لماذا لم يعد في مكة والمدينة يهود ونصارى ومشركين
 
 
 
 
 
 
 
 
 
أين ذهب اليهود والنصارى والمشركين من مكة والمدينة بعد موت الرسول؟!.. فلم يأتِ نص في القرآن يقول اخرجوا هؤلاء من مكة أو المدينة، بل العكس هو الصحيح حيث جاء النص في القرآن يؤكد بوجود هؤلاء وخاصة في مكة إذ يقول تعالى:
((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَـذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ إِن شَاء إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)) سورة التوبة أية 28.
 
لم يقل الله في القرآن أخرجوهم من المدينة بأكملها أو من المنطقة ككل، ولكن حرم عليهم دول المسجد الحرام فقط طالما لم يعتدوا على المؤمنين، ثم يقول تعالى للتوضيح أكثر في عيش المشركين في مكة والمدينة:
((وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْلَمُونَ)) سورة التوبة آية 6.
 
هنا جاء الأمر من الله للرسول أن يساعد المشرك، وإذا كان ذلك عن المشركين فكيف عن اليهود والنصارى أصحاب أهل الكتاب؟!.. والدليل أن المشركين لهم الحق في العيش بين المؤمنين، ولكن قد حرم الله الزواج منهم يقول تعالى:
((وَلاَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلاَ تُنكِحُواْ الْمُشِرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُواْ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُوْلَـئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللّهُ يَدْعُوَ إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ)) سورة البقرة آية 221.
 
وهنا دليل آخر على أن المشركين كانوا يعيشون بين المؤمنين في عصر الرسول، ومعنا أن يقول الله للمؤمنين أن لا تتزوجوا من نساء المشركين هذا يعني أن الرسول أقام دولة مدنية بها من لا يلتزم يفعل المحرمات وبها من يلتزم ولذلك قال تعالى (وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ) أي حياة بها المسلم وغير المسلم يعيش كل إنسان كما يريد، ولكي يتحقق ذلك على أرض الواقع كما فعل الرسول كان لا بد من المسلمين الذين أصبح لهم الحكم في مكة والمدينة أن يتعاملوا مع المشركين واليهود والنصارى كما تعامل مهم الرسول، وهم من قالوا في كتب الأحاديث أنه كان يسكن بجوار الرسول أحد اليهود، وهم من قالوا في الأحاديث أن الرسول مات وهو راهن درعه عند أحد اليهود، أين ذهب اليهود والنصارى والمشركين بعد موت الرسول؟!.. يقول تعالى:
((لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ)) سورة الممتحنة آية 8.
 
هنا الأمر من الله ليس لك عليهم من سبيل طالما لم يقاتلك في الدين ولكن قال الله لكل مؤمن يؤمن بكلام الله (أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ).
وطبعا لا يمكن أن تحسن لإنسان أو تساعد إنسان إلا إذا كان يعيش معك في نفس المكان وهذه هي عظمة الإسلام يقول تعالى:
((لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُوَاْ إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ)) سورة المائدة آية 82.
 
هنا وجود تعدد بين الناس الذين آمنوا اليهود والمشركين والنصارى، فمن الذي أعطى قرار بعدم وجود اليهود والنصارى والمشركين في مكة والمدينة بعد موت الرسول وحتى ألان؟!.. هل أتى لهؤلاء وحي بذلك ونحن لم نعلم به؟!.. ثم إن وجود اليهود والنصارى في مكة والمدينة في عصر الرسول هذا يعني أنه كان لهم دور عبادة لليهود ومعابد وكنائس للنصارى، وهنا نسأل أيضا أين ذهبت دور عبادة اليهود والنصارى من مكة والمدينة؟!.. هل بعد موت الرسول قام المسلمين بهدم هذه الأماكن حيث لم يبقى لها أثر؟!.. وأعتقد لو أن المسلمين بعد الرسول تعاملوا مع اليهود والنصارى والمشركين مثل ما تعامل معهم الرسول لبقي إلى الآن في مكة والمدينة يهود ونصارى ومشركين ودور عباده، لهم ولكان اسم الإسلام والمسلمين سوف يتغير مليون درجة، ولاختلف وضع المسلمين وأصبحوا رمزاً للإنسانية والتسامح كما فعل الرسول من قبل.