علي بابا والأربعون حرامياً!

د. شاكر النابلسي في الإثنين ١٢ - ديسمبر - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً

وعدنا قراءنا في مقالنا السابق (امسك حرامي) أن نكمل التعليق على بيان الديوان الملكي الأردني بخصوص (سرقة العصر الكبرى) وهي سرقة 4827 دونماً من أراض الدولة وتسجيلها باسم الملك شخصياً من أجل تنميتها وإنبات العجائب التي لا تنمو في الأراضي غير المقروء عليها السورة "الهاشمية" المباركة، والتي لا ترعاها عين السليل الهاشمي.

 

من سيضمن عدم بيع الأراضي؟

قال الناطق باسم الديوان (وهي كلمة تركية جاءت أثناء الاحتلال العثماني للمشرق طيلة أربعة قرون مع كلمة "تشريفات" وغيرها من الكلمات) الملكي أنه "لم يتم حتى الآن بيع متر واحد من أراضي الخزينة التي سجّلت باسم الملك"، مشددا على أنه "لن يتم أيضا بيع أي متر من هذه الأراضي في المستقبل".

من يضمن ذلك؟

ومن يمنع ذلك؟

فعندما تمّت سرقت هذه الأراضي لم يجرؤ أحد على منع ذلك.  وسيكون الحال نفسه عندما تباع هذه الأراضي لمشترين، ستُغفل أسماؤهم. ويبدو أن أسعار الأراضي الآن في الأردن في انخفاض. لذا، لم يتم بيع أياً منها، حتى الآن.

ولكن من سيمنع مستقبلاً بيعها، فهي الآن حلالاً زلالاً باسم الملك، وهو مالكها الوحيد؟

 

من هم الوزراء، ومن هو الرئيس؟

وقال البيان الصحافي : "إن قرارات التسجيل اتخذت من قبل مجلس الوزراء آنذاك باعتباره صاحب الولاية الدستورية والذي يتمتع بسلطة تقديرية كاملة في هذا الشأن."

فمن هو مجلس الوزراء، أليس هو الملك الذي يأتي برئيس الوزراء والوزراء، ويصرفهم متى شاء، واقتضت مصلحته الشخصية؟

وهو كالإله لهم. يقول لهم وقِّعوا فيوقِّعون. وتصرَّفوا فيتصرَّفون، واعملوا فيعملون. ومن يخالف الأمر الملكي مصيره معلوم ومعروف. وكم من وزير شريف وحر رفض الإرادة السامية، فكان مصيره الإعفاء من مهامه والطرد من وزارته. ولنا من قصة فارس شرف (محافظ البنك المركزي) في الأمس خير دليل، وعبرة لمن يعتبر.

فلماذا لم يتم عرض قرارات تسجيل الأراضي باسم "الدوحة الهاشمية" على مجلس النواب الأردني، باعتباره "الممثل" للشعب الأردني، صاحب ومالك الأراضي المسروقة منه، سيما وأن هناك أنباءً تقول بأن هناك أراضي أخرى قد سُرقت، وتم تسجيلها باسم أمراء وأميرات "الدوحة الهاشمية" السامية؟

 

ما مهمة موظفي الديوان؟

وقال الناطق الصحافي للديون الملكي:

 "أن التوجه كان لدى المسئولين في الديوان الملكي، آنذاك هو متابعة تنفيذ مشاريع وبرامج تنموية. "

هذا شيء مفروغ منه. فوظيفة المسئولين في الديوان العمل في المزرعة والحظيرة الملكية، ورعاية وتسمين الأبقار والأغنام، وزرع الأرض، وقطف الثمار. فهم أجراء الملك، وهم خدمه وحشمه.

ألا يوقع رئيس الوزراء دائماً على خطاب الرد على "التكليف السامي" بعبارة: " خادمكم الأمين"؟

 

بيان مجدي الياسين (شقيق الملكة)

وقال البيان الصحافي: "إن المؤسسات التي تم تحويل الأراضي لها تتمتع بالصفة الاعتبارية والقانونية التي تؤهلها لإقامة وإدامة مشاريع تنموية على هذه الأراضي بالشراكة مع الجهات الحكومية والأهلية ومؤسسات القطاع الخاص، المهتمة والقادرة على المساهمة في هذه المشاريع".

