرجل أن يلبس الذهب والحرير. بل يحرم على أى إنسان أن يفتى بتحريم لبس الذهب و الحرير للرجال. ومن يفعل ذلك فقد وقع فى الشرك و تقوّل على الله تعالى بغير علم.
والدليل فى قوله تعالى فى سورة الأعراف 31 : 33 :
(يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) فهنا أمر لنا جميعا بالتمتع الحلال بالزينة ـ والزينة تشمل التحلى بالذهب و الفضة و الحرير و الماس و كل ما يتزين به الناس. ,ان نتزين عند الذهاب لكل مسجد أو موضع سجود وعبادة. وفىألاية أيضا أمر بالأكل والشرب الحلال دون اسراف.
(قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ) وبعد الأمر بالحلال جاء النهى عن تحريم ذلك الحلال . والحلال هنا قد أخرجه الله تعالى لعباده من الأرض ، وهذا يشمل اللباس و الطيبات من الرزق. وقد أحله الله تعالى لكل المؤمنين ، وهو متاح للبشر جميعا فى الدنيا ،ولكنه يوم القيامة سيكون خالصا للمؤمنين وهم يتمتعون فى الجنة ، بينما يعانى الخاسرون من عذاب الحميم.
ثم تقول الآية التالية : (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ )
فالمحرم هنا محدد بالآتى : 1 ـ الفواحش ـ أى التعامل الجنسى خارج الزواج الشرعى ، سواء كانت تلك افواحش علنية أو سرية . 2 ـ الاثم ـ أى كل الشرور مثل الكذب و الخمر 3 ـ والبغى وهو العدوان على الغير ، 4 ـ الشرك بالله تعالى ، 5 ـ و الكذب على الله تعالى ورسوله و شرعه و تحليل الحرام و تحريم الحلال دون علم ، لأن العلم هو فى كتاب الله تعالى.
وبالنظر أفقيا فى الايات الثلاث نلاحظ:
أن ألاية الأولى (يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ )أكدت عموم الاباحة لكل البشر فى الزينة والتزين فى كل مكان ، وخصت المساجد بالذكر لقطع الطريق على المتزمتين و المزايدين فى شرع الله ، الذين يزايدون على الله تعالى فى دينه بتحريم ما أحل وما أباح.
ثم تاتى الآية التالية (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ) لتستنكر و ترد مقدماعلىالأفاكين الأفاقين الذين سيأتون فيما بعد يحرمون ما أحل الله تعالى.. وهو إعجاز قرآنى تحقق فى أعداء الله تعالى الذين حرموا على الرجال الذهب والحرير،وصنعوا فى ذلك حديثا نسبوه ظلما لخاتم النبيين محمد عليه السلام.
ولذلك حق عليهم قوله تعالى فى الاية الثالثة( قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ) أى وقعوا فى الشرك وتقولوا على الله تعالى ما لا يعلمون.
ولم ينته البيان القرآنى عند هذا الحد.
فالآية الثانية فى موضوعنا تقول(قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ) وهى هنا لا ترد عليهم فقط بل تعلم المؤمن أسرار التفصيل القرآنى الذى أنزله الله تعالى على علم وهدى لقوم يؤمنون ( ألأعراف 52 ).
ان ألاية الكريمة تقول ان الزينة و الطيبات من الرزق حلال للمؤمنين وغيرهم فى الدنيا ثم ستكون خالصة للمؤمنين فقط فى الجنة . وجاءت تفصيلات القرآن الكريم تقول عن لباس المؤمنين فى الجنة: (جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ ) ( فاطر 33 ) اى سيكون الذهب و اللؤلؤ خالصا لهم يوم القيامة ، مع أنه كان مباحا للجميع فى الدنيا .
وعن إباحة اغلى وأثمن الجواهر لجميع البشر فان الله تعالى يمتن على بنى آدم فى الدنيا بأنه سخر لهم البحر ليأكلوا منه لحما طريا و يستخرجوا منه حلية يلبسونها (وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَمِن كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (فاطر 12 ) (وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُواْ مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُواْ مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) ( النحل14 )
أعداء الله تعالى ورسوله حرموا الحرير و الذهب مع أن الله تعالى رد عليهم مقدما بأنها حلال ، و منع مقدما من تحريم ما أحل الله تعالى.

وقد يقول قائل : إن الله تعالى حرم كنز الذهب و الفضة .
ونقول نعم ، فقد قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّ كَثِيرًا مِّنَ الأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَـذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ ) التوبة 34 : 35 ).
إن المحرم هو ( كنز الذهب و الفضة ) والكنز يعنى المنع من الاستعمال . والمنع من (الكنز) للفضة والذهب يعنى منع العملة والمال من التداول . ومحرم كنز المال ، والمال وكل أنواع النقد هى مقومة بالذهب أو الفضة، و لا بد من تداول المال وعدم كنزه. و هذا تشريع لا علاقة له بالتزين بالذهب و الفضة و ما هو أثمن منهما.
بل أن التزين بالحلى بكل أنواعها مما يساعد على رقى تلك الصناعات من استخراج لها من الأرض ـ كما قال تعالى عنها (الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ) ـ ثم نقلها ثم صقلها و تصنيعها ، ثم التجارة فيها بيعها وشراءا و إعادة للبيع و الشراء، وفى كل مرحلة هناك عمل و عمالة وحرف ومهن ومال يدوروينشر الرزق والنفع بين الناس.
فالزينة هنا صناعة كاملة تتناقض مع كنز المال وحبسه من التداول.


اجمالي القراءات 37652