الحلف بالله جل وعلا كذبا:(6)
(6 )التشابه بين الاخوان المسلمين ومنافقى الصحابة

آحمد صبحي منصور في الأحد ٢٢ - يناير - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً

هو خصم لله جل وعلا من يستخدم الدين فى طموحه الدنيوى

 أولا  :

1 ـ أوضح رب العزة جلّ وعلا موضوع النفاق والمنافقين لكى ينطبق هذا التفصيل على المنافقين فى كل زمان ومكان ، فالنفاق ظاهرة إنسانية ستتكرر فى مجتمعات المسلمين ، وستأتى جماعات تحترف النفاق وتتدين به تخادع الله جل وعلا والمؤمنين، بينما هم لا يخدعون إلاّ أنفسهم وما يشعرون . ومنافقو الصحابة ـ مع كل ما نزل خاصا بهم وبطريقة مباشرة ـ فهم مجرد حالة من حالات النفاق ، هم فئة معارضة ومتآمرة سياسيا ودينيا . وهناك حالات أخرى للنفاق ؛منافقون يتظاهرون بالدين ويستخدمونه للوصول الى السلطة، ومنافقون يتحكمون  فعلا فى السلطة والثروة ،ويتسترون بالدين نفاقا لاستمرار تحكمهم، ومنافقون يحترفون التدين السطحى ليأكلوا السحت باسم الله جل وعلا وينالوا الجاه والتقديس والولاية بمجرد مظهر التدين والرياء والزعم بأنهم صالحون اتقياء . وفى كل الأحوال فأخطر النفاق هو استغلال الدين الالهى للوصول الى السلطة ، فالسلطة المستبدة والتى تتمحك فى الدين هى الأكثر خطرا على دين الله جل وعلا والأكثر خطرا على الناس أيضا ، إذ تزوّر لهم الإفك دينا ، وتجعل الحق باطلا ، وتسفك الدماء وتفسد فى الأرض باسم الله جل وعلا ، ومن يعارضهم يقتلونه أيضا باسم الله .. ليس هناك ظلم أفدح من هذا . وهذا ما يرتكبه الاخوان المسلمون فى سعيهم لاقامة دولة دينية بالخداع و النفاق والضحك على الذقون. ولذا خصصنا هذه الحلقة لهم لتوضيح بعض الشّبه بينهم وبين منافقى الصحابة ، والصحابة هم الآلهة المقدسة للاخوان والوهابيين والسنيين عموما .

2 ـ : ومن الاعجاز القرآن فى هذا الشأن أن الله جل وعلا فى تعميمه لقضايا النفاق وأحوال المنافقين لا يستعمل أحيانا وصف النفاق ، بل يستعمل تعبيرا قرآنيا تكرر كثيرا وهو :(وَمِنَ النَّاسِ )، أى حيثما يوجد ناس وحيثما يوجد مجتمع فى أى زمان وأى مكان تجد من الناس منافقين يفعلون كذا ويقولون كذا. وسنعرض بالتفصيل لأهم السياقات القرآنية التى ورد فيها قوله جل وعلا :(وَمِنَ النَّاسِ ). ولكن نركّز هنا على آيات تنطبق على الاخوان المسلمين فى عصرنا .

