وجوبها و وقتها ?
* محاولة تحقيق ما يسمى بـ:" ا قـيام لليل" من كتاب الله *

عبد الرحمان حواش في الأربعاء ٠٨ - أغسطس - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً

 


  * محاولة تحقيق ما يسمى بـ:"  قـيام  الليل"  من كتاب  الله  *

 

ــ في هذا المبحث  سنحاول -  معاً -  بحول الله  -  تحقيق  صلاة الليل من، وفي كتاباللهالمبين.

1) هل هي واجبة وفرض، على كل المؤمنين، كالصلوات التي أمر الله بالمحافظة عليها ?  البقرة 238.

2) أم هي مرغّـبٌ فيها، من قبل اللهالباري ربّ العالمين ?

3) وما وقتها ?

4وهل  تصلـّى  فرداً أم  جماعة ?

5هل يُجزى مقيمها ?ويُعاقب  تاركها ?

6هل هي إخبار للمؤمنين، عن المومنين، أو عن أهل الكتاب، أو عن الرسول (الصلاة والسلام عليه ) ?أم هي أمر لهم ?

ــ أسئلةغامضة ولكنها بيّــنة أجِوبتها، في كتابه المبين، سنحاول -  معا -  تحقيقها .بعون منالله. ( أفلا يتدبرون  القرءان أم على قلوب  أقفالها ).

ــ قبل الشروعفــي تبيـين ذلك من كتاب الله،حسب ما وجدت، وحسب الترتيب القرءاني،وبماأنموضوعنا له صلة مباشرة مع الليل،الذي هو جزء من اليوم. فما هو مفهوم وماهية الليل في كتاب الله !?

ــ( ... والله  يقدر  الليل  والنهار ...) المزمل20.

ــ( وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر  أو  اراد  شكورًا) الفرقان 62.

ــ إن ءاخر الليلهو : ما  بـيّــنه اللهفي سورة البقرة 187( ... وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ...).حيث صلاة الفجر وكما جاء في  قوله تعالى، في الإستئذان ، الآية 58 من سورة النور ( ... من قبل صلاة الفجر ...) .

ــ وإن أوله هو : غياب الشفق الأحمر.  وهو حين صلاة العشاء ،ما جاء  في  قولــــه تعالى:

( أقم الصلاة لدلوك الشمس ...) الإسراء 78. هبوط الشمس وزوال أثرها .  déclin( مع إبدال) وما جاء في ذكر صلاة العشاء  ءاية النور 58.

ــ ويعززذلك ويثـبّــنه ما جاء  في  سورة هود 114.( وأقم الصلاة طرفي  النهار...).

ــإذن، فالليل: من وقت صلاة العشاء إلى حدود وقت صلاة الفجر. فذلكم الليل أو طرفي النهاركما جاء  في الآية السالفة الذكر.

ــ وليسمن طلوع الشمس إلى غروبها - كما ذهب إليه بعض المفسرين - لأن الله لم يفرض صلاةً، عند طلوع الشمس !?لنتدبّــر !

ــ ولنتدبّـرتلكم الآيات البينات المبينات التي ورد فيها ذكر" قـيام الليل " .

ــ ما جاءفي ءاية ءال عمران 113. وما جاء  في ءايتي الإسراء 78/79. وما جاء في ءاية هود114. وما جاء في ءاية الفرقان 64 . وما جاء في ءاية السجدة 16. وما جاء  فـــــــي ءاية

الزمر9 . وما جاء  في ءاية الذاريات17.وما جاء في ءايات المزمل 1 إلى 6.  والآية 20 منه وما جاء في ءاية الإنسان 26.

ــ عشرءايات بينات ،سندرسها ، ونتدبرها واحدة تلو الأخرى ، وذلك بعون من اللهورشده.

  

1 ) الآية 113 من سورة ءال عمران :

( ليسوا  سواء من أهل الكتاب أمة  قائمة  يتلون ءايات الله ءاناء  الليل  وهم  يسجدون ).

ــ نلاحظ  التعبير بـ : من أهل الكتاب ، بعض منهم، ليسوا سواء في إيمانهم بالله واليوم الآخر، وكذا في الجزاء ، -  طبعا -  كما سيأتينا.

ــ جاء أنأمةً منهم  -  زيادة على إيمانهم -  يتلون ءايات الله، ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر و ...

ــ جاء أنهم يتلونءايات اللهلا أنهم يصلون. قد تكون ءايات الله في الكون، يذكرونها ويذيعونها فيسجدون الله عند ذلك !سجود التلاوة – كما نعرف ذلك ، سجود  تعظيم وتسبيح. - كما أخبرنااللهفي ءايات الإسراء 107/109. ( ... إذا يتلى عليهم  يخرون  للأذقان  سجداً ... ويخرون للإذقان  يبكون ... ) وهي الحقيقة !وهذا هو المقصود من هذه الآية  لنتدبــر!نلاحظ: ( ... إذا  يتلى  عليهم ... ) . وكما نعلم ، هناك فرق كبير بين القراءة  والتلاوة !

ــ ءاناء  الليل-  لا  كل  الليل -  وإنما هو، في غضونه،  وفي أثنائه، وفي خلاله...  وكان لهم أجر خاص على ذلك ، بقوله تعالى بعد ذلك الآية 120: (.. وما تفعلوا من خير فلن تُكفـروه ..)

 

2) الآية 114 من سورة  هـود .

( وأقم الصلاة  طرفي  النهار  وزلفا من الليل  إن الحسنات  يذهبن السيئات …).

ــ هذه الآية تأمرنا بالصلاة، طرفي النهار، وهي  صلاة  الفجر : أول خيط  - أبيض -  من النهار، وصلاة العشاء ، أول خيط  أسود  من الليل.

ــ وتأمر-  ضمنا -  بالصلاة  المستحبـّـة في أول اليل – زلفاً  من الليل ، أول الليل  كما  جاء في ءاية أخرى إلى غسقالليل أوّله ، وءاخره. علماً وأن إلـى  للغاية  ما جاء في سورة الإسراء 78.  ( أقم الصلاة  لدلوك الشمس  إلى غسق الليل …)  قبل نصف الليل  كما سيأتي.

 

3) الآية 78  من سورة الإسراء :

( أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرءان الفجر إن قرءان الفجر كان مشهودا ومن الليل فتهجد  به  نافلة  لك ... ) .

