المفرد والجمع عنه

آحمد صبحي منصور في الأربعاء ٠١ - أغسطس - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً

نص السؤال
لماذا يأتى كلام الله سبحانه وتعالى عن نفسه مرة بصيغة المفرد ومرة أخرى بصيغة الجمع : مثل : 15:9 انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحفظون 20:14 اننى انا الله لا اله الا انا فاعبدنى واقم الصلوة لذكرى
آحمد صبحي منصور

 

الله جل وعلا لا يتجلى للخلق فى هذه الدنيا ، ولكنه يتجلى  فى اليوم الآخر بعد تدمير هذا العالم المؤقت ومجىء عالم خالد أبدى يتحمل قدوم الرحمن ، يقول جل وعلا : (يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُواْ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ  )( ابراهيم 48 ). أى نبرز للقاء الله جل وعلا يوم الحساب فردا فردا : ( إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ إِلاَّ آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا )( مريم 94 ـ.. ). أما فى هذه الدنيا فيتم سيطرة رب العزة عليها بالملائكة التى تحمل الأوامر الالهية بالوحى بالرسالات السماوية ، وكتابة الاعمال للبشر، وحمل الأقدار والأوامر الالهية من خلال الحتميات التى لا مفر للبشر من مواجهتها وهى المتعلقة بالميلاد والموت والرزق والمصائب . والتفصيل فى كتابنا عن ( ليلة القدر ) وهو منشور فى الموقع . ومن هنا فإن إشتراك الملائكة فى حمل التدبير الالهى والأوامر اليها يجعل الخطاب يأتى أحيانا بصيغة الجمع ، مع وجود صيغة المفرد حينا فى نفس الموضوع . ومثلا ففى موضوع الوحى ، يأتى مسندا لله جل وعلا الذى ينزل الملائكة بالوحى على من يشاء من عباده : ( يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالْرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنذِرُواْ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَاْ فَاتَّقُونِ ) ( النحل 2  )( رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنذِرَ يَوْمَ التَّلاقِ   ) ( غافر   15). ويأتى الوحى مسندا لجبريل روح الله (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ ) ( الشعراء  193 ــــ)، ويأتى بصورة الجمع : (إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا  ) ( النساء 163 ) (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي شِيَعِ الأَوَّلِينَ  ) ( الحجر  9 ، 10).

وفى موضوع الموت ـ وهو من الحتميات التى يأمر بها الله وتنفذها الملائكة المختصة ، يسند رب العزة هذا الفعل لنفسه فهو المحيى المميت : (اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ  ) ( الزمر 42 )وينسبها لملائكة الموت (  وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُواْ الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ  ) ( الأنفال 50 )( حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ قَالُواْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ قَالُواْ ضَلُّواْ عَنَّا وَشَهِدُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُواْ كَافِرِينَ   ) ( الاعراف 37 ) . وفى موضوع كتابة الأعمال يقول جل وعلا بصيغة الجمع (إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ) ( الجاثية 29 ) ويقول عن ملائكة كتابة الأعمال التى تنفذ الأمر الالهى : (أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُم بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ   ) ( الزخرف 80 )، ويقول تحديدا عن ملكى كتابة الاعمال لكل فرد (  وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ  ) ( ق  16 : 18). والتفاصيل فى كتابنا عن ( كتب ، كتاب فى القرآن الكريم ) وهو منشور على الموقع .

اجمالي القراءات 14809