الكبائر يرتكبها الكبار ويقع فيها الصغار!

د. شاكر النابلسي في الإثنين ١٩ - سبتمبر - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً

-1-

كبائر كثيرة ومختلفة تقع كل ساعة وكل يوم في العالم العربي، ويذهب ضحيتها الصغار من الرسميين، بينما يفلت وينجو منها الكبار، وكانوا في واقع الأمر هم السبب في هذه الكبائر وهم من ارتكب هذه الكبائر. فرؤساء الوزارات في الأنظمة العربية هم كالجاريات الخادمات اللائي يؤدين عملاً معيناً، ثم ينتهي بهن الأمر الى المطبخ، بعد أن كنّ من جليسات السلطان والقياصرة القروسطيين في العالم العربي.

-2-

في الأيام الماضية تكشف اتفاقية "كازينوهات الأردن"الموقعة بين حكومة معروف البخيتالأولى عام 2007، وشركةOasisعن سلسلة من التناقضات والملاحظات الهامة منها  المخالفة لنص الفقرة 2 من المادة 33 من الدستور الأردني التي تنص على (المعاهدات والاتفاقات التي يترتب عليها تحميل خزانة الدولة شيئا من النفقات أو مساس في حقوق الأردنيين العامة أو الخاصة لا تكون نافذة إلا إذا وافق مجلس الأمة، ولا يجوز في أي حال أن تكون الشروط السرية في معاهدة أو اتفاق ما مناقضة للشروط العلنية).

فمن هي حكومة البخيت، ومن جاء بها  وبغيرها من الحكومات غير الملك شخصياً، الذي يعتبر المسئول الأول عن فضيحة "كازينوهات الأردن"؟

معروف البخيت، ومن قبله علي أبو الراغب، ومن بعده معروف البخيت، لم يفعلوا شيئاً بدون أرادة الملك. بل لم يتنفسوا قبل أخذ الإذن من الملك. فالملك في الأردن كأي ملك عربي آخر هو الملك الإلهي المقدس الذي يقول لرئيس وزرائه (خادمه الأمين) كن فيكون.

فلماذا تتلاموا على رؤساء الوزراء الذين لا يملكون من أمرهم شيئاً؟

-3-

قالت الأخبار من عمَّان أن اتفاقية "كازينوهات الأردن" لم تعرض على البرلمان بل على العكس عُوملت بسرية تامة، وتم النص على سريتها في المادة 23 من الاتفاقية الموقعة بين الحكومة وشركةOasis.

فمن الذي أمر بسريتها وعدم عرضها على البرلمان؟

هل كان رئيس الوزراء (الخادم الأمين، كما يوقع خطاباته للملك)، أم كان الملك الإلهي المقدس (بحكم نسبه المزعوم إلى آل البيت). وإذا كان الملك بريئاً من هذا، فأين كان نائماً إذن، عند مخالفة رئيس الوزراء للدستور؟

فهل يُستثنى الديوان الملكي الأردني من مقولة:

الكبائر يرتكبها الكبار، ويقع فيها الصغار؟

-4-

وقالت الأخبار إن اتفاقية "كازينوهات الأردن" مخالفة لنصوص المواد من 393 إلى 398 من قانون العقوبات التي تجرم المقامرة في كل مراحلها وأطرافها وأماكن القمار، كما أنها مخالفة للمادة 915 من القانون المدني الأردني التي نصت على أن كل اتفاقية على مقامرة أو رهان محظور باطلة، وأجازت "لمن خسر في مقامرة أو رهان محظور أن يسترد ما دفعه خلال سنة، وله أن يثبت ذلك بجميع طرق الإثبات".

فمن المسئول عن هذه المخالفة؟

وهل تمت هذه المخالفة دون علم الملك وتعليماته للخادم الأمين لكي يخالف نصوص القانون، ويمضي في الاتفاقية الفضيحة؟

-5-

إن الملك بموجب الدستور الحالي، فوق الدستور، وفوق القانون، وفوق الحساب، وفوق العقاب، وفوق الرؤوس جميعها. فهو صاحب الحق الإلهي المقدس، ولكن آن للشعب الأردني أن ينهي مهزلة نظام الحكم القائم، وينتقل بنظام الحكم من العهود القروسطية المظلمة إلى القرن الحادي والعشرين، قرن التنوير العربي كما نشاهد الآن من "الزيتونة إلى الأزهر"، ومن "باب العزيزية إلى  درعا، مروراً بساحة التغيير في صنعاء".

 

اجمالي القراءات 9816