ــ فتهجّــد به :الضمير هنا ، عائد إلى القرءان  المذكور قبله .

ــ ملاحظة : نـــجد  التهجد  هكذا : كتابة ، وصوتاً ، عـــند  الديانة  العبرية مــا يسمونـــه :

La  Haggadah.وهي صلاة ?أم  طقوس يذكرون فيها ، ويشكرون فيها، خروجهم  من مصر، ونجاتهم من  فرعون !

ــ نافلة: زيادة على صلاة العشاء، جاءت نافلة في  سورة الأنبياء 72تدلّ  -  كذلك -   عــلى الزيــــــــادة : ( ووهبنا له إسحاق ويعقوب  نافلة...) بعد أن وهب له إسماعيلالذبيح                                    

(عليهم السلام). زاد له ( وهب له ) نبيــين، ولدين: إسحاق ويعقوب ، من غير أن يحتسبهما.

ــ نلاحظ : التعبير هنا : بـ :  لــك . ( أنت ) يا رسول الله( الصلاة والسلام عليه ) ولم يقــل :لكم !لـكمن دون المؤمنين.

ــ من إصطلاح القرءان أن خطاب النبئ تشريعٌ، تدخل فيه أمته، إلا إذا دلّ دليل على اختصاصه بذلك الحكم!مثل: ( يا أيها النبئ إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن...)الطلاق 1.

ــ جاء ذلك  صريحاً  - هنا -  بـ : لـك.

 

4) الآية 64 من سورة الفرقان :

( والذين  يبيـتون  لربهم سجدا  وقياما ).

ــ في هـذه الآية والآية التي قبلها  ( وعباد  الرحمان الذين ...) جاء  قوله تعالى ( والذين يبيتون لربهم ...) .

ــ نلاحظ :أنّ عبادة اللهجاءت كذلك ، بالتسبيح ، والّذ ّكـر، والإستغفار... حتى في الفراش، نلازمه ، في ءايات كثيرة من كتاب الله، خاصة منها : ( الذين يذكرون  اللهقياما  وقعوداً وعلى  جنوبهم  ويتفكرون في خلق السماوات والأرض..) ءال عمران 191.

ــ وما جاءفي قوله تعالى:( فإذا قضيتم الصلاة  فاذكروا الله قياما وقعودا وعلى جنوبكم... )  النساء 103.  وما جاء  في  سورة  يونس12  وفي الزمر9. وهنا المقصود بيّــن أنهم بعض من عباده، لا كل عباده، ولذلك  قدّر الله عملهم وأجزل لهم الثواب، أولئك لهم جزاء خـاص.( أولئك يجزون الغرفة بما صبروا ويلقون فيها تحية وسلاما ) .

ــ ملاحظة :  التعبير بـ : ( ... يبيتون ...)  لا شك أن المقصود منه : بعض من  الليل ، لأناللهجعل الليل – لباسا ، وجعله  سباتا، وجعله  سكناً، و... -  كما  سيأتينا –

ــ البيات : كناية عن الليل : ( ... أن يأتيهم بأسنا  بياتا وهم  نائمون ) الأعراف 97. ومثله في يونس50. ( ... بياتا أو نهارا ...) .

ــ ملاحظة : إن البيات  يقابله الليل  كما تقابله القيلولة في الآية 4 من سورة الأعراف. الهاجرة ، le méridien.

 

5) الآية 16 من سورة السجدة :

( تتجافى جنوبهم  عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ...) .

ــ تتجافى: تتباعد وتجتنب مضاجعها، وذلك  قبل الإيواء إليها. إنه يراها  تنتظره، لتتلقاه،  فإذا  به  يعرض عنها للإتصال باللهوعبادته ، ودعائه.

ــ هنا الله  العليم الحكيم، لم يقل : تتجافى جنوبهم  مـنالمضاجع ، ينامون ثم يقومون منها كما يفهمه البعض !?ويدعونربهم ... لا يصلون لربهم !  الصلاة : خشوع وخضوع !والدعاء: طلب واستنجاد .

ــ عـن: تفيد التجاوز - وهو تجاوز المضجع -  قبل  أن يـُنام  فيه،  لا النهوض منه  كما  يفهمونه خطأً.

ــ لم يقل الله سبحانه وتعالى في هذه الآية : تتجافى جنوبهم عن المضاجع ، يصلــــون ،  بـل : (يقيمون الصلاة ) وإنما عبّـر اللههنا، بالدعاء والدعاء غير الصلاة. (... يدعون   ربهم  خوفا من غضبه، ومن عذابه، وطمعا  في مغفرته ونعيمه ).  والدعاء  غير مرتبط  بالصلاة،  كما أن الصلاة غير مرتبطة  بالدعاء.

ــ جاء قولهفي سورة الأعراف 56 : ( ... وادعوه  خوفا وطمعا ...) ومما جاء  في الدعاء ، قوله تعالى في سورة غافر 60( وقال ربكم  ادعوني  استجب لكم ...) ومما جاء فيه ، قوله تعالى في سورة الفرقان77: ( قل ما يعبؤ  بكم ربي لولا دعاؤكم ...)

ــ وهنا الجزاء : ( فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون )الآية 17. من نفس السورة ( السجدة ).

 

6) الآية 9 من سورة الزمر :

ــ ( أمن هوقانت ءاناء  الليل  ساجداً وقائما يحذر الآخرة ويرجو  رحمة ربه ... )

ــ ءاناء الليل-  في غضون الليل، في أثناء الليل، - من أوله إلى نصفه، بالنسبة  للدعاء  والسجود، كما سيأتي لا  يتعدى ما قدّره الله !( طرفي النهار...) زلفا من الليل  إلىغسق الليل .

ــ زلـفـا من الليل: أوله ( القريب إلينا منه ) إلى غسق الليل : إلى النصف منه ، نهاية حلوكه !وعتمتـه !

ــ هنا فيهذه الآية  قد  تُقصد  الصلاة ?ذلك  بالتعبير بـ : ساجداً وقائما. أو غير الصلاة !?كما  وضّحتُ ذلك  - أعلاه – في الآية 64 من سورة الفرقان .

