نظرات متجددة في رحاب السبع المثاني
السبع المثاني ليست هي الفاتحة

محمد خليفة في الخميس ٠١ - ديسمبر - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً

 

نظرات متجددة في رحاب السبع المثاني

مقدمة :

وردت لفظة  " المثاني "   في القرآن الكريم مرتان فقط

الأولى    :   جاءت معرفة بالألف واللام، ومضافة إلى عددية مميزة معينة، لها
                خصوصية  خاصة جدا ( ولها مباحث مقصورة عليها خاصة بها)
               وذلك في سورة الحجر
               {
وَلَقَدْ آَتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآَنَ الْعَظِيمَ (87) }الحجر

الثانية    :   جاءت غير معرفة بالألف واللام في سورة الزمر
              {  اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ
               يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ  وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي
               مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (23)
} الزمر

والمثاني تحتمل واحدا من خمسة معانٍ
المعنى الأول    :
 المثاني من الثناء، والثناء لا يكون إلا على الله.

المعنى الثاني   :
 المثاني من الثنيّ والإنثناء، وهذه لا تكون إلا في أطراف الأشياء، وأيضا تعني المعاني الخفية أو المتخفية في الإنثناءات، أو المعاني الباطنة، أوالمعاني غير الظاهرة للعيان آنيا، أو هي تلك التي لم يأن آوان ظهورها بعد، والتي سوف تظهر تباعا في القادم من الأزمنة.

المعنى الثالث   :
 المثاني من الإزدواجية، أي ثنائية التكوين.

المعنى الرابع   :
 المثاني من التثنية، أي العد مثنى مثنى، أو إثنتين إثنتين.

المعنى الخامس :
 وهو امتداد أو هو تفصيل للمعنى الثاني ( من الإنثناء)، وحيث تكون المثاني من ظهور معنى ثان لها، وهذا المعنى بدوره يظهر له معنى جديد وهكذا ، إلى سبعة أعماق، أو سبعة أبعاد، أو سبعة معاني[1]وكلها صحيح، مما يشير إلى معني المتشابه[2]من الآيات.

وهناكمعنى سادس:
 لكنه لا يخص المثاني بذاتها، لكنه يخص العددية الدالة عليها ( سبعة )  مما يعني أن مجرد ظهور خاصية معينة متميزة في آيات وسور كتاب الله، في سبعة أشكال أو سبعة تكرارات، أو سبعة سور، أو سبعة آيات، أو سبعة خصال، يصون لها إحتمال كونها من السبع المثاني.
بمعنى أن هذا
الرأي ينظر في كينونة الرقم  " سبعة " ،
ويعني هذا أننا لو إكتشفنا تكرار ظهور أي ظاهرة قرآنية لسبعة مرات فقط ، فقد تكون بذاتها هي السبع المثاني، ويتوجب علينا ، والحال كذلك ، أن نضعها تحت منظار البحث.
 وكون أننا قد أضفينا علية صفة الرقمية فإنه لا يعدو أن يكون واحدا من عشرة أرقام وهي المعروفة والمتداولة في عالمنا ، بل هي أيضا كانت السائدة في علوم الحساب منذ أن وفق الله البشرية لاستنباط الرقم  " صفر ".

تعريف الرقم والعدد  :

الرقم  :   هو كـم حسابي ذو طبيعة فردية يعبر عنه برمز خاص ويكتب في خانة نظامية
            واحدة.

العدد  : هو تركيبة متراصة من الأرقام المتلاصقة والتي تتبع نظاما رقميا[3]معينا ، وذلك لإعطاء  قيمة معنوية لها ومعنية بها.

وعليه ... فإن ما نشير إليه بالأرقام تنحصر فقط  في العشرة رموز الرقمية ألا  وهي  :
                                        0 ، 1 ، 2 ، 3 ، 4 ، 5 ، 6 ، 7 ، 8 ، 9  

ورقم سبعة هو ثامن هذه الأرقام، ويسبقه في الترتيب سبعة أرقام أخر وهي
                  الصفر والواحد والإثنان والثلاثة والأربعة والخمسة والستة
                  ، كما يليه رقمين إثنين فقط  وهما الثمانية والتسعة .

فمثلا العدد  5623 ، ولكوننا نخضع في تعاملاتنا العامة إلى النظام البدهي العشري[4]، فلسوف ننطق هذه التركيبة العددية كالآتي :
أولا  :  بالطريقة المتداولة على الألسنة:  وتنطق خمسة آلاف وستمائة وثلاث وعشرين.
ثانيا :  بطريقة النطق النمطية العربية الصحيحة سوف تنطق ثلاث وعشرون وستمائة وخمسة آلاف.
أما إذا كنا تحت مظلة أي نظام رقمي أخر بخلاف النظام العشري فسوف يكون هناك طرقا أخري للنطق وأيضا للوقوف على القيمة المعنية لهذه العددية.
وتلك الخواص سوف نتعرض لها في بحث لاحق.
أما عن الظواهر القرآنية والتي تتكرر لسبعة مرات، فسوف نعرض لبعض منها في السطور القادمة، ولكن هذا لا يمنع أن تكون هناك ظواهر قرآنية سبعية سوف يمن الله علينا بإظهارها فيما  هو مستقبل من الأيام.

وياحبذا... ، أن ينضم لهذا المعنى واحداً أو أكثر من المعاني الخمس للمثاني حتى يتسنى للرائي المتفكر المتدبر، أن يقيس مدى توافق المعاني ومضمون بل ومفهوم السبع المثاني.

