قل سيروا في الأرض فأنظروا
الانسان المصري الأول عاش هنا

محمد عبدالرحمن محمد في الأربعاء ٢٩ - فبراير - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً

           

 وسيراً في الأرض ونظراً كيف بدأ الخلق واستكمالاً لمشوار أهل القرآن في طريق المعرفة بكتاب الله تعالى وعملا بهديه وتوجيهه نتعلم ونتحاور سوياً وبلا شروط مسبقة.

  الانسان زحف إلى النيل منذ 25 ألف سنة ق. م. ولكنه استقر نهائياً منذ  15ألف سنة ق. م. بعدها انتقلت كل الجماعات إلى النيل ليبدأ أول تجمع مصري على ضفافه وينمو الشعب المصري وتخرج الدولة المصرية إلى النور.. ويعلن الانسان المصري الأقدم عن نفسه ليضع الحضارة المصرية، التي هزت الدنيا كلها.

لقد اكتشف العلماء أن أرض الوادي الجديد تطير مع الرياح، وأنه عبر رحلة طولها 22 قرناً من الزمان انخفضت أرض الوادي 55 متراً كاملة أكلتها الرياح.

 وأنه إذا لم نتدخل علمياً فإن  الوادي الجديد سيفقد  بعد  ثلاثين سنة مترا كاملا من عمق الأرض التي نزرعها بالوادي الجديد كله..!!؟

وفي عام 2002م التقى مجموعة من العلماء الجيولوجيين من مصر ومن دول صديقة مختلفة عند بئر طرفاوي.. وكانت في انتظارهم أيضاً قنبلة علمية تقول .. أن الكثبان الرملية.. تتجه نحو نهر النيل وانها ستعبره يوماً ما .. بل إن رؤوساً قادمة من بحر الرمال الأعظم وصلت إلى أطراف بحيرة ناصر  .. وأن هذه الرؤوس تتحرك في السنة ما يزيد عن خمسة أمتار.

  ويمضي طابور العلماء الذي اخترق الصحراء غرباً حتى بئر طرفاوي .. ليلته الأولى في قلب الصحراء على مسافة 350 كيلو متراً من آخر شاهد على العمران المتمثل في مدينة الخارجة.

  مع الضوء المبهر للشمس في الصباح الباكر، وشمس الصحراء تطلع فجأة وتغمر الرمال بالضوء دفعة واحدة فليس ثمة عائق يمنعها من أن تملأ الصحراء كلها نوراً ويقظة؟

                    البحيرات التي جفت

    عند بئر طرفاوي على بعد 400 كيلو متر إلى الجنوب الغربي من الواحات الخارجة ،و305  كيلو مترمن الجنوب الغربي للواحات الداخلة وسبعون كيلو متر قبل قرية العين بمنطقة شرق العيونات..

اجتمع 9 من علماء مصر ومن علماء  دول العالم الصديقة لمصر وكانوا في تخصصات الجيولوجيا والانثروبولوجيا والآثار القديمة.. وعلى مدى 28 يوماً أمضاها العلماء التسعة في الموقع، ثم على مدار عامين آخرين في تصنيف المعلومات والأبحاث أكّد العلماء أن هذه الصحراء التي  لم يَحُدُدَها بُعْدٌ .. ــ لم تكن في  يوم من الأيام ــ قبل عشرات الآلاف من السنين ــ  مجرد رمال وتلال لا نبات فيها ولاحياة،  وإنما غابات ومراعِ تموج بالخضرة والحياة... كان أول ماعثروا عليه:

معالم بحيرة كبرى في قلب الصحراء الغربية.. كانت تمتد في الزمان القديم جدا..  من السودان جنوباً وحتى مشارف الواحات الخارجة وتشغل مساحة أكثر من خمسين ألف كيلو متر مربع!!

 هذه البحيرة الضخمة التي تشبه بحيرات وسط القارة الإفريقية مثل بحيرة فيكتوريا  وبحيرة ألبرت.. 

