ظروف البلد بتنحدر وبسرعة ولا أمل في الإصلاح
مصر قبل وبعد الميلاد

محمد صادق في الثلاثاء ٠٨ - نوفمبر - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً

مصر قبل وبعد الميلاد

أيها الأخوة والأخوات، هذه المقالة كُتبت على عُجالة وكان لدى شعور بالأسى والحزن الشديد لما حدث وما زال يحدث فى بلدنا الحبيب وأرجو أن تعذرونى إن كانت اللهجة قاسية إلى حد ما ولكن لا لومة لائم على قول الحق وما أشعر به شخصيا على ما يحدث فى أرض الكنانة.

كالعادة كل يوم أول شيئ اقوم به فى الصباح هو اتصفح ما جاء من رسائل إلكترونية ثم بعده مباشرة أتوجه إلى موقعنا أهل القرآن، فإليكم ماذا وجدت وهذا هو السبب الذى قررت من أجله كتابة هذه السطور. إليكم ما جاء على عنوانى الإلكترونى صباح اليوم من صديق العمر وهو مقيم فى القاهرة:

الحمد لله أنا والعائلة بخير .. ظروف البلد بتنحدر وبسرعة ولا أمل في الإصلاح .. مشاكل المزرعة كتير ومشاكلي مع جهاز المدينة أكثر وموش عارف أوصل الكهرباء للبيت بتاعنا في الشروق .. ده بخلاف التعامل مع نوعية البشر اللي هنا . لا أخلاق ولا أمانه ولا أدب ولا ذوق .. الكل عاوز يخطف ويجري أو بمعني أصح  .. يسرق ويجري .. هي دي أخباري وعارض المزرعة للإيجار ومزرعة الفيوم للبيع. هي دي كل الأخبار وشكرا لسؤالك وربنا ما يحرمنيش منك .. تحياتي

ورسالة أخرى فى نفس الوقت وللأسف لم استطع نقلها كما هى على الموقع لأنها جائت على شكل صورة وليست مقالة والموقع لا يسمح بوضع صور لما حدث فى الماضى فإضررت أن انقلها كتابة كما وصلتنى بالحرف الواحد.

إلى كل من يزحف لرئاسة بلد الأمن والأمان.  بلاش يا حبيبى أنا عايز مصلحتك.

 

التاريخ

كيف كانت نهايته

إسم المكلك أو الرئيس

ق .م

مـــات غرقــــــــــــا

فرعــــــــــــــــــون

323 ق. م

مـــات مسمـــوما

توت عنخ آمون

323 ق. م

مـــات مسمـــوما

الإسكندر الأكبر

31 ق. م

إنتحرت

كليـــوبتـــرا

1257 م

ماتت ضربا بالقباقيب

شجرة الـــــــــدر

1260 م

قتـــــــــــل

قطــــــــــــز

1277 م

قتـــــــــــل

بيبـــــــبرس

1811 م

ذبحــــــــــــــــوا

المماليـــــــــــك

1807-1788 م

قتل بعضـــهم بعضا

العثمــانيــــــون

1849 م

خــــــــــــــــزف

محمـــد علــــــــى

1854 م

قتــــــــــل

عبـــــاس حلمـــــى الأول

1879 م

نفــى وســـجن

الخديوى إسمــــاعيل

1914 م

خــلـــــع

الخديوى عباس حلمى الثانى

1952 م

نفـــى

الملك فــــــاروق

1954 م

خدع وســــــــــجن

محمد نجيــــــــــــــــــب

1970

مات مسمومــــــــــــا

عبـــد الناصـــــــــــر

1981 م

قــــــــــتل

أنور الســــادات

2011 م

مســـجون

محمد حسنى مبارك

جاء تعليق فى آخر الجدول بواسطة محرر هذه المعلومات يقول: يا ترى مين هيسجل إسمه معاهم ؟

بصرف النظر عن مدى صحة هذه المعلومات، ولكن المهم هى الرسالة التى نستنتجها من هذا الجدول وهى رسالة مؤلمة ومظلمة.