 

وبالنظرة المتعمقة للآية

{ وَلَقَدْ آَتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآَنَ الْعَظِيمَ (87) }الحجر

سوف نجد أن حرف الواو الذي يظهر بين كلمتي (الْمَثَانِي ) والكلمة التي تليها (الْقُرْآَنَ الْعَظِيمَ) يمكن أن يأتي إعرابها إما على أنها   واو عطف   أو أنها   واو معية

الفرضية الأولى  :

            حرف الواو هنا قد يعرب على أنه حرف عطف      ويأتي على نوعين :

  الأول   :  حرف عطف نسق
   أي هو يعطف القرآن على المثاني، من باب عطف العام على الخاص مما يقتضي المغايرة  وهذا يعني أن      المثاني شئ مختلف عن القرآن العظيم   وإن كان يضمهما مصحف واحد

وهذا هو موضوع مبحثنا

  الثاني   : حرف عطف بيان

  مما يقتضي التضمن أو الإحتواء أو التخلل وهي تأتي على ثلاث أشكال

 الشكل الأول :    السبع المثاني موجوده ضمنيا في المصحف مع القرآن    
          وهي الكتاب المبين، الذكر، الحكمة، النور، إمام مبين، الفرقان، البيان المبين
 وهم سبعة، وعلى سبيل المثال
   إمام مبين وردت في {  فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُبِينٍ (79) } سورة الحجر

  { إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآَثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ }
 (12)     سورة يس

مثلا :   { وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلا تَتَّخِذُوا آَيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَالْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِوَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (231) } سورة البقرة

في هذه الآية تأتي الحكمة متضمنة ضمن ثنايا الكتاببدليل الإشارة لهما معا بـ (به) أي أنهما معا كيان واحد

          {  يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِوَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ(15) }

هنا أيضا صفة النور جاءت متضمنة في داخل الكتاب وصفة له.

      وهذه النقطة ( الشكل الأول)  لا زالت قيد البحث في بحث خاص منفصل.



 الشكل الثاني : أو هي ما تنزل من الكتب السماوية وهي تضم مع القرآن
 الكتاب، صحف إبراهيم، التوراة، الفرقان، الزبور،  الأنجيل، كتب سابقة
 وهم سبعة.
      وهذه النقطة (الشكل الثاني) لا زالت قيد البحث في بحث خاص منفصل.

الشكل الثالث :أو هي الإشارة إلى عدد من النبيـِّن الذين أوحى الله إليهم
واحتوتهم آيتين

{ إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآَتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا (163) } سورة النساء   وقد إحتوت إثنتي عشرة إسما من أسماء الأنبياء.
أيضا الآية
{ وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّآَ لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (87) } سورة يونس وقد احتوت الآية على إسمين موسى وأخيه

وبذلك يكمل عدد النبيـَّن والذين أشار الحق بالوحي لهم أربعة عشر نبياً.

      وهذه النقطة ( الشكل الثالث) لا زالت قيد البحث في بحث خاص منفصل.
  
الفرضية الثانية  :
  إما أنها تعرب على أنها  واو معية    وهذا يعني أن هناك مثاني متعددة،
    ( فضائل، ثنايا، خصال كريمة، مزايا خاصة رفيعة ،...     )                         وقد خص رسول الله محمد عليه الصلاة والسلام بسبع خصال منها مثناوات، أو هي واقع الأمر سبعة أزواج من الخصال مما يعني أنها نسيج متضمن في آيات الله  .
 وهذه الفرضية لا زالت قيد البحث التفصيلي في بحث خاص منفصل .
وسوف نتعرض هنا لموجز مختصر لهذه الخصال