الجهات الحكومية معروفة. وكلها مملوكة للملك وللعائلة المالكة. ولكن لماذا لم يذكر البيان الصحافي أسماء مؤسسات القطاع الخاص المهتمة والقادرة على المساهمة في هذه المشاريع؟

أليست هذه المؤسسات ضمن مؤسسات مجدي الياسين شقيق الملكة رانيا الذي أُثيرت حوله الشبهات، وشبهه البعض بـ "الصعلوك" السوري – حسب قول بيار صادق في كتابه "الصعاليك الجُدد" - رامي مخلوف ابن خال بشار الأسد الذي (كوَّش) على معظم الاستثمارات السورية، مما اضطر مجدي الياسين إلى إصدار بيان بعد الضجة التي أثارها احتجاج أبناء مدينة معان قبل أسابيع على أراضٍ قالوا إن الحكومة منحتها لمتنفذين بدون وجه حق ، وأن أحد هؤلاء المتنفذين هو مجدي الياسين.

وكشفت بيان مجدي الياسين عن أن إجمالي الأراضي التي يملكها مساحتها 34.6 دونم فقط. بالإضافة إلى شقة في عمان مساحتها 180 متراً مربعاً فقط

مسكين مجدي هذا، فهو لا يملك غير شقة بهذه المساحة الصغيرة في عمان، فأين القصر الفخم الذي يتحدث عنه هؤلاء الثوار الأشرار؟

وقد كتب أحدهم في 6/12/2011  في موقع "وطن" الأردني على الانترنت يقول:

 "هل سيصدق الشعب الأردني بيان مجدي الياسين؟

هل يتوقع السيد مجدي الياسين من الشعب الأردني أن يقول له :- (ظلمناك ياسيدي أحنا اسفين) فمجدي الياسين ليس جزءاً من نظام الحكم السياسي في الأردن. فحين يصدر بياناً، فكأنه يرسِّخ نفسه أنه شريك في الحكم، ويريد أن ينفي عنه تهمة فساد، أو اعتداء على أموال الدولة."

ثم من يستطيع أن يُكذِّب في الأردن شقيق الملكة، والشائعات المشينة عن آل الياسين، تملأ المدارس والمجالس؟

وحتى لو قال مجدي الياسين أنا لا أملك شيئاً في الأردن، فمن يجرؤ على تكذيبه، أو الطعن في قوله، وسيوف المخابرات على رقبته، كما كانت على رقبة الناقد الأدبي والأستاذ الجامعي كمال أبو ديب الذي طُرد من جامعة اليرموك، وأُلقي به ليلاً ببجامته في البرية على الحدود الأردنية السورية، كما يروي لنا القاص الأردني زياد بركات؟
 

لولا الغربة لكنتُ أرنب مثلكم

أشكر كافة الإخوة الثوار الأحرار الأردنيين وغير الأردنيين، الذي كتبوا إليًّ مقدرين وشاكرين.

 وأنا أقول لهم صراحة:

لولا أنني خارج الأردن، لما استطعت أن أكتب أقوالي السابقة واللاحقة بمنتهى الشجاعة والصراحة هذه. وأنا بهذا، لا ألوم المثقفين الأردنيين في داخل الأردن على مواقفهم نتيجة لسطوة القوى الأمنية هناك. ولكني أطلب منهم الصمت، وذلك أضعف الإيمان. ولا أريدهم أن يتورطوا في مديح "الظل العالي". فالعالي اليوم سيصبح غداً واطياً. وربما ينزل إلى أسفل السافلين.

ولكم مني أيها الثوار الأحرار الشرفاء في الأردن عهداً، بأن استمر في فضح الفساد والفاسدين في الأردن، والسرقة والسارقين، والنهب والناهبين، وأن أكون لهم بالمرصاد،  دون تردد، أو خوف، أو وجل. فهذه هي وظيفة المثقف، والمهمة المناطة به.

 

 
اجمالي القراءات 9407