وإكتملت الصورة المظلمة بعد أن وجدت فى الصفحة الرئيسية للموقع المقالة بعنوان:

 وفاء إسماعيل:البيعة للعسكر من فوق جبل عرفات!!.. افصل يا شيخ حسان

إليكم الآن رد فعلى ولا أبالغ حين كتابة هذه السطور والدمع يذرف وحاولت جاهدا أن أظل ثابتا حتى أكمل هذه السطور فكانت كالآتى:

شيئ مؤسف ومخجل ، لماذا مصر بالذات. دائما يتفاخرون بأمجاد هذه الفترات التى حكمها هؤلاء، فأين المسلمين الذين ينادون بأن مصر أم الدنيا، أى دنيا يتكلمون عنها ونهاية حكامها منذ ق.م. بهذه الطريقة والتى تنم على ضعف وخذلان لدينهم الحنيف ولا ننسى ما قاله ربنا فى كتابه الكريم: يوسف (آية:99): فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَىٰ يُوسُفَ آوَىٰ إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ

أين الأمن والأمان فى مصر تحت ظل هؤلاء حكام ومن نهايتهم نعلم كيف كان سلوكهم تجاه أهل بلدهم مصر الذى مازال يُقال " من شرب من نهر النيل لا بد أن يعود إليها "يعود إلى الذل والهوان والسرقة والنهب، وعداك عن ذلك، مشايخ المضيرة وعملاء الوهابية وأعمدة السلفية التى بدأت نواياهم الخبيثة التى تفرق وتكفر كل من قال بخلاف ما يقولون.

ليس لى أى تعليق والأسى يملأ قلبى والحزن يخيم على مشاعرى تجاه مصر الحبيبة التى تربيت فيها وترعرعت ولكن آخر ما عندى هو حسبى الله ونعم الوكيل.

لسوء حظ الشيخ محمد حسان، انه لدى معظم تسجيلاته الصوتية سواءا على المنابر أو فى الفضائيات وهذا التسجيل يلقى الضوء على نوايا عميد السلفية الذى ذهب إلى أولياؤه الوهابيون لطلب – والله أعلم – المعونة أعتقد بجميع أنواعها المادية والمعنوية وما خفى كان أعظم. ولا ننسى أن السلفية زحفت إلى مصر بالذات ومعظم الدول الإسلامية، زحفت السلفية تعكس النظرة الوهابية التى غزت الأسواق الإسلامية بالتكفير والخداع ولا ننسى النفاق التى تعود عليه العرب والأعراب، فليست مبادئ الوهابية الظالمة الخارجة عن الدين الحنيف هى التى يجب إتباعها،  فلنقرأ قول رب العباد لعبده ورسوله: "  ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ "16:123

وفال سبحانه على وجه العموم لكل مسلم: "  وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا "4:125

يا سادة يا كرام، يا مشايخ السلفية ويا مشايخ الأزهر والوهابية ويا حكام العرب والأمة المسلمة، لم يقل سبحانه إتبعوا السلف أو الوهابية أو الملك سعود وأعوانه من الخونة والمكفرين لكل من يخالف أقوالهم.

ونجد أيضا ما يعزز ذلك فى كتاب الله الكريم، ما هو المفروض إتباعه، والذى يقررماذا نتبع، هو الله سبحانه الملك الواحد الأحد فقال فى أكثر من موضع فى القرآن العظيم:

"   كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ * اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ "7:2,3

ولنقرأ ماذا حكم ربنا على من يتبع غير القرآن:

 و الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ * َالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ * ذَٰلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ كَذَٰلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ " 47:1,2,3

من قال أنه يجب أن نتبع السلف وأى سلف تتكلمون عنه، ولا ننسى أن حين زحفت الوهابية وغزت أسواق الأمة ، جاء معها الحقد والكراهية والتكفير وأهم من ذلك النفاق، يقول سبحانه:

" وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَىٰ عَذَابٍ عَظِيمٍ "9:101

وأنا على دراية تامة أنهم سوف يستشهدون بهذه الآية الكريمة:

" وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ "9:100

وفى المقابل نقرأ:

" ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا ۖ فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ "35:32

أقول هذه الآية، موضوع آخر ليس هنا المقام للرد عليهم ولكن قد ذكرتها لأوضح أنى على دراية فى أى وجهة هم متحركون.

