التقوى أساس تنفيذ أوامر الشرع فى المجتمع المتفاعل بالخير

آحمد صبحي منصور في السبت ٠٧ - أبريل - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً

كتاب (الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر  ).

الباب الأول : (الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر فى الاطار النظرى  )

الفصل الأول : (  الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر اسلاميا وقرآنيا  )

رابعا : دور الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر فى قوة الدولة الاسلامية 

(4)   التقوى أساس تنفيذ أوامر الشرع فى المجتمع المتفاعل بالخير

   

مقدمة

حتى لا يحل الهلاك بالمجتمع لا بد من تفعيل واصلاح الأغلبية الصامتة لأنها أغلبية ظالمة لنفسها ولا تتقى الله عزّ وجل ّ واستمرار وجودها نذير شؤم على المجتمع . وقلنا إن التقوى كمقصد للتشريع الاسلامى هى التى تهيمن على الأوامر التشريعية ، وبها يمكن تنشيط المجتمع ليكون آمرا بالمعروف ناهيا عن المنكر ، وإلّا فالهلاك قادم . نتوقف هنا مع أثر التقوى فى تطبيق الأوامر التشريعية التفصيلية، بضرب بعض الأمثلة فى الحقوق وفى العقوبات. وجود التقوى يضمن تنفيذ تلك الأوامر ها على أتمّ وجه ، وغيابها يضيع تلك التشريعات و يغيّبها ، بل أحيانا ينشىء الدين الأرضى بدائل لها ظالمة بالتزييف والتلفيق. هو موضوع طويل نقتصر منه على بعض الأمثلة، وندعو الباحثين المسلمين لاستكماله .

أولا : فى حقوق الميراث

المفهوم أن الميراث شأن خاص بالورثة وحقوقهم في التركة التي لا يشاركهم فيها غيرهم ، إلا إن التدبر القرآنى يؤكد الصلة العضوية بين الأسرة والمجتمع فى تنفيذ هذا التشريع إطار التقوى :ـ     

1ـ فالمجتمع من خلال السلطة القضائية هو الذي يتولى رعاية اليتيم الوارث ، وهو الذي يعين وصيا علي حراسة أمواله واستثمارها من أجله ويحاسب ذلك الوصي ، والمجتمع هو الذي يختبر كفاءة اليتيم إذا بلغ الرشد فإذا تحقق من رشده وكفاءته أعطاه تركته وإذا ظهر أنه سفيه استمر في الحجر عليه واستثمار المال مع إعطائه حقوقه في ريع التركة في جميع احتياجاته.( وَلاَ تُؤْتُواْ السُّفَهَاء أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفًا وَابْتَلُواْ الْيَتَامَى حَتَّىَ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَن يَكْبَرُواْ وَمَن كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَن كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُواْ عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا ) ( النساء 5 : 6 )

 2ـ والقرآن يعطي اليتيم غير الوارث حقا في تركة الآخرين لمجرد حضوره تقسيم التركة ، ويشاركه في ذلك الحق عند الحضور المسكين الذي لا يجد القوت والأقارب من غير الورثة ، أي أن هناك جانبا من التركة يذهب لغير الورثة إذا حضروا قسمة التركة يقول تعالي : ( وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُوْلُواْ الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُم مِّنْهُ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفًا )  (النساء 8). أي يأخذون المال ويتمتعون أيضا بالمعاملة الطيبة وقول المعروف . والمعني المقصود أن يكون التسامح والإيثار هو أساس التعامل إلي درجة الإحسان من التركة علي غير المستحقين إذا حضروا القسمة.

 3ـ وقبل توزيع التركة لابد من سداد الديون وتنفيذ الوصية بلا ضرر لأحد ، وبذلك تكرر التأكيد فى القرآن : (مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ ) (مِّن بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ )( مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ) ( النساء 11 ).  ثم إنه من غير المقبول أن يتقاسم الورثة التركة دون أن يسددوا ما عليها من ديون ولذلك أوجب القرآن سداد الديون قبل توزيع التركة.