   مثلا :
    1 ) هو الرسول الوحيد الذي وصفه الحق بـ
                          {  وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ (4) } سورة القلم
    2 ) هو الرسول الوحيد الذي أشار الرحمن إليه بأنه رحمة للعالمين
             { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (107) } سورة الأنبياء
    3 ) هو الأكثر عددية إحصائيا عند توجيه الحق النداء إليه بصفته  " الرسول "
    4 ) وصفه بالنبي الأمي وهي مكرمة فيه منقصة لغيره ، ومناقشة الرأيان
        الرأي الأول : أمية النبي تعني عدم معرفته للقراءة والكتابة.
        الرأي الثاني : أمية النبي تعني أنه أمة أوأممي من ارساله للأُمم.
    5 ) مجئ اليشارة بقدومه وإلإعلان عن ضرورة إتباعه في الكتب التي سبقته
           { الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ
             وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ
             عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آَمَنُوا
             بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ
             (157) } سورة الأعراف
  6 ) إسباغ  الحق عليه  بإثنتين من صفاته فقد وصفه الله بأنه رؤوف رحيم
        { لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ
          رَءُوفٌ رَحِيم (128) سورة التوبة     
  7 ) توجيه النداء إليه بـ ياأيهاالنبي، وأيضا ياأيهاالرسول، يأيهاالمدثر، يأيهاالمزمل،
        كما أنه الرسول الوحيد الذي لم ينادى باسمه مسبوقا بآداة النداء "يا" ، فلم يرد
        في القرآن الكريم مطلقا  النداء  "يامحمد" .
 8 ) { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (45) وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ
               وَسِرَاجًا مُنِيرًا (46)} سورة الأحزاب
 9 ) أنه النبي الوحيد الذي وصفه الحق بأنه خاتم الأنبياء
        { مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ
          شَيْءٍ عَلِيمًا (40) } سورة الأحزاب.
10 )  أنه الرسول الوحيد المتسلسل من أصول من عبدة الله الموحدين،السـُجَّـد لله            { وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (217) الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ (218) وَتَقَلُّبَكَ فِي
        السَّاجِدِينَ (219) إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (220) } سورة الشعراء
        وكذلك نراه في الآية
       {  وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ (97) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ
          السَّاجِدِينَ (98) وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ (99) } سورة الحجر
       وكذلك يظهر من روااية الرسول إن صحت، أنه من أصلاب مطهرة
       " ولدت من نكاح ولم أولد من سفاح ، من لدن آدم حت ولدتني أمي " .
11 ) هو النبي الوحيد الذي أقسم الله بعمره، مبينا مدى الإعزاز الذي يحمله له
      {  لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ (72) } سورة الحجر
       ذلك مع أن موضوع الآيات يشير إلى أن النبي الذي تشير إليه الأحداث هو نبي
       الله لوط، وجاء هذا القسم موجها إلى رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، لأن
      السياق  العام في القرآن كله، ما هو إلا إخبار من الله إلى رسوله الكريم.
12 ) طبيعة العطاء الممنوح من الله إلى نبيه الكريم، تتجلى في موقعين
      أولهم  : { اِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1) } سورة الكوثر.
      ثانيهم  :  {  وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى (5) } سورة الضحى.
13 ) طبيعة المَن الإلهي، والذي يمتن به الله على رسوله الكريم، وهي من تعداد نعم الله
      عليه { أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآَوَى (6) } { وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى (7) }  { وَوَجَدَكَ عَائِلًا
      فَأَغْنَى (8) }
      ثم يعدد له ما يجب عليه أن يفعله في صورة نصائح
     { فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ (9) وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ (10) وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ (11) }
         سورة الضحى
14 ) هو النبي الوحيد الذي تعهد الله بالحفاظ عليه ، وبعصمته من الناس
      { يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ
        يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (67) } سورة المائدة
        وكذلك بطمأنته من عدم الهجرأو النسيان، ووعده بالخير الآتي له في مستقبل
        الأيام، سواء أكان ذلك في الدنيا ،أم في الآخرة.
     { مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (3) وَلَلْآَخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى (4) } سورة الضحى
      أيضا رفع الله له ذكره
       أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (1) وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ (2) الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ (3) وَرَفَعْنَا
       لَكَ ذِكْرَكَ (4) فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (6) فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ        (7) وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ (8) سورة الشرح

الآراء المختلفة في السبع المثاني :
ذهبت الآراء في مصطلح -  السبع المثاني  - إلى مذاهب شتى ، ولسوفنعرض بإذن الله لبعض هذه الآراء واحدة إثر أخرى.
الرأي الأول   :
 السبع المثاني هي فاتحة الكتاب، وأول سورة وردت في كتاب الله حسب الترتيب التوقيفي، وذلك لتميزها الشديد، ولخصوصيتها الخاصة، ولحتمية تلاوتها في كل الصلوات المفروضة والنوافل، وأيضا لأنها جاءت في سبع آيات، أولها آية البسملة والتي عنونت كأول آية في تفرد مطلق غير مسبوق ولا  ملحوق.
الرأي الثاني  :
 السبع المثاني هي السبعة سور الأكبر من حيث عدد الآيات، وفيها أربعة سور تعدَّين سقف المئتين آية، وثلاثة أخر تقع عدد آياتهن بين المئة والمئتين.
الرأي الثالث   :
 وهو تعديل للرأي الثاني، إلا أن شرط حجم السورة، لم يقف عند السبعة الأكبر وإنما إمتد ليشمل السور التي تعدت آياتها المئة آية، ولم تتعدى المئتين آية وسميت السور المئيين، وعددها واقع الأمر أربعة عشر سورة.
الرأي الرابع   :
 السبع المثاني هي السور التي بدأت بالثناء على الله، وهي الأخري أيضا جاءت في أربعة عشر سورة.
الرأي الخامس :
السيع المثاني هي السور التي إحتوت متونها على سجدات التلاوة، حيث جاءت في أربعة عشر سورة.
الرأي السادس :
 السبع المثاني هي تلك السور السبعة التي بدأت بفاتحة مقطعة معينة ألا وهي الإستفتاحة " حم "، والإستفتاحة ذاتها مكونة من حرفين إثنين.
الرأي السابع  :
 السبع المثاني هي تلك التكوينات من الإستفتاحات المقطعة والتي تشكلت من الحروف المقطعة، والتي تميزها مميزة معينة وهي أن ظهورها له سمة خاصة، بكونه قد جاء في آية منفصلة قائمة بذاتها، وهي الآية الأولى من كل سورة، وهي تكوينات من الحروف المتفردة والتي استهلت بها عددا من سورالقرآن (تسعة عشر سورة)، من حيث أنها          فقط سبعة إستفتاحات.
الرأي الثامن :
السبع المثاني هي كل ما ظهر في كتابنا الكريم من الإستفتاحات المقطعة، وهي تكوينات من الحروف المتفردة والتي استهلت بها عددا من  سورالقرآن (تسع وعشرين سورة)، وقد جـُمعت فيها السمتين معاً ( ورودها في آية منفصلة في أول السورة، وأيضا تلك التي جاءت كأول جزء من الآية الأولى من السورة  وسميت الإستفتاحات ذات الآيات المتصلة ، وذلك من حيث أنها أربعة عشر إستفتاحة( سبعة أزواج)، وبناءها تم باستخدام أربعةعشر حرفا من حروف الهجاء ( أيضا سبعة أزواج)، حتى إنها سميت بالحروف النورانية.  