ثانيا: من سمات النفاق عند الاخوان المسلمين 

1 ـ لقب ( الجماعة المحظورة ) الذى أطلقه نظام مبارك على الاخوان مجرد كلام على الورق ولا صلة له بالواقع . هذا ( الحظر ) يتناقض مع الوجود الفعلى للجماعة بمقراتها وممثليها فى برلمانات مبارك ومجلس إرشادها وقادتها ودعاتها ومساجدها وأتباعها وسجلاتها وأجهزتها ومشاريعها الاقتصادية وأرصدتها المالية والاعتراف الضمنى الدولى بها. مبارك كان يحتاج الاخوان للبقاء فى الحكم ليخيف بهم أمريكا والغرب وأحرار مصر ومستنيريها . لقب (الجماعة المحظورة ) له صلة بموضوعنا . هو حالة نفسية لجماعة تسعى للوصول الى الحكم بقوة ومثابرة لا ينافسها إلاّ سعى نظام مبارك لمنعها من الوصول للحكم . والحصار الذى تعانيه الجماعة واستمرار الاعتقال والمتابعة الأمنية جعلها أكثر حساسية للاختراق الأمنى ، وأكثر إنغلاقا وتمحورا حول نفسها ، وأكثر ابتعادا عن المجتمع خصوصا الأغلبية الصامتة التى تسعى لاستغلالها وركوبها لتصل الى السلطة. ولأن الاخوان المسلمين يعتقدون إنهم وحدهم وكلاء رب العالمين لحكم المسلمين فهم يحتقرون من ليس منهم ، أى الأغلبية المسلمة الصامتة ، لأنها  تكتفى بالصمت وهى ترى معاناة الجماعة منذ ثمانين عاما . ولكن هذه الأغلبية الصامتة المسلمة هى ( الآخر ) الذى لا غنى عنه لأنها تحتاج لركوبه ، تحتاج اليه وتكرهه وتمقته فى نفس الوقت ، يكفى أن هذا الآخر لايضحى من أجل وصولها الى الحكم ، لا يبذل نفسه جهادا حتى تتفضل الجماعة وتركب ظهره وتحكمه باسم الدين .! لذا ترى أن أى مصيبة تحدث  لهذا (الآخر ) أى للوطن والمواطنين هو عقاب الاهى لهم على عدم تفانيهم فى خدمة الجماعة . وبين كراهية هذا الآخر والحاجة اليه تتعامل الجماعة مع هذا الآخر بالنفاق ، والنفاق هو ان تعلن خلاف ما تبطن ، أى أن تخادع وتمكر ، أن تبتسم للشاه وسكينك خلف ظهرك .

2 ـ  يتأكّد هذا  بانغلاق الجماعة على نفسها ، فهى عائلات تتصاهر فيما بينها ولا تسمح لغريب أن يدخل بينهم ، ونساء الاخوان أو ( الأخوات ) لا يتزوجهنّ إلا الأخوة ، بل يوجبون تعدد الزوجات حتى لا تعانى الأخوات من العنوسة ، وحتى لا يفكّر أحد الأخوة بالزواج من غير ألأخوات فيدخل للجماعة عضوا غريبا من خارج الاخوان المسلمين ،أى من خارج الجماعة .

3 ـ ولأنهم ( جيتو ) منيع ممنوع دخوله لغير عائلاته فإن مؤتمرات وإجتماعات الإخوان السياسية والتنظيمية والادارية أجتماعات عائلية سرّية ، وربما تقام حفلات الزواج و الطهور والعقيقة ستارا للتواصل والترتيبات السياسية والتنظيمية ومناقشة المشاريع الاقتصادية التى تدير إقتصاديات الجماعة من خلال أفرادها، وتستقبل التبرعات باسمهم ، وكانت تنفق على عائلات مساجينهم  من خلالها ، وكل ذلك وفق تنظيم عائلى كان ولا يزال صعبا أختراقه .

4 ـ بهذا الانغلاق والتمترس الداخلى يختلف الاخوان المسلمون عن جماعات السلفية الدعوية المنفتحة على المجتمع بحكم الدعوة والاتصال المباشر بالناس. يجمع الاخوان والسلفيين نفس الاعتقاد فى الدين الوهابى والشريعة السنية البشرية المنسوبة للاسلام زورا وبهتانا ، ونفس التقديس للصحابة ونفس التقديس للأئمة وفقهاء الدين السّنى ، ونفس التدين السّطحى ونفس المظاهر الأساس للنفاق، ومنه الحلف كذبا باسم الله جل وعلا للوصول الى حطام دنيوى . الاختلاف مظهرى ومرحلى ، يتركّز حول ماهية ( الحطام الدنيوى ) الذى يطمح اليه الاخوان والسلفيون وبسببه يخلطون السياسة بالدين . الحطام الدنيوى للاخوان هو الوصول للحكم والاستئثار به ، أما الحطام الدنيوى للسلفيين فهو المال ورغد العيش والجاه بين الخلق بموادعة السلطان القائم ، ومشاركته بعض النفوذ لاستخدامه فى نشر الدعوة على أمل الوصول للحكم، ولو بعد طول أنتظار ، ولكن بلا تعب وبلا عناء . من هنا ينتفتح السلفيون على الشعب وعلى الحاكم المستبد ، ويتمتعون بالحطام الدنيوى من الفريقين . بينما يعانى الاخوان من العزلة الجبرية أو  الاختيارية .