 4 وهناك أثر اجتماعي واضح في الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقا علي المتقين، والوصية للوالدين وهما من مستحقي الميراث أيضا فيه دلالة واضحة علي رعايتهما ، إذ يعني ذلك بلوغهما أو أحدهما أرذل العمر ولذا يستحقان مع الميراث وصية خاصة بهما وهي في النهاية ستعود سريعا بعد موتهما  إلي نفس الورثة ، ولكنهما يتمتعان بالوصية والميراث فيما تبقي لهما من عمر . وهنا يقدم القرآن حلا تشريعيا مهما لمشكلة المسنين وكبار السن . وحين يكون معهم المال سيجدون الكثيرين ممن يقدمون لهم الخدمة والرعاية أملا في الاستفادة الآجلة والعاجلة منهم ..

5 : والمجتمع الإسلامي يقوم علي العدل .وتفصيلات تشريع الميراث يتضح منها ميزان العدل في التوزيع والقسمة..فالقاعدة العامة في القسمة أن للذكر مثل حظ الأنثيين وينطبق هذا علي الأبناء ، فالابن يرث ضعف ميراث البنت ، وينطبق علي الأخوة في حالة عدم وجود الأبناء ، فالأخ له ضعف نصيب أخته ، كما أن للزوج ضعف الزوجة . ولكن هذه القاعدة لا تسري علي الوالدين ، فلكل واحد منهما الثلث إذا لم يكن للميت أولاد وأخوة . وكلاهما له السدس إذا كان له أولاد أو أخوة. وتلك ميزة تضاف إلي مميزات الوالدين في  الميراث والوصية ، حتي لا يقهرهما أحد في أرذل العمر وحتى يتمتعا بالرعاية في الشيخوخة.

والمعني المقصود أن الرجل ـ  بسبب مسئولياته نحو المرأة وطبقا للعدل  ـ يحوز علي ضعف نصيب المرأة إذا كان ابنا أو زوجا أو أخا ولكن يتساوى في نهاية العمر مع المرأة حيث أن المرأة قد بذلت عمرها في تربية ابنها ورعايته مع زوجها وبذلك تستحق المساواة بالرجل .

إن الرجل في بداية حياته هو الذي يدفع الصداق ليتزوج وهو الذي يعمل ويتعب لينفق عي زوجته ولذلك فمن حقه أن يحصل علي ضعف المرأة إذا كان ابنا أو أخا أو زوجا ..والمرأة لها نصف الرجل بالإضافة إلي التزامه بالإنفاق عليها ورعايتها ، وهكذا يتحقق العدل فيما فرضه الله تعالي لها في الميراث . ولكن المرأة والرجل يتساويان في نهاية العمر في حقوقهما في ميراث الأبناء إذا لم تعد علي الرجل (الأب وكذلك الجد ) التزامات الرعاية للأبناء ، بل العكس أصبحت رعايتهما واجبة على الأبناء .

يتعزّز هذا بالأمر بالإحسان للوالدين الذى يأتي تاليا للأمر بعبادة الله وحده وعدم الإشراك به :( وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا )(الإسراء 23، 24 ). ولنتأمّل موقع ومغزى ومعنى كلمة (ِ عِندَكَ ) فى قوله جلّ وعلا (إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا )، فهو خطاب للإبن والإبنة عن الأب والأم أو أحدهما عند بلوغ الشيخوخة فيضطر لأن يكون ( عندك ) أيها الابن وايتها البنت . أى فى رعايتك . من قبل كان الأب والأم فى عنفوانهما وكانا أرباب البيت والمسئولين عليه ، وكنت أنت أيها الابن وأيتها البنت ( عندهما ) فى الصغر تعتمدان عليهما فى الأكل والشرب واللبس والنظافة والنوم والرعاية . الآن إنقلب الحال ووصل الأب والأم الى أرذل العمر ( بما فى كلمة ( أرذل ) من معان )، يعانيان من الضعف والمرض  ، وهى مرحلة من مراحل العمر يمر بها البشر : (ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّى وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلا يَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا )( الحج 5 )(اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً ) ( الروم 54 )( وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلا يَعْقِلُونَ ) ( يس 68). يعود الانسان فى شيخوخته الى نوع آخر من الطفولة، طفولة مقترنة بالضعف والمرض والعجز والنسيان والشعور بالوحدة والعزلة مع الحاجة الشديدة للغير. تتعقد المأساة فى أن الطفولة الأولى تنعم بحب الناس ورعايتهم ، فالطفل يحتفل به الجميع بدءا من الوالدين الى الأقارب والغرباء . أما الشيخوخة فإن الابن الذى كان طفلا ولقى العناية من الأبوين سرعان ما يضيق بالأبوين عند سيخوختهما وينظر اليهما كعبء ثقيل ومصدر متاعب له مع زوجته .

