الدكتور فرج فودة ينذر المصريين وجميع الشعوب العربية.

Brahim إبراهيم Daddi دادي في الخميس ١٠ - مايو - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً

 

الدكتور فرج فودة ينذر المصريين وجميع الشعوب العربية.

 

للمقبلين على الانتخابات هنا وهناك، أنقل إليهم ما كتبه الدكتور فرج فودة رحمه الله تعالى، في كتاب سماه ( قبل السقوط). فهو عنوان كتاب جدير بقراءته، ونقاشه قبل السقوط في أحضان السلفية الوهابية، الذين يسفكون دماء الأبرياء ويفسدون في الأرض، لأن إمامهم محمد بن عبد الوهاب هو تلميذ للجاسوس البريطاني، الذي لقنه كيف يغير من دين الله، وكيف يحرم ما أحل الله تعالى ويبيح ما حرمه....

  

يقول الدكتور فرج فودة في مقدمة كتابه (قبل السقوط):

 

لا أبالي إذا كنت في جانب والجميع في جانب آخر، ولا أحزن إن ارتفعت أصواتهم أو لمعت سيوفهم، ولا أجزع إن خذلني من يؤمن بما أقول، ولا أفزع إن هاجمني من يفزع لما أقول، وإنما يؤرقني أشد الأرق، أن لا تصل هذه الرسالة إلى من قصدت، فأنا أخاطب أصحاب الرأي لا أرباب المصالح، وأنصار المبدأ لا محتفي المزايدة، وقصاد الحق لا طالبي السلطان، وأنصار الحكمة لا محبي الحكم، وأتوجه إلى المستقبل قبل الحاضر، وألتصق بوجدان مصر لا بأعصابها، ولا ألزم برأيي صديقا يرتبط بي، أو حظبا أشارك في تأسيسه، وحسبي إيماني بما أكتب، ويخطر أن أكتب ما أكتب.. والله والوطن من وراء القصد. القاهرة 19 يناير 1985.

 

والآن أنقل إليكم من الكتاب مقتطفات مما كتبه الدكتور فرج فودة، الذي اغتاله الفاسقون المبشرين بعذاب أليم يوم الدين، لأنهم قتلوه بغير حق.

 

في صفحة 11/12 جاء فيها:

النتيجة الأولى : أن المجتمع المثالي، أو اليوناني ( المدينة الفاضلة)، أمر لم يتحقق على مدى التاريخ الإنساني كله، وبالتالي على مدى تاريخ الخلافة الإسلامية كله،حتى في أزهى عصوره، وأن من يصورون للشباب الغض، أن قيام حكم ديني سوف يحول المجتمع كله إلى جنة في الأرض، يسودها الحب والطمأنينة، ويشعر فيها المواطن بالأمن، ويتمتع فيها الحاكم بالأمان، ويتخلص فيها الأفراد من سوء القصد وحقد النفوس ونوازع الشر، إنما يصورون حلما لا علاقة له بالواقع، ويتصورون وهما لا أساس له من وقائع التاريخ، ولا سند له في طبائع البشر.

 

النتيجة الثانية:

أن كل ما عرضته إنما ينهض دليلا على أن هناك فرقا كبيرا بين الإسلام والدين، والإسلام والدولة، وأن انتقاد الثاني لا يعني الكفر بالأول أو الخروج عليه، وأنك في الثاني سوف تجد كثيرا يقال أو يعترض عليه، حتى في أعظم أزمنته، بينما أنت في الأول لا تجد إلا ما تنحني له، تقديسا وإجلالا، وإيمانا خالصا، وأنه إذا جاز أن يقال هذا عن عهد الخلفاء الراشدين، فإنه يجوز أن يقال ما هو أكثر وأكثر، حين تتصدى بالتحليل والنقد لعصور لاحقة، ارتفعت فيها رايات الحكم الديني، وادعى أصحابها أنها وجه الإسلام الصحيح، وأنهم الحافظون للكتاب والمحافظون عليه، والتابعون للسنة والمتابعون لها، وهم بالرغم من ذلك يستحلون القتل في غير حق، والظلم بلا داع، ويدخلون على المؤانسة أبوابا لو سمع بها الصدر الأول في الإسلام، لعجز عن أن يدخلها، في باب من أبواب الجاهلية، تلك الأبواب التي تقتصر عنها أو لا تكاد تتسع لها.

 

أنت هنا تملك أن تفصل بين الإسلام الدين والإسلام الدولة، حفاظا على الأول حين تستنكر أن يكون الثاني نموذجا للإتباع، أو حين يعجزك أن تجد صلة واضحة بين هذا وذاك، فالأول رسالة، والثاني دنيا، وقد أنزل الله في الرسالة ما ينظم شؤون الدنيا في أبواب، وترك أبوابا، دون أن يفرط في الكتاب من شيء، وإنما يسع برحمته بشرا هم أعلم بشؤون دنياهم من السلف، ويترك لهم أمورا تختلف باختلاف الأزمنة، لا يترك لهم فيها إلا قواعد عامة، إن اتسع أفقهم أخذوا من غيرهم وتأقلموا مع زمانهم دون خروج عل صحيح الدين أو الكفر به، وإن ضاق أفقهم أحالوها ملكا عضودا، سندهم فيه فقهاء يجدون لكل شيء مخرجا، ولكل خروج عن الدين تأصيلا، ولو شئت أن أحدثك لحدثتك وحدثتك، لكني أمسك عن إدراك بأن ذلك كله لم يكن من الإسلام في شيء، وأن الله أرحم بعباده، من أن يكون ذلك هو صحيح ما شرع لهم، والله وصادقوا العقيدة يعلمون أن الإسلام من ذلك كله براء..

 

دع عنك إذن حديث الساعة عن الدين والدولة وسلم معهم بالدين، أما الدولة فأمر فيه نظر، وحديث له خبىء، وقصد وراءه طمع، وقول ظاهره الرحمة وباطنه العذاب.    

يتبع...

اجمالي القراءات 37182