زواج المتعه

في الخميس ٠٩ - أبريل - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً

موضوع زواج المتعه كان ولا يزال نقطة خلاف كبيره بين الشيعة وأهل السنة , الشيعة يرونه زواجا مشروعا بينما يراه اهل السنة نوع من الزنا .

اليوم أعيد طرحه من خلال ما كتبه الدكتور أحمد صبحي منصور مبينا فيه رأيه مما استقاه من كتاب الله .

وإليكم الموضوع

بقلم الدكتور أحمد صبحي منصور

لتيسير الموضوع الأصولى الفقهى على القارىء فاننا نقدمه فى شكل سؤال وجواب.

س) ما معنى زواج المتعة؟
جـ ) هو الزواج المحدد بأجل مقابل مهر متفق عليه بالتراضى ، وينتهى زواج المتعة بإنتهاء الأجل المحدد ، وليس هناك حد أدنى أو اقصى للأجل . ويثبت بهذا الزواج النسب . وتستحق الميراث إذا اشترطت ذلك فى عقد الزواج ، وهذا هو رأى فقهاء الشيعة .

س) هل يصح ان يتزوج المسلم لأجل المتعة فقط ؟
جـ ) نعم ؛ فالحيوان يمارس الجنس لأجل التكاثر وبقاء النوع فقط ، أما الإنسان المكلف بالشرائع فهو يمارس الجنس للمتعة وطلب الذرية . ولذلك فإن التشريعات الإلهية والقوانين الوضيعة حرصت على التفريق بين الزواج الشرعى والعلاقات غير الشرعية بين الذكر والانثى. وعن المتعة والاستمتاع كسبب للزواج يقول الله تعالى (فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاع : النساء ؛3) (فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أجُورَهُنَّ فَرِيضَةً : النساء 24) أى بسبب تمتعكم بهن فعليكم دفع المهر فرضا واجبا. وبقدر ما أكد القرآن على تحريم الزنا فأنه سهل الزواج الشرعى ودعا إليه.

س )ما هو الحكم الفقهى لزواج المتعة ؟
جـ )هو من أهم الاختلافات التشريعية بين الشيعة والسنة؛ يحرمه السنة ويجيزة الشيعة ، ولكل منهم آحاديث يستند اليها ، وكلها آحاديث متضاربة ومتناقضة . وهذا التناقض بين آحاديث تحرم المتعة أو تجيزها موجود حتى فى مصادر الحديث لدى أهل السنة التى تجمع على أن النبى قد أحل المتعة فى حياته ثم حرمها ، وتقول ان بعض الصحابة مارسها فى عصر النبوة .وفى البخارى عنوان فى هذا الموضوع يقول" باب نهى رسول الله عن نكاح المتعة آخرا" بما يعنى أنه أباحها من قبل ثم حرمها ؛ ثم عنوان آخر اكثر وضوحا ودلالة فى صحيح مسلم يقول ( باب نكاح المتعة وبيان أنه أبيح ثم نسخ ثم أبيح ثم نسخ واستقر تحريمه إلى يوم القيامة ) وتجد مثيل ذلك فى سنن أبى داود وابن ماجة والنسائى والترمذى والدرامى وموطأ مالك ومسند احمد بن حنبل وتفسير الطبرى ، وتعليق ابن حجر على البخارى فى كتابة فتح البارى حيث يقول نقلا عن ابن حزم انه ثبت إباحة زواج المتعة بعد النبى من الصحابة ابن مسعود ومعاوية وابو سعيد وابن عباس وسلمة ومعبد ابن امية بن خلف وجابر وعمرو بن حريث إلى أخر خلافة عمر ؛ و من التابعين طاووس وسعيد بن جبير "، وقد تزوج ابن جريج فقيه مكه سبعين مرة بالمتعة تأكيدا لحلها .
المهم فى الموضوع أن أهل السنة يجمعون على ان النبى احل زوج المتعة ثم حرمها . بينما يتمسك الشيعة بأن النبى أحل زواج المتعة ولم يحرمه .