من هنا نفهم لماذا أوصى الله جل وعلا بالوالدين عند الكبر ، ولم يوص بالأطفال عند الصغر ، فالغريزة قوية فى رعاية الطفل لا تحتاج الى توصية ، ولكن ليس فى الغريزة إهتمام بالوالدين فى أرذل العمر . ونفهم المبالغة فى رعاية الوالدين العجوزين وعدم الضيق بهما  مهما بلغ الضيق منهما . وليس هناك أروع من قوله جل وعلا فى وصف حالهما وضرورة الرفق بهما : (إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ). فعندما ربياك صغيرا لم يقولا لك (أف ) ولم يتبرما بصراخك ولم يدخرا وسعا فى تدليلك ..الله جل وعلا أمر المؤمن التقى بحفظ حقوق الوالدين فى الميراث وفى الوصية وفى حسن المعاملة لهما بأقصى درجة ممكنة . والمجتمع شاهد على التنفيذ ، والمجتمع المسلم يقوم على الأسرة التى تشمل الوالدين والجد والجدة والأبناء والأحفاد ، ويحفظ حقوق الجميع.

6 : ولقد تعود البشر علي هضم حقوق اليتيم وأنصفه تشريع الميراث . كما أن المرأة كانت ولا تزال مهضومة الحق ولكن صان القرآن حقوقها ويكفي أن أول آية في تفصيلات الميراث تقول :( لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا )( النساء 7 ). وفي نهاية تفصيلات الميراث يحذر رب العزة من تعدي حدوده التشريعية في الميراث ويعتبرها حدود الله ،  وينذر من يتعدى حدود الله فى الميراث بالخلود فى النار حنى لو كان شيخا للأزهر: (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ ) (النساء 13، 14 ).

ثانيا : أدعو الباحثين المسلمين المستنيرين لمتابعة هذا البحث فى وجوب الوصية عند الموت للوارث وغيره ووجوب الوصية للوالدين خلافا للتشريع السّنى ، ودور المجتمع فى الاشراف على تنفيذ الوصية دون تبديل ودوره فى تعديلها بالمعروف لو كان فيها إجحاف وظلم ، بما يعنى حضور المجتمع الى فراش المريض عند الاحتضار وشهادته على الوصية ، فالمجتمع هنا حاضر حتى وقت وفاة أحد أفراده . ليس القصد المجتمع كله ، ولكن من يمثلهم ، ونفهم هذا من قوله جل وعلا : ( كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ فَمَن بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ فَمَنْ خَافَ مِن مُّوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) ( البقرة 180 : 182 ).

ثم دوعوة الباحثين لمتابعة البحث فى موضوعات الأحوال الشخصية ودور المجتمع فى حلّ الخلافات الشخصية بين الزوجين بالتدبر فى هذه الآيات الكريمة :(وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحاً يُوَفِّقْ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً خَبِيراً ) ( النساء 35 )وفى الطلاق فى وجوب الشهادة عليه أى إشراك المجتمع عليه حفظا لحقوق المرأة ـ خلافا للتشريع السّنى ـ فى قوله جلّ وعلا : ( يا أيها النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلاَّ أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَى عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً )( الطلاق 1 : 2 )، وفى حقوق المطلقة حيث يقوم المجتمع بعقد ( مؤتمر) يأتمر فيه المجتمعون فى صيانة حقوق المطلقة فى السكن والنفقة وفى حالة حملها ورضاعة الوليد ( أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى ) ( الطلاق 6 ).

