العناية للإنسان والرعاية للأنعام

سامر إسلامبولي في الإثنين ٢٢ - يناير - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً

 

العناية للإنسان والرعاية للأنعام

     لقد اشتهر في التراث حديث نُسِبَ إلى النبي العظيم (صلى الله عليه وآله) : [ كلكم راعٍ, وكلكم مسؤول عن رعيته ] فوجد ذلك الحديث استحساناً وقَبولاً وموافقة من قِبَلِ المستبدين والمستعبدين للشعوب ، لأنه يصفهم بصفة الراعي ، ويصف الشعوب بصفة الرعية ، وهي كلمة تكرس الاستعباد للشعوب لأنها تسلبهم حق التفكير والإرادة الواعية الحرة ، وتجعلهم مثل الأنعام تماماً سُخرة وفائدة للراعي فقط !! ومن ثم يساقون إلى الموت طوعاً أو كرهاً ليس لهم من الأمر شيئاً !!    

    فكلمة الرعاية كلمة ذات اتجاه واحد في الواقع متجهة من حيث النفع والفائدة للراعي لا للرعية ،  فالأنعام تُرعى لمصلحة الراعي لا لمصلحتها ، قال تعالى : [ كلوا وارعوا أنعامكم ] والمتتبع لاستخدام كلمة ( الرعاية ) في النص القرآني يجد أنها لا تستخدم إلا لغير العاقل مثل الأنعام والأشياء في قوله تعالى [ والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون ].

     أما كلمة ( العناية ) فهي كلمة تدل على النفع الموجه إلى مصلحة المعتنى به . فالعناية بالمريض هي لمصلحته وليس لمصلحة الطبيب ، ونقول : غرفة العناية المشددة . ولا نقول : غرفة الرعاية المشددة !!! .

قال تعالى : [ إياك نعبد وإياك نستعين ] بمعنى: نطلب منك يا الله الإعانة للقيام بأعمالنا وقضاء حوائجنا ، وهذه الإعانة موجهة لنا ، لا مصلحة للخالق فيها أبداً . وقال تعالى: [ وتعاونوا على البر والتقوى ] بمعنى: الاشتراك في عملية حصول البر والخير والصلاح لإكمال بعضنا بعضاً, وبالتالي المصلحة عامة للجميع .

   لذا ينبغي استبعاد مصطلح (الرعية) من الاستخدام الثقافي والخطاب السياسي , وإحلال محله مصطلح ( المواطنة) , وكذلك بالنسبة للمقيمين خارج الوطن ما ينبغي وصفهم بالرَّعايا ! وإنما بالتابعية .

     فنحن الشعوب لسنا رعايا لأحد ، ونرفض أن نكون رعية مثل المواشي والأنعام !!. فنحن مواطنون وتابعون, ونطالب بالعناية بنا لأننا كائنات عاقلة نملك إرادة واعية .

اجمالي القراءات 13771