الأنفس سواء

آحمد صبحي منصور في الأربعاء ٠٨ - مايو - ٢٠١٣ ١٢:٠٠ صباحاً

نص السؤال
انا اعلم ان النفس هي حرة ولها كامل الارادة و تتحكم بالجسد لكن ما قصدته هو ان الله خلق النفس بهذه الطريقة ربما يجب ان يكون سؤالي هو هل خامات ( المادة المكونة لهذه النفس متساوية ؟ بالطبع لا .. يكون هناك اخوين توامين يعيشان تحت نفس الظروف فيكون احدهما صالح والاخر مجرم.. مثال ابني آدم ( فسولت له نفسه قتل أخيه ) هل خامة هذه النفس للاخ المجرم خلقها الله سبحانه هي مطابقة لخامة النفس للاخ الصالح ؟ اذا كانت الاجابة بنعم فهذا يعني ان جميع البشر خامة نفسهم متطابقة ؟ ما اقصده هل خلق مكونات نفسي( أشرف) هي تتطابق مع خلق نفس الدكتور أحمد منصور ( صاحب النفس الراقية المطمئنة الزكية ) اذا كان الجواب بلا اذا لماذا أعذب اذا لم اهتدي مثل الدكتور احمد اعلم ان استفساري قد يكون غريبا .. ولا اريد ان تعتقد اني غير سوي .. فانا الحمد الله مومن مسلم اخاف الله .. لكني اردت ان اشاركك بما يدور في داخلي ..
آحمد صبحي منصور

كل الأنفس خلقها الله جل وعلا سواء ، كلها إنبثقت من النفس الأولى ، ثم تظل كل نفس فى البرزخ الى ان يأتى موعد التحامها بجنينها فى الوقت المقدر سلفا ، فينبض الجنين بحياة انسانية ، ثم يخرج مولودا ، ويمارس حياته متمتعا بحريته ، ومتأثرا ببيئته على قدر إختياره وإرادته . الى أن يحل موعد موته فتفارق نفسه جسده لتعود الى البرزخ الذى أتت منه . وهكذا تأخذ كل نفس دورها فى هذه الحياة الأرضية فى هذه الدنيا ، الى أن يتم (إختبار ) كل نفس فينتهى هذا اليوم الدنيوى ويأتى اليوم الأخر بالساعة وتدمير هذا العالم وتأتى القيامة والبعث ويوم الحساب .

كل الأنفس خلقها الله جل وعلا سواء ، فقد فطرها رب العزة على أنه لا اله إلا الله ، وأخذ عليها العهد بهذا ، وستأتى كل نفس وتتذكر هذا العهد .

كل الأنفس خلقها الله جل وعلا سواء ، خلقها على اساس الاختيار والاختبار . فهى حُرّة ، والحرية تعنى المسئولية . وسيأتى يوم الحساب على هذه الحرية يوم الحساب .

كل الأنفس خلقها الله جل وعلا سواء فى أنه جل وعلا ألهمها الفجور والتقوى ، وجعل عوامل الغواية وعوامل الهداية متساوية . فهناك الوحى الالهى والوحى الشيطانى ، وغرائز الجسد والضمير . وبين هذا وذاك توجد الارادة الحرة ، وبها يختلف الأخ التوأم عن توأمه . فلكل منهما نفس ، ولكن لا تتوحّد إختياراتهما . بهذا الاختيار الحر يختلف البشر . هناك من يختار الغفلة عن الحق ، يتجاهل من البداية تلك الأسئلة الكبرى التى تعبّر عن فطرته ، مثل لماذا خلقنا الله ؟ وما هو مصيرنا .. ينشغل عن هذا باختياره ، وسيلقى مصيره . ومن الناس من يتفكّر بعقله وتظل تلك السئلة حيّة فى داخله ، ويريد الهداية فيهديه الله جل وعلا ويزيده هدى . ومن الناس من يختار الضلالة فيزيده الله جل وعلا ضلالا .

ويتعرض كل إنسان لإغراءات الغواية والضلال ، وهو يختار ، وسيكون مُحاسبا ومُساءلا عن إختياره . أنا مثلا تعرضت لهذا الاختبار ، طلبوا منى السكوت فى جامعة الأزهر ، وأن أرضى بتدريس الإفك دون نقده فرفضت ، فبدأ الاضطهاد فإزددت  رفضا ، واستعملوا الترغيب بعد الترهيب فرفضت . وسرت فى طريقى ، واجتمع حولى كثيرون ، كل منهم تعرض لاختبار واضطهاد ، بعضهم صمد ، والبعض هرب . وهو حال كل الناس أمام مواقف الحياة ، هذا يختار وذاك يختار . ثم كل منا سيموت وسيلقى يوم الحساب نتيجة إختياره . إبنا آدم ، أحدهما ( طوّعت ) له ( نفسه ) قتل أخيه ، فقتل أخاه .!. أى هو الذى إختار بنفسه هذا . الأخ الضحية إختار ألّا يدافع عن نفسه :(وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَاناً فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنْ الآخَرِ قَالَ لأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنْ الْمُتَّقِينَ (27) لَئِنْ بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِي إِلَيْكَ لأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (28) إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ (29) فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنْ الْخَاسِرِينَ (30) المائدة ). هنا نموذج حرية الاختيار بين إثنين من الأخوة فى أول حرب عالمية فى تاريخ البشر .

 ويوم القيامة لن تُجدى الأعذار ، لأنّ كل نفس تعترف بينها وبين ( نفسها ) أنه إختيارها الحُرّ مهما تستّر الانسان بالمبررات : (بَلْ الإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ (14) وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ (15) القيامة  )  .

اجمالي القراءات 8880