توجيهات وأوامر للرسول ذو الخلق العظيم من ربه:

" وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ ........ ." 5:48

من تسجيلات الشيخ الفاضل محمد حسان قبل وبعد الثورة، ولنترك القرآن يحكم على ما قاله سيادته - إتباعا لما أمر به ربنا لأن ليس لى أو من يتبع القرآن وكفى أن يحكم من عنده على أى شخص ونترك الحكم لله السميع العليم وهو أسرع الحاسبين-  وهو النص الحرفى لما قاله الشيخ ولدى التسجيل الصوتى لمن أراد ان يتأكد من صحة النقل.

قبل الثورة جاء فى حديث الشيخ:

" ........ أتمم دور مصر وأحيى للـــــه كلمات الرئيس مبارك، والله للــــــه ، حين قال: لم تقف مصر مكتوفة الأيدى أمام حصار وتجويع الشعب الفلسطينى. كلمات رائعة ويجب على الأمة ان تقدرها ونحيى هذا الموقف وأنا قلت فى أول اللقاء أنا على يقين مطلق بفضل اللـــه  لو رفع الرئيس هاتفا وإتصل ، أقسمت أن الموقف سيتغير وفى الصباح تغير الموقف بإذن اللـــه.

بعد الثورة من حديث الشيخ:

" ................ بكيت بالدمع وأنا أرى على الفضائيات أولئك الذين ينقلون صورة الرئيس من مجلس الوزراء وهى صورة لا يستطيع أربعة من الرجال أن يحملوها – جملة إعتراضية ظهرت على الفيديو بعد ان أوقف التسجيل لفترة نصف دقيقة تقول " الصورة يحملها رجلان يا شيخ، ثم جاءت الآية الكريمة تقول " ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد " ثم بدء تكملةحديث الشيخ – أما آن لنا ولقلوبنا أن ننتزع هذه الألوهيات الكاذبة الباطلة التى ملئت قلوبنا طيلة السنوات الماضية لنفرد الإله الواحد بالألوهية، أما آن أن توضع مكان هذه الصور للحكام والرؤساء وأن تضع مكانها لفظ الجلالة أللـــــــــــــــــــــه .. اللـــــــــــــــــــــــــــه .. اللــــــــــــــــــــــــه  ( وأخذ يذرف الدمع مع تغير شديد فى الصوت ورأيت بعض من الحاضرين بالمسجد يبكون ويتضرعون معه كلما تغير صوته أو نادى بلفظ الجلالة بطريقة جعلت هؤلاء العامة أن ينخدعوا بهذه التمثيلية الباباطلة ) إنما هو إلاه واحد ... كفانا تأليها للبشر.إنتهى....

ولنقرا ما قاله فرعون فى نهاية قصته مع موسى عليه السلام موجها الخطاب إلى شعب مصر: فى سورة الزخرف 51-54 " وَنَادَىٰ فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَٰذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي ۖ أَفَلَا تُبْصِرُونَ * أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَٰذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ * فَلَوْلَا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ جَاءَ مَعَهُ الْمَلَائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ * فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُۚإِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ *

هذا هو الإتجاه السياسى الحاكم بكل جبروته وتذبيح أبنائهم وإستحياء نسائهم وإذلالهم وإستعبادهم لمصالح دنيوية وكبرياء الحاكم الفرعونى وتحديه لكل الآيات البينات التى أرسلها الله ليتوب أو يخشى. ومازال التاريخ يعيد نفسه فى كل مناسبة وفى كل زمان. "  وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ"الأعراف(130

سعى إليهم هارون وأراد ردهم عن عبادة العجل وأفهم القوم أنهم فتنوا به وجهد أن يردهم فلم يفلح ولم يصغوا إليه وقالوا له " قَالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّىٰ يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَىٰ  " 20:91

فرجع موسى إلى قومه غضبان حزينا حردا على أخيه إذ لم يردهم عن فتنتهم  بعد أن أخبره الله تعالى بأنهم فتنوا عن دينهم وأن السامرى أضلهم.

