الجزء الآول من خاتمة بحث كليوبترا
نهاية ملكة مصرية . ودروس مستفادة

نجلاء محمد في السبت ١٧ - سبتمبر - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً

في هذا الجزء سوف يتضح الكثير مما حدث مع كليوبترا في روما بعد اغتيال القيصر ،والوصية التي اعتبرتها كليوبترا ظالمة لها ولابنها قيصرون
ودروس مستفادة من الماضي وإسقاطه على الحاضر لكي تكتمل المعرفة ونستفيد من تجارب السابقين بغية الإصلاح وحبا في وطننا الحبيب مصر .

تكملة البحث

هذه كليوبترا تتكلم عن بداية علاقتها بيوليوس قيصر عندما طلبت منها أن تحكي بعض من علاقتها بيوليوس قيصر وقصتهما الشهيرة في التاريخ

وهذه هى التكملة التي بدأتها في الجزء الثالث من البحث

قالت كليوبترا: كانت معرفتي بسكان بلادي وبلهجاتهم العديدة التي يتخاطبون بها في الإسكندرية جعلتني أثق أنني أستطيع أن أتنكرواشتري ما أشاء قاربا صغيرا بمجاديف وسجادة ، وإخلاص بحار قوى يستطيع أن يحفظ سري وإذا كان ممكنا فليكن إيطاليا وليس إغريقيا أو مصريا حتى لا يثير شكوك حرس قيصر.

وحدث ذلك بالفعل .

وقد اعترض الحارس الروماني طريق القارب ولكن الملاح الذي كان من أهل صقلية قد أقنعه بأنه لا يقصد أى ضرر، وأنه قد أتي بقاربه عبر البحر ليسلم سجادة إلى القيصر.

ولكي يثبت صدق قوله أسرع في الحال والتقط لفة طويلة مربوطة بحبل كانت موضوعة في قاع المركب وحملها فوق كتفه ونزل بها إلى الشاطئ.

كانت التعليمات المعطاة له بأن يسلمها إلى قيصر نفسه فقط . وأخيرا وجد البحار نفسه في حضرة القيصر.

أنزل اللفة إلى الأرض وفك الحبل الذي كان يربطها وخرجت أنا كليوبترا ملكة مصر الشرعية .

إن ما رآه القيصر الذي ملأته الدهشة لم يكن إلا شابة جميلة في الثانية والعشرين من عمرها .

ورايت القيصر ووجدت أنه شخصية صريحة وحازمة وكان رجلاعمليا وليس خياليا . وكان شديدا في معاملته للناس، كريما مع الذين يطيعونه والمخلصين له كريم الأخلاق نحو أعدائه في بعض الأحيان ، ولكنه لا يهتم بالعواقب كالأيام التي كان يعيش فيها وأعيش فيها وقتها.

وأكثر ما راقي لي في القيصر هو جراأته وشجاعته واستعداده لآن يعيش حياة شاقة مع جنوده كما كانوا يعيشون ، وكانت شعبيته بينهم وحبهم له مثلا سائرا في كل أنحاء العالم.

لقد أحبني القيصر وكان عليه أن يتأكد من أنني آمنة مطمئنة كشريكة على العرش.

وبالرغم من أن وجود القيصر في روما كان ضروريا للغاية ليزيل آثار ما خلفته الحرب الأهلية مع بومبي ، فقد بقى ليستمتع بربيع كهولته معى وكان كلانا منعمين بالسعادة.

لقد انقضت كل تعاستي القديمة وانتهت أيام فشلي بسبب علاقتي السيئة مع إخوتي ومخاوفي من أجل مستقبل مصر بان يحكم بطليموس منفردا ويؤازره الثلاثي الخبيث .

لقد أصبحت الآن الملكة التي تجسدت فيها إيزيس وريثة تاج الفراعنة المزدوج ، وأنا وحدى صاحبة في الاشتراك في حكم البلاد .فقد كان زوجي مظهرا رسميا فقط وقد أحسست وقتها بأنني امرأة يتعلق بي أعظم رجل في العالم (القيصر) وتمنيت أن أنجب منه ولد يخلفه بعد وفاته وقد حدث وأنجبت منه ولدا أطلقوا عليه قيصرون .

