الجامعة العربية و "الربيع " العربى

حمدى البصير في السبت ١٤ - أبريل - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً

من المنطقى أن تصل إنعاكاسات ثورات الربيع العربى إلى أروقة جامعة الدول العربية ، ولاسيما أن أمينها العام الدكتور نبيل العربى، يعد من أبرز مؤيدى ثورة 25 يناير فى مصر ، وتولى وزارة الخارجية المصرية بعد الثورة وكانت له بصمات " ثورية " على الوزارة رغم الفترة القصيرة التى تولى فيها مسؤلية " الخارجية " ، وقد تم إختياره بعد ذلك فيما يشبه الإجماع وبشكل مفاجىء وغير مرتب ، ليكون الامين العام لجامعة الدول العربية ، بناء على طلب "جماهيرى " وعلى حساب المرشح الدكتور مصطفى الفقى ، الذى رشحه النظام السابق لذلك المنصب ، ولكن شباب ثورة يناير كان له رأى أخر ، وتولى الدكتور نبيل العربى المنصب الهام ، وقام بأنشطة ملحوظة داخل الجامعة ، وفى فترة دقيقة من تاريخ العمل العربى ككل ووسط الأحداث الساخنة والمتلاحقة فى مصر ، لدرجة أن رشحته قوى سياسية مصرية عديدة لكى يخوض إنتخابات رئاسة الجمهورية ، وقد إعتذر " العربى " عن ذلك وفضل أن يستكمل دوره الهام داخل أروقة جامعة الدول العربية .

وقد أصبحت الجامعة بالفعل خلال الفترة الماضية " قبلة " الدبلوماسيين العرب والاجانب ، خاصة أن مقرها يقع فى ميدان التحرير ، كما عوضت غياب المؤسسة الرئاسية فى مصر ، ففى أول أمس إستقبل الأمين العام رئيس وزراء إيطاليا ، ثم رئبس أكبر مؤسسه خيريه فى العالم ، وأمس إستقبل وفد كبير من المعارضة فى سوريا ، وذلك بعد أن قابل وفد سورى رسمى لبحث تنفيذ الخطة المشتركة للجامعة والأمم المتحدة التى يتولاها كوفى عنان لوقف القتال الدائر فى الأراضى السورية وتصفية الثوار هناك .

ولكن لم يستطع الأمين العام للجامعة نبيل العربى تنفيذ طموحاته " العربية" حتى الأن ، بسبب تركيبة " الهيكل " الداخلى العتيق داخل الجامعة ، ونظامها الأساسى الذى يحتاج إلى تغيير وتطوير فورا ، كى يتناسب ويتوافق مع ثورات الربيع العربى ، والمتغيرات الهائلة والتطورات الكبيرة فى ساحة العمل العربى ، لإن النظام الداخلى للجامعة يغل يد الأمين العام ورؤساء المنظمات الفرعية داخلها ، لإتخاذ قرارات ثورية ، لأنها مازالت جامعة عربية " رسمية " تعبر فى الغالب عن رأى الرؤساء والملوك والحكومات ، وليست جامعة عربية " شعبية " تعبر عن طموحات وأحلام واراء وثورات الشعوب العربية ، فمازالت ألية إتخاذ القرارت الهامة والمصيرية داخل الجامعة تتم وفقا لنظام الإجماع وليس الأغلبية ، كما أن قلة موارد الجامعة وتأخر بعض الدول فى دفع الإشتراكات ، جعل يد الجامعة " قصيرة " وقيد يدها أيضا فى التوسع لعمل أنشطة أخرى يستفيد منها العرب جميعا خاصة فى المجال الإنسانى .

ففى مؤتمر القمة العربىة الذى عقد فى بغداد الشهر الماضى لم تستطع الجامعة إتخاذ قرارات ثورية تتناسب مع ثورات الربيع العربى ، ولم يكن هناك قرارمفيد لوقف نزيف الدم فى سوريا أو حلحلة القضية الفلسطنية ووقف المجازر ضد الفلسطنين أو الحد من الإنتشار السرطانى للمستوطنات ، وجاءت كلمات الوفود وتوصيات المؤتمر " السرية " نسخة مكررة من مؤتمرات قمم عربية سابقة عقدت على مدى عشر سنوات .

بل إن إدارة الإعلام فى الجامعة قامت بإختيار اكثر من صحفى من جريدة قومية بإعتبارها صحف " رسمية " للسفر إلى بغداد لتغطية القمة ، وتجاهلت الصحف المستقلة ومنها العالم اليوم وهى أول جريدة إقتصادية يومية وتصدر على مدى 22 عاما ، لإن هناك فى إعلام الجامعة ممن مازال يعمل بطريقة " رسمية " وليست " ثورية " ، وتطبق طريقة " الخيار والفاقوس " والتمييز والإنتقائية فى التعامل مع الصحفيين ، وبالتالى لابد أن يتغير النظام الداخلى للعمل فى الجامعة العربية ،كى يناسب أيضا مرحلة الثورات العربية والربيع العربى ومعاونة الأمين العام للجامعة الدكتور نبيل العربى كى ينفذ أفكاره الطموحة تدريجيا.

حمدى البصير

Elbasser2@yahoocom

اجمالي القراءات 12946