 ثالثا :  فى عقوبات الزنا و إتيان الفواحش

1 : يقول جلّ وعلا :( وَاللاَّتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً ) ( النساء 15 ) ، الشهادة هنا عن وصفهن باللاتى يأتين بالفاحشة . أى (وَاللاَّتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ ) الاستشهاد هنا يعنى أن تطلب السلطة من نشطاء متفاعلين مع مجتمعهم فى القرية أو الحى أو المدينة لكى يشهد أربعة منهم بأنها تأتى الفاحشة (فَإِنْ شَهِدُوا ) على هذا ( فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً ). أى يتم حبسها فى بيت تتوفر فيه كل الرعاية والارشاد والتعليم ، وتظل هكذا الى أن تتتوب أو تموت ، وبالتالى فلا بد لها أن تتوب وتخرج ، وبتوبتها يمكن لها الزواج .

وهنا فارق بين هذه الشهادة وشهادة الزنا المثبتة ( للزانية والزانى)، والتى يصفها رب العزة بأنها (مبينة ) فى قوله جل وعلا : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهاً وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلاَّ أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ ) ( النساء 19 )( يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ ) ( الاحزاب 30 )( يا أيها النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلاَّ أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ ) ( الطلاق 1 ). الفاحشة المبينة يعنى المثبتة بالوصف العيانى والتفصيلى من الشهود بأنهم رأوا الاثنين ـ الذكر والانثى ـ يفعلان كذا وكذا بالتفصيل . وهنا تكون العقوبة إيجابية .أما هنا فنحن بصدد إنثى فقط محترفة ومشهورة ومعروفة ومقصودة للزنا ، ولكن مع عدم الاثبات ، أو وجود أدلة ثبوتية لا تكفى ، أو أقل من أربعة أشخاص ولكن معهم كثيرون على استعداد للشهادة بأنها معروفة باتيان الفاحشة أو محترفة ـ كل هذا يخضع لنقدير الجهات المختصة فى إيقاع العقاب السلبى بعزلها الى أن تتوب أو تموت ، وبالتالى فالمنتظر أن تعلن توبتها . دور المجتمع هنا هو الرقابة الأخلاقية بالتواصى بالحق والخير ووعظ المنحرفين ، واصلاح المتهمة بالفاحشة حتى تتوب وتتزوج، وتحمى أخرى من الاتهام بالزنا إلا بالاثبات . بدون مجتمع  نابض بالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر لا يمكن تطبيق هذا التشريع . بوجود مجتمع فاسد بأغلبية صامتة ساكنة ساكتة ومقهورة ، تتحكم فيه أقلية مستبدة بالحكم متحكمة فى الثروة ، كالسعودية ـ فإن المعروف يصبح منكرا والمنكر يصبح معروفا، ويمكن استخدام هذا التشريع وغيره للفتك بالمعارضين معنويا وماديا.