ــ جاء القنوت الذي بمعنى، الخضوع ، والإذعان ، والإستسلام ، والإخلاص لله وحده !

ــ جاء بالنسبة لإبراهيم ، ومريم ، ( عليهما السلام ) أنهما كانا  قانتين لله.120 النحل – و43 ءال عمران.

ــ وجاء ترغيبا، بالنسبة للنساء المومنات الصالحات . النساء 34 – التحريم 5.

ــ أما الجزاء فدائما جزاء خاص يأتي بعد ذلك في  الآية 10: ( ...  للذين أحسنوا  في هذه  الدنيا حسنة ... إنما يوفى  الصابرون  أجرهم  بغير  حساب ).

 

7) الآية 17/18  من سورة  الذاريات :

ــ ( كانوا  قليلا  من  الليل  ما  يهجعون  وبالأسحار هم  يستغفرون ).

ــ الهجوع النوم ?

ــ قليلاً  من الليل ، من أوله  طبعاً ، بعضاً من أول الليل  -  كما سيأتينا - 

ــ وبالأسحارهم  يستغفرون -  الأسحار، الساعات الأخيرة من الليل -  قبل الفجر. والإستغفار يكون حتى في الإضطجاع  قبل النهوض من الفراش !.

ــ سمى الله،  نومهم : (... قليلا  من الليل ما  يهجعون ...) سماه الله  إحسانا.

ــ وجاء  الجزاء  قبل  ذكر العمل  المُجازى عليه . ( إن المتقين في جنات وعيون ... إنهم كانواقبل ذلك  محسنين كانوا  قليلا من الليل ما  يهجعون  وبالأسحار  هم يستغفرون...) 

ــ وصفهم اللهبأنهم كانوا -  قبل  ذلك  في  الدنيا -  محسنين وإحسانهم :عبادة زائدة على غيرهم.

 

8) الآية  1  إلى 6  من سورة  المزمل :

( يا أيها المزمل قـم  الليل إلا  قليلا نصفه  أو انقص منه  قليلا  أو  زد  عليه  ورتل  القرءان  ترتيلا  إنا  سنلقي  عليك  قولا  ثقيلا  إن  ناشئة الليل هي  اشد  وطئا وأقوم  قيلا).

ــ فإذا ما تدبرناهذه الآيات من سورة المزمل حق تدبرها، نجد القيام المذكور في أول السورة غير إقامة الصلاة !ولا صلة له بالصلاة -  تماما -  فلنتدبر معاً، هذه الآيات  البينات نجد  أن ذلك لا يقوم من جوانب عـدّة:                                                                                                      

1) التعبير  بـ : قم ( ... قم  الليل ) الليلَ هنا  منصوب على  الظرفية، نلاحظ  التعبير بالفعلالثلاثي اللازم والمتعدي بحرف : قـُم،  عوضاً مـن " أقم " الرباعي المتعدّي !لم يقل الله العليم الخبير ( ... أقم  الليل ...) . ولا يكفي ذلك ! إن لم  يقل : أقم الصلاة، كما سيأتينا.

ــ قم!لا تتكاسل !ولا تتهاون !ولا  تتدثر!ولا تتزمل !-  كناية عن عدم الركون والإستكانة وإهمال الدعوة – أنشط !أنت والطائفة التي معك، في الإنذار، والتبليغ!واحرص!في نشر دينالله. لأن في أول الأمر، يأتي ترسيخ الإيمان بالله وحده، وترك عبادة الأصنام وما بقي من درن الشرك. ثم يأتي بعد ذلك ، وبعد ذلك - بكثير- الأمر بالصلاة المفروضة -  أولا - ثم النافلة !?لنتـدبر. ولا نستهزئ  بئايات الله البينات !( أفلا يتدبرون القرءان ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيرا ).

2) نفس التعبير بـ : قم " جاء بعدها  في سورة المدثر : قـم  فأنذر) فالقيام هنا بيّن  وأنه قيام  لغير الصلاة،  قيام  بواجب التبشير،  والإنذار، والتبليغ،  بما يوحي إليه.

ــ معناهفي كلتي الآيتين -  ولا اختلاف بين ماهية " قـم فيهما !(... قم الليل إلا قليلا...)

و ( ... قم  فأنذر ...) .

ــ ( يأيها المـدّ ثر قم فأنذر ...) ويأتي : ( يأيها المزمل قم الليل ...) ( الليل ظرف ) قم الليل بالتبليغ  وبالإنذار...  لا  أقم  الصلاة !

ــ القيام هنا  ثلاثي لازم ( ومتعدي  بـِحرف )  في كلتي الآيتين وهو الشروع  والمبادرة  في  التبليغ من غير ضياع  للوقت، والقيام والعمل، من أجل ذلك، طول الليل، لأن البيئة حارة نهاراً. بين اللهذلك بعد ذلك  بتعبيرين :

أ- قوله : إنا سنلقي عليك  قولا  ثقيلا -  معناه  أن  ما  ينتظرك  أكبر، وأعظم  في  الحرص للتبليغ، يبين الله ذلكم القول الثقيل بقوله  في سورة  الحشر 21  ( لو أنزلنا  هذا  القرءان  على  جبل  لرأيته  خاشعا  متصدعا من خشية الله ...) .

ب – بيّـن له أن العمل بالليل، مثل قطع المسافات – رجالاً أو ركباناً - ليلاً  هي  أشد وطئا، أشد تقدماً وإيصالا، وتبليغاً. حتى القيلولة: قيلا  بعد ذلك تكون أحلى ، هـــــــي أقوم ( مفيدة)         

لشدةالحرالذي كان  عندهم !ولذلك جاء  التبليغ  والإنذار بالليل . (... وحين تضعون ثيابكم  من  الظهيرة ...) ( القيلولة ). بالنسبة  لقوله : ( ... وأقوم  قيـلا ...).

ــ نلاحظ :أن  قيلا  ليس معناه: قولا  كما ذهبوا إليه !?  لا صلة له بالقول في هذا  السياق.

