ولو كتب ونفذت مشيئة ذلك المفتي لهدمت كنائس وبيع ومعابد

يحي فوزي نشاشبي في الإثنين ١٩ - مارس - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً

 

بسم الله  الرحمن  الرحيم

 

ولو  كتب  ونفذت  مشيئة ذلك  المفتي

لهدمت  كنائس  وبيع  ومعابد

 

ورد  في  ريط الأخبار  ليوم  الأحد 18.مارس 2012  بموقع  أهل القرآن  أن  مفتيا  من  المملكة  السعودية  أفتى  بوجوب  هدم  الكنائس المتواجدةفي  الجزيرة  العربية.

نعم هذه فتواه  حسب  الظاهر  وبكل  بساطة.

وحبذا  لو  كان  هذا  الشيخ  أكثر  تفصيلا  وتوضيحا  وتبريرا  وتعزيزا  لما يراه هو هينا ، وحبذا  لو جاء  مستندا  إلى  حديث  الرحمن  الرحيم ، لأن  من  يقرأ  فتواه سيبقى  متعطشا  لا  محالة  إلى ما  يروي ظمأه ،  ذلك  الظمأ  الذي  سارع  إلى إفراز  تساؤلات  عديدة  سواء  كان  ذلك  المتعطش  مسلما  أو  غير  مسلم.  ومن  بين  الأسئلة التي توجه  إلى   فضيلة  المفتي ما  يلي :

1)   فتواه القاضية  بالهدم  تعني  أن  الكنائس  هي  موجودة  أصلا  ،  وتعني أن لها عمرا معينا وأنها قد  بنيت  في  يوم  من الأيام الغابرة ، ثم  من  بناها ؟  ولماذا  أجيز  بناؤها أصلا ؟

2)   ثم ما  بال  معابد  اليهود ؟  ألم  يكونوا  يعيشون في  مدينة  المدينة  قبل  وأثناء  وبعد  عصر النبي  محمد  عليه  الصلاة  والتسليم ؟

3)   ألم  تكن  مدينة  المدينة  تأوي  قبل وإبان  وبعد  عصر  محمد النبي  الذي  صلى  عليه  الله  هو وملائكته ، ألم  تكن تأوي  كلا من  اليهود  والمسيحيين  والمنافقين  الذين لا  يعلمهم  إلا  الله  وحده  لا شريك  له ؟  وبتصريح  منه  سبحانه وتعالى حيث  قال : (( وممن حولكم من الأعراب منافقون  ومـــن أهل  المدينة  مردوا  على النفاق  لا  تعلمهم نحن نعلمهم ... )).

4)   ماذا عسى  يفعل  أو  أين  يجعل الشيخ  المفتي  الآية المذكورة ،  والآية الأخرى حيث  قال الله : (( ... ولله على  الناس حج  البيت ...)) ءال عمران-رقم97.

*ثم ما هو  رأي  المفتي في ذلك الرأي الآخر الذي  يرى  أن  الحج  هومن حق  الناس  كل الناس وجميع  الناس ، دون اعتبار الدين  اليهودي أو المسيحي  أو  حتى  غيرهما.؟

       5) ثم إن مثل هذه الفتوى،  ألا  تعني  أن  المفتي يخشى على  الدين  الإسلامي الذي  يعتنقه ؟ والذي  يراه  دينا خائر القوى نحيفا  ضعيفا  يعاني من فقر  الدم ، وأن أية  هبة  ريح  تؤثر عليه؟

       6) وفي حالة ما إذا نفذت مشيئة  المفتي  وهي  إعدام كل  الكنائس  والبيع  والمعابد ،  فهل يبقى  بعد  ذلك كبير معنى  أومغزي  للآية القرآنية  الكريمــــــة حيث يقرر  فيها  سبحانه وتعالى : (من شاء  ..  ومن شاء ..)

       7) وعندما يعلم المفتي  وكل مسلم  آخر أن  المساجد  الإسلامية والمحلات  التي تقام  فيها  صلاتهم المنتشرة  بشتى  بقاع  العالم ومنها  بصفة خاصة وبكثرة  تلك  البقاع التي تقطنها  الأغلبية  الغالبة من غير المسلمين ،  نعم عندما  نعلم  أن  تلك المساجد  تحصى وتعد  بالمئات   وحتى  بالآلاف ،  وماذا سيكون رأي  المفتي  أو موقفه  في  حالة  ما  إذا فرض  أن  أهالي  تلك  البقاع  غير  المسلمين  أرادوا  وعبروا  عن  إرادتهم  في  تقليص عدد  تلك المساجد أو إعدامها  كليا  وتحويلها  إلى  خبر كان ؟

*  ولعله  من سخريات  القدر أن نعلم  أن جميع  المسلمين  الذين رحلوا  أو  فروا  فرارا  إلى  تلك  البقاع   التي  أهاليها  الأصليين  هم  من  غير  المسلمين  والتجأوا  بها ، من المفارقات  أن  نعلم  أن جميعهم  يشعرون  براحة   نتيجة  تلك  الحرية  الحرة  التي  ينعمون  بها  في  ممارسة  طقوسهم  الدينية   الإسلامية،  ولعل  السبب الرئيس  هو  نتيجة  ما  تفعله  تلك  الأقفال  المحكمة  على  تلك  القلوب  الضحايا .؟   

       8) ثم ، وحتى  لو فرضنا  أن الأراضي  السعودية لا  يقطنها  حاليا إلا  المسلمون  وحدهم ،  فمن يضمن  أو  يعلم  يقينا  أنه لا  يوجد  بها   ولا  واحد  من  غير المسلمين ؟  ثم  إن  الإبقاء  على  الكنائس  وكل المعابد  كما  هي  ولو  مغلقة  ،  وإن  رعايتها  وصيانتها  وعدم  السماح من  الجاهلين  بانتهاك  حرماتها ، ألا  يدل ذلك  على  رحابة  صدر الدين  الإسلامي ؟  وأنه  جاء رحمة  للعالمين؟ ومن  رحماته  أن تسود  الحرية كل  الحرية  وطليقة  في  العالم ،وليتصرف  كل مخلوق  ويتحمل المسؤولية كل المسؤولية ؟

       9) وإذا  كان  المفهوم  من  القرآن  الكريم أن الله سبحانه وتعالى لا  يمقت ولا  يحــرّم  أن  تكون  هناك  كنائس  وصوامع  وبيع  وصلوات ،  نعم  إذا  فهم أنه  سبحانه  وتعالى يجيز تواجدها  وفي نفس العصر  وجنبا  إلى  جنب  مع  المساجد ، فلماذا  كل  هذا  التشنج والتحمس من بعض  الفقهاء  إلى درجة  أنهم  يحتسبون  الأجر في  مطاردة   هذه  المعابد   وإعدامها؟

       10)  وفي  الأخير المرجو أن يتسع  صدر فضيلة  المفتي  اتساع  ورحابة صدر  الدين  الإسلامي  الحنيف ، ونفس  الرجاء موجه  إلى كل قارئ  قد يكون ذا  رأي  مغاير .    

اجمالي القراءات 11512