ولسوف نبدأ في مناقشة هذه الآراء واحداًً تلو أخر.

الرأي الأول  : السبع المثاني هي فاتحة الكتاب

ويؤيد هذا الرأي جمهور عريض من الفقهاء، وذلك لعدة أسباب نشير إليها في إيجاز غير مخل:
 أن السورة هي السورة الأولى ترتيبا في الترتيب التوقيفي، والمُوقــََفْ من قِبـَل السماء
حيث قال الحق في سورة القيامة
{
لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (16) إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآَنَهُ (17) فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآَنَهُ (18)ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ (19)
وأود لو أشير إلى أن " ثُمَّ " التي تصدرت الآية الأخيرة إنما تعني ديمومة هذا التبيين إلى أن تقوم الساعة تمثلا لقول الحق في سورة فصلت {  سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (53)}

1.       أنها السورة التي لاتصلح الصلاة بدونها، وقد جمعت في ثناياها الثناء على الله، وتمجيد الله والإستعانة به ثم إختممت بالدعاء.

2.       أن عدد آياتها هي سبعة آيات وأول هذه الآيات هي البسملة في تفرد مطلق وغير متكرر.

3.       أنها السورة الوحيدة التي تشكل فيها البسملة آية قائمة بذاتها كآية أولى، في حين أنها تظهر في السور الأخرى كفاصلة دالة على إنتهاء السورة السابقة، وبداية السورة الجديدة، مما يوحي بأنها صدر الآية الأولى في كل منها، ولا يستثنى منها إلا سورة التوبة التي بدأت دون بسملة.

4.       عدد كلمات سورة الفاتحة بما فيها البسملة هو تسع وعشرون كلمة وهذه العددية تماثل ذات العدد والذي جاءت عليه السور التي بدأت بالاستفتاحات المقطعة.


وقد خلت سورة الفاتحة من سبعة أحرف هجائية وهي :
 الثاء والجيم والخاء والزاي والشين والطاء والفاء.

وسميت بالمثاني    من الثناء على الله ،  أو من الثـُّنـْيا لأن الله إستثناها لهذه الأمة، أو لأنها تثنى بسورة أخرى أو من التثنية لأنها تـُثنى (تتكرر) في كل ركعة ، أو أنها نزلت على رسمين (ثناء ودعاء) ، أو من ثناء الله على العبد كلما قرأ منها آية.

ملحوظة مهمة جداً من الملاحظات القرآنية :
وهي أن البسملة والتي تبدأ بها كل سور القرآن (ماعدا سورة التوبة) لا تشكل آية قائمة بذاتها إلا في سورة الفاتحة حيث أنها السورة الوحيدة التي تترقم فيها البسملة بالرقم (1) أو الآية الأولي فيها وأغلب الظن أن هذا هو أحد الأسباب التي حدت بقدامي الفقهاء إلي وصف فاتحة الكتاب بالسبع المثاني حيث أنها مكونة من سبعة آيات أولها الآية الأولي والتي تحتوي البسملة ويلحق بها ستة آيات أخري، وبذا تكون البسملة الأولي والتي تتصدر فاتحة الكتاب هي أول آيات القرآن ترتيباً، بذلك تشكل ركناً أساسياً وهاماً في تكوين السورة، ومن ثم فلابد أن يجري عليها ما يجري علي بقية آيات الفاتحة لأنها تكويناً وإحصاءً ضمن آيات السورة وليست إستفتاحاً متكرراً شأنها شأن كل سور القرآن (ماعدا التوبة) لذا يتحتم قراءتها جهراً عند قراءة الفاتحة جهراً في حين أن قراءة البسملة لا يعد ضرورة في غيرها، خاصة إذا بدأت القراءة ليس من أول السورة، وقد أشار الحق في سورة النحل الآية 98
{ فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ }

ولم يشر إلي ضرورة قراءة البسملة عند قراءة آيات القرآن مثلما أمر بذكر اسم الله عند تناول الطعام في سورة الانعام الآية 119
{ وَمَا لَكُمْ أَلاَّ تَأْكُلُواْ مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ وَإِنَّ كَثِيرًا لَّيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِم بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِين }"
وكذلك الانعام الآية 121
{ وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَآئِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ }

 

الرأي الثاني   : السبع المثاني هي السبعة سور الأكبر من حيث عدد الآيات.

الرأي الثالث   : وهو تعديل للرأي الثاني، إلا أن شرط حجم السورة، لم يقف عند السبعةالأكبر وإنما إمتد ليشمل السور التي تعدت آياتها المئة آية، وسميت السور المئيين،  وعددها واقع الأمر أربعة عشر سورة.

وطبقا للرأي الثاني ففيها أربع سور تعدت آياتها سقف المئتين عدَّ ،
 سورة البقرة 286 ، سورة الشعراء   227 ،  سورة الأعرا ف  206  ،
  سورة آل عمران  200
 وثلاثة منها يأتين في أعلى قائمة السور المئيين وهن :
سورة الصافات 182 ، سورة النساء 176 ،  سورة الأنعام 165   
ثم بعدها تبدأ السور والتي تعدت آياتها المئة آية، وفي ذات الوقت قلت عدد آياتها عن المئتين، وعددها مجتمعة أربعة عشر سورة ( منها ثلاثة صنفت مع السبعة سور الأكبر)، مما أضفي عليهن صفة مميزة، فوصفن بالسور المئيين، وهي حصريا

 سورة الصافات 182 آية ، سورة النساء 176 ،  سورة الأنعام 165 ،  سورة طه 135 ،  سورة التوبة 129 ، سورة النحل 128 ، سورة هود 123 ، سورة المائدة 120 ، سورة المؤمنون 118 ، سورة الأنبياء 112 ، سورة الإسراء 111 ، سورة يوسف 111 ، سورة الكهف 110 ، سورة يونس 109 آية.

