نريد مجلساً شعبياً لا مجمعاً فقهياً

خالد منتصر في الثلاثاء ٢٤ - يناير - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً

الشعب يريد مجلس شعب لا مجمع فقه، نريد مجلساً لحل مشاكل رغيف العيش وأنبوبة البوتاجاز وبنزين السيارة والموتوسيكل، لا مجمعاً فقهياً يؤجل مناقشة تلك المشاكل انتظاراً للمن والسلوى وأنهار العسل ومكافأة الفقير بنعيم الفردوس نتيجة لصبره على سرقة ونهب ونهش السماسرة للحمه الحى، نريد مجلساً لحل مشاكل الصحة وتليف الكبد وفشل الكلى وسرطان المثانة، لا مجمعاً يغتال قانون زرع الأعضاء ولا يعترف بموت جذع المخ، لأن الموت الشرعى الذى اتفق عليه الفقهاء من ألف سنة هو انخساف الصدغين وشخوص البصر وتدلى الخصيتين!!،

 نريد مجلساً شعبياً ينهض بالتعليم من حيث هو حض العقل واستفزاز غدة التفكير وزرع المنهج العلمى لإنقاذنا من طوابير وكتائب نصف الأميين الذين تقذف بهم المدارس والجامعات إلى سوق العمل، فيصيرون ورماً خبيثاً يستنزف عافية الوطن، وليس مجمعاً يغرقنا فى جدل بيزنطى ومناقشات سفسطائية حول شرعية نقاب طالبة الإعدادية وحجاب تلميذة الحضانة!

الشعب يريد مجلساً ينمى روح البحث العلمى الحقيقى، لا مجمعاً يكون كل همَّه هو تقنين الحجامة وإضفاء شرعية قانونية وعلمية عليها أو الدفاع عن تجار بول الإبل بحجة أنهم ناس بتوع ربنا، أو تدريس الرقية الشرعية كقفزة تاريخية فى قطار الحضارة السريع! الشعب يريد مجلساً يخطط لاقتصاد قوى لصناعة نمر أو أسد أفريقى جديد، ولا يريد مجمعاً يضيع وقت الناس والغلابة فى صداع أسئلة مثل: هل البنوك ربا حرام أم فائدة حلال؟، الشعب يريد مجلساً ينهض بالسياحة ليجعلها أكثر ازدهاراً وتألقاً، لا مجمعاً يغرقنا فى مناقشات البكينى والبيرة والشواطئ الحلال والتماثيل الحرام ومعابد الباطل والفسق الفرعونية!!

بدأ النائب السلفى الدورة البرلمانية بإضافة جملة وفقاً للشريعة الإسلامية على قَسم مجلس الشعب، من الممكن أن تصفها كما وصفها النائب مصطفى النجار بأنها «مزايدة»، من الممكن وصفها بلزوم ما لا يلزم، ووصف الماء بعد الجهد بالماء، فما قاله هو تحصيل حاصل، لأن الدستور يؤكد ذلك دون فذلكة أو استعراض عضلات، والمحكمة الدستورية هى التى لها صفة الاختصاص والحكم لمن يعترض على قانون، انطلاقاً من أنه غير مطابق للشريعة، لذلك فهى محاولة لخلق مناقشات جانبية فى المجلس سرعان ما ستزحف على عقل المجلس نفسه، وهى دلالة على طريقة تفكير البعض ممن ندعو الله أن يظلوا بعضاً ولا تأخذهم الحماسة وتجرفهم الحمية لينشروا عدواهم ويتحول البعض إلى الكل.

نسأل النائب ومن يحذون حذوه وينهجون نهجه: أى شريعة إسلامية تقصد؟، هل هى نصوص القرآن القطعية، أم تفسيرات الفقهاء البشرية، أم تخريجات الخلفاء والحكام المصلحية؟، ما تتبناه أنت وتعتقد أنه شريعة، ستجد من هو بجانبك وعلى نفس درجة التدين والتقوى يقول إنه بعيد كل البعد عن معنى الشريعة، أنت تعتبر النقاب شريعة والشيخ الغزالى لا يعتبره كذلك، أنت تعتبر أقصى مدة للحمل سنة وفقاً للشريعة، والأطباء الثقات ينفون ذلك، أنت لن توافق على عقوبة السجن للصوص وستطالب بقطع اليد طبقاً للشريعة كما تفهمها وغيرك، ولكن من بطون الكتب الدينية والاجتهادات الفقهية وتغليب المصلحة سيرفض تفسيرك البعض، سترفض تعيين وزير مسيحى فى الوزارة اعتماداً على نصوص وتفسيرات فقهية صريحة، هى من وجهة نظرك قمة وصحيح الشريعة، وأنت لا تعرف أنك تفتت الوطن وتدمره.

أرجوك أيها النائب أشر بأصابعك إلى الشريعة التى أضفتها إلى القسم بالضبط، وقل لى هل هى شريعة الغزالى أم عمر عبدالرحمن أم بن لادن أم محمد عبده أم شلتوت أم الترابى أم الخمينى؟، لا تقل لى هى ببساطة شريعة ربنا، فكلنا يعبد ربنا ويعرفه حق المعرفة، ولكننا مازلنا لم نعرف من الذى أعطاكم التوكيل للتحدث باسم الرب وتفسير شريعته.

اجمالي القراءات 10063