ولكن قيصرون كان إبنا غير شرعي في نظر القانون الروماني . لأن قيصر كان متزوجا من كاليورنيا ولكن زواجه المصري بي كان في أعين مجلس الشيوخ والشعب الروماني مجرد علاقة فقط !

ومر عامان تمكنت فيها من الذهاب إلى روما بعدما ذهب القيصر أولا لكي يحارب الملك البارثي الذي شق عصا الطاعة في أسيا الصغرى.

وفي عام 46 ق. م . قدمت  روما ، ولكن جئت في الظاهر باعتباري ضيفة رسمية لأشاهد احتفالات انتصار قيصر ، ولكني كنت أعلم في قرارة نفسي أني قد أتيت لأحقق حلمي . وجاء معي أخي الأصغر وزوجي بطليموس الثالث عشر وابني قيصرون ، وازدحم الشعب الروماني في الشوارع ليشاهدوني وانا أمر أمامهم باعتباري الملكة الشرقية الأسطورية كما كانت فكرتهم عني ، كما كانوا جميعهم معتقدين  أنني كبلت كبيرهم وبطلهم بتعويذات سحرية وجعلته يتجرع جرعة حب، مزجه السحرة المصريون.

كنت أبدو جميلة وأنا محمولة في محفتي متوجة بعصبة من الذهب وتاج رأس الفعى " سيدة الحياة "فوق جبيني، وكان يجلس فوق ركبتي طفلي ذهبي البشرة ، كانت ملامحه هى ملامح قيصر بلا شك ولم تكن هناك حاجة لإثبات نسبه أكثر من هذا البرهان وهو الشبه الواضح وضوح الشمس .

وأخيرا وبعد قرابة عام من الفراق أصبحت مرة أخرى مع القيصر وجها لوجه ولم يكن طلق زوجته كما اتفاقنا سابقا.

ونزلت في فيلا فاخرة عبر نهر التيبر أعارها لي القيصر نفسه وتقع في حدائق ضيعته الخاصة.

وجعلت من هذه الفيلا وحدائقها الغناء منتدى كان يرتاده أمهر وأذكى الرومان وأكثرهم أناقة ليشاهدوني ويتمتعوا بما اشتٌهر عني من كرم وحفاصة وعلم .

ولكن النساء التي كنت أدعوهن كانت الغيرة قد استبدت بهن مني كمصرية ، وقلن عني أنني متعجرفة!

في الحقيقة أنني كنت طموحة وهذه حقيقة لا يمكن إنكارها ومن الممكن أن يكون السبب أنني لم أكن على درجة من الحرص في أقوالي وأفعالي !

وقد قلن عني كثير من الافتراءات التي من بينها أنني افسد عليهن أزواجهن وإخوتهن وأبنائهن

والحقيقة أنني كنت مخلصة للقيصر كل الاخلاص هذا عن مكائد السيدات في روما.

أما عن الرجال فكان الأمر أخطر من ذلك لأنه كان يخص قضيتي فكانوا يشكون في أنني أبث آراء غريبة للقيصر الذي قد أخذ يستحوذ على السلطة لنفسه.

وكان من بين الرجال الذين أتوا إلى الفيلا بروتوس الذي عبس في وجهي ، وإكتافيوس الصغير صهر القيصر - الذي كان يحبه القيصر - ولم أعرف لماذا ! ياله من شخصية سمجة كئيبة لقد تمنيت بعد زيارته ألا أراه أبدا مرة ثانية.

وهكذا مر عامان لعبت فيهما دور الملكة في مجتمع كله من الرجال في فيلا خاصة عبر نهر التيبرومصر بلا حاكم ،

إلى أن كان يوم15 من مارس عام 44.ق. م. عندما اهتز العالم لمقتل أعظم رجل فيه لمحاولته فرض حكم مطلق لم تكن روما قد تهيأت له إذ ذاك . فقد حدث صدام بين عبقرية القيصر وبين التقاليد الرومانية الراسخة فتحطم قيصر في ذلك الصدام .