الرأي الرابع   :
 السبع المثاني هي السور التي بدأت بالثناء على الله، وهي الأخري أيضا جاءت في أربعة عشر سورة.
وهي خمس سور بدأت بالحمد ، واثنتين بدءتا بـ " تبارك " ، وسبعة بدأن بالتسبيح

  عدد السور التي بدأت بالـ " الْحَمْدُ لِلَّهِ "هي خمس سور وهي على ترتيب ورودها التوقيفي     (1) الفاتحة، (6) الأنعام، (18) الكهف، (34) سبأ، (35) فاطر.
 عدد السور التي بدأت بـ "
تَبَارَكَ" سورتين إثنتين وهما
 (25) سورة الفرقان ، (67) سورة الملك.
 عدد السور التي بدأت بالتسبيح هي سبع سور وقد جاءت على أربعة أنساق
 بالمصدر        "
سُبْحَانَ" سورة واحدة وهي (17) الإسراء
 بالفعل الماضي "
سَبَّحَ لِلَّهِ " ثلاث سور وهي (57) الحديد، (59) الحشر، (61) الصف
 بالفعل المضارع "
يُسَبِّحُ لِلَّهِ  " سورتين إثنتين وهما (62) الجمعة، (64) التغابن
 بفعل الأمر      "
سَبِّحِ" سورة واحدة وهي  (87) سورة الأعلى

وهكذا نرى أن مجموعة السور التي بدأت بالثناء على الله تشكل في مجموعها أربعة عشر سورة، وهي بذلك قد أوفت بشكلين من أشكال السبع المثاني، فهي أولا جاءت في أطراف السور وقد ألمحنا من قبل إلى أن ذلك يعني القابلية للإنثناء، ولا ينثني إلا طرف الشئ، وهو أحد المعاني الذي تذهب إليه المثاني.
والثانية أن عددها هو أربعة عشر سورة، بما يفيد أنها سبعة أزواج، أو هي سبعة فئات كل منها يشتمل على إثنتين، ومرة أخرى فذاك هو الآخر أحد المعاني الذي تذهب إليه المثاني.
الرأي الخامس  :
السيع المثاني هي السور التي إحتوت متونها على سجدات التلاوة، حيث جاءت في أربعة عشر سورة.
وهي على الترتيب : الإسراء (107) ، الأعراف (206) ، الإنشقاق (21) ،
 الحج (18 ، 77) ، الرعد (15) ، السجدة (15) ، العلق (19) ، فاطر (1) ،
 الفرقان (60) ، فصلت (37) ، مريم (58) ، النحل (49) ، النجم (62) ، النمل (25)
     

ملحوظة جد مهمة:

في الخمسة أراء التي سبق وتم استعراضها آنفا، سوف نلحظ أنهن جميعاً قرآناً يتلى، وقد سبقت الإشارة في هذا الفرع المختار من البحث من كون حرف الواو المقروءة بين لفظ المثاني ، ولفظ القرآن العظيم والتي جاءت على الصورة
{ وَلَقَدْ آَتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي  و  َالْقُرْآَنَ الْعَظِيمَ (87) }الحجر
 هي من باب حرف الواو والتي تعبر عن واو عطف النسق والتي تقتضي المغايرة بين
الْمَثَانِي وبين  الْقُرْآَنَ الْعَظِيمَ
أو أن المثاني تختلف عن القرآن وإن جمعهما مصحف واحد، وبتلك الفرضية تـُستبعد هذه الآراء الخمسة، لأنها كلها هي سور من سور القرآن.

كان والحال كذلك أن ظهرت الحاجة للعروج بالبحث إلى منحى أخر، وتحتم الإتجاه إلى فواتح السور من الأحرف المقطعة حيث جاء تحت لوائها ثلاثة آراء

الرأي السادس : :السبع المثاني هي تلك السور السبعة التي بدأت بفاتحة مقطعة معينة ألا  وهي الإستفتاحة " حم ".
وقد آتت كلها متعاقبة في الترتيب التوقيفي وهي :
سورة غافر  (40) ، سورة  فصلت  (41) ، سورة  الشورى (42) ، سورة الزخرف  (43) ، سورة الدخان  (44) ،سورة الجاثية   (45) ، سورة الأحقاف   (46)
والذي حدا بالعلماء الذهاب إلى هذا الرأي – في تصوري – هو مجرد كونها تطابق العددية التي تميز السبع المثاني، ألا وهي العددية  (سبعة).