"  قَالَ يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا * أَلَّا تَتَّبِعَنِ ۖ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي *  قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا

بِرَأْسِي ۖ إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَوَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي " طه 92-94

هنا هارون النبى فضل أن يترك – بعد جهد – بنى إسرائيل أن يعبدوا العجل حتى يأتى موسى من موعده مع ربه، ففضل ان يتركهم مؤقتا حتى لا يُتهم بأنه فرق بين بنى إسرائيل. هنا التفرقة هى ضد تعاليم الله سبحانه ولنقرأ فى كتاب الله الكريم:

" مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ* مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا ۖ كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ"الروم 30-31

 

أيها المشايخ والدعاة، ألم تقرؤا هذه الآيات فى سورة الروم والتى تقول كل من فرق دينه شيعا وأحزاب ويقول أنا سنى أو شيعى أو حنفى أو....الخ والذى قرر سبحانه ان هذا شرك والعياذ بالله؟ ألم تقرؤا ان ليس من حق أى فرد أو جماعة أن تزكى نفسها وأنتم تدعون انكم الفرقة الناجية الوحيدة والباقى فى النار؟ وهذا بالتعبير القرآنى " كل حزب بما لديهم فرحون" والله يقول سبحانه:

 "....... هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَىٰ " 53:32

إن الشعب المصرى على مر العصور محصورا بين تيارين الأول التيار السياسى والثانى التيار الدينى والقوم بين هذا وذاك فإلى أين المفر... " يَقُولُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ * كَلَّا لَا وَزَرَ إِلَىٰ رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ * يُنَبَّأُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ * بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَىٰ نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ * وَلَوْ أَلْقَىٰ مَعَاذِيرَهُ " القيامة 10-15

 

التيار السياسى....!

ماذا كانت سياسة فرعون البارحة، هامان وجنودهما يدبرون القتل والإرهاب بالسلاح والفتن والإضطهاد لبعض من القوم دون الآخر فأوجد الفرقة والتشاحن والتباغض بين أفراد الأمة وأباح النظام السياسى آنذاك قتل الرجال وإستباحة النساء حتى لا تكون هناك مقاومة ضد النظام الذى فرضه فرعون البارحة على هؤلاء المستكينين والمستضعفين.

أود أن أوجه هذه الكلمات لشعب مصر الحبيب فى أزمتنا المعاصرة وسوف ألقى بعض اللوم على القوم الذين إعتقدوا أنهم مستضعفين فى الأرض.

 

قارنوا المواعيد الكاذبة التي نسمعها من عام 1948 وحتى الآن ، سنين مضت، مضت ونحن نسمع المواعيد الكاذبة من كبار كذبة العالم الذين هم زعماء العالم الإسلامي وزعماء العالم العربي ، وكل يومٍ هزيمة جديدة ، لماذا ؟ ليس الحكام فقط هم المسؤولين ، أنتم أيضاً مسؤولون ، كما تكونون يولى عليكم ، لو كنتم أصحاب جد لجاءكم حكام أصحاب جد ، ولو كنتم أصحاب نظافة لجاءكم حكام أصحاب نظافة ، ولو كنتم أصحاب رؤيةٍ مستقبلية لكان حكامكم كذلك ، فأنتم جميعاً عما نحن فيه من تدهور وانحلالٍ وانحطاط وتراجع لا يريد أن ينتهي عند أحد.

 

 أقل من ربع قرن تُنشئ أمة وتقيم حضارة ، ومئات السنين ونحن نهوي ونهوي نحو القاع ولم نصلها حتى الآن ، السبب في ذلك كله يرجع إلى أننا سفهاء للغاية في أوقاتنا وفي قدراتنا وفي إمكاناتنا ، لا نريد أن نعمل من أجل الغد، وإنما نعيش اللحظة الراهنة وليس وراءها أي شيء، والمطلوب التوكل وليس التواكل.

دعوني أقول لكم : إن هذه الحالة المؤسفة عار علينا ، ولا يجوز أن تستمر بحالٍ من الأحوال ، إنها فوق أنها تنشئ أشباه رجال تسيء إلى الأمة كمجموع وتحكم بالإعدام على المستقبل وتسمح للعدو أن يزيد في التخريب وأن يزيد في التمكين وأن يزيد في التمزيق.

