الثوة .. السلام بين مصر و إسرائيل

شادي طلعت في السبت ٠١ - أكتوبر - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً

منذ حرب فلسطين الأولى عام 1948 و الصراع العربي الإسرائلي ظل مشتداً حتى حرب 1973، و التي كانت ثمرة فيما بعد لإتفاقية السلام بين مصر و إسرائيل، و نستطيع القول بأن إتفاقية السلام بين البلدين هي الأنجح على الإطلاق إذا ما قارناها بمحاولات إتفاقيات السلام الأخرى بين باقي الدول العربية و إسرائيل، و قد نالت إتفاقية السلام إنتقادات كثيرة، و تأييد ليس بالكثير سواء داخل مصر أم في العالم العربي، فهل كان السادات مخطئاً أم مصيباً ؟ و هل إستفادت مصر من الإتفاقية أم لم تستفد ؟ و هل خسرت الدول العربية التي رفضت الإتفاقية أم كسبت نتيجة رفضها ؟ و هل إستفادت إسرائيل من الإتفاقية إم خسرت أيضاً ؟

علينا قبل أن نتحدث عن أي أمر يخص مصر سواء بالحرب أو بالسلام أن نبحث عن المصلحة العامة أولاً، فمنطق المصلحة يجب أن يكون هو الحكم فيما بيننا إن إختلفنا، و الإختلاف وارد و مطلوب إذا ما مارسنا الديمقراطية الحقيقية، كما أن البحث عن المصالح أمر مشروع لأي دولة، و بناء عليه دعونا نبحث بالمنطق في مدى الإستفادة و الخسارة بين كل من الحرب و السلام، و لنبحث نتائج إتفاقية السلام حتى قيام ثورة 25 يناير، و ليكن هذا المقال بداية لنقاش نبحث فيه عن المصلحة العامة أولاً، طالما لم نخل بإلتزاماتنا تجاه الإتفاقيات و المعاهدات الدولية لحقوق الإنسان، لنحدد لنا إذاً أي الطريقين نتخذ الحرب أم السلام .

و بداية إذا ما نظرنا إلى آثار إتفاقية السلام بين مصر و إسرائيل فسنجد انها قد حمت مصر من الدخول في حرب لمدة 33 عام منذ توقيعها عام 1978 جتى عام 2011، و هو تاريخ قيام الثورة المصرية، و السلام كان هو ما يعتبره الرئيس المخلوع حسني مبارك أنه إنجاز يحسب له بإعتباره الرجل الذي وقى مصر شر الحروب ! مع أنه كان إنجازاً للسادات و ليس لمبارك ! إلا أن الفائدة الحقيقية لعدم دخول مصر في حروب طوال هذه الفترة كان له نتائج إخرى ففي هذه الفترة تولدت لدى المصريون و طنية و محبة منهم تجاه الوطن نبعت من داخلهم و لم تنبع نتيجة التغذية الفاسدة من الحكام، و التي كانت تنادي بالوطنية تجاه الحاكم ثم الوطن ! مثلما كان يفعل جمال عبد الناصر !

فشعب مصر الذي إعتقد البعض أنه كان قد بدأ في نسيان هويته في عهد المخلوع، قد قدم للعالم مدرسة في التمسك بالهوية المصرية و حب الوطن و الدفاع عنه و بدا كل ذلك واضحاً خلال أحداث ثورة 25 يناير 2011، إن إتفاقية السلام كانت سبباً في نضوج شعبنا العظيم إذ أن مجرد وصولنا إلى مرحلة نطالب فيها بمدتتين كحد أقصى لرئيس الجمهورية على أن لا تزيد المدة عن 4 سنوات هو قمة الديمقراطية فما وصلنا إليه، و لم يكن موجوداً إلا في الولايات المتحدة الأمريكية فقط ! و التي كان الفارق بيننا و بينها سنوات ضوئية في الديمقراطية ! إلا أننا قد تغلبنا على سرعة الضوء و إنطلقنا و أعتقد أننا خلال 3 سنوات على الأكثر قد نتجاوز أمريكا في الديمقراطية، و هذا ليس بغريب على مصر التي سبقت و علمت العالم الحضارة من قبل، أما لو لم تكن معاهدة السلام بين مصر و إسرائيل موجودة فإن هذا يعني أننا كنا سنظل في حرب مع إسرائيل أو مناوشات من هنا أو هناك، و هو ما كان سيفتح الباب بالمناداة بأن لا يعلوا صوت فوق صوت المعركة، و من يقول غير ذلك أو حتى يعترض فإنه سيكون إما خائناً أو عميلاً أو جاسوساً أو غير ذلك من الألفاظ التي لطالما تطلقها الأنظمة الديكتاتورية على كل من يختلف معها في الرأي .