أيضا الإستفتاحة المختارة وهي " حم " جاءت في أول كل سورة منها، وهي بذلك تومئ إلى أحد المعاني التي ذهبت إليها السبع المثاني، ألا وهي القابلية للإنثناء ولا يثني بالطبع إلا أطراف الأشياء، وهي بذلك قد غطت معنيين من معاني السبع المثاني.
وغطت هذه النظرة أيضا كون الإستفتاحة المختارة " حم " مكونة من حرفين إثنين فقط، مما يضيف إليها بعدا ثالثا وإضافة جديدة تقوي من صيانة إحتمال أن تكون هذه النظرية الأقرب إلى مفهوم السبع المثاني.
ويجب هنا أن نلقي الضوء، على إستثناء خاص خصت به إحدى هذه السور المشار إليها آنفا، ألا وهي سورة الشورى (42) ، وليس الإستثناء في خصيصة أنها من السبع المثاني  - وفقا لهذا الرأي قيد البحث-  لكنه يكمن في إضافة متفردة وهي أن الإستفتاحة " حم " لم ترد بمفردها شأنها شأن ورودها في ست سور سابقة ولاحقة لسورة الشورى، لكنها لحقتها إستفتاحة أخرى وفي تفرد مطلق لمنطوق الإستفتاحة ذاتها، ولترتيب ورودها الفريد، فقد أردفت بالإستفتاحة " عسق " المنفصلة في آية قائمة بذاتها، والتي هي تشكل في نفس الوقت الآية الثانية من سورة الشورى.

الرأي السابع  :
السبع المثاني هي تلك التكوينات من الإستفتاحات المقطعة والتي تشكلت من الحروف المقطعة، والتي تميزها مميزة معينة وهي أن ظهورها له سمة خاصة، بكونه قد جاء في آية منفصلة قائمة بذاتها. وهي تكوينات من الحروف المتفردة والتي استهلت بها عددا من سورالقرآن  (تسعة عشر سورة)، من حيث أنها فقط سبعة إستفتاحات.
تمهيد :
ظهرت الإستفتاحات المقطعة إستهلالاً لتسعة وعشرين سورة قرآنية وجاءت علي نسقين
الأول: الإستفتاحة جاءت منفصلة في آية قائمة بذاتها في تسعة عشر سورة إلا أنها في سورة واحدة منها وهي سورة (الشوري) إستهلت بإستفتاحين منفصلتين
 حم (1) عسق (2) في استثناء متفرد، ولم يتكرر مرة أخرى في الكتاب الكريم.

الثاني: الإستفتاحة جاءت كجزء من الآية الأولي وإستهلت بها الجملة القرآنية في عشر سور قرآنية.

1)      جاء بناء تركيبات الحروف في الإستهلالات علي خمسة أوجه:
الأول   : تركيبة واحدة من خمسة أحرف      كــهـــيــعــص
الثاني  : تركيبتان من أربعة حروف            الــمــص  &   الـمر
الثالث  : أربعة تركيبات من ثلاثة أحرف       الـم & طـسـم & الــر &عسق
الرابع  : أربعة تركيبات من حرفين              حم & طـهـ & يـس & طـس
الخامس: ثلاثة تركيبات من حرف واحد       ص & ق & ن
وعددها مجتمعة بدون حساب التكرار هو 14 استفتاحة

2)      جاء مجموع الحروف التي إستخدمت في بناء تركيبات الإستهلالات 78 حرفاً في عدد 14 إستفتاحاً مقطعاً مبنياً علي الوقف والسكون، مستخدماً 14 حرفاً من حروف هجاء اللغة العربية، ونلاحظ هنا أن عدد الإستفتاحات المقطعة يماثل عدد الحروف المستخدمة في بناءها، كما يجب أن نلاحظ
أن عدد السور التي بدأت بالإستفتاحات المقطعة  وهو (29) يماثل تماما عدد الحوف المرسومة والمكتوب بها سورة الفاتحة..!!،
الحروف الأربعة عشر المكونة للإستفتاحات المقطعة هي
                 ( ا ، ح ، ر ، س ، ص ، ط ، ع ، ق ، ك ، ل ، م ، ن ، هـ ، ي )

3)       سبق وأن أشرنا إلى أن الإستفتاحات جاءت منفصلة في آية قائمة بذاتها في تسعة عشر سورة (  19 هو رقم التحقق اليقيني القرآني )وهي كانت بطبيعة الحال الآية الأولي منها (مع غض النظر عن الآية (2) من سورة الشوري التي وإن جاءت منفصلة ولكنها لا تشكل الآية الأولي فيها) وإذا إعتمدنا هذه الظاهرة كمؤشر يشير إلي خاصية معينة لوجدنا أن عدد الإستفتاحات التي تشترك في هذه المميزة هي سبعة إستفتاحات منفصلة
كهيعص (1) & المص (1) & الم (6)
[5]& طسم (2) & حم (7)& طهـ (1) & يس (1)
ملحوظة : الرقم بين القوسين يبين عدد مرات تكرار الإستفتاحة
هي بذاتها السبع المثاني المشار إليها في الاية 87 من سورة الحجر
" وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ"

 

الرأي الثامن  :
 السبع المثاني هي كل ما ظهر في كتابنا الكريم من الإستفتاحات المقطعة، وهي تكوينات من الحروف المتفردة والتي استهلت بها عددا من سورالقرآن (تسع وعشرين سورة)، وقد جـُمعت فيها السمتين معاً ( ورودها في آية منفصلة في أول السورة، وأيضا تلك التي جاءت كأول جزء من الآية الأولى من السورة وسميت الإستفتاحات ذات الآيات المتصلة) وذلك من حيث أنها أربعة عشر إستفتاحة ( سبعة أزواج)، وبناءها تم باستخدام أربعةعشر حرفا من حروف الهجاء( أيضا سبعة أزواج)، حتى إنها سميت بالحروف النورانية.