 

نحن إزاء هذا صرفنا النظر عن أن نهتم بمشاكلنا ، وصرفنا النظر عما تمليه الفطرة ، أنا حينما أقع في مشكلة فمن الطبيعي أن أبحث عن حلٍ للمشكلة ، أما أن أفتح فمي وأنتظر أن يسقط لها الحل من السماء فهذه تنبلة ، أليس كذلك ؟ نحن فعلنا نفس الشيء ، انتظرنا أن يسقط علينا الحل من السماء ، وللأسف سقطت علينا المشاكل . لا بأس سأسلم مبدئياً أن المناهج التي اتُخذت منذ عام 52 تاريخ الثورة المصرية وحتى الآن خُطَى في الطريق الصحيح ، سأسلم مبدئياً . وبناءً على هذا فالمثقفون منكم يعلمون أن الصوت الأعلى في الكتب وفي الصحف وفي الإذاعات على صعيد العالم الثالث أو الدول المتخلفة هو صوت برامج التنمية ، صحيح هناك جهل ومرض وتخلف وفقر والناس بحاجة إلى أن يخرجوا من هذه الحال ، وكان الجواب على ذلك برامج التنمية . وما زلت أتصور وأتخيل حتى الآن بكل مرارة وأسف أواسط الخمسينات حينما استُدعي خبير التنموي المشهور شارل بنتهاي فجيء به إلى مصر بعد أن قضى مدةً طويلةً في الصين ليصف العلاج الاقتصادي لهذه الأمم المنتثرة على أديم الكرة الأرضية.

 

إن التيارين الذى حصر بينهما الشعب المصرى، هما يد واحدة إجتمعت على تمزيق هذه الأمة ومواردها وعقولها وثرواتها. التيار الأول يخطط للحكم بالسلاح وقبضة من حديد، وحتى تكتمل الصورة هنا يأتى التيار الثانى ويتدخل لإرهاب الناس بأن كل شيئ حرام وإن إختلفت معه فأنت كافر يحل دمك. ما هو تأثير هذا المبدأ على القوم، إستكانة وخوف من المستقبل والخوف الأكبر هو التغير المطلوب للخروج من هذه القبضة الحديدية التى يساندها التيار الدينى والكل يجرى حسب أجندة متماسكة مترابطة إن إختلف أحد التيارين عن هذا المخطط سقط الآخر فى الهاوية.

التيار الدينى....!

الإصلاح... إصلاح جانبين اتصلاً بالدين يمثلان الأهمية العظمى فى المجتمع – فرداً أو جماعة – هاذان هما العقل الذى يميز للفرد ما بين الخطأ والصواب.. الهدى والضلال فهو "بوصله" حياته، وإذا خربت أو أنعدمت أصبح تائها يتخبط يؤمن بالخرافة ويظن أنها بالحقيقة، ويتمسك بالضلال ويحسبه الهدى فيجنى على نفسه وعلى أسرته، وبالطبع على المجتمع.

 

ومنذ ألف سنة وقد أغلق الفقهاء باب الاجتهاد ومعنى هذا أنه أصبح على المسلم أن يتعبد وأن يمارس شعائر عبادته وأن يطبق أحكام فقهه (وهى تغطى مجالات الحياة كافة) دون سؤآل ودون فهم العلة، إن هذا يعنى أن أمة محمد أعطت عقلها أجازه ألف عام، فلنحمد الله إننا لا نزال نسير على قدمين وكان يمكن أن ندب على أربع، لأن الله تعالى يقول " أُوْلَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئـِكَ هُـمْ الْغَافِلُونَ" الأعراف 179. فإذا كنا لا ندب على أربع فأشهد – صادقاً غير  حانث – أنى وجدت عشرات، أو مئات من الأفراد لها عقول لا تفضل عقول الأنعام، ولا تريد أبداً أن تفكر وتسأل فى كل صغيرة وتافهة، وتستفتى المفتى أو تلوذ باستخارة وتتحير أمام ما تعده مشاكل، وهو ما لا يقف الطفل الأوروبى الصغير أمامه، وكنت كلما أحثهم على التفكير، وأقول لهم إن لدينا من عدة البحث ما لم يكن يحلم به الأوائل فإنهم يرفضون ويصرون على ما قاله الأسلاف، وأنه لا أحد يمكن أن يرقى إلى منزلتهم.

