في ظل انعدام ثقافة المقاومة
العمدة يفترع العروس قبل زوجها

نبيل هلال في السبت ١٢ - مايو - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً

كانت العلاقة بين الحاكم والمحكوم طوال تاريخنا، أو معظمه، هي علاقة السيف بعنق المحكوم عليه بالقتل، أو علاقة السوط بظهر المذنب، وفى أقل درجاتها، علاقة الكف بقفا المطلوب إذلاله. يذكر لنا ميكل ونتر في كتابه المجتمع المصري تحت الحكم العثماني أنه "في مصر العثمانية كان الإعدام بالخازوق طريقة شائعة، وكانت النساء المتهمات بالسلوك الشائن، يُربطن في ذيل الحصان ويتم جرّهن في الشوارع، ... ، وكانت هناك طريقة شنيعة للإعدام، وهى تقشير جلد المذنب وهو على قيد الحياة، ثم ملء جلده بالقش، ثم يوضع فوق ظهر حصان" .
وصدق المثل القائل : إذا كان رب البيت بالدف ضارباً فشيمة أهل البيت كلهم الرقص، إذ يبطش مولانا ولى النعم، فيصبح البطش سمة عامة يتسم بها كل ذي سلطان -أيا كان. فالقادر يبطش بمن هو أقل منه قدرة. السلطان يبطش بمماليكه، ومماليكه يبطشون بالناس ويغالون فى جباية الضرائب وفرض الإتاوات ويشتدون فى تحصيلها من الفلاحين المعدمين، بل كانوا يأخذون أبناء من يتأخر فى السداد كرهائن. وحتى البدو ينهبون محاصيل الفلاح المسكين، ويحدثناالشيخ حسين المرصفي في كتابه حديث الكلم الثمان ,تحقيق الدكتور محمد حافظ دياب , يقول : فإذا مر الواحد من البدو على فلاح يحرث أرضاً يسأله عن صنف الزراعة الذى أراده، فمتى عرف ذلك قال : أنا شريكك، وتركه ومضى، حتى إذا جاء وقت الحصاد حضر وقاسمه الغلة، ... ، وكانت البدوية من البدويات تمر بالرجل يسوق ساقيته فتنام له فى مدار الثور، فإذا لم يبادر الفلاح بمنعه من الحركة قبل أن يمس طرف ثيابها، هلك بسيوف قومها وخرب منزله. فكان يبادر بإيقاف البهيمة، ويسأل البدوية عما تريد، فتقترح عليه ما شاءت من بن وصابون وأقمشة، فلا تبرح مكانها حتى يحضر لها جميع ما طلبت. حتى العمدة فى القرية بما له من حظ متواضع من السلطة كان يمارسه بنفس الطريقة، يسرق الفلاحين ويغتصب الفلاحات فى ما كان يُعرف فى أوروبا فى القرون الوسطى بحق الليلة الأولى، إذ كان النبيل يضاجع كل عروس فى ليلتها الأولى. ذلك كان يحدث عندنا قبل مئة سنة أو نحو ذلك، ويستطرد الشيخ المرصفي قائلا "فالعُمد كانوا يعملون كأعمال البدو، يستعبدون من تحت أيديهم من أهل بلادهم، ويسخرونهم فى أشغالهم الخاصة بهم بأدنى القوت وأردئه. لا ينال الواحد منهم ثوباً يستر بدنه إلا بعد أن يعرى مدة هو وامرأته وعياله، ...، وكان الرجل إذا أراد أن يزوج ابنه أو ابنته فجميع المهر يأخذه العمدة وبصحبته رأسان أو أكثر من الغنم أو البقر، والطامة الكبرى أن البنت تبيت أول ليلة فى صورة العروس عند العمدة، يتمتع بها ويفترعها، ثم تزف ثاني ليلة لصاحبها، ووقع بسبب ذلك قتل كثير" . ذلك كان يحدث فى بلاد انعدمت فيها ثقافة المقاومة بفعل اعتقال عقلها .بتصرف من كتاب اعتقال العقل المسلم-لنبيل هلال

اجمالي القراءات 20559