5 ـ فى ثمانينيات القرن الماضى حدثت مأساة (فتاة العتبة )، فى وقت الازدحام فى موقف اتوبيسات العتبة ـ  أكثر مناطق وسط القاهرة أزدحاما ـ سقطت فتاة وسقط عليها آخرون أثناء الاندفاع لركوب الأتوبيس ، وفى حالة الهرج والمرج إفتض بعضهم بكارتها باصبعه وهى تصرخ بلا مجيب. قبضوا على بعض المتهمين ، وكان منهم أحد المعوقين المصابين بالشلل. وكانت قضية شغلت الرأى العام وقتها ، تناولها الناس بالحسرة والألم لما حدث للفتاة المسكينة، وكل منهم يتصورها أخته أوبنته. فوجئت عند تناول الموضوع بأحد الاخوان يقول متشفيا فى البنت وفى مصر كلها :( خليهم يشوفوا .. ولسّه يا ما .). أفزعنى ما سمعت وثار جدل بيننا ، ضاع فيه دفاعى عن البنت وأنه لا شأن لها بمعاناة الاخوان وطموحاتهم ، بينما هو اندفع صاحبنا يجترّ فكر الاخوان فى العقوبة الالهية لمن يرفض تطبيق شرع الله وإحتقار الساكت عن الحق لأنه شريك للظالم فى ظلمه. هنا الكراهية للآخر فردا كان أو شعبا بأكمله . ونتذكر كلمة الاستاذ مهدى عاكف المرشد السابق للاخوان ( طظ فى مصر). ومنذ عدة أسابيع حزنت مصر وحزن معها العالم الحرّ على سحل لفتاتين فى ميدان التحرير مع انتهاك لحرمة إحداهن . ولكن جاء فى الأنباء : ( قال الفنان المصري حسن يوسف أن حادث الفتاة التي سحلت على يد الجيش المصري في واقعة مجلس الوزراء فردي ومفتعل. وأشار : لقد تبين أن الفتاة المسحولة مغربية وليست مصرية، وهناك تسجيل لها وهي تشتم العساكر والضباط عبر الميكروفون، حيث أنها كانت تقصد استفزتهم عمدا وهو تحملوا ما لا يتحمله بشر، وعندما وجدت أن لا فائدة من الاستفزاز دخلت عليهم وفتحت العباءة.  ) http://www.elfagr.org/Detail.aspx?nwsId=108677&secid=3&vid=2

هذا الممثل بعد تاريخ طويل فى افلام المراهقة والمجون عاد الى الأضواء متحليا بلحية ومسكونا بثقافة الأخوان، وهو مثلهم يعبّر بنفس الطريقة عن حادث فاجع ألهب ضمائر الأحرار فى كل مكان. تعليق حسن يوسف لا يختلف كثيرا عن تعليقات بعض قادة الاخوان ، ومنها أن الفتاة ليست من ( الأخوات ) وبالتالى فلا إعتبار لها ولا يهتمون بأمرها ، وليس مهما أن ييهتم أحرار العالم بهذه الفتاة المصرية ، المهم عند الاخوان أنها ليست منهم بل من ( الآخر ) الذى يحتقرونه لأنه ليس منهم.