س ) وهل يملك النبى ان يحل شيئا ثم يحرمه فيما بعد؟
لا بد من الاحتكام للقرآن الكريم فى هذه القضية. والسؤال المنهجى هو هل من حق النبى أن يحل أو يحرم أم هو مبلغ للتشريع بحلاله وحرامه فقط؟ الإجابة تبدأ بتوضيح الفارق بين مفهوم النبى ومفهوم الرسول فى القرآن .
فمحمد عليه السلام يوصف بالرسول حين يبلغ الرسالة أى القرآن بما فيه من تشريع وحلال وحرام ؛ والرسول بذلك تكون طاعته هى طاعة لله تعالى لاته المبلغ للقرآن ؛ وحين ينطق بالقرآن يجب أن يطاع لأن المطاع هو كلام الله فى الحقيقة يقول تعالى (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ النساء64) (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ : النساء 80)
أما النبى فى مفهوم القرآن فهو محمد عليه السلام فى تعاملاته وشئونه خارج الوحى . ومن هنا نجد المفارقة واضحة فى القرآن بين الامر بطاعة الرسول ومجىء اللوم والعتاب للنبى كأن يقول سل سبحانه تعالى له (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ التحريم 1) والملاحظ أن كل العتاب للنبى جاء له بصفتة الشخصية أو بصفة النبى ؛ بينما جاء الأمر بإتباعه بصفته الرسول ؛ ومعنى ذلك أن محمدا النبى هو أول من يطيع الرسول أى الرسالة أى القرآن، يقول له ربه ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللّه وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّك :الاحزاب 1؛2 ) وتجد التاريخ الشخصى للنبى فى القرآن يأتى بوصفه النبى ؛ مثل قولة تعالى ( يا نساء النبى .... )( يا آيها الذين امنوا لا تدخلوا بيوت النبى ....)( يا آيها الذين آمنوا لا ترفعوا اصواتكم فوق صوت النبى ) ومعناه فيما يخص موضوعنا أن الرسول هو الذى بلغ التشريع عن ربه من خلال القرآن الكريم ؛ وأن النبى فى حد ذاته لا يملك التشريع ؛ فإذا حدث وأفتى فى شأن تشريع يخص شخصه قال له ربه ( يا أيها النبى لم تحرم ما أحل الله لك ) . يؤكد هذا أن النبى كان إذا سئل فى أى شىء انتظر إلى أن تأتى الإجابة وحيا قرآنيا . فينزل الوحى القرآنى يقول "يسألونك عن ... قل .... " وبعض الاسئلة كان يعرف النبى مقدما إجاباتها من خلال ثقافته العربية مثل (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ البقرة189) أو يعرف إجابتها من خلال ما نزل من قبل من الوحى القرآنى كما تكرر فى موضوع رعاية اليتيم فى السور المكية؛ ثم جاء نفس السؤال فى المدينة وتكررت الإجابة من الوحى القرآنى بنفس الموضوع " ويسألونك عن اليتامى قل اصلاح لهم خير "، أو كما يحدث فى السؤال عن الساعة ودائما كان يتكرر سؤال النبى عنها وينزل القرآن ويؤكد نفس الاجابة ؛ ولو كان النبى يملك حق الإفتاء لقرأ عليهم الآيات السابقة ؛ ولكنه كان ينتظر الإجابة من السماء ؛ لأنه ليس من حقه أن يجتهد فى الإفتاء والتشريع ؛ وبالتالى ليس من حقه أن يحلل أو يحرم ؛ فتلك وظيفته كرسول حين يبلغ الرسالة . أى القرآن . وبالتالى أيضا فإن النبى لم يتحدث مطلقا فى أمور تشريعية . و أخيرا فإن تلك الآحاديث المتضارية فى موضوع زواج المتعة بين السنة والشيعة لم يعرفها عصر النبوة ؛ ولا شأن للنبى عليه السلام بها مطلقا ، انها خلافات فقهية ارتدث ثوب أحاديث منسوبة للنبى افتراءا وتزويرا، وبها جعلوا النبى عليه السلام يقول قولا وينقضه بقول آخر، ويحل ويحرم ثم يحل ويحرم نفس الشىء. اذا فعل شخص عادى هذا التردد والاضطراب اتهمه الناس فى عقله وفقدوا الثقة فى قدرته على التمييز. فكيف اذا كان هذا الشخص رسولا نبيا ؟
أى أن اولئك الأئمة الذين افتروا على رسول الله كذبا قد اتهموه ضمنيا فى عقله وتفكيره ، ولأنه يقوم بالتشريع – عندهم – فانهم أيضا يتهمون تشريع الاسلام بالتناقض والاختلاف والاختلاق.