لقد طٌعن قيصر في مجلس الشيوخ ووجه الطعنة له بروتوس حبيبه العزيز والذي كان يعتبره ابنه فقال له القوله المشهورة حتى أنت يا بروتوس .

وقد ذاعت الانباء خلال المدينة " لقد قتلنا الظالم " وكان الناس يسمعون هذا الهتاف من المتآمرين وهم يجرون في الشوارع بخناجرهم وسيوفهم التي كانت لا تزال مخضبة بدماء القيصر! ولكن أحدا لم يحييهم أو ينضم إليهم . وقد بٌهت سكان المدينة وحملتهم الصدمة على التزام الصمت.

وعندما أخبرني أحد عبيد الفيلا بهذه الآنباء المزعجة أدركت أن حلمي بالإمبراطورية العالمية التي كنت سوف أقتسمها مع القيصر قد تبدد واختلط حزني الشخصي بفزعي الذي أصابني من النبأ. لقد فقدت حلمي ولإن لم أكن فقدت كل شيء مثلما فقد القيصر كل شيء لقد كنت لا أزال شابة وأمامي الحياة وبلادي وإبني .

وكنت على ثقة من أن القيصر قد عين في وصيته ابنه وابني قيصرون وريثا له .

لقد اختفي بطليموس الثالث بهدوء عن مسرح الأحداث في اثناء الهرج الذي تلا الكارثة . وأقمت إلى جانبي إبني وأعدت تسميته باسم بطليموس قيصرون .

وكنت أعزي نفسي بأن ابني سوف يرث الدكتاتورية التي كانت لأبيه في حياته ويزيد على ذلك تنصيبه ملكا على مصرتحت وصايتي .

حضر مارك انطونيوس بعد ذلك بليال قليلة ليخبرني بوصة القيصر التي ضاعت أحلامي من خلالها وعلمت بعدها أن لا يوجد مكان في هذا العالم الجديد لي أو لابني خارج مصر .

لأن يوليوس قيصر قسم أملاكه بالتساوي بين سكان روما وأقربائه الذين كان من بينهم أنطونيوس الذي كان قريبا له من ناحية والدته ، وعين صهره اكتافيوس وريثا له وابنه بالتبني !

فقلت لآنطونيوس وماذا عن ابنه الحقيقي .. وماذا عني ؟

فأجابني بأنني لست مذكورة بالوصية على الإطلاق فقلت :  لابد أن هناك وصية أخرى

فقال : لا توجد وصية أخرى

فقلت ما الذي أثر على القيصر حتى يصدر هذا القرار؟

فقلت لاشك أنها زوجته كاليورينا

ما الذي نستنتجه من تصرف القيصر هذا والذي لم يعجب كليوبترا؟

اتضح  أن رومانية القيصر وإخلاصه لبلاده هى التي جعلته يفعل ذلك ولا يدع لغير الرومان أن يتحكم في بلاده مهما كان حبه له حتى ولو كانت كليوبترا، فيجب أن يبقى مصير روما في إيدي الرومان وليس في أيدي من تختلط فيهم دماء الاغريق والمقدونيين والمصريين . لقد رفض يوليوس قيصر في هذه الوصية التي كتبها بنفسه حلم كليوبترا في امبراطورية عالمية تضم الشرق والغرب لكنه ركز عينيه على الغرب بلاده التي أحبها .

 

وقد نجحت كليوباترا في  الاحتفاظ بمصر دولة مستقلة ولكنها فشلت في كل ماعدا ذلك ولم يكن أمامها إلا أن تعود مع ابنها إلى الإسكندرية .

عادت كليوبترا ومعها قيصرون الصغير إلى وطنه مصر بعد موت يوليوس قيصر واخذت تباشر حكم البلاد ونظمت الضرائب واهتمت بالزراعة والري وقوت جسور القنوات المهملة .

وبالرغم من المجاعة التي سببها انخفاض النيل الذي أبى أن يرتفع أعلى من منسوب "ذراع الموت" .