6 ـ نخلص مما سبق الى توصيف الاخوان بأنهم جماعة سرية منغلقة على نفسها تحترف الخداع وتحتقر المجتمع وتتآمر عليه. وهنا يتشابه الاخوان فى عصرنا مع ما قاله رب العزة عن منافقى الصحابة .

ثالثا : إنطباق وصف القرآن الكريم على حال الاخوان المسلمين فى عصرنا  

يقول جل وعلا :  ( وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُم وَمَا يَشْعُرُونَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِن لاَّ يَشْعُرُونَ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُواْ أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاء أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاء وَلَكِن لاَّ يَعْلَمُونَ وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُواْ إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُونَ اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرُوُاْ الضَّلالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَت تِّجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ )(البقرة 8 : ـ ). وبالتدبر فى الآيات الكريمة نرى الآتى :

1ـ قوله جل وعلا (وَمِنَ النَّاسِ)، أى يوجد هذا الصنف بين الناس ، فى كل مجتمع وفى كل ناس. أى يوجد فى مجتمعنا وبين الناس المصريين . (مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ). المؤمن العادى لا يحتاج الى إعلان إيمانه أو الى تأكيد إيمانه . صاحب الغرض هو الذى يحتاج الى إعلان إيمانه للناس ، يؤكد لهم أنه يؤمن بالله وباليوم الآخر. لو كان فعلا مؤمنا بالله جل وعلا وباليوم الآخر لانعكس هذا فى نبل سلوكه وحسن تعامله مع الناس بحيث لا يحتاج لاعلان تدينه للناس. ولكنه يريد أن يخدع الناس بالدين . وهو فى الحقيقة يخدع نفسه ، يقول جل وعلا عن زعمهم الايمان بالله واليوم الآخر ( يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُم وَمَا يَشْعُرُونَ).

2 ـ وينطبق هذا على الاخوان المسلمين، لأنهم هم الذين سموا أنفسهم ( الاخوان المسلمين ) تمييزا لأنفسهم عن بقية المسلمين ، ولأنهم يتوجهون بخطابهم لبقية المسلمين يؤكدون لهم إيمانهم بالله واليوم الآخر ، وغرضهم معلن ومعروف وهو الوصول الى الحكم . أى لدينا لافتة وهى ( الاخوان المسلمون ) ولدينا هدف يطمحون اليه وهو السلطة ، وتوابعها المعروفة من الجاه والثروة . وبين اللافتة و الهدف يوجد الخداع ، فهم يتمظهرون بتدين سطحى يوجهونه للناس وليس لرب الناس جل وعلا. لو كان الاخوان المسلمون يهتمون بالله جل وعلا لألغوا ( لافتة ) الاخوان المسلمين ، ولألغوا الرياء والنفاق للناس والتجارة بالدين ، ولانشغلوا بالتقوى يتعاملون مع الله جل وعلا ، وهو جلّ وعلا أقرب اليهم من حبل الوريد . يفعل المتقى ذلك بالسعى فى رضا رب العزة أولا وأخيرا دون اهتمام بالمراءاة والرياء. يزعمون ان القرآن الكريم دستورهم ، وليس فى القرآن آية واحدة تأمرهم بتكوين جمعية سرية ( محظورة) أوعلنية بغرض الوصول الى الحكم ، بل ينهى القرآن عن تزكية النفس وعن استغلال إسم الله فى التكسب به ، وينهى ويتوعد من يشترى بآيات الله ثمنا قليلا. فالاخوان حين يتمسحون باسم الله ويقولون آمنا بالله وباليوم الآخر لايخدعون الله جل وعلا ولا يخدعون الذين آمنوا ، بل يخدعون أنفسهم وهم لا يشعرون. 