ســـ) اذن ما هو الاصل التاريخى لهذه الاحاديث ؟
جــ ) تعقدت الحياة الإجتماعية للمسلمين فى العصر العباسى ؛ وازداد نهم الرجال للتمتع بالجوارى وغير الجوارى ؛ ولانه كان مجتمعا متدينا تدينا سطحيا فقد كان يبحث عن فتوى تبرركل شىء، واذا ارتدت الفتوى ثوب الحديث أصبحت مقدسة وازدادت قوتها وتأثيرها وعملها، لذا نسبوا تلك الفتاوى للنبى عليه السلام بعد قرنين وأكثر من وفاته، وهو لا يدرى شيئا عما افتروه على لسانه. ولأنهم مختلفون متشاكسون فقد اختلفت فتاويهم ، أى اختلفت أحاديثهم المزورة المنسوبة كذبا للنبى عليه السلام . ولقد كان أكثر الخلاف بين طائفتى الشيعة والسنة ، لذا تحولت بعض المسائل الفقهية ومنها زواج المتعة الى ميدان حرب مذهبية تبارى فيها كل فريق فى تعضيد رأيه بما يفتريه من أحاديث تعزز وجهة نظره. ولأن العصر العباسى هو عصر التدوين فقد تم تدوين تلك الأحاديث المزورة على أنها أحاديث نبوية . واستعراض التاريخ الزمنى يؤكد تعقد المشكلة وتعقد الجدال بالحديث حولها بمرور الزمن . فموطأ مالك لم يأت فيه فى زواج المتعة إلا حديثان فقط ، وهو أقدم كتب الفقه ؛ وقد مات مالك عام 179 . وحين تصل إلى بن حنبل تجدها حوالى 22 حديثا ، وقد مات ابن حنبل سنة 256هـ . وفى صحيح مسلم 30 حديثا بالمكرر ، وقد مات مسلم 261هـ.
وهكذا.. بمرور الزمن تعقدت المشكلة إجتماعيا وتعقد النزاع الفقهى بين السنة والشيعة فازداد انتاج الأحاديث المتضارية تعبيرا عن ذلك كله ، وبها خلقوا مشكلة وموضوع زواج المتعة. لو اتجهوا للقرآن يطلبون الهداية لعرفوا الاجابة ، الا انهم جعلوا القرآن مهجورا منذ البداية وعولوا على تزوير الأحاديث بغيا فيما بينهم وأدمنوا هذه الصناعة البذيئة فضلوا وأضلوا ، كما فعل السابقون.

ســ ) هل تعرض القرآن الكريم لموضع (زواج المتعة ) بالتفصيل ؟
جــ ) حين نزل القرآن الكريم كان الزواج الشرعى معروفا . وقبل أن يكون نبيا ؛ وقبل نزول الوحى تزوج محمد بن عبد الله من السيدة خديجة زواجا شرعيا، بل انه عليه السلام جاء من آباء واجداد تزوجوا زواجا شرعيا صحيحا و( الله اعلم حيث يجعل رسالته) " الانعام 125" ولا يمكن ان يختار الله تعالى رسولا إلا إذا كان قد جاء من اسلاف تزوجوا زواجا شرعيا . بالطبع كانت هناك فى الجاهلية تجاوزات فى الزواج الشرعى فى نكاح المحرمات ( زوجة الأب ؛ الجمع بين الأختين ) وعضل المرأة ( أى منعها من الزواج)،وأكل حقوقها المالية الخ .... ونزل القرآن يعالج كل هذه الموضوعات وينقى الزواج الشرعى من الرواسب الجاهلية، ومن خلال التفصيلات القرآنية وردت أسس الزواج الشرعى وهو أقدم "عرف" اومعروف" تعارف عليه البشر ؛ ولا يزال .
ومن خلال التفصيلات القرآنية عن الزواج يمكن ان تعرف حكم ما يسمى بزواج المتعة .