إن الحَكم بيننا هو المصلحة العامة كما ذكرنا، كما يجب أن يحكمنا أيضاً الإتفاقيات و المعاهدات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان، لأننا إن لم نعترف بحقوق الإنسان فهذا يعني تجردنا من إنسانيتنا، و إذا ما إعترفنا بحقوق الإنسان فإن هذا سيكون مدعاة لنا لأن نحترم كافة الشعوب حتى و إن كانوا الإسرائيليين أنفسهم ! و لكن هذا إذا ما كان الإسرائيليون لا يبغون بنا الأذى، و لا يسعون للإضرار بنا بأي طريقة كانت ! و من هذا المنطلق نستطيع القول أن ثورة 25 يناير قد كشفت لنا حقائق كثيرة، منها أن الحكام يسعون إلى بقائهم في السلطة حتى و لو كان على حساب التضحية بشعوبهم ! كما بينت لنا الثورة أن الشعب الإسرائيلي يعيش في ظل ظلم و غياب واضح للعدالة الإجتماعية، إذ أنه لأول مرة يخرج الشعب الإسرائيلي في محاولة منه لعمل مظاهرات مليونية يندد فيها بالظلم و القهر الإجتماعي من الحكومة الإسرائيلية ! و الغريب في الأمر أنهم يرفعون لافتات مكتوب عليها باللغة العربية في إيماءة منهم إلى الثورة المصرية، بل وصل بهم الأمر لرفع لافتات مكتوب عليها إسم مصر و ثورتها !

إن المظاهرات الإسرائيلية و التي إندلعت منذ شهر يوليو 2011 لها دلالات خطيرة علينا أن نأخذها بيعين الإعتبار و أن لا تمر مرور الكرام، فبغض النظر عن أن الثورة المصرية قد أثرت في العالم كله إلا أنه لم يكن من المتوقع أن تؤثر في شعب إسرائيل، فالثورة المصرية قد أطاحت بالعميل الأول لإسرائيل ! و هو حسني مبارك، و لطالما ظل الساسة الإسرائيليون يمدحون في مبارك و يتباكون على أيامه ! إلا أن شعب إسرائيل لم يتباكى على اللبن المسكوب ((غياب مبارك)) بل درس الأمر سريعاً، و وجد أن شعب مصر قد سبقه في الديمقراطية، فلم يجد غضاضة في أن يقلد ما فعله المصريون ! حتى و إن أعلنوا أنهم يقلدون ما إكتسبوه من المصريون، كما أن أحداث يوليو 2011 في إسرائيل دليل على أن النظام السياسي شئ و الإسرائيليون شئ آخر، و أنا هنا لا أدافع عن إسرائيل و لا أدافع عن شعب إسرائيل و أنا مضطر لقول ذلك لعلمي أن هذا الملف شائكاً جداً، و قد ينال من يتحدث فيه من الإتهامات ما ليس له أول من آخر !

إلا أنني فقط أريد أن ندرس العلاقات بشكل من الحكمة، يحكمه في النهاية أمران كما ذكرنا أولهما منطق المصلحة و ثانيهما أن لا نتعدى على أي إلتزام للمواثيق و المعاهدات الدولية لحقوق الإنسان، و من هنا أضع سؤالاً .. ألم يأتي الوقت الذي يمكن أن ينعم فيه الشرق الأوسط بالسلام ؟ و إجابتي أنه من الممكن في حالة واحدة أن تكون الإرادة شعبية و ليست سياسية، فهل شعب و مصر و شعب إسرائيل مستعدون لإقامة سلام حقيقي و ليس ورقي ؟ و أنا أرى أن شعب مصر مستعد للسلام ، بقي أن يثبت الإسرائليون أنهم أهل لهذا السلام و في النهاية أترك الرأي النهائي لكم.

 

أقول قولي هذا و أستغفرو الله لي و لكم

شادي طلعت

اجمالي القراءات 12340