على الرغم من ذلك فقد حققت كليوبترا قدرا من الرخاء والطمأنينة للبلاد ، كما أن اعتقادها في نفسها بأنها ايزيس أعاد للناس ثقتهم بأنفسهم وإيمانهم الديني .

وكانت سياستها التي سارت عليها والتي تحسب لها هى منح السلطة إلى المصريين الوطنيين بدلا من قصرها على المستوطنيين من الاغريق والمقدونيين فكان هذا سببا في وضع حد للقلاقل المزمنة في مصر العليا واكتسبت من محبة الناس وولائهم أكثر مما تمتع به أبوها أو جدها من قبل    

لقد أعد المسرح للفصل الأخير من حياتي تتابعت الأحداث حتى وصلت إلى قمة المأساة دون أى توقف يذكر هل كنت أريد أن أصبح امبراطورية روما؟ كثيرا ما تسائل الرومان الذين استبد بهم القلق عن صحة ذلك ؟

وهاهى روما تقف ضد الاسكندرية واكتافيوس ضد انطونيوس وضدي . وأصبح من المستحيل ان نعيش معا في سلام ويتحتم علينا أن نخوض غمار الحرب إلى النهاية فكانت هذه الموقعة التي أتت بعدها النهاية لي ولأنطونيوس

  معركة أكتيوم البحرية                  

جرت معركة أكتيوم البحرية الفاصلة غربي اليونان وقررت مصير الحرب. خسر أنطونيوس كثيرا من سفنه في محاولته كسر الحصار الذي ضُرب حوله, وتسارعت الأحداث وعملت  كل ما في وسعي لتفادي الكارثة بعد وصول أنباء الهزيمة إلى مصر, وقام أنطونيوس بمحاولة يائسة للتصدي لقوات أوكتافيانوس، قيصر روما الجديد ،التي وصلت إلى مشارف الإسكندرية في صيف عام 30 ق.م, والذي وجد في انطونيوس عقبة أمام انفراده بالحكم ولكن جهوده ذهبت سدى, وعندما بلغه نبأ كاذب بموتي  فضّل الموت على الحياة.

الانتحار بدلاً من الأسر

لقد قالوا أنك فضلت الانتحار بدلا من الأسر فما مدى صحة هذه المعلومات التي وصلتنا وقيلت عنك؟ 

ومن بين هذه المعلومات عن سبب الانتحار والوسيلة أنه"في فجر أحد أيام منتصف أغسطس 30 ق. م قدم أحد خدام الملكة كيلوباترا ثعبان الكوبرا ((يرجح انها كوبرا مصرية)) وسيلة أنتحارها بعد أن سمعت بهزيمة زوجها القائد الرومانى مارك أنطونيوس في الحرب, كان ثعبان الكوبرا السامة قد ظل شعار للملكية في العصر البطلمى تعلو هامات الملوك, كانت اثنين من الثعابين إذا جاز لنا أن نصدق قول الشعراء الرومان فرجيل وهوراس وبروبيرتيوس Propertiusوقد ذكر بعض المؤرخين أن الكتف الملكية اليسرى هي التي تلقت اللدغة الأولى القاتلة وقال آخرون أنه ثدى كليوباترا الأيسر العارى. انتحرت كليوباترا في حالة اليأس هذه بان وضعت حيه سامه على صدرها.

 وكان الغازى الجديد أوكتافيوس قيصر يأمل أن تسير الملكة التي تحكم مصر في موكب نصرته في روما ولكنه سرعان ما وارى جثمانها وأتجه لتنظيم الحكومة, فأعلن ضمه مصر لسلطان الشعب الرومانى، وجاء أعلانه في جملة قصيرة للغاية لا تضم أكثر من خمس كلمات.

بعد وفاة كليوباترا قتل الرومان ابنها قيصرون خشية ان يطالب بالامبراطورية الرومانية كوريث ليوليوس قيصر وولي عهده.