 

هذا الصدأ – إن لم يكن الشلل – العقلى هو فى أصل تأخرنا، فلا يمكن لأمة أن تتقدم بعد أن عطلت عقلها، خاصة فى هذا العصر الذى يقوم فيه كل شىء على العقل ولا تقف الجريمة النكراء لهذا الفهم المشوه للدين عند هذا. إنها امتدت إلى الضمير، وهو الذخر الثانى للإنسان الذى يميزه على الحيوان، وكانت الأديان هى أول من قدمه للبشرية، وبفضله ميزت بين الخيروالشر.. ما يجب، وما لا يجب، والأساس الذى يقوم عليه التعامل بين الناس من صدق أو إخلاص أو وفاء..... الخ

 

هذا الضمير الذى هو مفخرة الأديان حدث له تحول خطير، إذ تحول من مجال العلاقات الإنسانية إلى مجال الشعائر العبادية. وتصور المسلم النمطى أن ضميره لا يمكن أن يستريح إلا إذا صلى الصلوات الخمس فى ميعادها.. وإذا صام رمضان، وإذا اجتنب المحرمات كأكل الخنزير وشرب الخمر. فإذا فعل هذا فقد أدى ما يمليه عليه الضمير المسلم، ولا حرج عليه بعد هذا إن كذب أو نافق أو أتصف بخلق دنئ أو انتهز الفرص لتحقيق مكاسب فردية، أو خدع الخ... وبهذا انهارت الأسس التى تقوم عليها العلاقات كما فقد الكرامة فأصبح يتقبل الاستغلال والاستعباد، والاستخذاء، ولا يتحرك ضميره تجاه أى ظلم، لأن أداء الشعائر قد استنفد ضميره.

 

بهذا انهارت الركيزتان التى يمكن أن يقوم عليها مجتمع، وماذا عسى أن يفعل الإصلاح السياسى؟ إن القضية قضية عقول ونفوس وهذا مما لا يزع فيها وازع السلطان ولا تستطيع الدولة فيها إلا أقل من القليل. كما أن الثراء المادى يزيد فى أثرته وأنانيته ويدفعه للمزيد بعد أن فقد الضمير الاجتماعى وأحل محله الضمير العبادى. إن الإصلاح الدينى أيها السادة والمفكرون أعظم مما تظنون، إنه ليس إصلاح الشعائر، أو تجديد أصول الفقه الخ... إنه إصلاح النفس البشرية التى ُشل عقلها وشُوه ضميرها، ولابد قبل أى إصلاح أن نعنى بهذا.

 

ولم يحاول أحد أن يسأل نفسه لماذا يحمل اسم على. بينما يحمل آخر اسم جورج، ولماذا يدين هو بالإسلام ويدين الآخر بالمسيحية، وما هو الإسلام وما هى المسيحية.. هذه أفكار لا تخطر للآحاد فى كل شعوب العالم، وقد تركت فى الشرق والغرب للمؤسسة الدينية المختصة. أى الكنيسة فى المسيحية والسناجوج فى اليهودية والفقهاء فى الإسلام وساد الاعتقاد بان الآحاد لا يمكن لهم معالجة الشأن الدينى، وأن هذا تتولاه المؤسسة الدينية، ولكن المؤسسة الدينية لا تقدم طائلاً، فهى لا تريد توعيه ولكن حُفاظاً، ولا تسعى لتفهيم ولكن للاستحواز وشعارها الدائم، "ليس فى الإمكان أبدع مما كان". وبقدر ما كان هذا عاملاً من عوامل ثبات الأديان بقدر ما كان عاملاً من عوامل جمودها.

 

 

وأختم هذه السطور التى نبعت من القلب الحزين، بكلام ربنا اللـــــه وهو القادر على كل شيئ، ولا ننسى أن الله سبحانه أعطانا المفتاح للتغير فالأمر بيد من يقولون على أنفسهم كنا مستضعفين فى الأرض:

" ........إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ "13:11

 

فإلى الأمام نحو الحرية والعلم والتقدم والخلاص من العبودية والفقر والجهل الذى سيطر على عقول الأمة وجعلها تساق ولا تسوق.

والحمد للـــه رب العالمين، وندعو الله سبحانه:

 " وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ "59:10

 

اجمالي القراءات 12221