ســ ) المدافعون عن زواج المتعة يستدلون بقوله (فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَة) : " النساء24" ويقولون انه ذكر لفظ " المتعة " وذكر " الأجر" وذلك يعنى زواج المتعة .. هل هذه حجة قرآنية على جواز زواج المتعة؟
جــ ) لا .. لأن القرآن فى هذه الآية يتحدث عن الزواج الحلال إجمالا. فى الآية السابقة لهذه الآية تحدث رب العزة عن المحرمات فى الزواج من الأم والبنت والأخت ..الخ ، الى أن يقول فى هذه الآية فى جواز الزواج من بقية النساء غير المحرمات:" (وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً) أى أحل الله لنا أن نتزوج بأمولنا طالبين العفة " محصنين" راغبين عن الزنا وكارهين له " غير مسافحين " وبسبب استمتاع الرجل بزوجته الشرعية فلابد أن يعطيها صداقها ومهرها ؛ ((فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَة)

ســـ ) ولكن القرآن لا يتحدث هنا عن الصداق وإنما يذكر الأجر قائلا :" فآتوهن أجورهن " فهل يطلق لفظ الأجر على المهر؟
جــ ) نعم ... بل هو الغالب فى كلام القرآن الكريم عن الصداق والمهر، فالله تعالى يقول عن صداق ومهر الجارية (فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ) النساء25" ويقول عن زواج المؤمنة وزواج الكتابية ( اليهودية والنصرانية) (اليومَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ ) المائدة :5" فجعل مهر الزوجة المؤمنة والكتابية موصوفا بأنه أجر ........
وقال عن زواج المؤمنة المهاجرة فى سبيل الله (وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ )" الممتحنة10" وأكثر من ذلك أنه تعالى قال عن زواج النبى نفسه (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ)"الاحزاب50" أى دفعت مهورهن . اذ فالأجر فى قوله تعالى عن الزواج (فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ) إنما يعنى المهر والصداق..

ســ ) إذن ما هو الفرق بين الزواج المتعارف عليه وزواج المتعة ؟
جــ ) إن الزواج المتعارف عليه يكون مطلقا بدون تحديد مدة للزواج ؛ أما زواج المتعة فهو محدد بمدة يتفق عليها الطرفان.