 2 : ويقول جلّ وعلا :(الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ الزَّانِي لا يَنكِحُ إِلاَّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنكِحُهَا إِلاَّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ )(النور 2 : 5). هنا تشريع يتحرك وسط مجتمع متفاعل بالعدل والحق والخير . فالخطاب هنا للمجتمع وليس لحاكم فرد . هذا المجتمع المتفاعل النشط هو الذى يقع عليه عبء الاثبات المبيّن بأن هذه زانية وأن هذا زان  (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي )، إن إعترفا إختيارا فهذا يعنى التوبة ، والتوبة الظاهرية تسقط العقوبة ، والمجتمع هو الذى يراقب هذه التوبة ،فإن ثبت بالدليل وقوع الزنا مجددا وجبت العقوبة واستحق الجانى لقب الزانى واستحقت الجانية وصف الزانية . فإن لم تكن هناك أدلة كافية وجب العقاب السلبة بامساكهن فى البيوت . وهنا العقوبة لأنثى وليس الذكر ، لأن الاثبات الفعلى يستلزم وجود الذكر فى حالة وقاع فعلى مع الانثى .والعادة ان التى تحترف الفاحشة تمارس الزنا بدون تمييز مع كل من يأتى اليها ، اى مع رجال غير معروفين يتسربون اليها . وهنا الفارق بين الزنا المثبت فى حالة محددة بذكر وأنثى واللاتى يأتين الفاحشة مع من يعرفن ومن لا يعرفن من الرجال. طبقا لمصطلحات القانون هو ( زنا بلا تمييز ) وطبقا لمصطلحات القرآن فهناك فرق بين التى يزنى بها خليلها والتى تزنى مع كل من يأتيها ، يقول جل وعلا (  مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلاَ مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ )(النساء 25 ). (المحصنة ) الصالحة للزواج هى العفيفة الشريفة التى لا تقع فى الزنا. ( المسافحة ) هى التى تزنى بلا تمييز مع كل من يأتيها. ( متخذات أخدان ) يعنى العشيقة التى لا تزنى إلا بشخص واحد .  المجتمع المتفاعل النشط هو المطالب بالاثبات وهو القادر عليه بالعدل والحق وبلا تلفيق أو ظلم. وهو المطالب بتوقيع العقوبة السلبية باستشهاد أربعة شهود ،والايجابية بالجلد  أيضا بأربعة شهود مع اختلاف صيغة الشهادة . وهذا  المجتمع هو المطالب بحضور بعض المواطنين ليشهدوا العقوبة الايجابية بالجلد للزانى والزانية:(الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ ). ثم هذا المجتمع هو المكلف بتطبيق الآية التالية فى تحريم الزواج من زانية أو زان : (الزَّانِي لا يَنكِحُ إِلاَّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنكِحُهَا إِلاَّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ) الزانية هنا تعنى الرافضة للتوبة المصصمة على الزنا و( الزانى ) هو الرافض للتوبة المصمم على الزنا . والمشرك  هنا بمعنى الشرك السلوكى ، أى هو الذى يتعدّى على الناس بسلاحه يستحلّ الدماء والأعراض والأموال كما هو حال الارهابيين فى عصرنا. والاعتداء بهذا الشكل الذى يبيح انتهاك الأعراض وسلب المال وقتل النفوس هو قريب من الزناة ، وبالتالى فهم أولياء لبعضهم البعض ، ولا محلّ لهم فى الزواج الاسلامى . ولكى تتزوج الزانية إسلاميا فلا بد أن تزول عنها صفة ( الزانية )، وكذا الزانى ، ويكتسب كلاهما وصفا جديدا هو التائب والتائبة : (وَلا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا) ( الفرقان 68 : 70 ) أى لا بد من التوبة ، ولا بد أن تمكث التائبة حتى براءة رحمها لتصلح للزواج ، مع ملاحظة أن الله جل وعلا لا يذكر لفظ ( الزواج ) ولكن ( النكاح ) أى عقد الزواج ، وبالتالى فإن عقد النكاح محرم إبتداءا للزانية أو الزانى. وبالتالى فليس لها سوى خيارين : أما التوبة و الزواج ، وإما أن تظل فى متاهة العقوبات الايجابية بالجلد أو بالحبس . الذى يقوم على منع زواج الزاتنية والزانى والذى يقوم على تحديد التائبة أو المصرّة على الزنا هو ذلك المجتمع الناشط المتفاعل فى الخير.

رابعا : أدعو الباحثين المسلمين المستنيرين لمتابعة بحث هذا الموضوع فى العقوبات ، مثل عقوبة القتل بالقصاص وحق ولى الدم فى القصاص بيده وسلطة المجتمع عليه حتى لا يسرف فى القتل  (وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلاَ يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا   ) ( الاسراء )وحقه فى أخذ الدية ودور المجتمع فى تقديرها وتنظيم تسليمها (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاء إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ  ) ( البقرة 178 : 179) وفى عقوبة السرقة فى دور المجتمع فى إقرار العدل أولا وكفاية ورعاية المحتاج وإعطاء ( المستحقين حقوقهم ) فى الصدقة والفىء وغيرها وكفالة كل المحتاجين ، وفى تحديد معنى السرقة المعاقب عليها ، وتطبيق قطع اليد على السارق بعدها مهما بلغ جاهه حيث لا وجود لحاكم بالطريقة المعروفة ، ثم سقوط العقوبة عند التوبة ودور المجتمع فى جدية التوبة : (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ فَمَن تَابَ مِن بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ   ) ( المائدة 38 : 39 ).