3 ـ الخداع هنا جريمة دينية وإنسانية خطيرة ، فهو فى تصور المخادع ـ أنه يخدع الله جل وعلا ، ويخدع المؤمنين . التصور بخداع رب العالمين يعنى الكفر به ، وعدم الايمان بأنه جل وعلا يعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور . وخداع الناس جريمة كبرى قانونا ، فالنصّاب الذى يخدع قرويا يبيع له الترام جريمته محدودة ومحددة . أما النصّاب الأكبر فهو الذى يخدع شعبا بل شعوبا ويبيع لهم أوهاما مستغلا أشرف ما لدى الانسان وهو الدين ، فيحيل الدين الحق الشريف الى إفتراء وأكاذيب ويفترى كذبا على الله تعالى ورسوله ودينه الحق لكى يركب ظهور الناس. ولتصوّر مدى جرم هذا الخداع إسلاميا علينا أن نتذكر أن المسلم المؤمن الحقيقى هو الذى يهتز قلبه خشوعا حين ذكر أسم الله جل وعلا (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ )(الأنفال 2) ، فكيف بمن يزعم الاسلام والايمان وهو يستخدم (إسم الله) جل وعلا (مطية )  يصل بها الى السلطة ، وفى السلطة (يمتطى) الناس باسم رب الناس ؟ هنا خداع سام ومركب ومعقّد ، ولكنه يبدأ بداية بسيطة بالحلف كذبا باسم الله جل وعلا والمراءاة بالدين لخداع المؤمنين . كان منافقو الصحابة يرتكبون هذا الخداع ففضحهم رب العزة وقال:( إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَاؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلاَّ قَلِيلاً )(النساء 142 )، وقد عاقبهم رب العزة بمنع النبى من أخذ صدقاتهم وزكاتهم المالية ، وجاء فى حيثيات المنع مراءاتهم بالصلاة وكفرهم وكراهيتهم لاعطاء الصدقة التى يعطونها رياءا وليس عن أخلاص وتقوى : (وَمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلاَ يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَى وَلاَ يُنفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كَارِهُونَ)( التوبة 45 ).

ويظهر تطبيق هذا فى عصرنا فى نفاق السلفية والاخوان فى الصلاة وزبيبة الصلاة وتعمد تطويل الصلاة وتحويلها الى فيلم هندى بالتباكى والتخاشع ، وتسجيل أشرطة صوتية ومرئية للمتباكين والمتخاشعين يتنافسون فيها فى الشهرة بين الناس والجاه بين الناس وأكل السحت من أموال الناس، وفى كل هذا هم لايؤمنون برب الناس ، ولا يأبهون برب الناس .!

كان احتراف منافقى الصحابة لخداع النبى محمد عليه السلام هائلا ، لأنه عليه السلام كان بهم رفيقا وحريصا على هدايتهم الى درجة ان كان يستغفر لهم فعوتب فى ذلك (اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ) ( التوبة 80 )، ولولا أن القرآن كان ينزل يفضح تآمرهم لنال النبى والمسلمين منهم ضرر هائل. كانوا يدخلون عليه يقدمون له فروض الطاعة والولاء ثم يخرجون من عنده يتآمرون عليه ويفترون عليه كذبا ، ففضحهم رب العزة : (وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُواْ مِنْ عِندِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِّنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً )(النساء 81 ). فى خداعهم للنبى كانوا يتفنّون فى قلب الحقائق أو تقليب الأمور حسب التعبير القرآنى : (لَقَدِ ابْتَغَوُاْ الْفِتْنَةَ مِن قَبْلُ وَقَلَّبُواْ لَكَ الأُمُورَ حَتَّى جَاءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَارِهُونَ )(التوبة 48 ). مع خداعهم هذا فقد كان خوفهم مستمرا من نزول القرآن يفضح مكائدهم ، ولكن استمروا فى الخداع متخذين من الحلف بالله تعالى كذبا وسيلة دفاعية .