 صورت كيلوباترا السابعة على عملة معروضة في متحف الأسكندرية تروي قصة كليوباترا التي الهمت الشعراء وكتاب القصص. كانت مادة لمسرحية (انطونيو وكليوباترا) لوليم شكسبير ومسرحية (كل شيء من اجل الحب) 1977 لجون درايدن ومسرحية (قيصر وكليوبترا) لجورج برناردشو ومسرد شعري في انتحار كليوباترا للشاعر احمد شوقي. كانت كليوباترا السابعة آخر حكام البطالمة في مصر، وقد تفوقت على من سبقوها في الذكاء والحصافة والطموح. واعتلت كليوباترا العرش وحكمت مصر لعشرين عاما (من عام 51 إلى عام 30 ق.م). ظهرت صورة كليوباترا في العملة المصرية القديمة كامرأة ذات طلعة بهية مفعمة بالحيوية بفم رقيق وعينان صافيتان. كليوباترا احدي البارزات في التاريخ كنفرتيتي وسميراميس وشهرزاد.

وقد أثبتت طريقة موتها كيف أنها آمنت كل الإيمان بالديانة المصرية . لأن الكوبرا مثل سيدة الحياة التي كانت تتحلى بها كملكة ، كانت شعار مصر السفلى ورسولة إله الشمس الذي كان ينتظر ليضم إليه ابنته لتعيش خالدة إلى جواره .

 

نفي قصة الانتحار بلدغة الثعبان

 

نفى البروفسور كرستوف شايفر ((استاذ التاريخ في جامعة ترير غرب ألمانيا))واقعة وفاة كيلوباترا بلدغة ثعبان الكوبرا ورجح انها ماتت لشربها توليفة أو كوكتيلات من العقاقير واستند بما ذهب إلى ان لدغة الافعى كانت ستعرض كيلوباترا لالم شديد ومبرح وطويل قبل الوفاة بجانب التشويه الجسدي الذي كان سيلحق بها وهي المرأة الجميله والمعتزه جدا بجمالها .

وكانت إجابة كليوبترا أنه أياً كانت طريقة الانتحار وأسبابه فالنتيجة واحدة وهو الموت والراحة من ذل الآسر وما كانت سوف تلاقيه من اكتافيوس فلقد أملى عليها شروطه بعد الهزيمة وكان يجب عليها أن تذهب معه إلى روما وأن تمشي في موكب انتصاره هى وأطفالها، وتذكرت منظر أختها )أرسينوي) وهى تسير في موكب انتصار يوليوس قيصر وهى مصفدة بالأغلال فقررت الانتحار .

وأخيرا الخاتمة ودروس الماضي ومدى الاستفادة منها

لو عقدنا مقارنة  بين بعض من تصرفات القيصر  الذي يتضح فيه مدى حبه لبلاده وتضحيته من أجلها وبين تصرفات ومواقف الحكام العرب فماذا نجد؟.

لقد بات واضحا وجليا أن الحكام  العرب لا يحبون شعوبهم ولا بلادهم فمصلحتهم الشخصية ومستقبل أولادهم في التوريث هو الأهم  وقد أكدت الثورات العربية السلمية هذا بوضوح

فلو قارنا موقف يوليوس قيصر بعدم حرصه على توريث ابنه الذي من صلبه ، وتقديمه لمصلحة روما على رغبته ومصلحته الشخصية .

فماذا كان موقف الرئيس السابق حسني مبارك من قضية التوريث؟

كان يعمل كل ما في وسعه لكي يورث ابنه جمال مبارك حكم مصر بصرف النظر عن رأي ومصلحة الشعب المصري! فمصلحتهم الشخصية فوق مصلحة مصر وشعبها !

والشيء الثاني الذي أريد مقارنته بين يوليوس قيصر ومبارك هو كيفية توزيع ثروته فقد قسم قيصر أملاكه بالتساوي بين سكان روما وأقربائه الذين كان من بينهم أنطونيوس الذي كان قريبا له من ناحية والدته.

وماذا فعل مبارك بأمواله التي جمعها من عرق ودم المصريين

لقد جمع كل ما يستطيع جمعه من أموال المصريين وتقدر بمليارات كثيرة وهربها للخارج وحرم المصريين منها.

 يوليوس قيصر أحب شعبه وبلاده وجنوده كما عرفنا قبل ذلك .