س: وهل يجوز فى الزواج الشرعى أن يتفق الطرفان على تحديد مدة للزواج ؟
ج ) نعم ، لأن الأصل فى الزواج التراضى والاتفاق :
1- فالمهر حق للزوجة ولكن إذا رضيت بإرادتها الحرة التنازل للزوج عن جزء من المهر جاز ذلك ، والله تعالى يقول (وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا) "النساء 4" . أى يجوز بالتراضى والإتفاق أن يتنازل أحد الطرفين للآخر عن بعض حقوقه ؛ هذا مع كون الصداق فريضة واجبة قال عنها الله تعالى فى زواج المؤمنين (قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ ) "الاحزاب50"
2_ ويجوز أيضا ان يتراضى الطرفان على زيادة بعد المهر ؛ والله تعالى يقول ( فما استمتعتم به منهن فأتوهن اجورههن فريضة ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة" النساء " فإذا تراضى الطرفان على جزء زائد على الفريضة أى الصداق كان ذلك ملزما لأنه تم عن تراض واتفاق.
3_واذا تراضى رجل وامرأة على الزواج وأراد ولى الأمر منع ذلك الزواج أى أراد "عضل المرأة " فإن القرآن يمنع ذلك العضل طالما تراضى الرجل والمرأة على الزواج بالمعروف ؛ والله تعالى يقول (وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوف) "البقرة232" أى أن التراضى فى عقد الزواج بين الطرفين يسرى فوق إرادة ولى أمر الزوجة.
4_ وحتى بعد حدوث الطلاق ووجود طفل فإن فصال الطفل عن الرضاع يجب أن يكون بالتراضى والتشاور بين الاب والام " (لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا " البقرة233"
5_ وحتى فى قصص الأنبياء فى القرآن الكريم نجد أهمية ذلك التراضى فى عقد الزواج ؛ فقد تراضى موسى عليه السلام مع الرجل الصالح على صداق مناسب (قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِين قَالَ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيل " القصص 27؛28" اتفق موسى مع الرجل الصالح على أن يدفع مهر ابنته عملا عنده لمدة ثمانى سنوات فإن أتم عشر سنوات عملا فذلك تفضل من موسى ؛ ووافق موسى على أساس ان يختار لنفسه أى الأجلين دون حرج ، وجعلا الله تعالى وكيلا على عقد الزواج. ذلك نوع جديد من الصداق ؛ ان يكون عملا يؤديه الزوج يستمر عدة سنوات ، ولانه تم التراضى عليه فقد أصبح لازما وأصبح به العقد صحيحا .
6_ والقاعدة القرآنية الشرعية تجعل العقد شريعة المتعاقدين ؛ والله تعالى يقول (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُود ) المائدة1"
وعليه فإنه يمكن القياس هنا ؛ مع الأخذ فى الإعتبار أن عقد الزواج من أهم العقود التى يعقدها الانسان ؛ والله تعالى وصف عقد الزواج بأنه "ميثاق غليظ" النساء21" . فإذا تراضى الطرفان على شرط فى عقد الزواج اصبح ملزما للطرفين ؛ لأن ذلك فى إطار الزواج الشرعى وليس فيه تلك التجاوزات التى نهى عنها القرآن وليس فيه ايضا ذلك " السفاح" او" اتخاذ الاحذان " اى الزنا واتحاذ العشيقة .......
وعليه فإن اتفاق الزوجين على تحديد مدة للزواج لا يقدح فى صحة الزواج خصوصا وأن قوله تعالى " ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة" جاء عاما فيما يقع عليه التراضى ، سواء كان التراضى على جزء زائد على المهر او المؤخر او كان على تحديد مدة للزواج او على شىء اخر فى إطار الزواج الشرعى .

