الدولة الإسلامية دولة مدنية
الدولة الدينية والدولة المدنية

Ezz Eddin Naguib في الأربعاء ١٢ - أكتوبر - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً

الدولة الدينية والدولة المدنية
الدولة الدينية هي الدولة التى يحكمها حاكم يستمد سُلطته من الله مُباشرة، فهو يحكم باسم الله وبسُلطانه
والدولة الدينية الصالحة لا يُمكن أن تُوجد إلا برسول يرأسها على صلة بالسماء.

ولأن رئيس هذه الدولة رسول على صلة بربه فلا يُمكن أن يظلم أو يحكم بهواه لأنه لو حدث هذا فسيُرشده ربه أو يُنبهه إلى طريق الرشاد

والمثل فى القرآن في القصة التالية:

قال تعالى:  {اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ{17} إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ{18} وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَّهُ أَوَّابٌ{19} وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ{20} وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ{21} إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُودَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لَا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُم بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاء الصِّرَاطِ{22} إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ{23} قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيراً مِّنْ الْخُلَطَاء لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعاً وَأَنَابَ{24} فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ{25} يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ{26} ص

فقد تسرع داود في الحُكم بدون سماع الطرف الآخر ثم تنبه إلى هذا فاستغفر ربه وأناب

وبعد الدرس السابق أعلم الله داود أنه قد جعله خليفة في الأرض، وأمره بأن يحكم بالعدل وألا يتبع الهوى حتى لا يضل عن سبيل الله


وكم دولة نعرفها كان رئيسها أو ملكها رسولا أو نبيا؟

دولة داود، ودولة سُليمان، ودولة محمد عليه السلام!ا
وقد نُضيف إليهم: شبه دولة نوح عليه السلام بعد الطوفان، وشبه دولة موسى عليه السلام في التيه

وهؤلاء كانوا على رأس قومهم لأن غالبية شعبهم آمنوا بهم، ولكن باقي الرسل والأنبياء لم تكن لهم دولة لأن غالبية شعوبهم لم تُؤمن بهم، وإنما آمن بهم القليلون!ا
فالدولة لكي تقوم تحتاج إلى الشعب، فبه تقوم الدولة وبغيره لا تقوم؛ سواء كان هناك رسول أم لم يكن.
انظر إلى قوله تعالى إلى سيدنا مُحمد عليه السلام:{فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} آل عمران159
فحتى دولة الرسول كانت مدنية لأنها اعتمدت على رضا الشعب الذي آمن به وبرسالته، فالتف حول نبيه لأنه لين القلب وليس غليظه، وهو يُشاور شعبه في الأمر!ا

ولإيمان شعبه فهو يسأله: أهذا وحيٌ من الله؟ فإذا كان كذلك أطاعوه!ا
وإن لم يكن وحيٌ من الله فيُقدموا المشورة بالرأي الأفضل للرسول

 

وكذلك كانت الدولة مدنية فى أيام أبي بكر وعمر، وكان دستورها القرآن؛ ووضَّح ذلك أبو بكر عندما قال للناس: "لست بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقوموني، الضعيف فيكم قوي حتى آخذ الحق له، والقوي منكم ضعيف حتي آخذ الحق منه. أطيعوني ما أطعت الله ورسوله، فإن عصيت؛ فلا طاعة لي عليكم." فاعترف بحق الناس في سؤاله والاعتراض عليه.ه
واستمر الأمر كذلك حتى أواخر عهد عثمان بن عفان عندما قال: "لا أخلع قميصا سربلنيه الله" فحولها إلى دولة دينية باعتباره مُعَيَّنًا من الله أي أنه يحكم بالحق الإلهي، وعندما حاول علي بن أبي طالب إصلاح الأمور كان الخرق قد اتسع على الراقع، وصار الناس غير الناس.

وادعى الخُلفاء الأمويون أن خلافتهم إنما هي بأمر الله، وظهرت الفتاوى بتحريم الخروج على الخليفة الذي اختاره الله مهما كان ظالما، وبدأ الفساد في الأرض، وصارت الدولة ملكية كسروية يحكمها طواغيت باسم الإسلام.ه
نُريد دولة مدنية، وغالبية الشعب المُؤمن هو من سيجعلها تُطبق شرعه في قرآنه عليهم!ا

أما من يدعي أنه يحكم بأمر الله وهو ليس رسولا فهو إنما يحكم بهواه

ولذلك فكل من يدعي إمكانية الحكومة الدينية بعد خاتم الأنبياء فهو كاذب وهو يدعو إلى الطاغوت أو الديكتاتور

 

الدولة الإسلامية دولة مدنية
يتمتع كل مواطنوها – مهما كن دينهم – بحرية العقيدة والعدل فى المُعاملة
وهى دولة قوية حتى لا يعتدى عليها أحد، وهى لا تعتدى على الآخرين إلا من بدأ منهم بالعدوان

 

وتتميز الدولة الإسلامية المدنية بـ:

غالبية أهلها من المُسلمين:
ولذلك فيكون رئيسها مُسلما غالبا لأنه من الأغلبية ويُنص فى دستورها على أن القرآن هو مصدر التشريع
أما القول بأن يكون دستورها الشريعة الإسلامية فهذا مُصطلح مطاط تدخل فيه المذاهب المُتشددة التى تتبع الأحاديث الضعيفة المُخالفة للقرآن أو الظنية الدلالة، ويدخل فيها آراء الفقهاء أصحاب المذاهب التى أدخلت فى الإسلام ما لم يذكره القرآن كحد الردة وحد الرجم أو قتل الأسرى وغير ذلك من وجوه التشدد كاضطهاد أهل الكتاب أو توقيع الجزية عليهم بمفهوم الفقهاء الذين خالفوا مفهومها فى القرآن بصفتها غرامة حربية تُوقع على من بدأنا بالعدوان من أهل الكتاب،.

فالقرآن وحده يضمن للجميع حقوقهم التى قد تضيعها المذاهب المختلفة

 

حرية العقيدة:

فليس للدولة إكراه مُواطنيها على دين مُعين، أو عقابهم على عدم إسلامهم، أو عن ردتهم، فليس هناك حد ردة فى القرآن، وعقاب الكافر والمرتد هو بيد الله تعالى وحده

{لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }البقرة256

{وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاء كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءتْ مُرْتَفَقاً }الكهف29

{وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ} يونس99

{فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ{21} لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ{22} إِلَّا مَن تَوَلَّى وَكَفَرَ{23} فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الْأَكْبَرَ{24} إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ{25} ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ{26} الغاشية

أما من يرتد ثم يُحارب المسلمين ويسعى فى الأرض فسادا فيُعاقب فقط على عدوانه وإفساده فى الأرض
يقول تعالى فى ذلك: {إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} المائدة33

 

ولكل دين داخل الدولة الإسلامية أن يحكم بشريعته

1- اليهود:{وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِندَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللّهِثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُوْلَـئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ}  (43)({إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ اللّهِ وَكَانُواْ عَلَيْهِ شُهَدَاء فَلاَ تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} (44) المائدة

2- المسيحيون:{وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الإِنجِيلِ بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فِيهِوَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} المائدة47

3- المسلمون:{وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ عَمَّا جَاءكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَـكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُم فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ إِلَى الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ} المائدة48

 

العدل مع الجميع:

وفى كل الحالات فيجب على المؤمنين أن يُعاملوا الآخرين حتى أعداءهم (بالرغم من عداوتهم وكرههم لنا) بالقسط، فلا نعتدى عليهم بلا سبب، وأن يكون عقابهم عادلا يتناسب مع جرمهم.

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحِلُّواْ شَعَآئِرَ اللّهِ وَلاَ الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلاَ الْهَدْيَ وَلاَ الْقَلآئِدَ وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّن رَّبِّهِمْ وَرِضْوَاناً وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُواْ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَن صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَن تَعْتَدُواْ وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} المائدة2

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ }المائدة8

{لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} الممتحنة8

 

اتخاذ أسباب القوة:

{وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ} الأنفال60

وهذه القوة ليست للعدوان وإنما هى لمنع العدوان، فالمُسلمون لا يُقاتلون إلا من اعتدى عليهم
{وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ }البقرة190
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحَرِّمُواْ طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللّهُ لَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} المائدة87

 

جواز الثورة على الحاكم
وأما عدم جواز الثورة على الحاكم التى صدع بها الفقهاء والسلفية رؤوسنا فينفيها قوله تعالى الذى دائما ما يتلون علينا نصفه فقط، وهو: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً} النساء59
فيقفون دائما عند "وأولي الأمر منكم" ولا يُكملون الآية ليُسوغوا الطاعة الدائمة للحُكام. والآية تنص على ما يحدث عندما يتنازع الشعب مع أُولى الأمر نزاعا سلميا فيتم عرض النزاع على كتاب الله، وبذلك يتم فض النزاع، ولكن ماذا يحدث عندما يتمسك أولو الأمر أو الثوار برأيهم المُخالف لكتاب الله؟ فى هذه الحالة سيتطور النزاع إلى صراع مُسلح بين الحاكم وأعوانه وبين من ثار عليه، وفى هذه الحالة فيجب أن يتدخل باقى الشعب للإصلاح فإن أصر الحاكم أو الثوار على البغى فيجب أن ينضم باقى الشعب من المؤمنين إلى الطائفة المُحقة ضد الطائفة الباغية حتى ينتصروا على الظالمين. يقول تعالى: {وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ }الحجرات9

 