مبارك لم يحب شعبه ولا بلاده وأوضح وأقرب دليل على ذلك هو ما حدث في ثورة يناير حيث أمر بقتل المصريين الذين قاموا بالثورة السلمية في جمعة الغضب وبعدها.

،ومثل صارخ على حب الرومان وتضحيتهم من أجل الصالح العام لبلادهم ومصلحة شعوبهم

حين هددت المنافسة والحرب الأهلية بين بومبي والقيصر  بحلول كارثة حيث تأكدوا أنه لا يمكن أن تنتهي الحرب إلا بالقضاء التام على واحد منهما وكارثة تحل بالبلاد.   

ووضح هذا في موقعة فارسالوس حين عزف جيش بومبي عن مقاتلة أخوته في السلاح فحلت ببومبي هزيمة ساحقة بدلاً من النصر الذي كان واثقاً من الفوز به!!.

وعن مكتبة الإسكندرية وتشييدها تقودنا إلى مقارنة بسيطة بين كليوبترا ملكة مصر القديمة وسوزان زوجة الرئيس مبارك وسيدة مصرالأولى سابقاً .

كليوبترا ومكتبة الإسكندرية

فبعد أن شيد جدها بطليموس الأول سوتر أكاديمية العلوم الشهيرة "الميوسيون "

بعدها شيد مكتبة الإسكندرية التي كانت تضم نصف مليون بردية ، لقد كانت مكتبة الإسكندرية منذ  2200 سنة أشبه شيء بمكتبة المتحف البريطاني في أهميتها وكثرة ما فيها من كتب ، وهنا كان الفلاسفة والعلماء والجغرافيون والمؤرخون وعلماء الرياضيات يدرسون ويٌدرسون للطلاب .

وكان من بينهم يوقليدس الشهير

وفي هذه المكتبة تعلمت كليوباترا التي كانت من نسل بطليموس سوتر الذي شيد هذه المكتبة تعلمت الحكمة والأدب الإغريقي ، وأتقنت عدة لغات بما فيها لغة مصر الهيروغليفية ، فكانت أول حاكم من أسرة البطالمة يتيسر له تلك المعرفة .

سوزان مبارك ومكتبة الإسكندرية ما الذي قدمته سوزان مبارك لمكتبة الإسكندرية وماذا تعلمت منها وما الخطوات والمحاولات التي بذلتها سوزان مبارك لكي يستفيد أبناء مصر من هذه المكتبة ؟

كلها أسئلة تطرح نفسها لم يكن هناك اهتمام حقيقي بالمكتبة وبما فيها من كتب قيمة حتى بالنسبة لمن يذهب إلى الإسكندرية ويحاول الدخول لهذه المكتبة النادرة  ومعرفة ما فيها من إمكانيات  والاستعانة بالكتب في القراءة والمعرفة كان يجد صعوبات.

 أول هذه الصعوبات رسم الدخول، فكان منذ ثلاث سنوات رسم الدخول للمكتبة خمس جنيهات مصرية فمن يحتاج للدخول مرات عديدة عليه دفع خمس جنيهات يومية لكي يمكنه الدخول .

فهل يتناسب هذا مع دخل المواطن المصري محدود الدخل الذي لدية رغبة وحاجة إلى المعرفة ؟!

ونرجع إلى سوزان وما قدمته لمكتبة الاسكندرية .  لقد ثبت بعد خلع زوجها مبارك من حكم مصر أن مكتبة الإسكندرية كانت تدفع لها تبرعات دولية كبيرة من الغرب تتعدى مئات الملايين من الدولارات وكان من المفترض أن توضع هذه الاموال في حساب لمكتبة الاسكندرية لكن كبار المنافقين من موظفي مكتبة الاسكندرية قد وضعوها باسم سوزان مبارك تلبية لرغبتها وهذا أهم ما قدمته سوزان مبارك لمكتبة الاسكندرية وللمصريين الراغبين في المعرفة والقراءة  

وعن مكتبة الاسرة التي تمول من ضرائب المصريين كانت تضع صورتها على الغلاف لجميع المطبوعات الصادة ، وكان متعمدا ان يختاروا كتبا للنشر لا تطبع الوعي للعقل المصري وإنما كانت معظمها مطبوعات ساذجة لا تصنع وعيا، ولا تنشأ جيلا يستطيع أن يجاري العصر ومتطلباته مما أدى الى تسطيح العقل الجمعي للمصريين ، بالاضافة الى الطباعة الرديئة التي تدل على مدى اهدارهم للمال العام عن عمد ،التى توفر لهم المبالغ الطائلة لتوضع في حسابها الشخصي  .