ســ ) أذن على هذا فإننى استطيع ان اتفق مع أى امرأة على أن أتزوجها لمدة نصف ساعة ثم اطلقها بعد ذلك ويكون زواجا شرعيا ؟
جــ ) لكى يكون ذلك زواجا شرعيا لابد من مراعاة الشرع فى كل شىء .
1- قبل عقد الزواج
• لابد ان تكون من خارج المحرمات المنصوص عليهن فى سورة النساء (24:22)
• ولابد ان تكون عفيفة غير موصوفة بالزنا مصممة عليه دون توبة ، فاذا تابت عن الزنا زالت عنها تلك الصفة، ونفس الحال للرجل الزانى اذا تاب ، {الفرقان : 68 ـ70 }
• وألا تكون مشركة – ليس الشرك العقيدى فى التعامل مع الله تعالى ، فذلك مرجعه لله تعالى يحكم فيه بيننا يوم القيامة فيما نحن فيه مختلفون – ولكن الشرك السلوكى فى التعامل مع البشر ، بمعنى الاعتداء بالقتل على المسالمين، أو الاجرام الذى يستحل قتل الأبرياء، أو الارهاب بالمفهوم المعاصرالذى يعنى قتل المدنيين وغير المحاربين ، فالارهابى فى عصرنا هو المشرك مهما كان الشعار الذى يرفعه – وذلك طبقا لمفهوم القرآن عن مصطلح الشرك السلوكى فى التعامل مع الناس. ومن يبتغ التأكد فعليه بمراجعة المصحف المفهرس لألفاظ القرآن الكريم ليتدبر الآيات التى ورد فيها ألفاظ ومشتقات الاسلام والايمان والشرك والكفرو الفسق والظلم والاجرام والاعتداء والعدوان والقتال والبغى. ونعود الى موضوع المتعة وتحريم القرآن الكريم للزواج من المشرك ـ أى القاتل الارهابى المجرم والمشركة التى على شاكلته ـ والمدمنة للزنا والمدمن للزنا دون توبة. الله تعالى يقول عن ذلك : " (الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِين).
* ولابد أن توفى عدتها إذا كانت قد تزوجت من قبل ودخل بها زوجها .
أما اذا كانت فتاة او مطلقة لم يدخل بها زوجها فليست لها عدة ، والله تعالى يقول (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا الاحزاب 49"
2- فى عقد الزواج :
طالما كانت خالية من كل الموانع الشرعية كانت صالحة للزواج الشرعى اذا دفع مهرها لأنه فريضة وحق للزوجة . ويتم عقد الزواج بحضور الولى - الذى تختاره العروس - واثنين من الشهود ، وكأى عقد يجوز لكل طرف ان يشترط لنفسه ما يشاء طالما رضى الطرف الآخر ، وماتم الاتفاق عليه يصبح فى العقد واجبا ملزما . وكانت العقود تتم شفهيا ، أو يتم كتابتها . وبقيام الدولة الحديثة فى مصر تم صياغة عقد موحد فى بنوده الأساسية لكل زواج ، وتحدد شخص معين أصبح مأذونا له بكتابة العقد للزوجين – هو المأذون الشرعى – ولكن هذا لا يمنع من شرعية أى عقد زواج بدون مأذون ، أو بدون كتابة طالما حضر وشهد الولى والشهود وأخذت المرأة صداقها.
3- واذا تم عقد الزواج بشرط تحديد مدة معينة وكانت نصف الساعة كما تقول ثم طلقها بعد نصف ساعة فذلك يتطلب الحقوق والالتزامات الشرعية الآتية :
ا - أن تظل فى بيته ينفق عليها طيلة مدة العدة للتأكد إن كانت حاملا من عدمه ؛ والعدة " ثلاث حيضات" للمطلقة ؛ اى حوالى ثلاثة اشهر.
ب – اذا تبين فى مدة العدة انها أصبحت حاملا امتدت عدتها إلى الوضع – الولادة - تحت رعايته ونفقته .
ج- واذا أنجبت كان عليه نفقة المولود الى أن يشب ويعتمد على نفسه، وكان عليه أيضا نفقتها إذا كانت ترضع الطفل ؛ والله تعالى يقول عن حقوق المطلقة (أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى " الطلاق6"
د- وبعد العدة واكتمالها تصبح المرأة صالحة للزواج مرةاخرى ؛ ولكن فى كل الحالات يكون للمطلقة حق المتعة وهو قدر من المال يحدد بالمعروف والله تعالى يقول (وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِين " البقرة 241)
ه- وحقها فى المتعة لا ينفى حقوقها الأخرى مثل الميراث اذا توفى وهى فى عصمته ، اوإذا كان لها مؤخر صداق .
وتلك الحقوق التى كفلها الله تعالى للزوجة والمطلقة قد حصنها القرآن بسياج هائل من التخذيرات والأنذارات حتى لا تتعرض للإنتهاك من الرجل ؛ وذلك التحذير والتهديد مرجعه إلى أن الانسان هو وحده الذى يستطيع التنفيذ ويستطيع ايضا العصيان والتلاعب ولا تستطيع قوة بشرية ان ترغمه على إنصاف امرأة يريد الكيد لها. والمحاكم الشرعية وما يحدث فيها خير دليل على ذلك .
والمهم ان زواج نصف ساعة يترتب عليه آثار جانبية خطيرة بعد المهر ؛ اى تنقضى الثلاثون دقيقة من ( زواج المتعة ) ويأتى بعدها شهور من المعاناة ينفق فيها على المطلقة ما بين نفقة إلى سكن إلى متعة ؛ ثم اذا كانت للزواج آثار جانبية ، أى أسفر الزواج عن حمل كانت المصيبة اعظم ؛ ليس فقط فى الرضاعة والانفاق على الطفل ؛ ولكن فى اكتسابه ابنا لم يكن فى حسبانه وهو يحلم بمتعة النصف ساعة......
هذا هو الزواج الشرعى ومستلزماته سواء كان لمدة نصف الساعة أو كان تأبيدة تستهلك العمر....
وإذا طبقنا الزواج الشرعى ـ المؤقت أو المؤبد ـ وفقا لتشريعات الله تعالى فى القرآن الكريم أصبح التراث المكتوب عن زواج المتعة نوعا من اللهو الفقهى أو القصف الحربى بالأحاديث المزورة.
والله تعالى المستعان.