 

أشرنا آنفاً إلى أن عدد التكوينات من الأحرف المقطعة والمبنية علي الوقف هي أربعة عشر تكوينة وقد تم الإشارة إلي السبعة الأولي منها بالتفصيل وهي تلك التي تتميز بميزة خاصة بها وهي إنفراد ظهورها في سورة القرآن بكونها الآية الأولي من السور التي إستهلت بها وسميت بالإستفتاحات المنفصلة أما السبعة الثانية فقد تميزت بظهورها علي شكلين:-

الأول :  ظهور متفرد كآية منفصلة ترتتيبها (2) في سورة الشوري في تكوينة ثلاثية
          البناء          " عسق"
الثاني :  ظهور الإستفتاحة كإستهلال للآية الأولي وتشكل بداية للجملة القرآنية وتتبعها بعدها كلمات قرآنية أخري أي أنها إستفتاحات متصلة والتي إستهلت بها عشر سور وقد تميزت بسمات ثلاث :-

السمة الأوليللإستفتاحات ذات الطبيعة المتصلة (وتتميز بها ستة سور) هو ظهور حرف الراء كآخر حرف من حروف تكوينة الإستفتاحية فقد وجد أن حرف الراء ظهر في هذه الإستفتاحات، كالحرف الرابع في تكوينة (المر) الرباعية التشكيل، في سورة الرعد وهذه في سورة واحدة ، وكالحرف الثالث في تكوينة (الر) الثلاثية التشكيل، وقد جاءت في خمس سور يونس & هود & يوسف & إبراهيم & الحجر
ونلاحظ أنها جاءت كلها متعاقبة في الترتيب التوقيفي لسور القرآن حيث أخذت الترتيب
(10 يونس & 11 هود & 12 يوسف & 13 الرعد & 14 إبراهيم & 15 الحجر)

السمة الثانيةللإستفتاحات المتصلة (والتي تتميز بها ثلاث سور)
ظهور الإستفتاحة كحرف واحد قائم بذاته كبداية للجملة القراآنية في ثلاث سور
("ص"  38   &   "ق"  50   &   "ن" القلم  68)

يبقي من العشر سور (بعد الستة التي وصفت بالسمة الأولي، والثلاثة التي وسمت بالمميزة الثانية) سورة واحدة هي سورة النمل 27 والتي إستهلت بالإستفتاحة ثنائية التكوين  طس ،  ولابد هنا  من إلقاء الضوء علي بعض خصائص سورة النمل
أولاً : هي السورة الوحيدة التي تحتوي علي بسملتين الأولي في أولها مثلها مثل كل
                        سور القرآن (فيما عدا سورة التوبة)، والبسملة الثانية في الآية 30 منها  
            {
إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (30) }
ثانياً : بملاحظة الترتيب التوقيفي لسورة التوبة والتي خلت من البسملة في بدايتها
                        سوف نجد أنها السورة التاسعة ، أيضاً سوف نجد أن ترتيب سورة النمل والتي إحتوت علي بسملتين أنها هي السورة السابعة والعشرين، فلو بدأنا إحصاء
عدد السور بدءاً من التاسعة (ترتيب  سورة التوبة)، ووصولاً إلي السبعة والعشرين
(ترتيب سورة النمل) لوجدناها السورة التاسعة عشر أي أننا رصدنا 19 سورة للبحث عن البسملة الناقصة في سورة التوبة ووجدناها كبسملة زائدة في سورة النمل.
وكأننا إذا أردنا أن نحصل علي البسملة المختفية من سورة التوبة وبدأنا العد منها فإنه يتوجب علينا أن نعد 19 سورة كي نجد البسملة الزائدة في سورة النمل حيث إنتهاء العد عندها  و   19 هو (رمزالتحقق اليقيني للقرآن ) 
Quran Check Digit                                                   
 وله مبحث  خاص.
ثالثاً :  لو ركزنا علي الإستفتاحة التي إستهلت بها السورة لوجدناها " طس " وبهداية هذين الحرفين نجري إحصاءً عددياً لظهور كلا منهما في السورة فسوف نجد الآتي:-
أن تكرار ظهور حرف الطاء في كلمات السورة هو (26) مرة، وبإضافة حرف الطاء الذي ظهر في الإستفتاحة، فيتحول العدد إلى (27) وهو بذاته ترتيب سورة النمل التوقيفي !!
ويكأنه كان من المحتم ظهور حرف الطاء في الإستفتاحة، لإكمال عددية معينة، وذلك لتحقيق توازن رقمي حاكم ، ولتوقبع نظام رقمي فذ يحكم كتاب الله.
كذلك كان تكرار ظهور حرف السين في كلمات السورة هو (92)  مرة، وبعـَدْ حرف السين والذي ظهر في الإستفتاحة يكون العدد (93) وهو بذاته عدد آيات سورة النمل !!
بما يعني أن العدد الدال علي تكرار ظهور الحرف الأول  " ط " هو بذاته ترتيب سورة النمل في المصحف، وكذلك العدد الدال علي تكرار ظهور الحرف الثاني " س "  هو بذاته عدد آياتها
سبحان الله ....لا يمكن أن تكون هذه الظاهرة مجرد صدفة..!

