شلل مرورى فى الشواراع المصرية

حمدى البصير في الإثنين ٢٦ - مارس - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً


 

الأيام الحالية تشهد أزمة خانقة فى المرور ، بل وشلل مرورى فى الشواراع المصرية ، بسبب تكدس السيارات أمام محطات البنزين ، لوجود نقص خطير فى الوقود ، ويتزامن ذلك مع إضراب سائقى وعمال هيئة النقل العام ، وزيادة جشع و" دلع " سائقو الميكروباصات والتاكسيات ، والذين ضاعفوا مقابل التوصيلة ، بل قاموا بتجزئة المشوار الى ثلاثة مراحل من أجل حصد المزيد من الأموال من جيوب المواطنين البسطاء الذين تعطلت مصالحهم وشلت حركتهم بسب إضراب السائقين من جانب ، ونقص البنزين والسولار من جانب أخر ، مما دفع القوات المسلحة إلى التدخل من أجل حل تلك الأزمة .

وقد كنت فى إمبابة يوم الجمعة الماضى لتقديم واجب العزاء لصديقى وزميلى فى الجريدة محسن بدوى فى وفاة المغفور لها والدته رحمها الله ، وبعد العزاء وأثناء ذهابى إلى منزلى وجدت أتوبيسا تابعا لجهاز النقل الخاص بالقوات المسلحة يتوقف فى شارع كورنيش النيل بإمبابة ، وهناك " جندى " ينادى على المواطنين ويدعوهم إلى الركوب فى الأوتوبيس إلى ميدان رمسيس فى مقابل تذكرة قيمتها نصف جنيه فقط ، أى بربع قيمة التذكرة فى مينى باص ، ونصف القيمة فى الميكروباصات أو أتوبيسات الهيئة ، وقمت بالفعل بركوب أتوبيس القوات المسلحة المكيف " الفخم " والمريح والنظيف .

بالطبع لن تكفى الأتوبيسات العسكرية فى نقل كل ركاب القاهرة والجيزة ، ولن تكون بديلا عن أتوبيسات النقل العام ، ولكنها ساهمت جزئيا فى حل المشكلة ، والأهم من ذلك هى الرسالة الضمنية التى وصلت إلى المضربين من سائقى هيئة النقل العام ، والتى يؤكد محتواها إنه لا أحد يستطيع أن يلوى ذراع الدولة ، مهما كانت عدالة المطالب الفئوية ، وأن القوات المسلحة جاهزة للتدخل فى أى وقت للمساهمة فى حل الأزمات ، خاصة إذا كانت الأزمة لها إنعكاسات سلبية على المواطنين البسطاء ، وتحملهم أعباء فوق أعبائهم ، وهذا مافعلته الشرطة العسكرية فى أزمة أنابيب البوتجاز ، وقد ساعدت كثيرا فى توزيع الأنابيب على مستحقيها ، وقامت بحماية بعض مستودعات الأنابيب فى المناطق الشعبية ، من اللصوص والبلطجية وسارقو قوت الشعب .

والدور الأكبر للقوات المسلحة فى خدمة المواطنين يظهر أكثر فى مدن القناة ، بورسعيد والإسماعيلية والسويس ، وشمال وجنوب سيناء ، حيث يقوم الجيش بخدمات كثيرة هناك ، نظرا للطبيعة الجغرافية لتلك المحافظات وخصوصيتها العسكرية ، وكونها كانت مسرحا للحرب ضد العدو الإسرائيلى ، وتلك الخدمات لاتقتصر على النواحى الأمنية فقط وتأمين الحدود ، ولكن تمتد إلى تقديم الخدمات الحياتية المختلفة للمواطنين هناك ، بل وتوفير رغيف الخبز وبعض المواد التموينية والغذائية .

فقد زرت الشهر الماضى مقر الجيشين الثانى والثالث الميدانين ، على هامش إشتراكى فى دورة تثقيفية للمحررين العسكريين ، نظمتها أكاديمية ناصر للعلوم العسكرية ، وإلتقيت أنا وزملائى مع قادة الجيشين وضباط فى المقرين بالسويس والإسماعيلية ، وخلال المناقشات والحوارات الى أجريناها هناك خلال تلك الزيارة علمت مدى الدور الكبير والهام الذى يقوم به الجيشين الثانى والثالث فى مدن القناة وسيناء ، وحل مشاكل المواطنين هناك ، مهما كانت صعوبتها وذلك بالتعاون مع الشرطة . وأهم ماتأكدت منه خلال إشتراكى فى تلك الدورة ، هى رغبة القوات المسلحة فى تسليم السلطة إلى رئيس جمهورية منتخب فى نهاية يونيو القادم ، لإن هناك مهمة أساسية لها وهى حماية الدولة والدفاع عن حدودها ووجودها ضد أى عدو ، ولاسيما فى ظل حالة عدم الإستقرار الموجودة فى المنطقة ، خاصة فى ليبيا والسودان وقطاع غزة .

أتمنى أن تنتهى الفترة الإنتقالية الحالية على خير ، وتكتمل العملية السياسية والبناء الديمقراطى للدولة ويعود الجيش إلى ثكناته ، لإنى بدأت الدخول فى مرحلة القلق ، بعد تزايد المشاكل الحالية ، ووجود فلول وعملاء يحاولون جرنا إلى الخلف وتعطيل مسيرتنا الديمقراطية ، بإثارة القلاقل والإزمات ، سواء عن طريق إيجاد أزمة فى الوقود أو تحريض عمال وسائقى النقل العام على الإضراب لليوم الثامن على التوالى ، والتصميم على تنفيذ مطالبهم فورا ، أو محاولة إقتحام المبنى الإدارى لهيئة قناة السويس فى بور سعيد من أجل تعطيل حركة الملاحة بالقناة ، وطرد العاملين بالمنطقة الحرة هناك ، وإغلاق المنافذ الجمركية ، والتهديد بإنفصال بورسعيد عن الوطن الام ، وتقسيم مصر بسبب " ماتش كورة " !.

كل ذلك يدعو عقلى الباطن إلى الإستنجاد بالقوات المسلحة والمطالبة ببقائها ، خاصة فى ظل استمرار التدهور الأمنى ، ولكنى فى نفس الوقت أرغب أن أعيش فى ظل حكم مدنى ديمقراطى ، وأن يعود الجيش لثكناته ، ولانضطر إلى الوقوف يوما فى ميدان التحرير فى مليونية تطالب المجلس العسكرى بالبقاء ، لحل أزماتنا المتلاحقة التى نصنعها بأنفسنا .

حمدى البصير

Elbasser2@yahoo.com

اجمالي القراءات 7820