هذه البحيرة الواسعة لا وجود لها الآن .. وإن كانت ملامحها واضحة فوق الرمال عند بير طرفاوي وبير صحراء.!!

 وهذا يتوافق مع الاشارة العلمية الجيولوجية والتاريخية التي وردت بالقرآن الكريم في قوله تعالى مخبرا لنا عما قاله فرعون لقومه يتفاخر بطغيانه واستبداده وتجبره وزعمه أنه يملك مصر وأنهارها  ومنابع أنهارها (البحيرات العزبة) ومصباتها الروافد والفروع.. رشيد ودمياط والفرع الذي كان يربط النيل بالبحر الأحمر..!!

 يقول تعالى :{وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ }الزخرف51

 

هذه البحيرة التي كانت مساحتها تشغل خمسين ألف كيلو متر مربع من الصحراء الغربية، لابد وأنه كان يعيش من حولها إنسان، ما هذا الانسان الذي عثر على آثاره العلماء وعلى مخلفاته هنا على ضفاف البحيرة الكبرى ــ عند بير طرفاوي ــ  أقدم من البحيرة نفسها.. بل هو ــ حتى الآن على الأقل ــ  أقدم إنسان ظهر على الأرض المصرية ويماثل في عمره "إنسان بلاطة"  الذي عثر نفس العلماء على آثار بقاياه في  الواحات الداخلة منذ حوالي نحو أربعة أعوام..،

فقد جاء معاً إلى الصحراء الغربية منذ 75 ألف سنة وإن اختلف طريقهما، واحد عاش عند بير طرفاوي والآخر استقر في بلاطة.  ومن المؤكد أنهما من أصل واحد وأبناء عمومة ولكنهما لم يلتقيا أبداً.

كانت أول خيام تقيمها البعثة العلمية التي تضم العلماء التسعة في رحتلها الطويلة الضارية في عام 2002م إلى غرب الصحراء الغربية على مسافة 40 كيلو متر من أبو سنبل وجنوب الواحات الخارجة ب ـ 350 كيلو متر .. كما قلنا وجنوب الواحات الداخلة بـ 305 كيلو متر وقبل قرية العين في منطقة شرق العوينات بسبعين كيلو متر من نفس الاحداثيات ، وأقام العلماء خيامهم عند واحة مهجورة اسمها  "بير صحرا".

  بعد نحو ثلاثة أسابيع  من البحث والدراسة ومسح المنطقة كلها وجمع كل ما يمكن جمعه من عينات متحجرة وحفريات نادرة، وأدوات وبقايا ومخلفات من عاشوا على تلك الأرض من قديم الأزل ، من حيوان ونبات، كانت الحصيلة أمام  العلماء وداخل الخيمة الكبيرة جدا ، مئات الفئوس والنواصل والمدى والمكاشط  الحجرية، وعظام حيوانات متحجرة وحديثة وأوان فخارية .. ولكن لا توجد  جماجم بشرية متحجرة أو حتى أجزاء من هياكل عظمية إنسانية طوتها الرمال آلاف السنين.!!؟

   كل هذه الأدوات الحجرية المتحجرة تعني ــ كما قال البروفسور (فريد ويندروف والدكتور محمد البهي عيسوي) هى الأدلة القاطعة على أن أول إنسان عاش بهذه المنطقة هو الانسان الأشولي.!

 وهو إنسان قوي البنية متين البنيان طويل القامة وإن كان ظهره محدوباً قليلا إلى الأمام ، وكان بإمكانه لفرط قوته أن يصارع الغوريللا  والحيوانات المفترسة، وكان يعيش على الصيد.. مرة يصطاد غزالا ومرة يصطاد فيلاً  الأول ليأكل لحمه والثاني ليصنع حراباً  ونواصل (سكاكين) تنفعه في صيد جديد.

                الماء يغطي كل شئ:

  خلاصة كلام العلماء وأبحاثهم:

·      أن كل الصحروات المصرية كانت تغمرها المياه منذ أكثر من مليون عام.