رابعاَ : تتميز أيضا سورة النمل بمميزة رابعة، وهي أن الآية الأولى منها والتي استهلت بالإستفتاحة المقطعة
{ طس تِلْكَ آَيَاتُ الْقُرْآَنِ وَكِتَابٍ مُبِينٍ (1) }سورة النمل
قد ورد فيها لفظة "
َكِتَابٍ " بالألف الصحيحة الكاملة كواحدة من أربعة مرات فقط ورد فيها الكتاب على هذه الصورة من ضمن 230 مرة هي عدد ورود لفظة" الكتاب " في المصحف(176 مرة ظهور اللفظة المعرفة بالألف واللام ،
            54 مرة ظهور  اللفظة غير المعرفة بالألف واللام)
وكلها كتبت بالأف الخنجرية ماعدا أربع مرات كتبت فيها بالألف الصحيحة وهي
  في الآيات 038 الرعد & 001 الحجر & 027 الكهف & 001 النمل
خامسا : أن الآية الأولى من سورة النمل  أوضحت أن هنااك فارقاً في الإستعمال القرآني بين لفظتي " القرآن " ، و " الكتاب "
وواقع الأمر أن الذي يفصل في التفرقة بينهما هما الآيتين الكريمتين
الآية الأولى :
{ الر تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآَنٍ مُبِينٍ (1) } سورة الحجر   
وفيها تم تعريف " الْكِتَابِ " بالألف واللام، وأيضا تنكير كلمة " قُرْآَنٍ "

أما الآية الأخرى :
 { طس تِلْكَ آَيَاتُ الْقُرْآَنِ وَكِتَابٍ مُبِينٍ (1) } سورة النمل
وفيها تم تعريف " الْقُرْآَنِ " بالألف واللام، وفي ذات الوقت تم تنكير لفظة " َكِتَابٍ "
وهذا يعني أنهما لفظتان مختلفتان الدلالة.

ومما يؤيد  هذه النظرية أنه وردت الإشارة إلى طبيعة دلالات كل منهما، في الآية الكريمة (7) من سورة آل عمران، والتي تشير إلى احتواء أم الكتاب على الآيات المحكمات، ويوجد معها نوعين آخرين (الآيات المتشابهات ، الآيات اللامحكمات واللا متشابهات )، ويجمع كل هؤلاء مصحف واحد.

{ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آَيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آَمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (7) }
سورة آل عمران

 وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ تعني أن هناك آيات لا محكمات ولا متشابهات ، والسبع المثاني من الآيات المتشابهات بمعنى تجدد معانيها وغير ثباتها على معنى بعينه، وكلما أفاض الله بعلمه على الإنسان، كلما ظهر لها الجديد من المعاني والأبعاد والأعماق، هذا إلى سبعة أبعاد ، أو سبعة أعماق، أو سبعة رؤى وكلها صحيح.
( الكتاب والقرآن قراءة معاصرة) د.م محمد شحرور

  

ولسوف نعرض إلى تفاصيل هذه الإستفتاحات المقطعة من الناحية الشكلية والإحصائية،
وكذا سوف نعرج إلى بعض العلاقات الرياضية المهمة والمستنتجة من بعض التكرارات العددية فيها، كما سوف نتعرض لبعض اللطائف القرآنية التي تلازم الحديث عن الإستفتاحات المقطعة، وذلك في بحث مفصل لاحق.

 

   رؤية وإعداد
 المهندس / محمد عبد العزيز خليفة داود
استشاري تصميم وبناء نظم معلومات الحاسـب الألي
معهد الدراسات والبحوث الإحصائية – جامعة القاهرة
            
                                                                                                                                                                                                 



[1]
 قد ورد هذا المعنى في كتاب  (( المعجزة الكبرى))
       للمهندس عدنان الرفاعي  دمشق - سوريا

[2] { هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آَيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آَمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (7)} سورة آل عمران
 
وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ تعني أن هناك آيات لا محكمات ولا متشابهات ، والسبع المثاني من الآيات المتشابهات بمعنى تجدد معانيها وغير ثباتها على معنى بعينه، وكلماأفاض الله بعلمه على الإنسان، كلما ظهر لها الجديد من المعاني والأبعاد والأعماق.
( الكتاب والقرآن قراءة معاصرة) د.م محمد شحرور

[3]  نظم الأرقام لغير المتخصصين ،     مهندس محمد عبد العزيز خليفة

    معهد الإدارة العامة – الرياض  1404 هـ  -  1984 م

[4]  نظرا لأن الله خلق لنا عشرة أصابع ، وكانت أول آلية إستعملها الإنسان في العد هي أصابع اليدين

[5] أسلوب نطق الحروف بمسمياتها هى ميزه قاصرة على المتعلمين فلا يستطيع الأمى أن يتهجى حروف أى كلمة نطقها بالفعل فهو مثلا يستطع قول كتاب لكنه لا يقدر على معرفة أن حروف تلك الكلمة هى الكاف – التاء – الألف – الباء وهكذا.

لكن رسول الله صلى الله عليه و سلم عَلمّه الله وأنطقه الله هذه الحروف على هذا النحو لتكون دليلاً على أنها علم علمه الله له وخصه به فهناك "  أَلَمْ  "  وهى تنطق فى موقع اخر ألف . لام . ميم

وكثيراً ما تواجه هذه الحقيقة العاملين فى مجال ترجمة كلمات ومعانى القرآن الكريم إلى اللغات الأخري فلا يمكن أن تترجم معنى الآية على إنها statementأي جملة مجردة مما سوف يقضى تماماً علي معناها الأصلى ويشوه الموقف التى جاءت فيه.

إذن لابد وأن نتعامل مع لفظ الآية بأحد معانيها الحقيقية والتي وردت فيها ولا نتعامل معها علي أنها نص مكون من عدة أحرف وكلمات مجردة  ويمكن الرجوع إلي مبحث خاص بالآيات في الملاحق.

 

 

اجمالي القراءات 92842