النظام السياسي في الدولة
يوجد دين اسمه الإسلام ولكن لا يُوجد نظام سياسي إسلامي
ولا يُوجد في القرآن نظام سياسي ولكن توجد تعليمات عامة للعدل والحرية والشورى وإعمال العقل وعدم إتباع الهوى وعدم التفرقة العنصرية وشرعية الملكية والميراث ثم بعض الأحكام القانونية في موضوعات خاصة كالقتل والسرقة والزنا والحِرابة والأحوال الشخصية، الخ
وورد ذكر نظامين سياسيين فى القرآن، وذكرت التوراة نظام القضاة، ولكن الله سبحانه لم يُفضل نظاما منها، ولم يأمرنا بإتباع أحدهما
أولها كان النظام القبلي الذى كان لبني إسرائيل فتقسموا إلى اثنتى عشر قبيلة يحكمها زعيم القبيلة أو نقيبها  {وَلَقَدْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً وَقَالَ اللّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاَةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنتُم بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللّهَ قَرْضاً حَسَناً لَّأُكَفِّرَنَّ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ فَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِ }المائدة12
واستقرت كل قبيلة بمنطقة، ثم بدأ اليهود يسكنون المُدن وحكم المُدن قضاتها في نظام يُشبه مجلس الشيوخ
ثم طلب اليهود أن يكون لهم ملك كباقي الأمم ولم يرفض سبحانه طلبهم، واشترط عليهم فقط أن يُقاتلوا في سبيل الله عندما يُكتب عليهم القتال
يقول تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلإِ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ مِن بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُواْ لِنَبِيٍّ لَّهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكاً نُّقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِن كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلاَّ تُقَاتِلُواْ قَالُواْ وَمَا لَنَا أَلاَّ نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِن دِيَارِنَا وَأَبْنَآئِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْاْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ } 246  {وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكاً قَالُوَاْ أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ }البقرة247
وكان اختيار الملك إلهيا لطالوت عن طريق نبي بني إسرائيل (صموئيل)، ولكنه سبحانه أوضح لهم سبب اختياره طالوت بأنه واسع العلم وصحيح الجسم وبين لهم أن سعة المال ليست بذات أهمية
ثم جعل سبحانه داود ملكا ليس بالوراثة ولكن بالأفضلية لأنه نبي الله {يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ }ص26 ونُلاحظ هنا أنه سبحانه أوصى داود بأن يحكم بين الناس بالحق أى بالعدل وألا يتبع الهوى
ثم ورث سليمان المُلك والنبوة  {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ }النمل16
وأعطاه الله مُلكا عظيما  {قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ }ص35
أما نظام الخلافة بعد رسول الله فكان نظاما بشريا
فقد بويع أبو بكر بعد فتنة سقيفة بني ساعدة، وكانت فلتة (وهذا نظام)
واختار أبو بكر عمر بعد استشارة كبار الصحابة (وهذا نظام ثان)
ورشح عمر ستة يختاروا واحد منهم (وهذا نظام ثالث)
وتم اختيار علي وسط جلبة الثورة وبعد مقتل عثمان (وهذا نظام رابع)
ثم حكم مُعاوية بحق النصر (وهذا نظام خامس)
ثم جعلها مُعاوية ملكا وراثيا لولده يزيد (وهذا نظام سادس)
وكلهم دعوا أنفسهم بالخلفاء
فأي نظام من هذه الأنظمة هو النظام الإسلامي؟

 

ويُُريد السلفية والإخوان أن يُعيدوا عصر الخلافة

ألم يكفنا أنه حكمنا أكثر من مائة خليفة كانوا جميعهم طواغيت باستثناء الخلفاء الراشدين وعمر بن عبد العزيز
وكانت النتيجة أننا صرنا مُستعمرين وفي ذيل الأمم
والقرآن لم يُقرر لنا نظاما سياسيا
وإنما قرر أسسا عامة هي العدل والحرية والشورى والعزة وعدم الاعتداء وعدم اتباع الهوى وعدم العنصرية
ولم يترك الرسول خليفة له وإنما كان اختيار أبي بكر فلتة وكل خليفة جعل نظاما حتى صارت مُلكا عضوضا

هل نُريد خليفة سلفيا لا يتبع العقل وبالتالي لا يُحسن النقل فنصير مثل المملكة السعودية في أحسن الأحوال أو مثل الدول التى أمسك بخناقها السلفية فدمروها مثل أفغانستان والصومال والسودان
شكرا
لا نُريد خليفة يظن نفسه خليفة الله في الأرض
نُريد رئيسا يُمكننا مُحاسبته
والشعب يختار قوانينه وإذا اختار قوانين إسلامية من شرع الله في قرآنه فيا مرحبا بها، فالقرآن يُقرر أن يحكم أهل كل دين بشريعتهم (آيات "ومن لم يحكم بما أنزل الله" 44-47 سورة المائدة فهي عن الحكم القضائي وليست عن حكم الدولة)، وبذلك لا تكون هناك فئات تُعتبر من مواطني الدرجة الثانية أو تُطبق عليهم الجزية المزعومة. أما شرائعكم السلفية التي تُخالف القرآن، والتى استقيتموها من كتاب ألف ليلة وليلة فلا نُريدها.

عدد الخلفاء
الراشدون .............................4
الأمويون................................14
العباسيون.............................37
الفاطميون..............................14
العثمانيون.............................40
المجموع حوالي...................مائة وتسع خليفة

 

109 خليفة منهم 104 طواغيت
ويُريدون عودة نظام الخلافة!!!!!!!!!!

 

 

اجمالي القراءات 12537