ــ المفهوم منهذه الآيات أنه ( الصلاة والسلام  عليه ) وطائفة معه ( والسابقون السابقون) 10 الواقعة. في الإيمان، وفي القيام بتبليغ الرسالة. كانوا يبلغون،ويبشرون  وينذرون، بالليل  ويدرسون، ويتدبرون، ما نزل إليهم  من ربهم ( ... ورتل القرءان ترتيلا )

ــ أقيموا:الرباعي المتعدّي، جاء من أول القرءان إلى ءاخره، إذا ما أريد به الصلاة، جاء مقرونا بالصلاة -  لا محالة -  : إذا أقمت لهم الصلاة، إذا قمتم إلى الصلاة، أقيموا الصلاةويقيمون الصلاة، أقاموا الصلاة ، قاموا  إلى الصلاة ، والمقيمين الصلاة، إلى غير ذلـــك ...

الفعل الرباعي المتعدي " أقام " تأتي بعده " الصلاة " وجوباً. ( ... ولو كان من عند غير الله لوجدوا  فيه اختلافا  كثيرا ) .

ــ نلاحظ:أنه، حتى في التعبير بقوله " قـم " الثلاثي جاء التــعدي بـإلى(قاموا إلى الصلاة...)   لأنه لازم ومتعدي بحرف.

ــ جاء هذا التنشيط، والتحريض، المفرطين  من لدن العليم الخبير، في أول سورة المزمل  وكذا في أول  سورة المدثـر. ذلك  لتحريضه ـ وتذكيره،( الصلاة والسلام عليه) أن لا  يتكاسل ولا يتأنى في  تبليغ  وتبيين ما يتنزّل عليه،  ليُذكي  فيه  قوة الإندفاع ، هو وطائفة معه. ولا صلة لهبالصلاة أبداً إذ الصلاة لم توجب ، ولما تُفـرض بعد !                                              

ــ جاء المتعدي الرباعيأقام " لغير الصلاة " :

ــ ( ... أن أقيموا الدين ...) . (... وأقيموا الوزن ...). ( فأقـم وجهك للدين حنيفا ...).

(... أقاموا التوراة والإنجيل...) ( ... وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد ...) ( ... وأقيموا الشهادة لله ...) إلى غير ذلك .

ــ كيف يُعقلوكيف يُفهم أن يأمر اللهرسوله ( الصلاة والسلام عليه ) بصلاة الليل !!?والصلاة الفرض لـمّـا تفرض  بعد !?. وحتى الرسالة لمّا  تبلغ !?وهي لا تزال فـــي حظيرة ( التزمّـل، والتدثر !لنتدبر !

ــ بربـكم !كيف يلومه الله  سبحانه وتعالى عن ذلك علواً كبيراً !?كيف يؤنبه اللهعلى عدم الصلاة ثلثـي الليل - كاملة - ?- حوالي خمس ساعات -  على أقل تقدير-  خمس ساعات متواليات -  ركوعاً  وسجوداً !?  وذلك :

أولا : قبل  فرضية  الصلاة ، وثانيا: قبل الخطوات الأولى في  نشر الرسالة،  التي جاء بها، حتى على الأقربين من عشيرته !?وإيصال وتبليغ دين اللهالذي بُـعث  من أجله !?.

ــ هذا هُراء وسخرية بالله وبدينه وبرسالته !وخمس ساعاتركوع وسجود !?وما هذه  البلادة  في الفهم !?خطئاً أم افتراءً  على الله   !? أم  بقصد !?

ــ ملحظ  مهم  جـداً :

ــ تعزيزا لما سبق في تبيـين الفرق الفارق بين التعبير بـ  "قـم  " الثلاثي  اللازم (والمتعدي بحرف) وما تصرف منه ،وبين التعبير بـ  أقـم "  الرباعي المتعدي، وما تصرف منه – علماً وأنه إذا أراد الله به الصلاة  فإنها تأتي مفعولاً بعده مباشرة ووجوباً ! وفي كل مرة !!.

كما  ذكرت !.

ــ نجد ما يعزز مفهومنا  في " قـم " اللذين جاءا  في  أول سورتي  المزمل ،والمدثــــــــر.                                                                                                        

( يأيها المزمل قم  الليل ...) ( الليل  ظرف ) و ( يأيها المدثر قم فأنذر...) واللذان مفهومهما واحد. قـم لتبليغ  الرسالة ولا تتأنى ولا  تتكاسل !

ــ ذلك:قوله تعالى في سورة الشعراء 217/219 ( فتوكل على العزيز الرحيم الذي يراك حينتقوم وتقلبك في  الساجدين إنه هو السميع العليم ).

ــ علما وأنهذه الآية جاءت بئايتين بعد قوله تعالى : وأنذر عشيرتك  الأقربين...) .

ــ بعد ذلكالأمر جاء قوله : ( فتوكل على العزيز الرحيم  الذي  يراك حين تقوم ...) . الذي يراك حين تقوم لدعوة تلكم العشيرة التي هي متفرقة هنا  وهناك !لا حين تقوم للصلاة، فلا  نتبلد. أين الإبلاغ ونشر الرسالة !?مثل ما جاء في قوله تعالى: ( واصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا وسبح بحمد ربك  حين تقوم ) 48 الطور. حينتقوم - دائما -  للدعوة  والتبليغ .

ــ ءا الصلاة !? قبل التبليغ !?وأين مـَن بعد العشيرة !?لنتدبر، ولا نفتري على الله غير ما نزّل، وبيـّـن بئاياته البينات المبينات !?(هو الذي أنزل عليك الكتاب ... وأخر متشابهات  فأما الذين في  قلوبهم  زيغ  فيتبعون  ما  تشابه  منه ...) ءال عمران7.

ــ أما التقلب في الساجدينفليس المقصود  به -  كذلك -  المصلين !?لأن الصلاة لمّا تفرض بعد !وإنما هي كناية، أن تقلبه كان بين عشيرته وقومه الذين يُـبلـّغ لهم، وينذرهم فئامنوا بديناللهوبرسالته. أولئك الذين كانوا من قبل يسجدون للأصنام، فصـاروا  يسجدون

للهخضوعا وإيمانا  به . كل ذلك ، عوض أن يتقلب في فراشه ، ويبيـنه، ما جاء في أصحاب الكهف:(... وتقلبهم  ذات اليمين وذات الشمال ...) ( ... وتقلبك  في الساجدين ...) بين الساجدين للأصنام  وبين  الساجدين  لله...