·      انحسر الماء بالتدريج وخرجت الواحات إلى النور منذ نحو ثلاثة أرباع المليون من السنين ويحتمل أن يكون الانسان الأول قد ظهر في واحدة منها وعاش فيها.

·      منذ نصف مليون سنة ــ كما يقول العلماء ــ  سقط المطر على مصر وغمر البحر حتى أسوان.

·      ثم بدأ الماء ينحسر في الدلتا وأخذت مصر شكلها الحالي تقريباً وانتشر داخلها الانسان الأول قبل العصر الحجري القديم، وكان الانسان يعيش في الجهات المرتفعة داخل الكهوف كالتي عثر عليها العلماء.

·      في 22 مايو 1972م عثر العلماء المتتبعون لخطوات أول انسان نزل بأرض مصر ــ منذ آلاف بعيدة جدا جدا  من السنين ــ على واحدة من أهم الحلقات المفقودة في تاريخ هذا الانسان ، عثروا على آثارا أول انسان سكن الواحات،وأقدم من عاش في الصحراء المصرية كلها قبل التاريخ المكتوب بنحو 150 ألف سنة بل إنه من الممكن ــ حسب قول علماء  الأجناس(الأنثروبولوجي) أن نعتبر  انسان الواحات الذي عثروا على آثاره مؤخراً في الواحات الداخلة أقدم من عاش على أرض مصر من بني الانسان.!!

·       وإن كانت هذه الصفحة من مفكرة أحمد سعيد هندي تنطق باليأس المرير، فإن الصفحة التالية تعكس فرحة تكاد تنطلق من بين سطورها، يقول :  " شددنا الرحال من الواحات الداخلة في طريقنا إلى الواحات الخارجة، ومع الطريق الرئيس وعند الكيلو 25 على بُعْد أربعة كيلو مترات من قرية "بلاط" عثرنا على تل من الرمال يرتفع عن الأرض نحو خمسة أمتار شكله يختلف كل الاختلاف عن كل ما صادفناه في المواقع التي بحثنا فيها عن أي تل آخر!

·      طلب   عالم  آثار الأنثروبولوجي "فريد ويندروف" أن نتوقف ونلقي عليه نظرة قبل أن نمضي في طريقنا، ولكن :

·      هذه النظرة السريعة كلفتنا من وقتنا 19 يوماً بأكملها !وهى كل ما بقى من أيام الرحلة كلها، فقد اتضح أن  هذا التل غريب الشكل ما هو إلا منبع ماء متحجر جف منه الماء من آلاف بعيدة جدا من السنين، وحول البئر ضربنا خيام المعسكر من جديد.

·      وبدأنا العمل من فورنا، ووسط الرمال التي تغطي البئر المتحجرة، عثرنا على أول آثار لإنسان ما قبل التاريخ في منطقة الواحات في الداخلة في الصحراء الغربية، نحو 600 فأس حجرية في قلب البئر نفسها،مدفونة وسط ركام من  الرمال التي تراكمت منذ عشرات الآلاف البعيدة من السنين وغطتها تماما وصنعت منها تلا من الرمال يرتفع عن سطح الأرض بخمسة أمتار، ويختفي تحتها عشرة أمتار أخرى، ومن حول البئر بعد مسح الماكن عثرنا على 400 فأس حجرية أخرى..!

·      الغريب حقاً والمثير في نفس الوقت أن 90% من تلك الفئوس جديدة ــ بحالتها ــ وكأن الانسان الأول من العصر الحجري القديم قد صنعها ونحتها بالأمس فقط.!!.

·      يقول تعالى في إشارة معجزة بالقرآن الكريم إلى أن علم الله تعالى المطلق اليقيني يؤكده لنا القرآن العظيم  وأنه لايعلم حقيقة القرون والأمم التي سكنت الأرض إلا الله تعالى يقول تعالى:

 {أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِن بَعْدِهِمْ لاَ يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ اللّهُ جَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَرَدُّواْ أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ وَقَالُواْ إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ }إبراهيم9

·      وإلى لقاء في حديث آخر.

اجمالي القراءات 25166