وكانت سياسة كليوبترا التي سارت عليها والتي تحسب لها هى منح السلطة إلى المصريين الوطنيين بدلا من قصرها على المستوطنيين من الاغريق والمقدونيين فكان هذا سببا في وضع حداً للقلاقل المزمنة في مصر العليا واكتسبت من محبة الناس وولائهم أكثر مما تمتع به أبوها أو جدها من قبل    

 

  

فماذا عن سياسة سوزان في اختيار الوزراء

.

كانت تٌقيل كثير من الوزراء زوي الخبرة العالية في إدارة وزاراتهم لمجرد أنهم لا يقفون لها احتراما ويمشون وراءها في زيارتها في كثير من المؤسسات المصرية !

ومن أشهر من أقالتهم المهندس الوزيرحسب الله الكفراوي وزير الاسكان والتعمير وقتها ، ووزير البترول حمدي البمبي أستاذ البترول والتعدين بجامعة الازهر.

أما عن أشهر المنافقات التي قامت بتعيينها دون النظر الى الكفاءة والمهارة فكانت عائشة عبد الهادي تلك الوزيرة التي كانت تقبل يد سوزان مبارك أمام الكاميرات في كل مناسبة ،وهذه الوزيرة هى التي صرحت رسميا  أنها ترغب في ان تٌسفر بنات مصر الحاصلات على مؤهلات عليا للعمل كخادمات لدول الخليج.

فهل هناك كره واحتقار للمصريين أكثر من هذا ،من هذه الوزيرة ومن قامت بتعيينها ؟!!

واذا كان كان بطليموس الاكبر قد شيد مكتبة الاسكندرية حافظ على البرديات القديمة بها هو وحفيدته كليوبترا،

نجد أن سوزان مبارك وابنها علاء قد قاموا باكبرالسرقات في التاريخ المصري الحديث فقد كان علاء مبارك يجمع الآثار باستخدام نفوذ ابيه وامه سوزان وكان يشتريها بثمن بخس ممن عثروا عليها في انحاء ربوع مصر وان لم يوافق البائعين له على الثمن الذي عرضه ينصرف  ويبعث شرطة الآثار لكي تقبض عليهم ويأخذون منهم الآثار ويتركوهم وتؤخذ منهم بدون ثمن .

اما عن  سرقة المجوهرات التي حدثت والفاعل واضح وضوح الشمس     فقد  تم سرقت مجوهرات اسرة محمد على من المتحف المصري واستبدلوها باخرى مزيفة وقد نشرت هذه السرقات في الصحف المصرية في اكثر من مناسبة ولم يعثروا على الفاعل  (والفاعل مجهول) .

وهناك كثير من اللوحات العالمية الكثيرة التي تمت سرقتها وابدالها باخرى مزيفة مثل لوحة زهرة الخشخاش للفنان العالمي الراحل (فان جوخ) .

ومن بين السرقات الأخرى التي حدثت في هذا العهد البائس ، سرقة القناع الذهبي للملك توت عنخ أمون ، فقد نقلوا القناع الذهبي الساحر لتوت عنخ آمون من مكانه بالمتحف المصري ليضعوه في صالة دار الاوبرا المصرية وكالعادة تمت سرقته ووضع آخر مزيف مكانه. والفاعل كالعادة مجهول

لذلك لا نستعجب إذا وصلت ثروة آل مبارك إلى هذه المبالغ الخرافية من المليارات التي نسمع عنها .

وموعدنا في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى مع الجزء الآخير من الخاتمة والدروس المستفادة

اجمالي القراءات 20751