 

9) الآية  20  من سورة  المزمل :

( إن ربك يعلم أنك تقوم  أدنى  من ثلثي الليل  ونصفه  وثلثه  وطائفة  من الذين  معك والله يقدر الليل  والنهار علم أن لن  تحصوه  فتاب  عليكم فاقرأوا  ما تيسر من  القرءان علم أن 

سيكون منكم مرضى وءاخرون  ...  وءاخرون ...  فاقرأوا  ما  تيسر منه  وأقيموا  الصلاة... واستغفروا الله  إن  الله  غفور  رحيم ) .

ــ في هذه الآية  خفف  الله، عن  رسوله  ( الصلاة  والسلام  عليه ) وعن طائفة  المؤمنين،  الذين اتبعوه وعزروه  في  الدعوة ، خفف عنهم القيام ، في تبليغ، ونشر الدعوة ، لأنها بدأت هذه  في التوسع والإستقرار شيئا ما !.

ــ في هذه الآية جاء  ذكر الطائفة التي  كانت تقوم بالتبليغ مع الرسول ( الصلاة والسلام  عليه ) من المؤمنين الأوائل. ( ... السابقون  السابقون ...) .

ــ لم يطيقواذلكم  الجهد الجهيد  في القيام بالدعوة ( لا بالصلاة !)  خفـّـف  الله عنهم  وتاب  عليهم ( عدم المؤاخذة ) ، كما خفف  اللهعنهم في القتال - بعد  ذلك -  ما جاء في  الأنفال 66.

( ألان خفف الله عنكم ووجد  فيكم  ضعفا ...). كأنمقصود الدعوة  ونتيجتها  قد  حصل نوعا ما !فأمرهم بتدبر القرءان وذلك بقراءته  ونشر ما  تيسر  منه 

ــ يبدو، أن هذه الآية 20من ءاخر سورة المزمل، نزلت بعد فرضية الصلاة بمكة وفي السنوات الأولى من البعثة وبعد نزول أولها بشهور وشهور -  والله  أعلم - 

ــ خاصة ،وأنه جاء  ذكر إقامة الصلاة  ولأول مرة . بعد أن انتشر دين اللهبقيامهم بنشره وتبليغه،  بكثافة،  طوال الليالي، بقوله ( ... وأقيموا الصلاة ...)

ــ نلاحظ : -  مرة أخرى -  أن التعبير مخالف  - تماما -  بين " قـم " فـــي أول السورة : " قم " للدعوة  سورة المزمل . ( قم فأنذر ...)  وما جاء  في  آخرها : ( ... وأقيموا  الصلاة ...)  بعد  ترسيخ  الدعوة -  نوعاً  ما !، وبعد التبشير، والإنذار بها . لنتدبــر !.

ــ بربكم !كيف يُـعقل أن يأتي ما يُسمونه -  بقيام الليل - !  وإلى ثلثـيه خمس ساعات ?صلاة، ركوع وسجود !?في فهمنا غلطا، أو افتراء   لكلام الله !?وأنه  الصلاة  قبل أن تفرض الفريضة !?فهذا لا  يـُعقل أبداً، أبداً...

ــ فلما فـُرضتبعد شهور وشهور- على الأقل -  بعد بدء  الوحي، ونزول السورتين المزملوالمدثر، جاء هنا  ذكر الصلاة  بل إقامة الصلاة ( ...وأقيموا الصلاة ... ) .

ــ نلاحظ : أن الله سبحانه وتعالى في الآية 20 من سورة المزمل ، جاء في أولها : ( أن ربك يعلم أنكتقوم أدنى ...) قـم - الثلاثي اللازم  والمتعدي  بحرف. وفي ءاخرها يأتي ولأول مرة ?( ... وأقيموا الصلاة ...). أقم  -  الرباعي المتعدي -                                                 

10) الآية 26 من سورة الإنسان:

( ومن الليل فاسجد له وسبحـه ليلا  طويلا )

ــ نلاحظ  هنا أن ( ليلا طويلا ...) جاء بالنسبة للتسبيح لا للسجود ، ذلك لأن ذكر الله، والتفكير في خلق السماوات والأرض ... والإستغفار بالأسحار ( ءال عمران 17 والذاريات 18). الإستغفاربالأسحارلا يستلزم النهوض أو القيام من الفراش !لنتـدبر !  ( الذين يذكرون الله قياما وقعوداً وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ... ).

ــ ومنالليل . مـنبعض أول الليل كما  بينت وبينت !

 

 فرضيتها  وجزاؤها  *

ــ سنعلم  فرضيتها حسب جزائها.

ــ فليست فرضاً ولا واجبة، وإنما هي صلاة أو ذكر، أو سجود، أو تسبيح، أو تلاوة، أوقـــراءة، - أي عبادة -  أو تفكير في خلق السماوات ...  وذلك في النصف الأول من الليل.  كلما ذ ُكرت أو أشير إليها، إلا وجاء جزاؤها بعدها أو قبلها.

 

ــ نلاحظ : -  كما سبق أن ذكرت -  وأن الليل في أول سورة المزمل كان أمــــراً  للرسول (الصلاة والسلام عليه) بالقيام  بالإنذار وبالتبليغ وبالتبشير. بـ :  قم ، لا  " بأقم "  الرباعي الذي يجب وجوبا  أن  تأتي الصلاة  بعده -  كما تقدم - .

ــ فمثلا جاء  الجزاء  حسب الترتيب السابق هكذا :

1) ــ ما جاء في سورة ءال عمران 114/115 ( وأولئك من الصالحين وماتفعلوا من خير فلن تُكفروه ... ) .

2) ــ  ما جاء في سورة الإسراء 79  ( ... نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاما محموداً ).

3) ــ ما جاءفي سورة هود 114/115 ( ... إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين واصبر  فإن الله لايضيع أجر  المحسنين ).

4) ــ ما جاء في سورة الفرقان 75 ( أولئك يُجزون الغرفة  بما صبروا...) .

5) ــ ما جاء في سورة السجدة 17 ( فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون ).

6) ــ ما جاء في سزرة الزمر10 ( ... للذين أحسنوا  في  هذه  الدنيا حسنة ... إنما يُوفى الصابرون أجرهم  بغير حساب  ).

7) ــ ما جاء في سورة الذاريات 16 ( ... إنهم كانوا قبل ذلك محسنين كانوا  قليلا من الليل ما  يهجعون و... ) .