ومع أن احتراف منافقى الصحابة للخداع كان هائلا فقد تفوق عليهم الاخوان المسلمون فى الخداع لأسباب شتى ، فلم يعد ينزل قرآن يفضح النفاق كما كان فى عهد النبوة ، لذا يحترف الاخوان الخداع وهم فى مأمن ـ بل يتلاعبون بالقرآن وينشرون الأحاديث المفتراة حربا لله تعالى ورسوله وهم يشعرون بمأمن من المؤاخذة ، ولا عبرة عندهم باليوم الآخر ، لأنهم لو كانوا فعلا يؤمنون باليوم الآخر لعملوا له بالتقوى والخشية من الله العزيز الجبار. ثم إن الاخوان ورثوا خلال 14 قرنا تجربة إنسانية تراكمية فى الخداع زادها تجربتهم العملية  فى فنّ التآمر منذ عام 1928. ثم ـ وهذا هو الأهم ـ إختلاف غرض الخداع بين منافقى الصحابة والاخوان. كان السقف الأعلى لمنافقى الصحابة ليس الوصول للحكم بل استمرار نفوذهم فى المدينة ، أما الاخوان فهم يطمحون للانفراد بالحكم . وفى النهاية فهم لا يخدعون رب العزة الذى يعلم السّر وأخفى . بل هم أيضا لن يخدعوا المصريين المؤمنين ، بل سيخدعون أنفسهم وهم لا يشعرون كما قال رب العزة جلّ وعلا . التطبيق  العملى لهذا سيأتى قريبا . فقد فاز الاخوان والسلفيون بالأغلبية العظمى فى الانتخابات النيابية ، وستتاح لهم لأول مرة فرصة ( الحكم ) من خلال مجلس الشعب . ومشاكل مصر الآن صعبة ومعقّدة  بعد تعرضها للسلب والنهب والفساد والتخريب والتجريف ستين عاما . والشعب المصرى لم يعد ساكنا ساكتا ملوبا على أمره كما كان . وإصلاح أحوال مصر مهمة شديدة الصعوبة لا يقوى عليها الاخوان الذين تخصصوا فى التآمر والعمل السّرى ولا يعرفون سوى الطاعة وليست لهم خبرة سياسية أو ميدانية سوى فى طاعة المرشد وتقبيل يديه . وبالتالى سيظهر عجزهم ، وسيكون وصولهم لمجلس الشعب أكبر عملية خداع ارتكبوها فى حقّ أنفسهم ، سيكونون أول وأكبر ضحايا خداعهم لأنفسهم بحيث ينطبق عليهم قوله جل وعلا:( يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُم وَمَا يَشْعُرُونَ ).

4 ـ ولأن للإنسان حريته فى الايمان وفى الكفر ، فإن مشيئة الله جل وعلا تأتى لتؤكد مشيئة الانسان ؛إذا شاء الانسان الهداية زاده الله جل وعلا هدى ، وإذا شاء الانسان الضلال زاده رب العزة ضلالا ، يقول جل وعلا : (قُلْ مَن كَانَ فِي الضَّلالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذَابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَّكَانًا وَأَضْعَفُ جُندًا وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى)(مريم 75 : 76)(وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ )(محمد 17) .وحين قالوا بلسانهم نفاقا وخداعا (آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ ) هم فى الحقيقة التى يعرفها رب العزة ليسوا بمؤمنين بل مخادعين :( وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُم وَمَا يَشْعُرُونَ )، أى بغض النظر عن زعمهم بألسنتهم فإن قلوبهم مسكونة بمرض الكفر والنفاق ، لذا زادهم الله جل وعلا كفرا ومرضا فى الدنيا :( فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً ) ، أما فى الآخرة فينتظرهم عذاب أليم جزاء كذبهم : (وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ ). وفى تطبيق هذا فى عصرنا ، حاول أن تعظ إماما سلفيا أو إخوانيا بالقرآن وتخيل ردّه عليك ..والأغلب إنك لن تحاول حرصا على حياتك .. ونحن نعذرك .!