ونفس الحال فى مواجهة الارهابيين الذين يستحلون قتل الأبرياء وسلب أموالهم ، وتنفيذ أقصى العقوبات عليهم طبقا لجرمهم هل هو قتل وسلب واغتصاب وسبى أم قتل فقط ام سلب فقط ام ترويع فقط ، للمجتمع تقدير العقوبة وتقدير العفو عند توبة المجرم وتسليم نفسه طوعا : وفق قوله جل وعلا فى أمر مباشر موجّه للمجتمع التقىّ : (إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُواْ عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ وَابْتَغُواْ إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُواْ فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ  ) ( المائدة 33 : 35 ). ومن أسف أن قطّاع الطرق هم الذين يحكمون المسلمين اليوم ، وأن الذين يسعون للوصول للسلطة محلهم هم أولئك الارهابيون الذين يحاربون الله جل وعلا ورسوله ودينه .

وهذا المجتمع التقى مفروض فيه أنه قد تربى على حفظ الوصايا العشر التى جاءت فى هذه السورة المكية : (قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُم مِّنْ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُواْ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ  ) ( الانعام 151 : 153 ) . وهنا أيضا ندعو الباحثين المسلمين لتدبر هذه الوصايا العشر القرآنية فى ضوء سلطة المجتمع  التقىّ وتنفيذه لفضيلة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر.

أخيرا : عند غياب التقوى .. لا يمكن تطبيق تلك التشريعات :

1 ـ  إنظروا الى واقع المسلمين ، وخصوصا حين تحكمهم شريعة الدول الدينية سنية وشيعية .. من الرجم الى تشريع الزنا تحت مسوغ ( زواج المتعة ) فتتزوج المرأة عدة مرات يوميا زواج متعة بأجر . ومن أكل مال اليتيم البالغ الناضج العاقل غير السفيه الى تسليم  ثروة الأمة الى حاكم مستبد سفيه ، ينفقها هو وأولاده وأتباعه فى المجون وإفتتاح المزيد من السجون وفى إعلام مزيف دجّال للضحك على الذقون ، وهذا ما يسير عليه السعوديون والمستبدون وسيتبعهم الاخوان المسلمون فى حكممهم الميمون .! فالمجتمع  فى الاسلام هو الذى يملك الموارد الاقتصادية والثروة ، وهو الذى يقوم عليها يستثمرها للصالح العام ، ولا يرث الفرد ثروته ويملكها إلا بمعيار الكفاءة فى استثمارها ، ولكن المستبد الشرقى يملك الثروة والارض ومن عليها. خلافا لقوله جل وعلا للمجتمع القوى المتفاعل بالخير:( وَلاَ تُؤْتُواْ السُّفَهَاء أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا) . ثم انظر الى تحقير المرأة وتعليبها فى حجاب ونقاب الى حرمانها من حقوقها فى الزواج والطلاق . عشرات الآيات القرآنية التى جاءت بتفصيلات بعضها تم تكراره والتغليظ عليه والتحذير من عصيانه ، ولكن بكل جرأة تم عصيانها وتجاهلها فى شريعة السلفيين .

2 ـ وأولئك المعتدون على شرع الله جلّ وعلا  تناصرهم الأغلبية الصامتة بصمتها حينا وبصراخها حينا وبتصويتها لصالحهم دائما . حتى المرأة التى صارت ضحية لتلك الأديان الأرضية من سنية وشيعية تنازلت عن حقوقها فى القرآن وارتضت أن يعبئها أعداء الرحمن بضاعة رخيصة للذكور من شيوخ وصبيان .

3 ـ هذا هو حال الأغلبية الصامتة الكارهة للأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ، بل إنها حين تتخلى عن صمتها وتنطق تراها تصرخ بالأمر بالمنكر والنهى عن المنكر . هذه الأغلبية الصامتة الظالمة لنفسها هى نذير شؤم على مجتمعها .. كيف . ؟ أنتظرونا ..

اجمالي القراءات 14496