8) ــ ما جاء في أول سورة المزمل ، لا صلة له - تماما-  مع إقامة الصلاة  وإنمــــــا  هــو:قــم الثلاثي اللازم والمتعدي بحرف " الذي هو ترغيب لمضاعفة القيام  بالدعوة والتبليغ، وعدم  التكاسل!هنا لم  تـُفرض  الصلاة ، بعد .

9) ــ ما جاء  -  كذلك -  في ءاخرها  في نفس القيام بالتبليغ ، وجاء زيادةً  قراءة  القرءانوإقامة الصلاة والقرض للهمن ماله!جاء الجزاء وهو ( ... وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه  عند الله هو خيراً وأعظم أجراً ...).

10) ــ ما جاء في سورة الإنسان 22 ( ... إن هذا كان لكم جزاء  وكان سعيكم مشـــــكورا ).

جاء ذكر الجزاء قبل ذكر العمل. وجاء بعد ذلك مفهوم المخالفة : ( إن هؤلاء يحبون العاجلة ويذرون وراءهم يوماً ثقيلا ) . وجاء كذلك : (إن هذه تذكرة فمن شاء إتخذ إلى ربه سبيلا).

ــ في كتاب اللهءايات كثيرة تـَنُصّ على زيادة، أو مضاعفة ، في جزاء  اللهالمنان الكريــم، للأعمال  الزائدة والخاصة، والخالصة من عبده،والتي يُسميها : إحساناً ، وعملا صالحا، وما نسميه نافلة وغير ذلك ...لا بدّ من ذكر بعض منها:

ــ (... وسنزيد  المحسنين ) البقرة 58. وما جاء في سورة الأعراف 161.

ــ ( ... فيضاعفه له أضعافاً كثيرة ...) البقرة 245.

ــ ( للذين أحسنوا  الحسنى  وزيادة...) يوسف 26.

ــ ( ... ليجزيهم الله أحسن ما عملوا ويزيدهم من فضله ...) النور 38.

ــ ( أولئك يوتون أجرهم مرتين ...) القصص 54.

ــ ( ... فأولئك لهم جزاء  الضعف بما  عملوا ...) سبأ 37.

ــ إلى غير ذلك...(  والله  ذو  فضل  عظيم ).

                                                                                                   

* وقتهـــــا  *

ــ أما وقتها  فبــيّــن -  تماما -  في كتاب الله،  فلا مجال  فيه  للإفتراء على الله، أو للعبث وإضلال المؤمنين في وقتها !?فإليكم  بيان  ذلك :

1) نبدأبالذي أوقع لهم الإرتباك  والإشكال، وهو سوء فهمنا لـقم للإنذار !أو أنك تقــوم  للإنذار !وقـم  للصلاة !?  أو  أنك  تقـوم  إلى  الصلاة !?.

ــ في ذلك الأمر، وفي ذلكم الإنشاء جاء  "  الثلثــين "  والنصف  " والثلث " ، هذه الأوقات المذكورة هل يعتبرونها من أول الليل، ومن بعد  صلاة  العشاء، أم يعتبرونها من ءاخر الليل  من قبل  صلاة الفجر !?  طبعا أنها مقصودة من قِـبل العليم الخبير من أول اليل – بعد  صلاة العشاء.  لنتــدبر !

2) ــ نبدأ - كذلك - بالذي أوقع في الإلتباس والإشكال، وهوالتعبيربـ:مـِـن: ( ... ومـــنالليل ...)   ما جاء في التعبير بـ : مـِـن  ( ... من الليل ...) ( ...ومن الليل  فتهجد  به  نافلة  لك ...)  الإسراء .  ( ... قليلا  من الليل  ما يهجعون ...) الذاريات – ( ... أدنى مـن  ثلثي الليل ...)

(... ومن الليل فاسجد له ...) على الأقل ...

ــ مـِـن :التبعيضية هذه -  تأتي -  مِـن أول الشئ . هنا، من أول الليل ، فإذا قـُدّم لك  رغيفٌ مستديرٌ -  مثلا -  لتأخذ منـه  فإنك، لا  ولن تذهب يدك إلى طرفه الذي يلي من قدمه لك  لتأخذ منه قطعة !?فإنك لا محالة  ستأخذ القطعة ( الكم ) الذي ترغب في أخذه !مما يليك مباشرة.  إذاً  فلـِــمَ  يذهبون إلى  وسط الليل  وإلى ءاخره !?ليأمروا  بقيام  الليل !?  فيه !?.

ــ وجاء تبيـين ذلك واضحا في قوله تعالى في سورة هود 114 وزُلفا من الليل ...)  والزلف من الليل : قُـربـُـه -  الليل  القريب !أوله !لنتدبّـر !

ــ إذن فحيثما جاء التعبير"بـمن" فالمراد من أوله. لا ننسى (... والله يقدر الليل والنهار...).

3) ــ ءاناء الليل : في غضون الليل... في أثناء الليل... والليل المراد ، والمقصود ، هو  أول الليل، النصف الأول لا غير!حــدُّهالأقصى غسق الليل، كما قدّره  سبحانه وتعالى في سورة الإسراء 78  ( ... إلى غسق الليل ...) . إلى : الغاية  والنهاية !.

4) ــ ( ... وزلفا  من الليل ...) هود 114. وهو الليل القريب ، الساعات الأولى من الليل ،  إلى  غسقه  فحسب ، كما سيأتينا .

ــ في هذه الآية  مقصدان :

ــ أولا وقت صلاة العشاء وتحديدها ( ... طرفي النهار ...) لأن الصلاة ( ... كانت  على  المومنين كتابا  موقوتا ).

ــ ثانيا : صلاة النافلة، المستحبّـة، والمرغـّـب فيها، لا صلاة، فحسب، ركوع  وسجود !بلوقيام ، وسجود، وتسبيح ، واستغفار، وذكر، وتفكير، وغير ذلك ... كما  بينت .

5) ــ  ( ... إلى غسق  الليل ...) الإسراء 78.

ــ في هذه الآية حـدّد اللهوقت كل صلوات الليل، مـن عشاء ، أو من نافلة ، جعل الله العليم الحكيم ، الغسق حدّا مفروضا، بــإلى (النهاية الزمانية). وبعد الغسق يكون الليلنوماً وسباتاً ، وسكناً، وراحة ً لإسترجاع  .القوى.