5 ـ ونرى قلبا للحقائق فريدا فى نوعه ، فهم يزعمون الايمان باللسان وهذا يناقض ما فى قوبهم ، وهم يزعمون الصدق وهم كاذبون، وهم يجعلون أنفسهم القائمين بالاسلام وهم أعداء الاسلام . هذه الحالة الفريدة من التناقض تؤكد أنهم من الصنف الذى يزعم إمتلاك الحقيقة المطلقة ، ويتهم غيره دون أن يتهم نفسه . (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِن لاَّ يَشْعُرُونَ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُواْ أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاء أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاء وَلَكِن لاَّ يَعْلَمُونَ ). أفظع الفساد ان تحارب الله جل وعلا ورسوله بأن تفترى على الله ورسوله كذبا وأن تكذّب بآيات الله جل وعلا،وأن تمتطى دين الله وإسم الله لكى تحتكرالسلطة والثروة وتسفك الدماء وتنتهك الأعراض وتسبى وتسلب باسم الله ،وأن تظلم الناس باسم الله جل وعلا وهو الذى جعل العدل أساس دينه جلّ وعلا . فى رؤية هذا الفساد رؤية العين إنظر الى ما فعلته وما تفعله أسرة آل سعود ، وما فعله وما يفعله كل من يسير على دينهم الوهابى من طالبان وفى باكستان الى البشير فى السودان . ولماذا لا تنظر بعيدا ؟ انظر ما فعله الاخوان المسلمون ـ قبل أن يصلوا للحكم ، من قتل وتخريب فى الاربعينيات من القرن السابق ، ثم ما فعلته التنظيمات التى خرجت من عباءتهم من التكفير والهجرة والجماعة الاسلامية والجهاد و الشوقيين والناجين من النار ..الخ..فماذا إذا استبدوا بالأمر ؟

 

6 ـ وقد قلنا إن الاخوان جماعة منغلقة على نفسها لهم إجتماعاتهم السرية التى يتآمرون فيها ويضعون خططهم ، وقلنا إنهم يحتقرون المصريين ويكرهونهم مع ممارسة الخداع للمصريين . الاخوان المسلمون يفعلون بالضبط ما كان يفعله منافقو المدينة، يتعاملون مع ( الآخر ) بوجهين ، كما جاء فى قوله جل وعلا : ( وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُواْ إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُونَ اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرُوُاْ الضَّلالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَت تِّجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ)

 ونزل من القرآن فى تحذير مؤمني الصحابة من موالاة وصحبة أولئك المنافقين الذين هم بالقلب والمشاعر ضد بنى وطنهم فلا يصح لبنى وطنهم أن يوالوهم :( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ هَاأَنتُمْ أُولاء تُحِبُّونَهُمْ وَلاَ يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّواْ عَلَيْكُمُ الأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُواْ بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ )  فهؤلاء المنافقون من الصحابة ليسوا من المؤمنين ،بل هم ( بطانة ) أى حشو ليس من الأصل فى شىء. وهم مخادعون للمؤمنين ، وحاقدون على المؤمنين يتمنون لهم المصائب:(إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُواْ بِهَا وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ ) ( آل عمران 118 : 120 ). وتكرر هذا فى قوله جلّ وعلا عن منافقى الصحابة : (إِن تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُواْ قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِن قَبْلُ وَيَتَوَلَّواْ وَّهُمْ فَرِحُونَ قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلاَّ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَن يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِّنْ عِندِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُواْ إِنَّا مَعَكُم مُّتَرَبِّصُونَ  ) ( التوبة 50 : 52 )

وهذا ينطبق بالضبط على الاخوان المسلمين ومشاعرهم ضد المصريين . لا نقوله رجما بالغيب ولكن بما ترشّح من أدبياتهم وما انتشر على ألسنتهم. وكما قال جل وعلا (وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ  ).

أخيرا

يبقى العظة فى قوله جل وعلا :( وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُم وَمَا يَشْعُرُونَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِن لاَّ يَشْعُرُونَ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُواْ أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاء أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاء وَلَكِن لاَّ يَعْلَمُونَ وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُواْ إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُونَ اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرُوُاْ الضَّلالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَت تِّجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ )(البقرة 8 : ـ ). !!

ودائما .. صدق الله العظيم .!!

اجمالي القراءات 26569