ــ غسق الليل: أقصاه،  ظلمة، وعتمة،  وحلوكا، وهو  لاشك  -  وسطه -  نصفه  -  وبيّـنه الله تبيانا واضحا بقوله تعالى في سورة الفلق ( ... ومن شر  غاسق  إذا  وقب ...) .

ــ هـنا : غاسق نكرة !لا يمكن أن يكون، الليل !?لأن الليالي  تتشابه في حلوك ظلمتها. وإنما هوالغاسقالإنسان المجرم، الذي يتلبس بأقصى الظلمة والحلك، للسطو على أموال الناس، وعلى أعراضهم، في الوقت (الممتاز) ، الذي يختاره المتعدي، والسارق، والمجرم،  لقضاء جرمهم،  وسرقاتهم !إذا وقب، إذا إنقضّ  وهجم !  لأن الناس قد أعياهم النهار وأول الليل.

 ( أفلا يتدبرون القرءان ولو كان من عند  غير الله لوجدوا  فيه  اختلافا  كثيرا)

 

 الخـــــلاصــــة  *

ــ أرجوأنني ألممــت بالموضوع ، شيئا ما !?.

ــ بعد ما تقدّم شرحاً واضحاً ، بيّــناً  -  بحول الله-  لا بـدّ من حوصلة  وتلخيص.

ــ بعد التـّـدبّر للآيات البينات  المبينات، التي جاءت في الموضوع، نلخـّــص معاً ما يلي:

 

1) ما نسميه : " قـيام الليل " ليس فرضاً ولا واجباً وإنما هو عبادات مُستحـبّـة  ومرغوب فيها -  في  الليل - .

ــ ليس صلاة فحسب !إنما هو عبادات مختلفة: صلاة ، ذكر الله، سجود، تسبيح ، إستغفار، و... و... وحتى تفكير في السماوات والأرض ( الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم  ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ... )ءال عمران 191.

ــ نلاحظ : ( ... وعلى جنوبهم ...).

ــ أ ــ الدليل القاطع على ذلك  هو : أنها  لم تأت، أمراً  للمومنين -  ولا مرة  واحدة -  وإنما جاءت إخبارا،ً  وإنشاءً  لهم .

ــ إنماجاءت بالنسبة لمحمـد ( الصلاة والسلام عليه ) ( ... نافلة لك ...) نافلة  ولك ، أنت  وحدك المقصود  بالأمر.

ــ وجاءت إخباراً عن المومنين المخلصين وعن علماء بني  إسراءيل : (أحبارهم ورهبانهم).

ــ ب ــ والدليل  -  خاصة -  أنها كلما جاء ذكرها في كتاب الله، أو حتى الإشارة إليهــــــا  

-  فقط  -  جاء بعدها، أو حتى قبلها ، ذكر الجزاء  الخاص بها. ولقد تتبعناها معاً، في العشرة  موضع ،  التي جاء فيها ذكرها. لنراجع : " فرضيتها وجزاؤها " فيما سبق.

ــ ج ــ والذي أضل  ولبّـس على المومنين، فهم هذه الآية، هو عدم استيعاب  فهــــــــم التعبيــربـقم " الثلاثي اللازم  والمتعدي  بحرف ، والتعبير بـأقم الرباعي المتعدي والذي يأتي بعده -وجوباً - المفعول وهو الصلاة : ( أقم الصلاة ... ) وما تصرف منه، كما شرحت ذلك، وأسهبت في تبيـين الفرق الفارق بينهما.

ــ د ــ بربكم كيف يفهمون ?  أنه لمجرد أن بدأ الوحي: يأيها المزمل ... يأيها المدثر... يلومهالله الذي أرسله أنه لم يصلّ ... أو  صلـّـى ... أدنى ... !وأدنى ... أين على الأقل !?إنذارالعشيرة  الأقربين !?وتبليغ  الرسالة  - عامة  - !?

ــ نفهم ذلك، إذا ما كانت الرسالة جاءت إلى محمد ( الصلاة والسلام عليه ) وحده !من دون الناس كافة !.

ــ أين الدعوةإلى هذا الدين ?الذي جاء لإخراج الناس من الظلمات إلى النور، بإذن الرحمان الرحيم !

 

2) وقتها لا يتعدى غسق الليل وهو نصفه ،الوقت المختار الذي ينشط  فيه المتعدي، والإرهابي، والسارق، والمجرم ، وينقضّ ويهجم  فيه  على أموال الناس وعلى أعراضهــم، كما بينت !

ــ (... إذا وقب) حيث الناس قد أعياهم السهر !أو العبادة !( ... والله يقدر الليل والنهار...).

ــ حسم اللهالعليم الخبير،من فوق سبع سماوات، وقت عباداته لا أقول قيام الليل ?وبس. حدد ذلكم الوقت بــإلى النهاية  الزمانية غسق الليل وذلك في ءاية الإسراء 78 .( أقم الصلاة لدلوك الشمس إلــى غسق الليل...) ( ومن الليل  فتهجد  به  نافلة  لك...)

ــ ( ... ومن الليل ...) في سورة الإسراء 79 يُـبينـه ما جاء في ءاية هود 114 ( ... زلفاً  من الليل ...) : الليل القريب ،  أول  الليل ...  هنا في هذه الآية من سورة الإسراء، المقصود بـه:  صلاة العشاء، وعبادات الليل، المرغّـب فيها ، والمستحـبّــة. ( وأقم الصلاة طرفـي  النهــــار وزلفا من الليل ...) زلفاً  من الليل، الليل  القريب  القريب  من النهار: نصفه الأول -  كما  بينت -  لنتــدبر !.

ــ (  أفلا يتدبرون  القرءان  ولو  كان من عند غير الله  لوجدوا  فيه  اختلافا  كثيرا ).

ــ ولا ءاية واحدة !  تأمرأو ترغب في العبادة  في  اليل  بعد  نصفه، بعد  غسقه !

ــ إذنفما بال الذين يُصلونها جماعة، واعتقاداً أنها مفروضة، وبعد منتصف الليل !?وفي وقت السحور !?إقتراء على الله ! وحُكماً بغير ما أنزل الله !

ــ فليصحّــحوا عملهم ذلك ،وليرجعوا إلى الصواب وإلى ما شرع الله!وليس لهم أن يشرّعوا غير ما  شرّع !

ــ فهم بذلك ينشئون بلبلة ، واضطراباً ، في نفس وفي المؤمن:                                    

ــ يقظة – فنوم -  فيقظة،  فنوم، في وقت الإبتغاء من فضل الله !?وقت المعاش !فهم لا  يتمتعون بسكن ، ولا براحة في الليل، لاسترجاع القوة، ولا يتمتعون بنشاط، ولا بحزم، في النهار !بلبلة ، واضطراب  في  كليهما !

ــ أما الله العليم الخبير، فقد  سـنّ: اليقظة وسـنّ بعدها، نوماً وسكناً وبعده للإبتغاء من فضل الله في النهار.

ــ في الحينأن الله: ( وهو الذي جعل  لكم  الليل لباساً  والنوم  سباتاً  وجعل النهار نشوراً)  الفرقان47. ( وجعلنا نومكم سباتاً وجعلنا الليل لباساً وجعلنا النهار معاشاً) النبأ 9/11

ــ ( ألم  يرو  أنا  جعلنا  الليل  ليسكنوا فيه والنهار مبصراً ...)النمل86.

ــ ( ... وجاعل الليلسكنا...) الأنعام 96.

ــ وما جاء في سورة يونس 67  ( هو الذي جعل لكم  الليللتسكنوا فيه والنهار مبصرا...).

ــ وما جاء في سورة غافر61  ( الله  الذي جعل  لكم الليل  لتسكنوا  فيه  والنهار  مبصرا ).

ــ وما جاء في سورة القصص 73  ( ومن رحمته جعل لكم الليل  والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوامن فضله  ولعلكم تشكرون ). وما جاء في ءاية الإسراء 12.

ــمن هذه الآياتيتبين لنا  -  حقا -  أن الله لم يُقدّر  الليل  والنهار عبثاً !( ... والله يقدر  الليل  والنهار ...) المزمل 20.

ــ نلاحـظ  التعبير  بـ : " يُقـدّر " بالمضارع  ذلك أن الليل  والنهار، في أيام الفصول الأربعة وطول السنة ، غير متساوية !  سبحان  الذي  قدّرها !

 

3) هل هي  مستحبـة   إن لم تكن  عبادة الليل واجبة ، ومفروضة ، فهي إذن  مرغـّب فيهاومستحبة -  ولا  يـُشك  في ذلك !-  لأن الله العليم الخبير ذكرها  وأخبر بها  في عشرة مواضع مع ذكر الجزاء  عليها، في كل مرة. ولم  يأمر بها ولم يذكر عقاباً على عدم إتيانها !

 

4) هل هي  عبادة  فردية  أم  عبادة  جماعية ?

ــلا يمكن أن تكون جماعية، إذا كانت عبادة  حرة  ونافلة، لا يعاقب على تركها  ويجازى  على  إقامتها.

ــ فلأن تكون صلاة تطوعية، إرادية ، ذاتية ،  فيجب  وجوبا أن تصلى على حدة . في زاوية من البيت حتى لا يكون فيها رياء، ولا مباهاة، وحتى لا تكونءالية، وراء الإمام، وخروجاً للبال !

ــ فالصلاة جماعة لا تكون إلا في الصلوات المفروضة، والصلاة الوسطى ( صلاة الجمعة).

ــ أما الصلاةالتطوعية النافلة، فهي إرادية اندفاعية، فيها نـيّة وقصد، وفيها خشوع، واستحضارذهن مستمر. خلافاً  لصلاتها  جماعة، وراء إمام  فيها كما  ذكرت : غياب الذهن وركوع  وسجود  ءاليين،  تبعاً للإمام، وتبعاً  لمن على جنبك،  يمينا  وشمالا، وأماما. وذكر الله فيها بالقلب  قليل بلا خشوع !

ــ وكـذا  كل العبادات من سجود، وتسبيح، واستغفار، وذكر ، ودعاء ، وتفكير  في  خلق السماوات  إلى غير ذلك ...

5) كما سبق أن بينت، فكلها ومن غير استثيناء، جاء فيها الجزاء الخاص بها واحدة، واحدة !كما جاء ذلك الجزاء الخاص -  وكما  أشرت -  على كل الأعمال الصالحة التي يأتي بها الإنسان إحساناً  وإخلاصاً  منه للله.

ــ نلاحـظأنه لم يذكر عقاباً على من لم يأت بها ، كما جاء في ترك الصلوات  المفروضــة  ( ما سلكـكم  في  سقر  قالوا  لم  نك  من  المصلين )المدثر 43.

 

6) جاءت كلها إخباراً وإنشاء ولم  تأت أمراً  للمومنين بها ، ولا مرة واحدة.  ما عدا  ما جاء  بالنسبة لمحمد( الصلاة والسلام  عليه ): ( ... نافلة  لك ...) .

ــ كما جاءت بالنسبة لأهل الكتاب ما جاء في سورة ءال عمران 113،

ــ وأخيراليس لنا - أيها المومنون !-  أن نـُرغــّـب ، أو أن نــُرهــّـب، في دين اللهوفي عبادته، سبحانه وتعالى، بغير ما  رغـّـب  فيه - هو-  ورهب فيـــه   العـــــــــــزيز  الحـكيم .  

-  خاصة -  أن نفتري عليه  ونحكم بغير ما  أنزل  العليم  الخبير !

ــ انتهىما فتح الله  علـيّ  في  تدبـّـر ءايات الله البينات  المبينات  في  ما  يسمونـــــــــــه

بـ: " قيام الليل " والتي يصلونها إعتقاداً وأنها فرض - وجماعة ، بعد غسق الليل عند  الأسحار                          

ــ أرجوأنني  أجبت  بوضوح وإسهاب على التساؤلات التي جاءت  في  المقدمة.  غفر الله  لي ولهم، وجعلني  وإياهم من متدبري  كتاب الله  -  حق تدبره -  وتصحيح ما فـُهم  منه خطأ أو افتراء عليه، حتى نتبع  -  حقا -  ما أنزل اللهفيه ، والحكم  به  ءامين !والحمد  للهربّ  العالمين.

 

واللــه  أعلــــم  ــ

اجمالي القراءات 18391